اليمن.. سلام مرهون بتدخلات الخارج

منذ 2 ساعات

عدن – بديع سلطان تواصل جماعة الحوثي هجماتها على إسرائيل، بالإضافة إلى استهداف السفن التجارية بالبحر الأحمر

يأتي هذا رغم اتفاق الجماعة مع الولايات المتحدة، مطلع مايو الماضي، على إيقاف الهجمات البحرية، برعاية سلطنة عُمان

لكن مستجدات الوضع الإقليمي شهدت تطورات متصاعدة وخطيرة خلال الفترة التي أعقبت الاتفاق

كان أخطرها الحرب الإيرانية الإسرائيلية، في يونيو الماضي، التي استمرت اثنا عشر يومًا، وأحدثت انقلابًا في المنطقة

ففي الوقت الذي توقع فيه محللون وخبراء أن تنهي الحرب بين إيران وإسرائيل أنشطة الجماعات والأذرع التي تدعمها طهران بالمنطقة

ورغم تحييد أدوات إيران في لبنان، سوريا، والعراق، إلا أن جماعة الحوثي عادت إلى تصعيدها العسكري ضد إسرائيل وبالبحر الأحمر

وأعلنت قيامها بهجمات ضد إسرائيل خلال شهري يوليو الماضي وأغسطس الجاري

التصعيد الحوثي، سبقه إسكات حزب الله في لبنان عسكريًا بعد اتفاقات مع إسرائيل، وإخراج سوريا من المعادلة بالإحاطة بنظام الأسد

وتحييد المليشيات العراقية

ولم يبقَ بالمنطقة سوى الحوثيين الذين أثّر استمرار تصعيدهم على جهود السلام باليمن، رغم الهدنة المعلنة بين طهران وتل أبيب

هدنة كان يتوقع منها أن تنعكس بآثارها الإيجابية على السلام في اليمن، والحد من التصعيد في المنطقة

وتوجه الحوثيين نحو التهدئة الداخلية، كما فعلت أذرع إيران الأخرى في العراق ولبنان وسوريا، لكن شيئًا من هذا لم يحدث

الباحث اليمني، عادل دشيلة، زميل المركز الشرق أوسطي للأبحاث بجامعة كولومبيا الأمريكية، قلّل من تأثيرات الهدنة بين إيران وإسرائيل

وقال في تصريحٍ خاص لـ”المشاهد”: “لا أعتقد أن الهدنة الحالية بين إيران وإسرائيل ستنعكس إيجابًا على الأزمة في اليمن”

وعلل دشيلة اعتقاده، بأن إيران في الوقت الراهن تحاول الحفاظ على مصالحها الداخلية، وبقاء النظام قبل أن ينهار

وأضاف: ولهذا أثبتت طهران تخليها بسهولة عن جماعاتها ما دون الدولة في المنطقة

وزاد: “تلقت تلك الجماعات ضربات موجعة في لبنان، وانهيار نظام بشار الأسد في سوريا

بالإضافة إلى محاولة تحييد جماعات العراق حتى لا تكون سندًا لإيران”

وواصل دشيلة: “تبقت جماعة الحوثي التي رأت ما جرى لطهران، وبالتالي استوعبت الدرس، وإن كانت مازالت تقوم بضربات هنا وهناك

لكن هجماتها غير مؤثرة في الواقع، بقدر ما هي مجرد مناوشات للحصول على مكاسب سياسية”

ويتابع الباحث عادل دشيلة حديثه بالإشارة إلى مصير التسوية السياسية في اليمن

وأوضح أن الأزمة اليمنية تتداخل إقليميًا ودوليًا، ما يزيدها تعقيدًا، ولا يمكن الخروج بتسوية سياسية بناءً على مصالح اليمنيين

ويجب مراعاة مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة بالصراع، في أي تسوية سياسية مستقبلية

ويكمل: “ولهذا ربما تعود إيران إلى طاولة التفاوض حول برنامجها النووي

لكن علينا إدراك أن استغلال هذه الجماعات ما بعد الحرب الأخيرة لن يكون كما قبلها

حيث أثبتت أنها فواعل غير مؤثرة لترجيح كفة إيران”

دشيلة: الأزمة اليمنية تتداخل إقليميًا ودوليًا، ما يزيدها تعقيدًا، ولا يمكن الخروج بتسوية سياسية بناءً على مصالح اليمنيين، بل من الضروري مراعاة مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة بالصراع، في أي تسوية سياسية مستقبليةوقال: “حتى وإن بقيت هذه الجماعات كعامل تهديد في المنطقة

لكنها لن تستطيع أن تكون عامل مزعزع بشكل قوي؛ بحيث يهدد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة”

معتقدًا أن استخدام إيران لهذه الأوراق لن يكون قويًا في أي تفاوض سياسي مستقبلي

وأضاف: “صحيح أن جماعة الحوثي ظلت مهددًا للملاحة البحرية

لكن علينا إدراك أن الضربات الأمريكية الأخيرة أجبرت الجماعة على القبول بالهدنة غير الرسمية، وتوقفت عن استهداف الملاحة الدولية”

واعتبر دشيلة أن الأزمة اليمنية تحتاج لرؤية وطنية محلية تراعي مصالح اليمن العليا، ولا مانع أن تراعي مصالح الدول المنخرطة بالصراع

لكن تبدو الفواعل المحلية اليمنية غير قادرة على إنجاز تسوية سياسية شاملة دون دعم إقليمي واضح المعالم، غير متوفر حاليًا

يرى الصحفي والمحلل السياسي اليمني، عبدالواسع الفاتكي، أن تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية ستكون عميقة على المسار اليمني وملف الأزمة اليمنية

وترتبط تلك التداعيات بشكل وثيق بمخرجات المفاوضات الدولية، وتوازنات القوى الإقليمية

ووسط هذا المشهد المعقد، يبقى على الحكومة اليمنية الاستعداد لكافة الاحتمالات، يقول الفاتكي لـ”المشاهد”

معتبرًا أن ذلك يحدث سواء عبر الحشد السياسي والدبلوماسي، أو بالجهوزية العسكرية لإعادة فرض الدولة في كافة ربوع الوطن

ويعتقد الفاتكي أن اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية جاءت تتويجًا لمسار تصعيدي طويل

كانت إرهاصاتها واضحة في محاولات “قصقصة أجنحة النفوذ الإيراني” في المنطقة، بدءًا من حزب الله في لبنان

ووصولًا إلى الضربات الجوية التي تلقّتها جماعة الحوثي، من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل

الفاتكي: اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية جاءت تتويجًا لمسار تصعيدي طويل، كانت إرهاصاتها واضحة في محاولات “قصقصة أجنحة النفوذ الإيراني” في المنطقة، بدءًا من حزب الله في لبنان، ووصولًا إلى الضربات الجوية التي تلقّتها جماعة الحوثي، من قبل الولايات المتحدة وإسرائيلوهي الضربات التي جاءت ردًا على تهديدات الحوثيين المتكررة لخطوط الملاحة الدولية، وهجماتها بالطائرات المسيّرة والصواريخ تجاه الأراضي المحتلة بفلسطين

الفاتكي توقع أنه يمكن استشراف جملة سيناريوهات محتملة في هذا الإطار

السيناريو الأول، استمرار المفاوضات والضغط السياسي على إيران ووكلائها

ويفضي هذا إلى فتح مسار تفاوضي جديد بين إيران والولايات المتحدة

تطرَح فيه مسألة تخلي طهران عن دعم وكلائها في المنطقة، وعلى رأسهم جماعة الحوثي

ويتصور الفاتكي أنه إذا ما أدرِج هذا الشرط ضمن أجندة التفاوض، فقد تضطر إيران إلى ممارسة ضغوط مباشرة على الحوثيين

ودفعهم لتسوية سياسية مع الحكومة اليمنية، مقابل إشراكهم بالسلطة بطريقة تحفظ لإيران موطئ قدم غير مباشر باليمن

مستدركًا: “لكن من غير المتوقع أن تتخلى إيران بالكامل عن جماعة الحوثي؛ إذ تعتبرها ورقةً استراتيجية

وتمتلك قدرات هجومية، خاصة بعد الضربات القاصمة التي تعرض لها حزب الله

يعني هذا أن إيران قد تحافظ على الحوثيين كأداة ضغط وتحريك بحسب السياق الإقليمي

أما السيناريو الثاني، وفقًا للفاتكي، يتمثل في استمرار الهجمات وتصاعد الردود العسكرية، واستمرار الحوثيين بإطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل

واستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، عندها من المرجح أن يتلقى الحوثيون ضربات عسكرية نوعية جديدة

يأتي هذا مع تزايد التوجه العالمي نحو تأمين خطوط الملاحة الدولية

وفي هذا السياق، قد يتم الدفع بالحكومة اليمنية نحو شن عمليات تحرير عسكرية واسعة النطاق، تبدأ من الساحل الغربي

وتستهدف إعادة السيطرة على موانئ استراتيجية مثل الحديدة، يقول الفاتكي

ويواصل: هذا السيناريو من شأنه أن يضعف موقف الحوثيين بشدة

ويجبرهم إما على تقديم تنازلات غير مسبوقة، أو الدخول في مواجهةٍ عسكرية شاملة قد تغيّر خارطة السيطرة بشكل جوهري

ويشير الفاتكي إلى تغيّر المعادلات الإقليمية والدولية، واحتمال تَحوّل الموقف الأمريكي والأوروبي إلى موقف أكثر حزمًا

لافتًا إلى أن جماعة الحوثي قد تجد نفسها في مواجهة مسارات تفاوض قسرية

وتضطر إلى تقديم بعض التنازلات، وإن كانت شكلية أو غير جوهرية

الفاتكي: مستقبل السلام في اليمن مرتهن بحسابات الخارج وتوازنات الداخل”، وفي حال تم الفصل بين ملف إيران النووي ووكلائها الإقليميين، فلا شك قد تواصل استخدام الحوثيين كورقة مستقلة، وتعويض خسائرها في لبنان وسوريا، وقد تعمد إلى إشعال الجبهة اليمنية من جديد عبر الحوثيين؛ لتعزيز موقفها التفاوضي وترهيب خصومها“مستقبل السلام في اليمن مرتهن بحسابات الخارج وتوازنات الداخل”، بحسب الفاتكي

ويرى أن إيران، في حال تم الفصل بين ملفها النووي ووكلائها الإقليميين، فلا شك قد تواصل استخدام الحوثيين كورقة مستقلة

وتعويض خسائرها في لبنان وسوريا، وقد تعمد إلى إشعال الجبهة اليمنية من جديد عبر الحوثيين؛ لتعزيز موقفها التفاوضي وترهيب خصومها

ويختتم تصريحه: إيران لا تبدي عادةً أي اكتراث بالكلفة البشرية أو السياسية التي تدفعها أذرعها التابعة لها

فطالما أن تلك المعارك تدار خارج حدودها، وتستخدم لحماية عمقها الاستراتيجي، وتمثل خطوطًا دفاعية متقدمة ضمن مشروعها الإقليمي

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير