القربي يكشف كواليس رسالته الأخيرة إلى صدام حسين وعلاقة الرئيس صالح مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز والقذافي وبوتين
منذ 5 ساعات
كشف وزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبو بكر القربي عن تفاصيل دقيقة تتعلق بمحاولات الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح لتجنيب العراق الغزو الأميركي عام 2003، متحدثًا عن لقائه الأخير مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إضافة إلى دور صالح في نسج علاقات إقليمية ودولية مؤثرة شملت السعودية وليبيا وروسيا
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة الشرق الأوسط، قال القربي إنه سافر إلى بغداد موفدًا من الرئيس صالح، حاملاً ما وصفها بـالرسالة الأخيرة إلى صدام حسين قبل الغزو الأميركي بأسابيع قليلة، مضيفًا أن الرسالة كانت تحمل مبادرة يمنية لحل الأزمة سلميًا، وتجنيب العراق الدمار
وروى القربي أن صدام حسين استقبله بهدوء وثقة، لكنه كان حازمًا في موقفه، إذ قال له بوضوح: هذه معركة كرامة الأمة العربية، وأنا مستعد لدفع الثمن
وأضاف القربي أن الرئيس العراقي كان يعلم على الأرجح أن الحرب وشيكة، لكنه رأى أن التراجع سيكون خيانة لتاريخ العراق ومكانته في العالم العربي
علاقات صالح الإقليمية… وتوازنات دقيقةتحدث القربي أيضًا عن البعد الإقليمي في المبادرة اليمنية، مشيرًا إلى أن علي عبد الله صالح لم يكن يتحرك منفردًا، بل كان جزءًا من شبكة علاقات معقدة في المنطقة، وأدارها بحنكة دبلوماسية
وقال إن العلاقة بين صالح والملك عبد الله بن عبد العزيز كانت قوية ومبنية على الثقة الشخصية، رغم بعض الفترات المتوترة، مشيرًا إلى أن الرياض لعبت دورًا محوريًا في كثير من الملفات التي كان اليمن طرفًا فيها
أما عن العلاقة مع الزعيم الليبي معمر القذافي، فقد أوضح القربي أن صالح والقذافي كانا يلتقيان في بعض الرؤى القومية، لكن القذافي كان يميل إلى المواقف الراديكالية التي أحرجت بعض الدول العربية، بينما كان صالح أكثر براغماتية وحرصًا على التوازن
التقارب مع موسكو… بوتين يستمع لصالحوفي سياق متصل، كشف القربي عن ملامح التقارب اليمني مع روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى أن صالح كان يرى في موسكو شريكًا استراتيجيًا يمكن موازنته مع النفوذ الأميركي المتصاعد في المنطقة، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر
وقال إن لقاءات عدة جرت بين الطرفين، وإن بوتين كان يُظهر اهتمامًا خاصًا بالملف اليمني وتوازناته الداخلية والإقليمية، مع إدراك لأهمية اليمن في معادلة أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي
وأضاف القربي أن بعض مبادرات صالح تجاه العراق، ومنها محاولة الوساطة مع صدام، جاءت بدعم أو تشجيع ضمني من عواصم كبرى، بينها موسكو، التي كانت قلقة أيضًا من الانفراد الأميركي بالقرار الدولي في ذلك الوقت
لحظة الوداع قبل الغزووفي وصفه للّقاء مع صدام حسين، قال القربي إن الجو كان مشحونًا ومهيبًا، وأن الرئيس العراقي بدا مستعدًا للمواجهة، بل وكأنه يودّع مرحلة كاملة من التاريخ العربي
وأضاف: كان يدرك حجم القوة التي يواجهها، لكنه اختار أن يُسجل موقفًا للتاريخ
وأكد القربي أن اليمن حاول حتى اللحظة الأخيرة أن يلعب دور الوسيط النزيه، بعيدًا عن الاصطفافات الحادة، لكن الأوضاع الدولية كانت تتجه نحو الحرب، ولا مجال حينها للعقلانية أو التسويات السياسية
شهادة من قلب الحدثويُعد هذا الحديث من القربي من الشهادات القليلة التي توثق التحركات العربية في الكواليس قبل غزو العراق، وتسلط الضوء على أدوار سياسية خفية، خصوصًا للدور اليمني في تلك الفترة
كما يعكس كيف حاولت بعض الدول العربية، وعلى رأسها اليمن، أن تُحدث اختراقًا دبلوماسيًا وسط تعقيدات دولية شديدة، لكن الظروف الإقليمية والدولية كانت تسير باتجاه التصعيد والحرب