المنشطات الجنسية.. «منتج قاتل» في اليمن
منذ 2 سنوات
عدن – أحمد الحسنيانتهت حفلة زفاف حسين محمد، 27 عامًا، قبل بضعة أشهر في عدن، وبدأ فصلًا جديدًا في الحياة
مرت الأسابيع الأولى من الحياة الزوجية، وفي يوم ما قرر تعاطي بعض المنشطات الجنسية
بعد ساعات من ابتلاع الحبوب المنشطة، تحول من النوم على سرير البيت إلى الرقود على سرير المستشفى
لم ينجح تدخل الأطباء، ولم تنجح أي أدوية في استعادة صحة حسين وإنقاذه من الموت
عمار محمد، أخو حسين، يقول لـ”المشاهد“: “الدكتور أجرى قسطرة تشخيصية، وتبيّن له أن حسين تعرض لجلطة”
ارتفع الضغط عند حسين بعد تناول المنشط الجنسي، ونتج عن ذلك جلطة قاتلة، بحسب عمار
خلال سنوات الحرب في اليمن، ازداد الإقبال على المنشطات الجنسية، وقتلت الأدوية المهربة أو المغشوشة العديد من اليمنيين في ظل ضعف الرقابة على عملية استيراد وإنتاج الأدوية، بما في ذلك المنشطات الجنسية
عوض محمد، مالك صيدلية في محافظة مأرب، يقول لـ”المشاهد“: “هناك طلب متواصل على المنشطات خلافًا لما كان عليه الوضع قبل الحرب، وأبيع شهريًا مئات الكراتين من المنشطات بالجملة والتجزئة”
ضغوط نفسيةصالح محمود، أستاذ علم النفس في جامعة عدن، يقول إن هناك رابطًا بين الأوضاع النفسية للأفراد والحرب الدائرة منذ ثماني سنوات
يضيف محمود لـ”المشاهد“: “الحرب ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة، وبات معظم المواطنين يعيشون تحت الضغط، ومن الصعب أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي بما في ذلك الحياة الزوجية”
ولهذا السبب، يلجأ بعض الرجال إلى استخدام المنشطات لتجاوز الضعف الجنسي الذي قد يصيبهم بسبب الضغوط النفسية
تدفقت العديد من العقاقير إلى اليمن عبر طرق تهريب مختلفة طوال سنوات الصراع الذي بدأ عام 2015
واستغل مهربو الأدوية ضعف الرقابة على الموانئ والمطارات، وباتت اليمن بيئة مناسبة لترويج تلك الأدوية وتوزيعها دون رقابة صارمة
قال طه المتوكل، وزير الصحة في حكومة صنعاء، في مؤتمر صحفي بصنعاء، عام 2019، إن هناك ما يقارب 20 ألف صنف من الأدوية المهرَّبة والمزوَّرة والمغشوشة غير المسجلة في الهيئة العليا للأدوية
وكانت تلك الأدوية تباع في أكثر من 176 صيدلية في مديرية الوحدة بأمانة العاصمة فقط، بحسب المتوكل
المنشطات الجنسية
الأكثر رواجًايقول محمد النزيلي، رئيس مجلس حكماء نقابة الصيادلة في اليمن، إن المنشطات الجنسية هي الأكثر رواجًا في البلاد، سواءً منها المرخصة، أو المغشوشة والمهربة، ووصل الحال إلى أن تباع تلك المنشطات بدون استشارة طبيب
يقول النزيلي لـ”المشاهد“: “هناك 11 مصنعًا للأدوية مرخصًا في اليمن، لكن المعامل غير المرخصة تنتشر في كل مكان”
ويضيف: “خطورة المنشطات الجنسية تكمن في أن جزءًا منها مغشوش، والجزء الآخر عبارة عن مواد يتم تركيبها في معامل محلية غير مرخصة، وتباع بكميات في محلات تهتم بالعلاج الطبيعي ]الأعشاب[“
يحذّر النزيلي من الخلطات التي تُستخدم كمنشط جنسي، كون هذه المنتجات لها تأثيرات مدمرة، خصوصًا لمن لديه مرض مزمن
يتفق مدير الإمداد الدوائي بصنعاء، الدكتور سمير السنافي، مع النزيلي، ويرى أن الخلطات التي تستخدم كمنشطات جنسية ليست آمنة
يقول السنافي لـ”المشاهد“: “جميع الأدوية الطبيعية المنشطة جنسيًا، عبارة عن خلطات كيمائية شديدة التركيز تؤدي إلى مضاعفات خطيرة”
وبحسب علمه، يعتقد أنه “لا يوجد في اليمن أي دواء خاص بالأداء الجنسي مصرح به من وزارة الصحة”
ويلفت السنافي إلى أن الوزارة تنفّذ حملات لضبط مثل هذه الأدوية، ويقول إنه “خلال حملة واحدة فقط، لوزارة الصحة لمراقبة الأدوية المهربة والمغشوشة، تم ضبط أكثر من 80 صنفًا جنسيًا مغشوشًا ومهربًا في الأسواق”
ومن أجل وضع حد لانتشار الأدوية غير الآمنة التي تفتك بمتعاطيها، يقول السنافي: “هناك لجنة مشتركة تم تشكيلها من وزارة الصحة ووزارة الداخلية، لوضع خطة عملية لمراقبة الأدوية التي تتدفق إلى البلاد”
لم تعد المؤسسات الحكومية في اليمن تعمل تحت قيادة موحدة منذ 2015، إذ ظهرت حكومتان في صنعاء وعدن
لكن المؤسسات الصحية في عدن وصنعاء تدرك خطورة استيراد وتصنيع وترويج المنشطات الجنسية
الدكتور فضل الحريري، رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية في عدن، يقول لـ”المشاهد” إن المنشطات الجنسية التي تدخل اليمن من الصين وماليزيا، عبارة عن خلطات توجد فيها مادة فير دنافيل، وتشكل خطرًا كبيرًا على مرضى السكر والقلب
عممت الهيئة العليا للأدوية في عدن أسماء تلك الأدوية المغشوشة، والتي تباع في محلات العسل كمركب طبيعي، بحسب الحريري
حتى هذه اللحظة، لا توجد إحصائيات دقيقة رسمية عن عدد ضحايا المنشطات الجنسية في اليمن، إلا أنه من المؤكد أن انتشار هذه المنتجات يجلب أضرارًا بالغة للعديد من المتعاطين
حسين، العريس الذي غادر الحياة بعد أسابيع من زفافه، كان ضحية لحبوب منشّط جنسي اشتراها بنفسه، معتقدًا أنها ستعطيه الطاقة الجنسية، لكنها أرسلته إلى القبر
ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير