اللاعب حروان الزبيدي: نريد تغيير صورة اليمن

منذ ساعة

إذا كان هناك شيء يعرفه حروان الزبيدي أكثر من غيره، فهو قيمة العمل الجاد

فبعد أن انتقل من حياة اللعب حافي القدمين مع الأصدقاء في شوارع صنعاء إلى العمل الشاق في إدارة متجر للأطعمة في نيويورك أثناء السعي وراء حلم كرة القدم، فقد كسب كل ما وصل إليه بالجهد

كونه السادس بين ثمانية أطفال، انتقل والده إلى أمريكا بحثًا عما وصفه بـالدولار والحلم، وبصفته طفلًا في العاشرة من عمره، وجد الزبيدي نفسه على متن طائرة للّحاق به، في بلد غير مألوف ولغة وثقافة غير مألوفتين

كبر بسرعة، يساعد في إدارة المتجر الذي لا يزال والداه يديرانه، كما يوضح لـموقع فيفا

وقال حروان: ذلك المكان، يشبه الحلم الأمريكي تمامًا

لدينا هذا المتجر، فيه الساندويتشات والمشروبات وكل الأشياء المعتادة، وعندما جئت إلى أمريكا، ذهبت إلى المدرسة لكنني أيضًا عملت في المتجر في سن صغيرة جدًا

كان الأمر عبارة عن الذهاب إلى المدرسة ولعب كرة القدم ثم العمل في المتجر

في البداية كنت أخزن المشروبات، أحافظ على نظافتها، أخرج القمامة، كل تلك الأشياء الصغيرة، منذ سن العاشرة أو الحادية عشرة

ثم تحسنت لغتي الإنجليزية وبدأت أعمل على الكاشير، وأصبح الأمر روتينًا، كل الأطفال في العائلة كانوا يساعدون بقدر استطاعتهم للإبقاء على العمل قائمًا

كطفل، أحيانًا كنت أرغب فقط في لعب كرة القدم، لكني بدأت أدرك أن هذا المتجر هو ما يبقينا على قيد الحياة

النشأة في بيئة كانت فيها العائلة مضطرة للكفاح لتأمين لقمة العيش صقلت شخصية الزبيدي وجهزته لخوض نفس الصراع من أجل النجاح في عالم الرياضة الاحترافية القاسي

وبعد أن قضى ما استطاع من وقت بعيدًا عن المتجر في اللعب مع شقيقه الأكبر صالح، سرعان ما ظهرت موهبته

وهذا ما فتح أمامه مسارًا مهنيًا قاده عبر تجارب في إنجلترا وإسبانيا، وصولًا إلى مسيرته الاحترافية الحالية مع أحد أبرز الأندية العراقية، نادي أربيل، ودوره المهم مع المنتخب اليمني

وعلى أعتاب مواجهة اليمن الحاسمة أمام جزر القمر في تصفيات كأس العرب 2025، يدرك الزبيدي أن كل العمل الشاق الذي وضعه قد يؤتي ثماره إذا نجح المنتخب في التأهل إلى دور المجموعات من البطولة الإقليمية

وقال: كان لدي دعم أخي، وكان أيضًا لاعب كرة جيد، لكنه علق في فخ العمل في المتجر، رغم أننا ما زلنا قريبين جدًا من بعض

نشأت في اليمن، كنا نلعب في الشوارع دون أحذية، ونعود للمنزل مغطّين بالتراب

لن أنسى تلك الأيام لأنها صنعت ما نحن عليه الآن

بصراحة، بطولة كأس العرب مهمة جدًا جدًا بالنسبة لنا لأنها قد تساعدنا كثيرًا في كل شيء يمكنك التفكير فيه

لا يوجد دوري محترف حاليًا في اليمن، لذا فهي فرصة للعديد من اللاعبين ليُشاهَدوا، وطبعًا هدفنا هو إسعاد الشعب، وهذا هو الأمر الأهم بالنسبة لنا

وهذا ما يحرص الزبيدي على التأكيد عليه

ففي ظل الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عقد، كانت كرة القدم بمثابة balm يخفف معاناة السكان في بلد يشعر بأنه لم يُنظر إليه دائمًا بعدالة

وقال: غادرت قبل بدء الحرب مباشرة، وهناك بالتأكيد بعض التغيرات، لكننا نأمل جميعًا أن تتحسن الأمور في المستقبل

لقد مر وقت طويل منذ أن لعبنا على أرضنا، لم تسنح لي الفرصة للقيام بذلك أبدًا، ومع ما يحدث الآن فالأمر صعب جدًا

نحن متحمسون للغاية لنقدم شيئًا إيجابيًا من خلال كرة القدم ونساعد في تغيير نظرة الناس لليمن

نريد تغيير عقلية الناس، ولدينا تلك الدافعية في كل مباراة

ليست كل الأمور كما يراها الناس في الأخبار، وهذا يعني أن الكثيرين ينسون التاريخ الطويل والمذهل الذي نملكه في اليمن، والشعب الذي يتميز بالكرم واللطف

وبالرغم من هذه التحديات، يقدم المنتخب اليمني أداءً قويًا مؤخرًا، حيث حقق فوزًا ساحقًا بنتيجة 7-1 على بوتان هذا الأسبوع، ليصبح على بعد خطوة واحدة من التأهل إلى كأس آسيا 2027، البطولة التي شارك فيها مرة واحدة فقط من قبل

وكان الزبيدي من بين المسجلين في هذه المباراة، وهو يملك سجلًا مميزًا في التسجيل مع الأندية ومع المنتخب

ورغم غرابة ذلك على لاعب يلعب في مركز قلب الدفاع، إلا أنه يصبح منطقيًا حين نعلم أنه تحول إلى هذا المركز فقط في عام 2023

استدعاه المدرب السابق للمنتخب، التشيكي ميروسلاف سوكوب، وقرر الأخير أن تغيير مركزه قد يكون فكرة جيدة بعد رؤية طول قامته، خاصة وأن الكثير من اللاعبين اليمنيين ليسوا طوال القامة

وقال الزبيدي: لم أبدأ لعب كرة القدم المنظمة حتى سن 13 أو 14، كانت معظم مشاركاتي في كرة الصالات بعد انتقالي إلى أمريكا، ثم لعبت كمهاجم أو جناح أيسر على مستوى الأندية

وعندما جئت إلى المعسكر الوطني لأول مرة، قال لي المدرب: ما رأيك أن تلعب كقلب دفاع؟ بعدما رأى طولي

وفوق ذلك، كانت أول مباراة لي في هذا المركز ضد السعودية، لكنني بقيت هناك منذ ذلك الحين وقدمت أداءً جيدًا

ومباراة هذا الأسبوع ضد بوتان كانت أول مباراة نتلقى فيها هدفًا هذا العام، لذا لم أكن سعيدًا بذلك

إنها هذه الروح التي ساعدت الطفل القادم من شوارع صنعاء، الذي شق طريقه عبر متجر في نيويورك، على الاستمرار في التقدم والنجاح

وكوّن الزبيدي، الذي يشجع تشيلسي — بفضل أحد الزبائن الدائمين في المتجر الذي نقل إليه حب الفريق — فرصة لمشاهدة النادي الإنجليزي في نيويورك خلال كأس العالم للأندية هذا العام

ويخطط لحضور كأس العالم العام المقبل كمشجع، وعلى أمل أن يمثل اليمن يومًا ما في البطولة، ويساهم في تغيير السردية حول بلده

وقال: بالنسبة لنا، السماء هي الحد

أعتقد أننا نستطيع قريبًا دخول قائمة أفضل 100 في تصنيف الفيفا، وعلى المستوى الشخصي أريد اللعب محترفًا في أوروبا

قد يظن البعض أن هذا جنون، لكني أؤمن بأن الحلم إذا لم يكن جنونيًا بما يكفي، فأنت لا تحلم بالطريقة الصحيحة

أولًا، في كأس العرب، بعد مباراة التصفيات، لدينا مجموعة قوية جدًا مع المغرب والسعودية، لكن هذا يمنحنا فرصة أخرى لنُظهر للناس أنه، رغم أننا نمر بحرب الآن، فإننا نريد دائمًا إيصال رسالة إيجابية عن اليمن، بغض النظر عن نتيجة المباراة