الفخ الذهبي
منذ 2 سنوات
خفق قلبي من الفرحة حين رأيت ذلك القلم الذهبي الفاخر في طريقي
!نظرت أمامي وخلفي ، لا أحد ، أخذته ومسحت بعض التراب الذي علق فيه ووضعته في جيبي
ورغم فرحي به فقد داهمني تساؤل مخيف :ـ ماذا لو أن هذا القلم يحتوي قنبلة صغيرة أو متفجر ؟!أخرجته وفتحته ثم كتبت به على يدي فتدفق الحبر الأسود ، لقد اطمئن قلبي
جاءني اتصال من صديق ، بقينا نتحدث حتى نسيت القلم
قبيل منتصف الليل بدأت أحك يدي بشكل بسيط ثم تزايدت الحكة بشكل غريب ، نظرت إلى يدي فإذا هي محمرة وقد بدت تتورم
!تذكرت القلم
أخذته بخرقة ثم اتصلت بطبيب صديقي ، أخبرته بقصة القلم فأشار علي بالذهاب إلى طبيب جلدية فورا فقد يكون القلم مسموم
سألته :ـ أين سأجد طبيب جلدية في هذا الوقت ؟صمت قليلا ثم قال لي :ـ لا تخف قد يكون صاحب القلم مصابا بحساسية ، انتقلت إليك بالملامسة ، خذ مرهم مهدئ ، إذا تواصلت الحكة إلى الصباح اذهب للطبيب
ذهبت إلى الصيدلية أخذت مرهم ودهنت به يدي ، خفت الحكة ، لكن الورم واصل انتشاره ، يدي تثقل ويزداد الورم فيها بشكل مخيف
أصبت بحمى شديدة وغثيان ، تقيأت كثيرا
فمي جاف ولساني كأنه خشبة ، عطش شديد ، أشرب ولا أرتوي
ليت يدي قطعت ولم تمتد لهذا القلم المسموم ، لقد نصبوا لي فخا ذهبيا بعناية ، اغتيال نظيف
!حين عدت من الحمام لمحت وجهي في المرآة ، وجهي قد تورم هو الآخر وصار ككرة حمراء ، بقع سوداء ظهرت فيه ، نظرت إلى جسمي ، البقع السوداء تنتشر في كل جسمي والورم يتواصل
يبدو أنها ليلتي الأخيرة
!وكمقاومة أخيرة قررت أن أذهب إلى القاضي الذي يسكن في الطابق الأعلى لينقلني للمستشفى
الوقت متأخر لكنني مضطر ، سأذهب إليه وليكن ما يكون
طرقت الباب بقوة ثم سقطت في غيبوبة ، ولم أعد أذكر ما حدث
في ظهر اليوم التالي أفقت في عالم آخر
جسدي المتورم ممداً على فراش بسيط على أرض ، في منزل قديم جدرانه من الطين وسقفه من أعود الشجر ، لا أحد بجواري
أدركت أن جارنا القاضي جاء بي إلى هنا حتى أموت بعيدا عنه ، لا يريد أن يلبس تهمة ، قاضي ويعرف القانون وقد أحتاط لنفسه
حاولت التحرك لكنني لم أستطع ، أجمعت كل قواي لأصرخ لكنني لم أستطع ، كل ما قدرت عليه هو :ـ آآآهلساني ثقيل ، صرت عاجزاً عن الحركة والنطق لكنني ما زلت أرى وأفكر
ـ هل هذا هو الموت ؟تفكر وترى كل شيء ولكنك عاجز عن الحركة
عندما أقبلت امرأة عجوز وثلاثة شباب يحملون قدورا مغطاة فرحت ، لقد تأكدت أنني لم أمت ، لا لن تكون هذه حورية ولا هؤلاء من غلمان الجنة ، سأظلمهم أيضا إن قلت أنهم من زبانية النار ، ابتسمت العجوز قائلة :ـ أنت بخير ، علاجك سيأخذ بعض الوقت
وأضافت :ـ لا تتوتر ولا تخف ، عليك أن تهدأ ، وأذكر الله كثيرا وأطلب منه الشفاء
ظننت أنهم جاؤوا بالطعام لكنهم نزعوا ملابسي كلها ، دهنت العجوز جسمي بمادة خضراء لزجة ، ثم وضعت فوقي غطاء خفيف وتركوني ومضوا
أحسست بجسمي يبرد كأنني في ثلاجة ، لقد ذهبت الحكة والحمى والصداع ، لكنني ما زلت أشعر بأن جسمي ثقيل ولا أستطيع أن أحرك حتى أصبع يدي
لقد فرحت بأنني ما زلت على قيد الحياة ، وأنني سأعالج من ذلك السم الغريب ، لكن أين أنا ؟ ومن هذه المرأة ؟قطعت تساؤلاتي عودة العجوز ومعها امرأة ، أجلستني المرأة ، ثم سقتني العجوز ببطء كأسا من الحليب ثم خرجتا
بعد ساعة عادت العجوز ومساعدتها بكأس من الأعشاب الخضراء لأشربه ، كان مراً لكنني تجرعته ، لو جاءتني هذه العجوز بأي شراب حتى ولو كان بول بقرة لشربته ، أريد أن أتعافى بأي شيء
كانت عيناي تحملقان بالسقف حين مر عنكبوت ، تابعته حتى غاب عن عيني ، بعد دقائق عاد وبدأ ينسج خيوطه فوق رأسي تماما
عند الظهيرة جاءت بقرص عسل وعليه النحل ، تأخذ النحلة وتضعها على يدي فتلسعني وتموت ، عشر لسعات كل يوم ، وفي اليوم العاشر بدأت أتحدث وأتحرك
قالت لي :ـ عندما جاء بك القاضي كنت شبه ميت تتنفس ببطء ، كان قلقا مذعورا قال : الرجل هذا رمى نفسه بباب بيتي ، يبدو أن هناك من سممه أو من يريد أن يلبسني تهمة قتله
هدأت من خوفه ووعدته أن عالجك
وأضافت :ـ القاضي صهري زوج بنتي
شكرتها ودعوت لها وبعد أيام بدأت أمشي
لقد تعافيت بفضل الله ثم بعلاج تلك المرأة ، لقد نجوت من الموت بأعجوبة
حينما عدت ورآني الطبيب صديقي صعق وقال وهو غاية الارتباك والدهشة :ـ أكيد تعالجت في ألمانيا ؟وأضاف :ـ مش معقول أن عندنا مستشفيات حديثة تعالج ذلك السم الخطير
قلت له :ـ تعالجت في دولة أحدث من ألمانيا ، لقد تعالجت في ريمة
!لم يصدق صديقي الطبيب القصة التي أخبرته بها ، لقد أقسم أنني أمزح ، وما يزال يصر حتى اليوم أنني ذهبت إلى ألمانيا للعلاج
!*قصة قصيرة