القصف العشوائي في تعز.. الموت والإعاقة الدائمة

منذ سنة

تتعرض العديد من الأحياء في تعز إلى قصف عشوائي من حين لآخر، ويسقط مدنيون بين جريح وقتيل

منذ العام 2015، تسيطر جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) على بعض مديريات تعز، بينما الحكومة اليمنية تسيطر الجزء الآخر

تلجأ الجماعة إلى قصف الأحياء المدنية في المناطق التي تقع خارج سيطرتها، وتصنع تلك الضربات مآس طويلة المدى للمئات من المواطنين

هديل عبد الواسع، 23 عاما، أحد المدنيين الذين وقعوا ضحية لقصف عشوائي، وتسببت شظية في بتر يديها، لتبدأ الحياة بإعاقة جسدية مستدامة تتذكر هديل لحظة الإصابة، وتقول ل “المشاهد” بلغة يملؤها الوجع والحسرة ” ” أثناء رعي الماشية في منطقة العراري بمديرية جبل حبشي، وعندما كنت عائدة إلى المنزل وقت الظهيرة، سقطت قذيفة حوثية بالقرب مني، وأدت إلى إصابتي بجروح في جسدي، بالإضافة إلى بتر اليد اليمنى واليسرى “

تضيف:” بعد سقوط القذيفة بثوان، أصبحت عاجزة عن الحركة وعن الكلام، ولم أدرك ما حدث بالضبط، وتم نقلي إلى مستشفى البريهي لتلقي العلاج وإنقاذ حياتي

بعد أن أجريت لي عدة عمليات وأثناء خروجي إلى غرفة الرقود، وجدت أن شيئا ناقصا في جسدي، وتفاجأت أن كلتا يداي مبتورتان“

لم تكن هديل الضحية الأولى والأخيرة للقصف العشوائي، بل أن عدد الضحايا من المدنيين يزيد باستمرار في ظل الصراع العسكري والسياسي في البلاد

تواصل هديل حديثها لـ “المشاهد”، وتقول: “بعد أربعين يوما رقود في المستشفى، بدأت في المحاولة لمساعدة نفسي، لكنني لم أستطع أن أقوم بشيء، كنت أنتظر أمي حتى تعود لتقوم بمساعدتي”

كانت الإصابة التي تعرضت لها هديل بالغة، لكن تلك الإصابة فشلت في سلب هديل حبها للحياة، ورغبتها في التعليم

أكملت تعليمها بعد أن تحسنت صحتها

تقول: “تذكرت كل لحظة كنت أمر بها في المدرسة عندما كنت عاجزة عن استخدام القلم، تذكرت كيف كنت أمارس الكتابة سابقا وأنا بكلتا يداي

بدأت محاولتي الأولى باستخدام القلم بقدمي عندما عدت إلى المدرسة، لكنني لم أتمكن من ذلك

تدربت باستمرار وأصبحت أمارس الكتابة دون مساعدة أحد، وتمكنت من التغلب على الإعاقة”

واجهت هديل العديد من الصعوبات بسبب الإعاقة الجسدية التي تسبب بها القصف العشوائي، لكن إصرارها على النجاح وعزمها على تحقيق حلمها كان دافع قوي لها لتجاوز تلك التحديات

تقول هديل: “قد يشكل الجسد المصاب عائقا كبيرا أمام تحقيق الأهداف، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن التغلب على ذلك

أعترف أني واجهت العديد من التحديات في حياتي اليومية، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهتها أثناء مسيرتي التعليمية، ومع ذلك لم أستسلم، وسعيت لإكمال تعليمي”

تخرجت هديل من الثانوية العامة، وحصلت على تقدير امتياز، وبعد ذلك، سجلت في قسم علوم الحاسوب في معهد للتدريب والفني والمهني في مدينة تعز، وتشعر اليوم أنها حققت الكثير من أهدافها في الحياة

تلقت هديل الدعم والتشجيع من أصدقائها وعائلتها ومجتمعها المحلي، خاصة معهد احترافي الذي ساهم في دفعها لتحقيق نجاحها، كان الجميع يؤمنون بقدراتها على تحقيق النجاح الذي تسعى إليه

تقول المديرة العامة لمعهد احترافي، حياة الذبحاني لـ ” المشاهد “: “لم يكن تشجيع هديل ودعمها مقتصرا على الجانب المادي، بل شمل أيضا الدعم النفسي، وكان لمعهد احترافي وإدارته وكوادره دورا بارزا في دعم هديل وتشجيعها منذ إصابتها في العام 2017”

تضيف الذبحاني: “لقد تكفل المعهد بتوفير منحة دراسية لها في مجال علوم الحاسوب، بالإضافة إلى منحة لتعلم اللغة الإنجليزية، كون الجرحى يحتاجون إلى اللغة الإنجليزية

لا تزال الاشتباكات بين جماعة الحوثي وقوات الحكومة اليمنية قائمة في بعض مديريات تعز، وتستمر المواجهات المسلحة بين فصائل متعددة في التسبب بمقتل وجرح المدنيين، حيث وثق مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في تقريره النصفي الأول للعام 2023 وقوع نحو 530 انتهاكا طالت مدنيين في تعز

بحسب التقرير، بلغت الحالات التي ارتكبتها تلك جماعة الحوثي 470 حالة انتهاك، وارتكب مسلحون خارج إطار الدولة نحو 33 انتهاكا، وبلغت انتهاكات أفراد يتبعون فصائل سياسية في الجيش الحكومي 8 انتهاكات، وارتكب مسلحون مجهولون 18 انتهاكا، وانتهاكا واحدا فقط بسبب اشتباكات بين أفراد في الجيش الحكومي ومسلحون خارج إطار الدولة

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير