العمال في اليمن .. واقعٍ مؤلمٍ بسبب الحرب
منذ سنة
يُصادف الأول من شهر مايو من كل عام العيد العالمي للعمال، وهو عيدٌ يحل على كل العاملين والعاملات في مختلف القطاعات على ظهر المعمورة كيومٍ رسميٍ” للإجازة” كونه يمثل إحدى الأيام التي طالب فيها قطاع العمال إلى تخفيض ساعات العمل في القرون القديمة التي كانت السلطات لا ترأف لحياة الكادحين آنذاك
يعيش العالم في كل عام بهذا اليوم احتفالًا كرنفاليا كنوعٍ من الإنصاف للعاملين وأعمالهم الشاقة
لكن المشهد في اليمن يأخذ منحىٍ أليمًا لكل العاملين في البلاد في ظل حرب منذ تسع سنوات، ولا تزال تدار رحاها إلى حد اللحظة
هو يومًا اعتاد العاملون في اليمن إلى عدم الترقب إليه بل ثمة من اعتاد على حمل معدات البناء في هذا اليوم متنقلاً من مكان لأخر وأخر يفترش الأرض منتظرًا لرزقه لا يكترث لهذا اليوم كونه يحل عليهم كضيفٍ محمل بالبؤس والأوجاع ووجوده لا يمثل إلاّ يوم كما سائر الأيام، خاصة أولئك العاملين في المهن الشاقة والمرهقة في وقت يعيش الاقتصادي الوطني حالة من التذبذب وانهيار لم يسبقه مثيل للعملة الوطنية
على طول شارع بير باشا في مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية يصطف العشرات من العاملين بالأجرة اليومي كل صباح ينتظرون أرباب العمل الوافدين إلى السوق للبحث عن العمال
يقف العمال على الرصيف في رحلة الشوق لتأمين أرزاق أسرهم بعيدًا عما يسمى الاحتفال بيوم العمال
في هذا السياق يقوم نزار الضبابي( 30 عامًا) أثناء حديثه ل” المشاهد” لم أكن أعلم أن اليوم عيد العمال إلا حينما سألتنا عن أهمية هذا اليوم بالنسبة لنا، لقد اعتادت أجسادنا على الجهد المتواصل وتناسينا كل أشكال الفرح حتى، نحن نمر بمنعطف هو الأخطر والفقر يفترس المواطن في كل محافظة حيث تتلاشى ساعات هذا اليوم والجميع أعتاد العمل في مناخٍ قاسٍ
لا يمثل هذا اليوم أي طابع مختلف لدى عمال الأجر اليومي، يضيف الضبابي قائلاً” حين تمر بهذا الشارع، وتسأل الكثير من هؤلاء العاملين ستعلم بأن الجميع لا يعلم عن أهمية هذا اليوم أو ماذا يمثل لهم، لقد أجبرت لقمة العيش كافة المواطنين على التغافل حتى عن مناسباتهم، لا مجال سوى الركض خلف قوت اليوم الذي بات بعيد المنال لدى الكثير
لم يقف الحد عن قصة الضبابي فهناك الكثير ممن يقاسون ظروف الحرب، يجهلون عيدهم العالمي، بسبب الحرب التي شيدت لهم الكثير من الهموم والمعاناة على كواهلهم
يقف شمسان الحبشي على بعد ثلاثة أمتار من الضبابي متسلح بمعدات البناء
يقول الحبشي في حديثه ل” المشاهد”وهو يبدو عليه الإعياء والتعب” كل شيء بات حطاماً في اليمن لم يبق سوى ضنك العيش ماراثون السباق في الحصول على مصدر رزق، فعيد العمال بات من الماضي، لم أذكر بأني قد احتفلت في هذا اليوم طوال سنوات عملي في الصبيات (البناء) منذ قرابة 15 عامًا، أعلم بأن ثمة عيد عمال لكن لا أعلم توقيت ويوم هذا التاريخ بالضبط
ويقول” لا عيد لأصحاب المهن الشاقة، أن لم تعمل قد يستحوذ الفقر والعوز على أطفالك
“إلى جانب هذين العاملين يصطف العشريني مصطفى علي يناظر من يقدم إليه من أرباب العمل للعمل معه” يقول مصطفى” تركت التعليم، ولجأت إلى العمل لإعالة أسرتي المكونة من خمسة أفراد بعد رحيل الوالد أجبرني الوضع على العمل بالأجر اليومي لأجل أسرتي
”مضيفا ” وما يمثل اليوم العالمي للعمال بالنسبة ليً هو” رقم” رقمًا فارغ من الفرح أو العطلة
لا مساحة تتوفر لدينا حتى للحديث كثيرًا مع أسرتي فكيف سنشعر بهذا اليوم؟يرى العمال في القطاع غير المنظم أن الصراع خلق لهم بؤراً من العذاب على كافة المستويات وخلال سنوات الحرب عاشوا أسوأ الظروف على الإطلاق، وهم الفئة الأكثر تضررا من هذا النزاع المسلح
صلاح الصلوي واحد من هؤلاء المتضررين الذي يقطع مسافة كبيرة من مديرية المعافر جنوبي تعز حتى وصول المدينة
يقول صلاح في حديثه ل”المشاهد” أيادٍ معذبة في سبيل لقمة العيش الكريم يجهلها الكثير، بدءًا من رحلة السفر من مناطقنا البعيدة إلى المناطق التي فيها فرصة عمل متاحة، مثل تعز المدينة رغم ظروف المحافظة الصعبة، التي تعيش تحت حصار خانق متواصل منذ تسعة أعوام
”مضيفًا” أن العمل في الأجر اليومي من أكثر المهن ضآلة في الدخل فهو محدود لكن ظروف البلاد تجبر الكثير على الخضوع أمام هذا الواقع المرير، وهي مغامرة يخوضها الشعب اليمني إجمالا من أجل لقمة العيش التي جعلت من المواطن ذليلاً طمعًا للحصول عليها
”ويقدر اتحاد عمال اليمن أن ما نسبته 80% من القوى العاملة فقدوا أعمالهم، فضلًا عن توقف كثير من الأعمال والشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية، وتوقف بعض الصناعات الغذائية والمواد المعدنية والبلاستيكية، وهو ما أثر في وضعية الكثير من العمال الذين باتوا عاطلين عن العمل في بلد تشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة
لا يزال الوصول إلى السلام في اليمن بعيدا في ظل التعقيدات الحاصلة داخل المكونات السياسية التي لم تفض كل مشاوراتها إلى واقعٍ ملوس يُزيل غبار الحرب عن ملايين اليمنيين إلى حد اللحظة
الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار تحدث ل” المشاهد” يفسر تأثيرات التغيرات الاقتصادية على المعيشية في اليمن قائلاً
يعيش الاقتصادي اليمني في حالة انهيار متواصلة بين كلا الطرفين، ومع كل انهيار يعصف العوز بالمواطنين الذين باتوا حديث المحافل الدولية في الحديث لكنهم في الواقع أشد فقرًا
النجار يؤكد” بأن حالة الانقسام النقدي وحدها من أكبر الكوارث على الحياة المعيشية بات المواطن يدفع التكلفة أضعاف في ظل فوارق الصرف وانعدام فرص العمل وتدهور المعيش
غلاء الأسعار وغياب السيولة النقدية خاصة في مناطق الحوثيين
وفي كل هذه الفوضى هناك حلول سلامًا شامل وإعادة صورة الدولة أو عسكريا وإنهاء حالة التمرد” حد وصفه
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير