المدارس الأهلية باليمن.. حفلات تخرج ترهق أُسر الطلاب
منذ 2 سنوات
صنعاء – أشرف الصوفي :قبل ثلاث سنوات، اتخذ علي محمد، 37 عامًا، قرارًا بنقل طفلته مرام من إحدى المدارس الحكومية في صنعاء إلى مدرسة خاصة
أراد محمد أن تحصل ابنته على تعليم أفضل في مدرسة خاصة بعد أن تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية
تغيّر رأي محمد بعد عامين من تسجيل مرام في مدرسة خاصة، وأعادها إلى المدرسة الحكومية، لأنه لم يستطع تحمل التكاليف الباهظة التي يجب دفعها مقابل تعليم ابنته في مدرسة أهلية
لا يعترض محمد على دفع الرسوم الدراسية في المدرسة الخاصة، ويعتقد أن ذلك ممكن، لكنه يجد صعوبة في توفير النفقات المتعلقة بإقامة حفلات التخرج والبازارات الخيرية
مثل هذه الأنشطة تمثل عبئًا اقتصاديًا على الآباء الذين يسجلون أطفالهم في المدارس الخاصة
يقول محمد: “أردت أن تنال طفلتي تعليمًا متكاملًا وجيدًا في واحدة من المدارس الأهلية، فوجئت في بادئ الأمر بارتفاع في رسوم التسجيل الدراسية، ولكن شهر بعد آخر أتحمل تكاليف إضافية وغير مبررة، في حين راتبي الشهري لا يكاد يكفي لتحمل نفقات الأسرة والمعيشة”
يعمل محمد موظفًا في إحدى الصيدليات في مدينة صنعاء، براتب شهري يبلغ 120ألف ريال (200 دولار تقريبًا)
نهاية كل عام دراسي، كان يدفع 120 ألف ريال كرسوم دراسية لابنته مرام
بالإضافة إلى ذلك، هناك نفقات غير أساسية تطلبها المدرسة من مرام، للمشاركة في نشاطات وفعاليات تًقام بشكل دوري
شهد التعليم الخاص انتعاشًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، بسبب إغلاق كثير من المدارس الحكومية نتيجة الدمار الذي طالها بالتزامن مع تسرب الكثير من المدرسين الذين لم يستلموا رواتبهم منذ أواخر 2016
ظاهرة جديدةلم تكن هذه الأنشطة والفعاليات وليدة الصدفة، بل مرت بعدة مراحل، حتى أصبحت شائعة في المدارس الخاصة
في السنوات الأخيرة، بدأت المدارس الخاصة بفرض رسوم إضافية على الطلاب مقابل إقامة حفلات تخرج، وأصبحت هذه الاحتفالات إجراء رسميًا في تلك المدارس
عبداللطيف الوشلي، صحفي يمني، يقول لـ”المشاهد”: “بدأت هذه الاحتفالات منذ عامين، لكنها لم تكن بهذا الحجم، وهذا الزخم، ولم تكن تتطلب هذه التكاليف، عدا هذا العام رأيت طلبات عجيبة وغريبة تطلبها بعض المدارس الأهلية من طلابها، مثل: فساتين حفلات، وأزياء، وما إلى ذلك
أصبح الأمر يشبه إقامة حفلات أعراس، ومناسبات فرائحية أكثر من كونها نشاطات مدرسية”
لا يقتصر الأمر على إقامة حفلات تخرج للأطفال، ولكن تتعدد النشاطات التي تطلبها هذه المدارس، مثل إقامة بازارات خيرية، ورحلات ترفيهية، يتحمل أهالي الطلاب تكاليف كافة هذه النشاطات
يقول محمد، والد مرام: “لمدة عامين، وأنا أضطر لدفع نفقات باهظة لإحدى المدارس الأهلية، أنا مضطر لذلك حتى لا تشعر ابنتي بالاختلاف، أو أن يراودها شعور بالنقص عن زميلاتها، لكني عجزت عن تحمل ذلك، فاضطررت لإخراج ابنتي من المدرسة الأهلية، و إلحاقها بمدرسة حكومية”
سحر، أمٌّ لأحد الأطفال الملتحقين بإحدى المدارس الأهلية في صنعاء، تقول لـ المشاهد” إن مثل هذه الحفلات تحولت لمصدر إزعاج لأولياء أمور الطلبة، لأن مثل هذه الأمور تحتاج لوقت طويل لإعداد الأطفال لتقديم بروفات في هذه الحفلات، وتتطلب دفع نفقات إضافية
وتضيف سحر: “هذه المدارس لا تراعي وجود فوارق مادية بين الأهالي، وبعض الأسر قد تضطر لأخذ قرض حتى تدفع رسوم التسجيل، أو بعض تكاليف هذه الحفلات”
الحفلات تحفّز وتشجّعإلهام علي، مديرة لمدرسة النورس الأهلية، تقول لـ”المشاهد”: “بدأت هذه الاحتفالات تقام في رياض الأطفال، كحافز ومشجع على الاستمرار في العملية التعليمية، لكنها سرعان ما انتقلت إلى المدارس الخاصة، حيث رغب الآباء بإقامة حفلات تشجيعية لأطفالهم
لذلك قامت المدرسة بتنظيم وترتيب هذه الاحتفالات حتى تشمل الجميع”
وتضيف: “هذه الحفلات لم تعد مقتصرة على المدارس الخاصة فحسب، بل تعدت ذلك لتشمل المدارس الحكومية، ومن ثم انتشرت حتى وصلت إلى المدارس الريفية
”
أمل يحيى، مديرة لمدرسة عالم الطفل الأهلية، تقول لـ”المشاهد”: “تمثل هذه الاحتفالات حافز ومشجع للأطفال للالتحاق بالمدرسة، وفي حال لم نقم بهذه الاحتفالات، سيذهب الأطفال إلى مدارس أخرى تقوم بها، لذلك تحول الأمر إلى ضرورة”
تـأثيرات سلبيةيعتقد البعض أن انتشار هذه الحفلات، قد يؤدي لخلق عادات جديدة لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية للمجتمع، وسيؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية تؤثر على المجتمع
زينب المشرقي، أخصائية اجتماعية، تقول لـ”المشاهد”: “إن استمرار هذه الحفلات سيحولها إلى ظاهرة أساسية في جميع المدارس الحكومية والخاصة، وسيترتب على ذلك انعكاسات سلبية ترهق أسر الطلاب”
عدم اشتراك الطفل في الحفل سيؤثر عليه معنويًا، وسيرى نفسه أقل من غيره، بينما هو ليس كذلك، والمدرسة وجدت لتدريس وتعليم الطلاب، وليس لعمل الحفلات التوديعية، وحفلات التخرج، بحسب المشرقي
في الوقت الذي ترى المدارس الأهلية أن حفلات التخرج ضرورة لخلق بيئة تسهم في جذب الطلاب، وتحفزهم على التعليم، يعتقد العديد من أولياء أمور الطلاب أن هذه الحفلات تمثل عبئًا اقتصاديًا جديدًا يجعل الحصول على تعليم جيد أمرًا في منتهى الصعوبة
ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير