انفجار صرف جريمة مكتملة الأركان.. تحقيق حقوقي يكشف بالأدلة العلمية استهتار الحوثيين بأرواح المدنيين
منذ يوم
كشف تحقيق استقصائي صادر عن منظمة سام للحقوق والحريات، عن تفاصيل صادمة وخفايا خطيرة تتعلق بالانفجار المدمر الذي هزّ حي صرف السكني في العاصمة صنعاء بتاريخ 22 مايو 2025، نتيجة انفجار مستودع أسلحة تابع لجماعة الحوثي، مخزن وسط حيّ مدني مأهول بالسكان
التحقيق الذي جاء بعنوان مستودع الموت، استند إلى أدلة رقمية ومرئية وشهادات شهود، بالإضافة إلى تحليلات علمية وصوتية دقيقة، أكدت في مجملها أن الانفجار أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 150 مدنيًا، بينهم أطفال ونساء، وتسبب في تدمير واسع لعشرات المنازل والمحال التجارية، وسط تكتم إعلامي وأمني مشدد فرضته الجماعة المسلحة في المنطقة
وأوضح التحقيق أنه بالاستناد إلى صور أقمار صناعية، وتحليل صوتي علمي تشير المعلومات إلى أن الانفجار كان نتيجة تفجير داخلي لذخائر ومتفجرات عسكرية شديدة الحساسية، وليس نتيجة أي استهداف خارجي
وأضاف: أن الطاقة التفجيرية، وفق التقديرات الفنية، تعادل ما بين 1000 إلى 2300 طن من مادة TNT، ما يضع الكارثة في مصاف الانفجارات العسكرية الكبرى، ويكشف عن حجم التهديد الذي يشكّله تخزين السلاح وسط الأحياء المدنية على حياة السكان، ومدى استهتار المليشيا بحياة اليمنيين
سكان الحي وصفوا اللحظة بـيوم القيامة، حيث ترددت أصداء الانفجار في أحياء بعيدة في أمانة العاصمة، وفقا لشهادات نقلها التحقيق
وأشار التحقيق إلى حجم الدمار الذي لحق بالمنازل والأسر التي قضت تحت الأنقاض بما فيها أسر كاملة، جمع بعضهم أشلاء، مؤكدا أن العديد من الضحايا لم يعرفوا حتى اليوم
وأوضح التحقيق أنه رغم فداحة الكارثة، فرضت جماعة الحوثي طوقًا أمنيًا شاملاً، ومنعت أي تغطية صحفية أو توثيق ميداني، وواجهت أي محاولة لطرح الأسئلة أو نشر صور الضحايا بحملة إلكترونية من التضليل والتشكيك، وادعت أن ما جرى هو قصف خارجي أو حادث غامض
وتعاملت مع الحادثة كأنها لم تحدث، في مشهد يعكس استخفافًا مروّعًا بحياة المدنيين وحقهم في الأمان والمحاسبة والعدالة
وأكد التحقيق أن الموقع الذي انفجر كان ضمن سلسلة مخازن سرية استحدثها الحوثيون بعد ضرب مستودعاتهم في 2015، وأنه يُستخدم لصناعة الألغام وتجميع الصواريخ، وتم إنشاؤه في منطقة سكنية دون مراعاة لأي من قواعد حماية المدنيين، ما يمثل انتهاكًا صريحًا ومتعمدًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا المواد 13 و58 من البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف، التي تجرّم تخزين الأسلحة في مناطق مأهولة، وتعتبر ذلك جريمة حرب متكاملة الأركان
وفي التحليل الطيفي لصوت الانفجار، أوضح التحقيق أنه باستخدام أدوات علمية دقيقة، فأن المواد المنفجرة هي من نوع المتفجرات العسكرية شديدة الطاقة، مثل TNT أو RDX، وليست مواد مدنية أو غاز منزلي كما روّجت بعض الروايات الحوثية
وتابع: وتُظهر الصور أن مركز الانفجار تحوّل إلى حفرة دمار قطرها أكثر من 20 مترًا، وامتد تأثيره إلى نطاق يزيد على 60 مترًا، حيث تضررت النوافذ والمنازل في الأحياء المحيطة، وبلغ عدد السيارات المدمرة أكثر من 30 سيارة، فيما تضررت نحو 100 وحدة سكنية ومحال تجارية
ونقل التحقيق عن المختص في القانون الدولي المعتصم الكيلاني، فإن ما جرى يُعد جريمة حرب توجب المساءلة الدولية، كون جماعة الحوثي بصفتها طرفًا في نزاع مسلح غير دولي، تخضع للقانون الدولي الإنساني، الذي يحرّم بشكل واضح تعريض المدنيين للخطر، وتخزين الأسلحة بين منازلهم، دون إنذار أو حماية
وأشار التحقيق إلى أن الحادثة تأتي ضمن نمط متكرر من الممارسات الحوثية في مختلف المدن اليمنية، حيث تُستخدم الأحياء والمستشفيات والمدارس كمخازن وورش تصنيع للأسلحة، ما يجعل السكان في مواجهة دائمة مع الموت والانفجارات، في ظل غياب تام للمحاسبة أو الردع
ودعت منظمة سام في توصياتها إلى فتح تحقيق دولي مستقل، وتشكيل لجنة تقصي حقائق، ومساءلة المتورطين، وتعويض الضحايا، ونقل جميع المخازن العسكرية من الأحياء السكنية
وحثت الأمم المتحدة على تقديم الدعم العاجل لعائلات الضحايا، مطالبة المجتمع الدولي ألا يظل صامتًا أمام هذه الكارثة التي تكشف الوجه الحقيقي لجماعة الحوثي، وتُظهر كيف يتحول السكان في مناطق سيطرتها إلى دروع بشرية، في صراع لا يعبأ بالحياة ولا يعرف الرحمة