المرأة في مهمة حفظ السلام المجتمعي 

منذ 7 أشهر

عُرف منذ القِدم، إذا تنازع طرفين، لا يخمدهُ سوى رجل ذو عمامتين (شيخ)، يلجأ إليهِ المتخاصمون، باحثين عن حلٍّ لخلافاتهم

إلا أن الحرب المستمرة في اليمن قلبت الموازين وغيرت المفاهيم، ومثلت انطلاقه للكثير من النساء للقيام بأدوار عدة

كان أبرز تلك الأدوار الخارجة عن المألوف، النساء العاملات في مجال حفظ السلام المجتمعي والوساطة المجتمعية

في مديرية الشمايتين بمحافظة تعز برزت بعض النساء في مجال الوساطة، بدءًا من النزاعات الأسرية إلى الصراعات المجتمعية

من هؤلاء، ”نورة الدبعي” التي بدأت العمل في مجال الوساطة عام 2020، رغبةً منها في المشاركة بحل النزعات الشخصية والمجتمعية

كما عملت ”هيفاء السقاف” في مجال الوساطة منذ 2020، بعد أن حصلت على تدريبات في كيفية حل النزاعات

وكان الدافع وراء ذلك هو الحد من النزاعات وإمكانية الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف

”غادة المقطري” هي الأخرى بدأت عملها في مجال الوساطة عام 2019، وما دفعها لهذا العمل هو انتشار النزاعات الأسرية والمجتمعية

بالإضافة إلى حماية النسيج المجتمعي من التمزق، فكان لا بد من تدخل ووساطة، حسب قولها لـ«المشاهد»

بدورها ظهرت ”نورة الدبعي” كشخصية فاعلة في مجال الوساطة بمنطقة دبع، إحدى أرياف مدينة التربة بمحافظة تعز

ساهمت الدبعي في حل العديد من النزاعات على المستويين الشخصي والمجتمعي، تاركةً بصمة إيجابية في حياة الكثيرين

فعلى الجانب الشخصي عكفت الدبعي على حل مشاكل أسريه عدة ناتجة عن الفقر وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين

كما ساهمت بتوفير الغذاء لبعض الأسر، بالإضافة إلى توفير كسوة العيد للأطفال، بالتعاون مع مجموعة متطوعين للتخفيف من هذه المشاكل

أما على الصعيد المجتمعي فتقول الدبعي لـ«المشاهد»: كان أول حل نزاع شاركت فيه هو إنهاء عرقلة مشروع معهد لتدريب وتأهيل النساء، بالتنسيق مع منظمة البحث عن أرضية مشتركة

كما قامت بحل نزاعات حول شبكة مياه لبعض القرى في منطقة دبع الداخل مع ذات المنظمة

ساعد ذلك في وصول الماء للمواطنين الذين كانوا يعانون من تأخر وصوله؛ بسبب صغر حجم الشبكة، بحسب الدبعي

لدى الدبعي مشاركات أخرى في مجال حل النزاعات بمخيم للنازحين في منطقة دبع

تستطرد الدبعي: برزت مشكلة رمي القمامة وتأثر أصحاب الأراضي ما ترتب عليه تهديد بطرد النازحين من المخيم

”إلا أننا تدخلنا وتم تنفيذ محرقة للقمامة وذلك عن طريق منظمه يمن ميديا”، تقول الدبعي

وفي مدينة التربة عزلة ذبحان – الشمايتين، نجد ”هيفاء السقاف” التي عملت على حل قضية نزاع “مركز الأمل للتدريب والتأهيل”

وهو المعهد الذي كان قد تعثر وتوقف عن تقديم خدماته منذ عام 2010

توضح السقاف لـ«المشاهد»: ’عملنا على حل هذه المشكلة من خلال دراسة التفاصيل وجمع المعلومات من قبل جميع الأطراف”

وتواصل: ”ثم أقمنا جلسات حوارية تضم أطراف النزاع؛ للوصول لحل نهائي، تمثل بإعادة تفعيل دور المركز والمباشرة في تقديم خدماته”

عملت السقاف على إعداد وكتابة ورقة سياسات عامة حول “ضعف إشراك المرأة في حل النزاعات وبناء السلام”

وجاءت الورقة ضمن مشروع المرأة والسلام الذي تنفذه منظمة البحث عن أرضية مشتركة

وفي ذات المنطقة، بمديرية الشمايتين بمحافظة تعز، لمع اسم ”غادة المقطري”

حيث بدأ المقطري العمل بمجال الوساطة الأسرية، ثم الوساطة المجتمعية، إلى أن وصلت للوساطة المحلية

وأهم أعمال المقطري بالوساطة، حلها لنزاع على أرض تمثل طريقًا يربط بين منطقة شرجب بمديرية الشمايتين بتعز، ومديرية المقاطرة بلحج

تتحدث المقطري لـ«المشاهد» تفاصيل حلها للنزاع، فتقول: ”قمت بجمع الأطراف المتنازعة وإقناع ملاك الأراضي التي يمر فيها الطريق بالتبرع بها”

وتضيف: ”ثم بدأت العمل على إصلاح الطريق بالتعاون مع الأهالي، وذلك بعد بحثي وحصولي على الداعمين”

وتشير المقطري إلى أن حل النزاع على الطريق وإصلاحه مثل بداية حياة جديدة لسكان المنطقة

وتوضح أنها خلصتهم من معاناة استمرت لأعوام؛ بسبب السيول التي كانت تُغرق الطريق، وتعيق حركة المواطنين ونقل أغراضهم

وفي الجانب المجتمعي شاركت المقطري مع مجموعةً من الشباب بنقل سوق الخضرة المتواجد وسط الأحياء السكنية في مدينة التربة بمديرية الشمايتين

”وذلك لتخليص سكان المنطقة من الزحام والإزعاج والنزاعات المتكررة التي كان يشهدها السوق”، تقول المقطري

وتكشف المقطري أنها قامت برفقة فريقها بجمع الأطراف المتنازعة، وعمل جلسات حوارية عدة للخروج بحل يرضي جميع الأطراف

وفي نهاية المطاف تم التوصل إلى اتفاق وتم فتح الطريق وترميمه ونقل السوق إلى مكان آخر

عمل المرأة في اليمن في حل النزاعات ليس سهلا بعد

لا تزال هناك صعوبات وتحديات عدة تواجه من يعملن في فض النزاعات

أبرز تلك التحديات، عدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في بادئ الأمر؛ بسبب العادات والتقاليد المتوارثة والمتعارف عليها في المجتمعات

تقول هيفاء: لطالما واجهت تساؤلات من المجتمع خلال عملي منها “كيف يمكن لامرأةٍ أن تحل نزاعات قائمة منذ سنوات؟!”

وقد كان أول تعليق يصدر منهم: “بنت أمس بتجي تحل لنا النزاعات !”، بحسب هيفاء

وتستطرد في حديثها: ”لكن تجاوزت هذه الأمر من خلال ملامسة احتياجات المجتمع، الأمر الذي أشعرهم بالطمأنينة”

بالإضافة إلى التعامل مع كل مجتمع بحسب ثقافته وعاداته، مما جعل إمكانية التقبل كبيرة، حد تعبير هيفاء

من جهتها توضح غادة المقطري مدى الصعوبات التي واجهتها خلال عملها في مجال الوساطة وتقول: تعرضت لصعوبات عدة، وصلت إلى حد التعرض لإطلاق النار، وإخراجي قسرًا من المناطق التي أتدخل بها للوساطة

ومن التحديات: عدم ثقة الناس بدور الوساطة، وحساسية بعض النزاعات، وصعوبة جمع الأطراف المتنازعة وإيجاد مكان محايد لجمعها والخروج لحلول

بالإضافة إلى عدم توفر الدعم المادي، حيث احتاجت بعض القضايا للتمويل وهذا مالم نكن نملكه كوسطاء بمبادرات ذاتية، بحسب المقطري

وبالنسبة للتحديات التي واجهتها نورة الدبعي فتكمن في نهاية حل المشكلة عند تأخر المانح في الدعم لحل النزاع التابع للمنظمات

أما عن التحديات والصعوبات الشخصية، فترى الدبعي أن عند قيام المرء بعمل يرغب بتنفيذه، يستطيع تجاوز أي صعوبات وتحديات تواجهه

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير