المقالح: سأرحل عن وطنٍ بائس الأمس واليوم، فيه تموت العصافير جوعاً وتسمن فيه الذئاب

منذ 2 سنوات

بكائية لعام 2016م عبد العزيز المقالح ====================================-------------------دثّرِينيوشدِّي على كفني ودعي فتحةً فيه أرقب منهارفيف الفراشاتأسمع صوتَ المياه التي تتحدر-في ضحوةٍ- من أعالي الجبالوأشعر في لحظةٍأن شيئاً جميلاًسأفقده حين أطويبساط الحياة

* * * دثّرينيفإني سئمت الوقوفبمنعطفٍ لم يعد آمناًوالصعود إلى جبلٍلم يعد عاصماًوسئمت الرفاق الذين بأوهامهم خذلونيوباعوا خطابَ المودةِللريحفي زمن العاصفةْ

* * *دثّريني وشدِّي على كفنيواكتبي فوق قبري:هنا واحدٌ من ضحايا الحروبالتي عافها ثم قال لقادتها قبل أن يبدأوها:الحروبُ إذا دخلت قريةًأكلتْ أهلها الطيبينولم تُبْقِ من حجرٍ واقفٍأو شجرْ

* * *دثّرينيضعي ، يا مَلاكي ،عصاي التي كنت أحملهامثل تعويذةٍوأصدُّ بها عَـتْمتيوأهشّ بها ليل خوفيوأمشي بها إن فقدت الدليلضعيها على كفنيواعلمي أن روحي مخرّبةٌبعد أن حاولت آه -وآأسفي-تقهر المستحيلْ

* * *دثّرينياغلقي شاشةَ التلفزيونهذا الإناءَ الوخيمالذي أفسد الناسيَبصق في صحن أذهانِهمبكلامٍ مريضٍيُميت الشعوريدجّنهُثم يُسلمه لمنامٍ طويلٍطويلْ

* * *دثريني وقولي لأهليوأصحابي الطيبين لقد كان مثل بقية أهل البلادومثل بقية كل العباديحب الجمالويأسره صوت شبَّابةٍيُتَصبّاهُيهوى أغاني الرعاةْ

* * * دثّريني وقولي لأعدائي البسلاإنه لم يعد يتذكرهم يتذكر أسماءهميتذكر ليل عداوتهموسواد افتراءاتهم وهو من هول ما يحدث الآنما يفعل الأهل بالأهلفي حيرةٍ مُرَّةٍ وذهولٍ عظيمْ

* * *دثّريني ولا تفتحي يا ملاكي الشبابيكإن الظلام الذي يتجوّلُمنفرداً فوق برد الشوارعيرقب غرفتنا ويحاول أن يتسلل في غفلةٍ منكِإياكِ أن تغفليما بروحي من ظلمةٍليس يقوى عليها الظلامْ

* * *دثّريني فقد أصبح الموت أمنيةًبعد أن جاعت الأرضوافتقدت خبز أبنائهاوطوى الصمتُ بؤسَ الكلامالذي ظل يحرث في البحر أوهامَهُويبعثر أحلام أمتهِفي الهواء

* * *دثّريني فإني أرى القبرأوسعَ من هذه الأرضأوسع من بحرهاوأرى فيه شمساً أحَنّ وارأف من هذه الشمسأشهد فيه نجوماً ملونةًوملائكةً في الفضاء المديدتصليوتغسل بعض ذنوب البشرْ

* * *دثّريني فإن أبي

اخوتيفي انتظاريوأصحابي الأوفياء ،وأمي التي حين غابتْوغاب سناهاتمنيت لو أنهم حملوني على نعشهاوانتهت عندها قصتي في الحياةْ

* * *دثّرينيدعيني أعانق في شغفٍ صحوة الأبديةأرحل عن وطنٍ بائس الأمس واليومفيه تموت العصافير جوعاً وتسمن فيه الذئابوما كتبته يدي ليس إلاّ صدى شجنٍ حارقٍوبكاءٍ من الكلماتعلى بلدٍ كنت أحسبه بلداًوعلى أمةٍ كنت أحسبها أمةًظِلُها كان يمتد من ماءِ تطوانحتى سماءِ الخليجْ