القربي يروي تفاصيلًا غير مسبوقة عن مراحل الصراع والتحالف في اليمن: صالح توقّع نهايته وهذا مستقبل الوحدة
منذ 2 ساعات
كشف وزير الخارجية اليمني الأسبق، الدكتور أبو بكر القربي، عن أن الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح كان يتوقع مقتله على يد الحوثيين، بعد أن تحوّلت العلاقة معهم من عداوة إلى شراكة مضطربة، ثم إلى خصومة دامية أفضت إلى نهاية مأساوية في ديسمبر 2017، عقب ثلاث سنوات من سقوط صنعاء بأيدي الجماعة
وفي حوار مطوّل مع صحيفة الشرق الأوسط، روى القربي تفاصيل غير مسبوقة عن مراحل الصراع والتحالف في اليمن، بدءًا من ظهور الحوثيين في مطلع الألفية، مرورًا بتبدّل العلاقة بين صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي، وصولاً إلى رياح الربيع العربي، والتدخل الإيراني، وانهيار الدولة، وسقوط العاصمة
ظهور الحوثيين
وتمدد الدور الإيرانيوقال القربي إن الرئيس صالح بدأ يشعر بالخطر الحوثي مطلع عام 2000، حين ظهرت مؤشرات على تحركهم السياسي داخليًا وخارجيًا، لا سيما عبر علاقات ربطتهم بإيران وليبيا
وأكد أن الحرب الأولى معهم اندلعت في 2004، وأن تحوّل الجماعة باتجاه طهران جاء نتيجة شعورها بالحصار والسعي نحو حليف إقليمي قوي
وفي هذا السياق، أشار القربي إلى قيامه بزيارتين رسميتين إلى إيران ناقش خلالهما دور طهران في النزاع اليمني، وطلب وقف دعم الجماعة المسلحة، سواء كان مباشراً أو عبر الحوزات
إلا أن الرد الإيراني – بحسبه – كان عموميًا، ولم يتضمّن التزامات ملموسة
صالح والربيع العربيوفي ما يخصّ انتخابات 2006، قال القربي إنها كانت علامة فارقة في المسار الديمقراطي اليمني، حيث فاز فيها صالح بنسبة 60% وسط إشراف دولي ومراقبة دولية
وأضاف أن صالح كان يطمح لأن يُسجل في التاريخ كصاحب تجربة ديمقراطية، رغم اتهامات لاحقته بمحاولة التمهيد لتوريث الحكم لنجله
ومع اندلاع الربيع العربي، أقر القربي بأن مفاجأت الأحداث وسرعتها أربكت الجميع، رغم إدراك النظام المسبق بأن الأميركيين يخططون لتغيير واسع في المنطقة
وأضاف أن صالح لم يرفض التغيير من حيث المبدأ، لكنه عارض أسلوب فرضه عبر الفوضى والشارع
وفي ذروة المظاهرات، قال القربي إن واشنطن وبعض الدول الأوروبية ضغطت باتجاه رحيل صالح، وهو ما استشعره الرئيس اليمني، لكنه أصرّ على أن يتم وفق الدستور لا عبر الإملاءات أو المواجهة الدامية
شعور صالح بـالغدرأشار القربي إلى أنه كان من الداعمين لتسليم السلطة إلى عبد ربه منصور هادي، بحكم علاقة الثقة التي جمعت الرجلين لنحو 17 عامًا، لكنه أكد أن الأمور تغيّرت لاحقًا، إذ شعر صالح بأن هادي بدأ تهميشه داخل حزب المؤتمر الشعبي العام، لا سيما خلال مؤتمر الحوار الوطني
وأوضح أن صالح رأى في تعيين ممثلين موالين لهادي داخل الحزب محاولة لإزاحته، ما أدى إلى تصاعد الخلاف بينهما، وتحوّل الشعور بالثقة إلى صراع مكتوم على النفوذ
صفقة غير مكتملةعن دخول الحوثيين إلى صنعاء في سبتمبر 2014، قال القربي إن أحدًا لم يتوقع أن يتم الأمر بهذه السهولة ومن دون مقاومة من القوات المسلحة
وأضاف أن حزب المؤتمر بقيادة صالح حذّر الرئيس هادي مرارًا من خطورة تقدم الجماعة، خصوصًا بعد سيطرتها على محافظة عمران، إلا أن الأخير – بحسب القربي – اعتبر الأمر توريطًا مشابهًا لما وقع لصالح في صعدة، ورفض التدخل العسكري
ووفق القربي، فإن ما بدا للبعض أنه تحالف بين صالح والحوثيين لم يكن كذلك، بل تقاطع مؤقت في المصالح، سرعان ما انهار بعد أن شرع الحوثيون في تهميش وزراء المؤتمر داخل الحكومة، وتسليم إدارة الوزارات إلى مشرفي الجماعة
ومع تزايد النشاط السياسي لحزب المؤتمر، تصاعد التوتر، ووصلت العلاقة إلى نقطة اللاعودة في أواخر 2017
محاولة اغتيال صالح تحدّث القربي أيضًا عن نجاته مصادفة من محاولة اغتيال الرئيس صالح في تفجير مسجد دار الرئاسة في يونيو 2011، وقال إنه كان في اجتماع مع صالح صباح يوم الحادث، أبلغه خلاله الرئيس بنيته التوقيع على المبادرة الخليجية
وخرج القربي من القصر لحضور مناسبة عائلية، قبل ساعات من الانفجار
الرقص على رؤوس الثعابينأشاد القربي بقدرة صالح على المناورة السياسية، ووصفه بالقائد المرن الذي يفضّل الحوار على العنف، حتى مع خصومه
ولفت إلى أن صالح كان يُدرك تعقيد البنية اليمنية بين القبيلة والدولة، وكان حريصًا على الموازنة بين القوى السياسية ذات الانتماءات الخارجية والولاءات المناطقية
وقال إن صالح كان يعتبر تحقيق الوحدة اليمنية الإنجاز الأبرز في مسيرته، وكان دائم التذكير بأن حكم اليمن «يشبه الرقص على رؤوس الثعابين»، وهي مقولة يراها القربي تعكس واقعًا صعبًا وغير مستقر في بلد متعدد الولاءات والانقسامات
مستقبل اليمنوفي ختام المقابلة، شدد القربي على أن استعادة الوحدة اليمنية ممكنة، لكنها مرهونة برفع الوصاية الخارجية عن القرار اليمني
وأكد أن تعدد مراكز السلطة بين صنعاء وعدن والرياض، جعل من الصعب تحقيق توافق وطني، رغم أن غالبية اليمنيين – وفق تعبيره – باتوا يرون في الوحدة الضمان الوحيد للاستقرار
وختم القربي حديثه بالقول إن اليمن لا يمكن أن ينتصر إذا فُرض عليه انتصار من الخارج، داعيًا إلى العودة للحوار والتفاهم الداخلي، بعيدًا عن أدوات التدخل الإقليمي والدولي