النفايات تخنق الضالع

منذ 3 ساعات

الضالع- عبد الرقيب اليعيسيتشهد أسواق ومدن وطرق محافظة الضالع مشاهد فوضوية يومية بسبب استمرار التخلص العشوائي من القمامة؛ لتقوم لاحقًا الرياح بإيصالها إلى كل زوايا المنطقة

 ويقوم بعض السكان وأصحاب المحال التجارية بإحراق القمامة وسط الأسواق وعلى جوانبها، ما يحوّل هذه الأماكن إلى بيئةٍ خانقة يمتزج فيها دخان النفايات بحرارة الشمس؛ ليصبح الهواء سامًا والأرض ملغومة بالتلوث

ممارسات غير خاضعة لأي رقابة أو محاسبة؛ تسببت بتفشي الأمراض

وتكدس المرضى في المستشفيات، دون أن يدركوا أن سبب مرضهم قد يكون ناتج عن دخان ورماد المخلفات الذي تعبث بها الرياح

وتدفعها إلى داخل المنازل والطرقات حتى في الأرياف

يقول محمد الهدالي، أحد سكان ريف مديرية قعطبة لـ”المشاهد”، إن التلوث البيئي في المحافظة بات يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة زوجته التي تعاني من مرضٍ مزمنٍ في الشرايين وضيق تنفس مستمر

مشيرًا إلى أن حالتها الصحية لا تحتمل حتى أبسط ملوثات الهواء

ويتابع الهدالي: “لولا أني أعيش في الريف، كانت زوجتي قد توفيت منذ زمن؛ بسبب تلوث هواء المدن، خصوصًا في سناح”

ويصف الصعوبات التي يواجهها عند مرافقة زوجته إلى الطبيب المتابع لحالتها هناك

قائلًا: “أضطر أن أؤمّن لها سيارةً خاصة، وأدخلها المستشفى مباشرةً، وأشغّل المكيفات وأحاول أخلق جو بارد ونظيف؛ لأحميها من الدخان وروائح القمامة المنتشرة حتى بجوار المستشفى”

لا تقتصر خطورة التلوث في مدينة سناح على المواطن فحسب، بل تمتد لتشكل عامل قلقٍ وجودي في المدينة وضواحيها

يعبر المواطن عبدالله صالح، أحد سكان ضواحي مدينة سناح، لـ”المشاهد” عن استيائه من تفشي القمامة وحرائقها العشوائية التي تصلهم روائحها إلى مضاجعهم

ويقول إن هذه الظاهرة أصبحت “خطرًا وجوديًا” يهددهم

ولفت إلى أن رمي القمامة في أي مكان وإحراقها بات سلوكًا يوميًا في مدينة سناح؛ نتيجة غياب التوعية المجتمعية وغياب دور السلطة المحلية؛ ما جعل هذه الممارسات تبدو طبيعية في نظر الناس، رغم خطورتها على الصحة والبيئة

وأوضح أن الأطفال باتوا يلعبون قرب حرائق النفايات، بينما تنقل الرياح الدخان والمخلفات لتغطي الأشجار والطرقات وتصل حتى إلى تلويث الأرياف

المواطن عبد الله صالح في سناح: الأطفال باتوا يلعبون قرب حرائق النفايات، بينما تنقل الرياح الدخان والمخلفات لتغطي الأشجار والطرقات وتصل حتى إلى تلويث الأرياف

”وأشار إلى أن التلوث في سناح يتفاقم بشدة مع هطول الأمطار، حيث تختلط مياهها بمخلفات القمامة والرماد الذي يبقى بعد إحراق القمائم؛ ما يجعل الأسواق والطرقات بيئةً أكثر تلوثًا في المحافظة

 في حين أن مدينة سناح تضم السوق المركزي لحراج القات في المحافظة والذي تتكدس فيه القمائم أكوامًا كبيرة دون رفعها من أي جهة

واختتم عبدالله حديثه بإبداء أسفه على مدينة سناح، رغم اعتبارها سوقًا مركزيًا للمحافظة والزحمة التي تشهدها، إلا أن المدينة، على حد قوله، لا يوجد فيها أبسط أعمال النظافة، وأنها مهمشة للآخر، وأن كل قمائمها، تُحرَق في كل جهة وتتطاير في كل زقاق

وفي الوقت الذي يئن فيه المواطنون من تكدّس القمامة وآثارها الصحية والبيئية

تتعالى شكاوى أصحاب المصالح التجارية في سناح، ممن وجدوا أنفسهم محاطين بالنفايات التي لم يعودوا طرفًا في إنتاجها، بل ضحايا لها، رغم التزاماتهم المالية المستمرة تجاه مكتب النظافة

يقول وليد، مدير مطعم صيرة سناح، لـ”المشاهد”، إن المطعم يدفع شهريًا أكثر من 60 ألف ريال كرسوم نظافة

لكن الخدمة تكاد تكون معدومة

“نحتفظ بمخلفات المطعم داخل المكان أحيانًا ثلاثة أيام، بانتظار شاحنات القمامة، وعندما تأتي يُطلب منا العمال تقديم وجبة أو “حق القات” حتى يأخذون القمامة”، حد تعبيره

ويضيف: أن النفايات التي يضطر لإحراقها يوميًا أمام باب المطعم ليست من مخلفات العمل؛ بل مما تجلبه الرياح من السوق والشوارع المجاورة

وتتراكم عند الباب؛ ما يدفعه للتخلص منها بالحرق، مثل كل المحال والمطاعم الأخرى، رغم إدراكه لأثر ذلك على سمعة المطعم

ويؤكد وليد أن غياب أي رقابة، أو نظام لجمع النفايات، هو السبب وراء هذا الوضع، قائلًا: “لو كانت هناك أماكن مخصصة وبراميل واضحة، لما أصبحت أبواب محالنا مكبّات مفتوحة للقمامة المتطايرة”

ويختتم حديثه بمرارة: “لسنا ضد دفع الرسوم، نحن مستعدون ندفع أكثر، لكن مقابل خدمة حقيقية، لكننا للأسف، ندفع وكأننا نعاقَب، لا كأننا نحصل على حقّنا”

ومع اتساع رقعة التلوث من سناح إلى مختلف المناطق، لا تبدو مدينة قعطبة في حالٍ أفضل

فالمشهد البيئي هناك يعكس مستوى آخر من الإهمال، حيث تتكدس القمامة في الأحياء والأسواق، وتنتشر الحرائق والروائح الكريهة، في ظل غياب الحلول وغياب الوعي المجتمعي؛ ما يجعل التدهور البيئي ظاهرةً عامة لا تقتصر على مدينةٍ بعينها في محافظة الضالع

يؤكد حسام المرح، الناشط المجتمعي وعضو اللجنة المجتمعية في مديرية قعطبة، في حديثه لـ”المشاهد”، أن المدينة لا تقل تلوثًا عن سناح، بل قد تتفوق عليها نظرًا لازدحامها السكاني وكثافة مبانيها

ويضيف: “الأمر لا يقتصر على القمامة، بل يتعداه إلى انتشار الأمراض والدخان وروائح الحرق، وحتى الحيوانات كالأبقار والأغنام باتت تسرح في القمائم وتنثرها، وتطايرها الرياح والأطفال الذي يلعبون بها”

الناشط حسام المرح: الأمر لا يقتصر على القمامة، بل يتعداه إلى انتشار الأمراض والدخان وروائح الحرق، وحتى الحيوانات كالأبقار والأغنام باتت تسرح في القمائم وتنثرها، وتطايرها الرياح والأطفال الذي يلعبون بها“

ويشير المرح إلى أن مشهد إحراق النفايات في الأسواق وتطايرها في الأزقة وتعلقها بالأشجار أصبح أمرًا اعتياديًا

يعكس غياب الحد الأدنى من الاهتمام بالبيئة؛ ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية

وتشويه صورة المدينة كواحدة من أبرز مديريات المحافظة

ويحمّل السلطات المحلية مسؤولية التقاعس عن القيام بدورها

معتبرًا أن المشكلة لم تعد مجرد خللٍ في الخدمات، بل تهديد مباشر للصحة العامة

مطالبًا بتحركٍ فوري يتجاوز الحلول المؤقتة

ويعتمد على خططٍ واضحة لتحسين النظافة وتوعية الناس

كما يلفت إلى أن صمت المواطنين وتماهيهم مع التلوث يسهم في استمراره

مؤكدًا أن النظافة مسؤولية جماعية تتطلب مشاركةً مجتمعية ورقابةً رسمية حقيقية؛ لضمان بيئةٍ صحية ومستقبلٍ أفضل للأجيال القادمة

ونظرًا لقرب مدينة سناح من مدينة قعطبة، فقد تم إرجاع مسؤولية نظافتها إلى مكتب النظافة والتحسين في مديرية قعطبة

ويتولى المكتب تنظيف سناح مقابل تحصيل رسومها إلى جانب رسوم قعطبة، رغم أن سناح تتبع إداريًا محافظة الضالع

إلا أن الخدمة التي يقدمها المكتب تُعد متدنيةً للغاية، ويعتبرها المجتمع بلا أثر فعلي، وهو ما تعكسه الحالة العامة للمدينتين، من تلوثٍ لم يُشهد له مثيل من قبل

يرى سمير محمود، عامل النظافة التابع لمكتب مديرية قعطبة، أن المكتب لا يرفع أي مخلفات في مدينة سناح إلا من الأماكن التي يتقاضى منها مدير المكتب رسومًا مالية، مثل المطاعم والكافتيريات، وذلك وفقًا لتوجيهات الإدارة”

ويضيف أن النفايات التي تملأ الشوارع والأسواق يتم تجاهلها أو يقوم الناس في الأسواق بإحراقها أحيانًا في أماكنها؛ لأن الإدارة لا تعتبرها ضمن نطاق عملنا في مدينة سناح

وفيما يتعلق بطريقة التعامل مع المحال التجارية، يوضح سمير أن الأمر غالبًا ما يعتمد على ما يقدمه صاحب المحل من مقابل لأن بعض المطاعم والمحلات يعطوها اهتمامًا أكثر لأنها تقدم لهم وجبات مثل العشاء أو الغداء أو مبلغ رمزي، سواءً في قعطبة أو سناح

ويكمل: “أما من لا يدفع، لا نأخذ له، خاصةً إذا كان في مدينة سناح”

ويشكو سمير من التحديات التي تواجههم في قعطبة، مثل تطاير القمامة، وعدم التزام المواطنين برميها في الأماكن المخصصة، خاصة وأن المكتب يعطيها اهتمامًا أكبر من سناح، إلى جانب عدم التزام الأهالي برمي النفايات في المكبات المخصصة

كما أشار إلى أن العمل مرهق، في حين لا يتجاوز راتب عامل النظافة سبعين ألف ريال، وهو مبلغ لا يسد أدنى احتياجات المعيشة

لم تعد مشاهد القمامة وأكوام المخلفات محصورة في الأسواق فحسب، بل تسللت إلى الحارات والأحياء وحتى القرى، في مشهدٍ يومي يعكس تدهورًا بيئيًا خطيرًا، بات يهدد صحة الإنسان والبيئة ويشوّه ملامح الأماكن السياحية

في هذا السياق، يقول أخصائي الأطفال في مستوصف التعاون الطبي بمدينة سناح، الدكتور محمد حسين، لـ”المشاهد”: إن المحافظة تمر بمرحلةٍ خطيرةٍ من التلوث، لم تقتصر فقط على المدن، بل امتدت إلى الريف أيضًا، في ظل غياب تدخلاتٍ جادة

ويؤكد أن التلوث البيئي يؤدي بشكل متكرر إلى انتشار الأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا والحميات والالتهابات التنفسية

مضيفًا أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من هذا الواقع

كما يشير إلى ازدياد حالات الاختناق بين الأطفال والأمراض الجلدية؛ نتيجة الأدخنة المنبعثة من القمامة المحترقة

أخصائي الأطفال في مستوصف التعاون الطبي بمدينة سناح، الدكتور محمد حسين: التلوث البيئي يؤدي بشكل متكرر إلى انتشار الأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا والحميات والالتهابات التنفسية

مضيفًا أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من هذا الواقع

كما يشير إلى ازدياد حالات الاختناق بين الأطفال والأمراض الجلدية؛ نتيجة الأدخنة المنبعثة من القمامة المحترقة

”ويحذر الدكتور محمد من استمرار هذا الوضع دون حلول، موضحًا أن المستشفيات في الضالع باتت تشهد ازدحامًا متواصلًا بسبب الأمراض المرتبطة بالتلوث الذي لا يلتفت إليه أحد، والتي تفاقمت نتيجة الإهمال البيئي وغياب أي التزامٍ جاد من الجهات المعنية

كما يلفت إلى خطورة الحشرات الناقلة للأمراض، المنتشرة حاليًا بكثافة في الأسواق والمنازل

وتدخل بشكل مستمر مع دخان القمامة المحروقة؛ ما يسهم في إعادة تفشي الكوليرا التي لا تزال تحصد أرواحًا، خاصةً بين الأطفال

ويأسف الدكتور محمد لغياب حملات التوعية المجتمعية بمخاطر التلوث

مشيرًا إلى أنه لا توجد آلية واضحة لرفع المخلفات بشكل يومي، ولا يتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يخالفون التعليمات الصادرة من مكاتب النظافة

وفي مدينة الضالع، لا يبدو الحال مختلفًا كثيرًا عن مدينتي قعطبة وسناح، إذ يشكو الأهالي من مشاهد التلوث نفسها في سناح وقعطبة: “تكدس القمامة، انتشار الروائح الكريهة، وألسنة دخان تتصاعد من النفايات المحترقة في الأحياء”

المواطن ذياب أحمد، أحد سكان المدينة، يؤكد لـ”المشاهد” أن الوضع فاق التوقعات

قائلاً: “القمامة حدث ولا حرج

توجد براميل نظافة، لكن الأهالي لا يلتزمون باستخدامها

وتجد النفايات ملقاة بجوارها، تتكاثر بسرعة، وتنتشر في أماكن مختلفة”

ويضيف ذياب: “عمال النظافة لا يستطيعون مجاراة هذا الوضع، إذ يلجأون في بعض الحالات إلى جلب الشيولات لجرف القمامة إلى “شاحنات النظافة”، لكن بعد أن تكون قد تطايرت وتبعثرت بفعل الرياح

ويشير إلى أن بعض المواطنين يظنون أنهم يقومون بعملٍ خيري بإحراق القمامة في الأحياء، بعد تراكمها، دون إدراك لما يسببه الدخان من أضرارٍصحية وبيئية

ويرى ذياب أن اهتمام عمال النظافة بالأسواق يعود إلى حصولهم على مقابل مالي يومي من بعض التجار، إذ يتعاملون مع نفايات الأسواق على أنها “قمامة جاهزة” يتم رفعها مقابل أجر مباشر، فيما تظل الحارات والأحياء دون اهتمامٍ حقيقي

ويكشف أن عمال النظافة لا يحصلون على رواتب شهرية منتظمة، بل تُصرف لهم كل خمسة أو ستة أشهر، وبمبالغ زهيدة، وهو ما ينعكس سلبًا على أداء العمل

ويجعل الأحياء السكنية مكتظة بالقمامة، والحرائق فيها متكررة، والذباب والروائح الكريهة أصبحت مشهدًا مألوفًا

مع كل يومٍ يمرّ، يتزايد التلوث في محافظة الضالع، وتتكاثر المكبات العشوائية، وتتصاعد أدخنة النفايات المحترقة في الأحياء والأسواق، فيما تتراجع النظافة إلى أدنى مستوياتها، دون أن يرافق هذا الانهيار أي تحركٍ جاد من الجهات الرسمية

معد التقرير حاول تتبّع أسباب تدهور الوضع، وتواصل مع عددٍ من مدراء مكاتب النظافة في المديريات

تجاوب معنا مدير مكتب النظافة والتحسين في قعطبة، فيما مدير مكتب النظافة والتحسين في الضالع التزم الصمت، ولم يتجاوب على اتصالاتنا أو رسائلنا

في مديرية قعطبة، خلال نزول ميداني إلى مبنى المجلس المحلي، التقى معد المادة بمدير مكتب النظافة والتحسين، عبدالقوي الحيقي، الذي لم ينكر سوء الوضع، بل قال إن “التدهور ليس في قعطبة فقط، بل في الضالع وعدن أيضًا”، وكأن اتساع الكارثة مبرر للعجز

الحيقي لم يتردد بالقول إن مكتبه يعرف حجم الخطر البيئي، وأنه يعمل بقدر استطاعته

وأشار حتى إلى ملابسه وقال: “حتى من ملابسنا نمرض هنا” في إشارة إلى أن التلوث بالمديرية بلغ حدًا كبيرًا

وقال إنهم يواجهون عجزًا كبيرًا، لافتًا إلى إنه لا يأخذ إلا الرسوم المعلومة من 2018 حتى اليوم، في حين كان سعر دبة الديزل لا يتجاوز تسعة آلاف ريال من قبل، بينما تبلغ اليوم 40 ألفًا، ما أنعكس على إمكانيات المكتب وتراجع خدماته

وحين سُئل عن سبب تبعية مدينة سناح لنطاق نظافة قعطبة، رد بأن سناح “مفروضة علينا من المحافظة” وأن مسؤوليتهم تقتصر فقط على تغطية المطاعم، وهي التي يأخذ منها رسوم كبيرة تصل إلى تسعين ألف، بحسب سمير عامل النظافة في مكتبه، وأكد الحيقي أنه لا علاقة لهم بالتلوث في شوارع وأسواق مدينة سناح

ويتحدث الحيقي عن مخالفين يتم الإبلاغ عنهم باستمرار، لكن العقوبات تقتصر على توجيهات إدارية تفرض غرامات هزيلة من 500 إلى 1000 ريال، لا تردع أحدًا، ولا تُصلح من الفوضى شيئًا

ويضيف أن الرسوم التي يجمعها المكتب لا تكفي لتغطية أسبوع واحد من العمل، وأن كل ما يجري اليوم هو مجهود من المكتب الذي يستخرج حق النظافة من التجار وغيرهم بطريقة شخصية

وقال إن المكتب كان قد توقف عن العمل في المديرية بسبب عدم التمويل

في حين يشكو مدير مكتب السياحة، صلاح النجار، من تلوث البيئة في المديرية الذي انعكس سلبًا على السياحة والحركة

متسائلًا: “إين تذهب رسوم التحسين، في المديرية دون أن يتم تنظيفها”

وفي مشهدٍ كان كافيًا لتلخيص ما يجري، وقبيل بدء الاجتماع الدوري لمدراء مكاتب قعطبة، كانت القمامة تتطاير عند مدخل المجلس المحلي، بينما كان المسؤولون يدخلون ويخرجون دون أن يلتفت أحدهم للمشهد

لم ينبّههم الدخان الذي يطوق الجو بقعطبة، ولا أثار منظر القمامة أمام أبواب مكاتبهم

بدا الأمر طبيعيًا، معتادًا، وكأنه غير موجود

قبيل بدء الاجتماع الدوري لمدراء مكاتب قعطبة، كانت القمامة تتطاير عند مدخل المجلس المحلي، بينما كان المسؤولون يدخلون ويخرجون دون أن يلتفت أحدهم للمشهد

لم ينبّههم الدخان الذي يطوق الجو بقعطبة، ولا أثار منظر القمامة أمام أبواب مكاتبهم

بدا الأمر طبيعيًا، معتادًا، وكأنه غير موجود

هذا الإهمال لا يقتصر على قعطبة

فالوضع في بقية المديريات مشابه، بل ربما أسوأ، وسط مكاتب نظافة لا تعمل إلا في حدود تحصيل الرسوم من المحال التجارية

بينما تُترك الحارات تغرق بالنفايات وتعيش على روائح الحرق والذباب

البعض يرى أن التركيز على الأسواق سببه أن بعض عمال النظافة يتقاضون مقابلًا يوميًا من التجار، على عكس الحارات التي لا تُدرّ مالًا

من جهته، قال مدير مكتب الصحة في قعطبة لـ”المشاهد” إن الوضع البيئي بات كارثيًا في المحافظة ككل، وأن مكبات النفايات العشوائية تشكل تهديدًا خطيرًا على صحة السكان، في ظل غياب أي رقابةٍ حقيقية أو تعاملٍ منظم مع النفايات

ويضيف أن النفايات المفتوحة تخلق بيئةً مثالية لتكاثر الحشرات والجراثيم؛ مما يتسبب في انتشار أمراضٍ مثل الكوليرا، التيفوس، الملاريا، والزحار

أما العصارات السامة التي تتسرب إلى الآبار ومصادر المياه الجوفية، فهي تنذر بكوارث صحية تصيب الكبد والكلى والجهاز الهضمي، وأخطرها التسمم الحاد والتهاب الكبد الفيروسي

أما القمامة التي تُحرق علنًا، فهي تخلق سحبًا من الغازات السامة مثل الميثان والديوكسين، وهي غازات كفيلة بإصابة الأطفال وكبار السن بمشاكل تنفسية مزمنة: من الربو والسعال إلى التعب المستمر والصداع وأمراض صدرية يصعب علاجها

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير