النجار الذي نحت ذاكرة حضرموت على الخشب 

منذ يوم

حضرموت – أحمد بامندوديقول النحات أحمد سويد، (80 عامًا): “وصلتني عروض عملٍ من السعودية والإمارات في مجال النحت الجمالي على الخشب، لكني رفضتها

أعتقد أنهم يريدون معرفة أسرار مهنتي ثم الاستغناء عني، كما أنني لا أرغب بمغادرة وطني”

هكذا عبّر أحمد سويد (80 عامًا) عن إمكانياته الحرفية النوعية التي لا يجيدها الكثيرون، وهي مهارة النحت الجمالي على الخشب

فهو يعتبر من أشهر وأبرز النحاتين في هذا المجال، وله تاريخ يمتد منذ ستينيات القرن الماضي

النحت على الخشب واحد من أقدم الفنون التراثية التي عرفتها البشرية

وما تزال الأدوات التقليدية بما في ذلك المنشار، الأزميل، المطرقة، قلم الرصاص، المبرد،  وأدوات التنعيم تستخدم من قبل محترفي هذه المهنة رغم التقدم العلمي

في العصر الحديث، شهد النحت على الخشب تطورًا كبيرًا من حيث الأدوات والتقنيات، حيث انتقل من الاعتماد الكلي على الأدوات اليدوية التقليدية إلى استخدام أدوات كهربائية وتقنياتٍ رقمية متقدمة، حسب مجلة سيدتي

تميّز سويد بأسرارٍ فنيةٍ وبصمةٍ خاصة في أعماله

كل مجسم يصنعه يحمل روح المكان والزمان

فأعماله تعكس تراثًا حضرميًا متفردًا

ولد عام 1945 في حي الحارة، أحد أحياء مدينة المكلا القديمة

بدأ حياته نجارًا في سن الثامنة عشرة

ولأكثر من خمسين عامًا، نحت مجسماتٍ توثق تاريخ حضرموت

من أبرز أعماله بوابة قصر السلطان القعيطي عام 1967، ولوحةٌ لحصن الغويزي، تعكس حضارة حضرموت

كما نحت مجسماتٍ لأسماكٍ مثل “الشروخ”، ولوحاتٍ تحاكي العمارة والحياة الاجتماعية في المنطقة

يقول: “أبدأ بالفكرة، ثم أرسم الأبعاد، وأصنع كليشةً أولية، أحدد المجسم بالقلم، ثم أنحته وأركّبه على صندوقٍ خشبي”

يستخدم خشبًا عاديًا مثل غيره من النحاتين، لكن البراعة تكمن في المهارة”، كما يوضح

ويتابع: “من أشهر المجسمات التي صنعتها قصر المعين، قصر سيئون، حصن الغويزي، سدة المكلا، وجامع المحضار

كلها رموز لحضرموت، وتُجسد تاريخها العريق”

تحظى أعمال سويد بإقبال واسع

فمجسماته الخشبية تعبر عن الهوية الثقافية لحضرموت

كثير من المغتربين يطلبون منه قطعًا فنية كهدايا رمزية

كما تطلب منه مؤسسات حكومية وخاصة أعمالًا فنية، وغالبًا ما تُستخدم كديكور أو هدايا رسمية للوفود الأجنبية

محله القديم في المكلا وجهةٌ لهواة المجسمات من داخل اليمن وخارجه

يقول: قبل 2011، كان السياح يزورونني من دولٍ مثل ألمانيا وفرنسا

وقبل 1990، كانوا يأتون من الاتحاد السوفييتي

لكن الظروف التي تمر بها البلاد أثّرت على الإقبال، حتى الجهات الرسمية لم تعد تهتم كثيرًا”

ورغم وصول شهرته للخارج، رفض سويد عروضًا من السعودية والإمارات

يقول: “العروض تأتيني عبر مغتربين يهدون أعمالي لأرباب عملهم

بعضهم يُعجب بها ويطلب مثيلاتها لأصدقائه

لكني لا أريد مغادرة بلادي ولا أريد أن تُسرق مهنتي”

ابنته حنان، وهي معلمة لغة عربية، تقول: “أعمال أبي عبرت حدود الوطن، تنتقل من دولة لأخرى في الخليج”

ورغم عمره المتقدم، لا يزال يعمل

يصف النحت بأنه إحساس ينبض بداخله، وشغف يعيش معه

يقول: “النحت يسكن وجداني، ومن خلاله أجد ذاتي”

لكن، ورغم هذه المسيرة الطويلة، لم يحظَ أحمد سويد بأي تكريم رسمي يليق بإبداعه

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير