اليمن.. «قيود جديدة» ضد الحريات الشخصية

منذ 2 سنوات

صنعاء – محمد عبداللهتواصل جماعة الحوثي (أنصار الله) فرض المزيد من القيود التي تستهدف الحريات الشخصية في المناطق التي تسيطر عليها

ففي الأول من يناير/كانون ثاني من هذا العام، منعت جماعة الحوثي الاحتفال بأية مناسبة في قاعات الأفراح، إلا بترخيص من مكتب الثقافة في أمانة العاصمة صنعاء

وحسب مذكرة صادرة عن مكتب الثقافة بصنعاء، فقد خاطبت الجماعة ملاك ومديري القاعات بعدم تنظيم أية فعالية فنية لأية مناسبة، وحظر مشاركة الفرق الفنية في أية فعالية، إلا بتصريح مسبق

ليست هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها الجماعة قرارات ضد الحريات الشخصية والعامة

ففي أكتوبر/تشرين أول 2022 منعت جماعة الحوثي الجامعات من إقامة احتفالات في صالات المناسبات، والاقتصار على إقامتها في إطار المنشأة التعليمية، حسب مذكرة صادرة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

ومنذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، أواخر 2014، فرضت قيودًا صارمة تتعلق بحرية التنقل والتجمعات الاحتفالية

خطوة خطيرة تقول الشابة هدى (اسم مستعار): “بين فترة وأخرى نتفاجأ بظهور توجيهات تتضمن منع أنشطة وممارسات روتينية تجري ممارستها منذ سنوات، ولا تشكل أية خطورة”

وتُعد هذه الخطوة الأخيرة، من وجهة نظر هدى، “تضييقًا لما تبقى من هامش للحرية”، وتروي لـ«المشاهد» أن إحدى صديقاتها في صنعاء ألغت زفافها قبل يوم من موعده، نتيجة هذا القرار

وأكدت مصادر من ثلاث مدن شمالي اليمن، وهي صنعاء، وإب، وجنوب محافظة تعز، لـ«المشاهد»، أن “جماعة الحوثي بدأت بتطبيق القرار، وأنّ مالكي صالات المناسبات توقفوا عن حجز المواعيد ما لم يكن لدى الزبون أو الجهة المُنظمة للفعالية تصريح بالموافقة”

وبعد هذا القرار باتت الفرق الموسيقية تخشى العزف “خوفًا من الإجراءات القمعية”، كما يصف العازف خليل (اسم مستعار)

ويقول إنّ القيود المفروضة بشأن قاعات الأفراح قد “تدفعه للتوقف عن حضور الفعاليات حفاظًا على سلامته”

وتُعتبر قاعات الأفراح مكانًا لإقامة الفعاليات الفنية أو حفلات الزفاف، وتشهد تجمعات كبيرة، وتصاحبها الموسيقى والرقص

لباس المرأةلم تقتصر القرارات الحوثية على الفعاليات فحسب، بل طالت لباس المرأة، في خطوة أثارت استهجانًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي

وذكر مراسل رويترز في اليمن، محمد الغباري أن ما تسمى “اللجنة المعنية بالضوابط الأخلاقية في أمانة العاصمة صنعاء”، وجهت في وقت سابق هذا الشهر، مالكي محال خياطة العبايات النسائية بعدم بيع “العبايات القصيرة وذات الفتحات الجانبية والألوان الزاهية”

اخر مستجدات معركة العبايات النسائية وفي ضوء النقاشات التي تمت بين اصحاب محلات البيع واللجنة المعنية بالضوابط الاخلاقية في امانة العاصمة صنعاء تقرر ما يملي :- منع خياطة وبيع العبايات القصيره والعبايات ذات الفتحات الجانبية والالوان الزاهيه فقط

ويرى الصحافي محمد الحريبي أن هذه الإجراءات “انعكاس طبيعي لفكر الجماعة المتطرف الذي ينتقص من المرأة، رغم أن الدين الإسلامي حفظ لها حقوقها، ولم يتضمن أيًا من هذه الإجراءات التي يفرضها الحوثيون اليوم”، حد تعبيره

وحول دلالة التوقيت يقول الحريبي لـ«المشاهد» إنها تأتي “بعد أن أصبح لدى الجماعة الثقة الكافية بقدرتها على قمع أي ردود فعل احتجاجية قد يقوم بها المجتمع في مناطق سيطرتها”

ويشير إلى أن “جماعة الحوثي تشعر أنها تمكنت من إحكام سيطرتها بشكل كافٍ يسمح لها بإرساء أفكارها المتطرفة، وفرضها على المجتمع اليمني”

أزياء الهوية اليمنية وكنوع من الرد على تلك الإجراءات، أطلقت ناشطات وصحافيات يمنيات حملة إلكترونية لنشر صورهن بالأزياء الشعبية التقليدية، تحت هاشتاج “الهوية اليمنية”

وغرّدت الناشطة مُزن الخريجة، عبر حسابها في “تويتر”، قائلة: “جداتنا ما كانوا يلبسوا إلا ملون، وتراثنا كله ألوان وبهجة، وأنصار الله جو يحددوا لنا إيش نلبس ويشتوا يغطوا علينا بالأسود”

وتفاعلت المحامية ابتهال الكوماني مع الحملة، إذ نشرت صورًا لمجموعة من الناشطات يرتدين ملابس شعبية خاصة بتراث ولون عدد من المحافظات اليمنية

وقالت في تدوينة على حسابها في “فيسبوك”: “أرى صورًا تبهج القلب، جمالًا ورونقًا وحلاوة، الأسود عمره ما كان لبس اليمنيات، ولا كان هوية واحدة منا، هي عادة دخيلة غزت المجتمع اليمني، لا ننتمي لها ولا تنتمي إلينا، وهذا تذكير لتراثنا وهويتنا الأصلية”

حظر السفر وكانت جماعة الحوثي أصدرت، العام الفائت، قرارات بحظر سفر المرأة دون محرم، ومنع النساء من العمل في المطاعم، ومنع استعمال مساحيق التجميل

ولم تكن هذه القرارات موجودة في البلاد قبل الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات

وتُشبه الإجراءات التي أقرتها الجماعة بحق النساء، تلك القيود التي تفرضها حركة طالبان في أفغانستان، بحسب مايا أميراتونغا، التي ترأس مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في صنعاء

وخلال جلسة إحاطة مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، منتصف الشهر الحالي، اعتبر جيمس كاريوكي، ممثل بريطانيا في الأمم المتحدة، فرض جماعة الحوثي شرط المحرم على المرأة أثناء السفر، بأنه “يحد من قدرتها على الوصول إلى المساعدات الأساسية والعمل”

إجراءات قمعيةويصف المحامي صلاح أحمد هذه الإجراءات بـ”القمعية”؛ ويقول إنها تتعارض مع “الحقوق والحريات العامة، وتنتهك الدساتير والقوانين والشرائع التي تحمي الإنسان، وتحافظ على حقوقه وانسانيته وحريته وعيشه الكريم”

ويضيف أحمد في حديثه لـ”المشاهد” أنّ “مظاهر المنع التي يفرضها الحوثيون تأتي في سياق فرض مذهب طائفي، واستلهام النموذج الإيراني لفرض واقع وثقافة دخيلة على المجتمع”

ليصلك كل جديد