انفجارات تعز.. حين تختلط الحقائق بالروايات المضللة

منذ 3 أيام

تعز- شهاب العفيففي الثالث من تموز يوليو 2025، وقعت انفجارات ليلية عنيفة في حي حوض الأشرف شرقي مدينة تعز، مخلفة ضحايا في صفوف المدنيين، وأضراراً في المنازل والممتلكات

انتشرت صور ومقاطع فيديو تحمل ادعاءات عدة حول الحادثة، ونوعها، وأسبابها، ادعاءات رافقها الكثير من التضليل، حساب إرم نيوز على منصة إكس نشر فيديوهاً للانفجارات مدعياً بأنه لـ “مواجهات عنيفة في تعز اليمنية”، خلّفت قتلى وجرحى، بحسب ما نشرته الوسيلة الإماراتية التي يتابعها في إكس أكثر من نصف مليون

على فيسبوك، نشرت منصة قصتنا، فيديو آخر، ادعت بأنه لـ “انفجارات عنيفة تندلع بخزانات محطة بترول في حوض الأشرف بتعز”، شاهده نحو 65 ألف شخص، في المنصة التي تحظى بمتابعة أكثر من 220 ألف شخص، كذلك الحال، مع منصة أخبار – تعز التي يتابعها أكثر من 450 ألف شخص، التي نشرت فيديو وثق الانفجار من مكان بعيد، واصفة الحدث بأنه انفجار لمحطة عساج في منطقة حوض الأشرف، شاهده أكثر من 200 ألف

كما نشرت عدد من المواقع الإخبارية خبراً أرجعت فيه أسباب الانفجار إلى استهداف محطة وقود في حوض الأشرف بتعز، بطائرة مسيّرة تابعة لجماعة الحوثي

وهو ما توافقت معه السلطات الأمنية في مدينة تعز، حيث نشرت في بيان لها، أن انفجارات عنيفة وقعت في محطة القدسي للمحروقات في منطقة الحوض، نتيجة قصف مباشر نفذته طائرة مسيرة تابعة للحوثيين ما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة وسلسلة انفجارات

وقعت انفجارات عنيفة واشتعل الحريق في منطقة حوض الأشرف شرقي تعز، وتحديداً في عمارة يطلق عليها “سابحة” ثم تسللت النيران إلى عدد من مخازن محطة القدسي وهي مجاورة لمبنى مصدر الانفجارات بنحو  4 أمتار، وذلك عند قرابة الساعة الواحدة و45 دقيقة بعد منتصف ليل الخميس 3 تموز يوليو الماضي، تسببت الانفجارات المتتالية بهلع المواطنين كما تظهره الفيديوهات التي تم التقاطها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي

توفي شخص وأصيب 23 آخرين، بينهم 6 من كوادر الدفاع المدني بالمحافظة، وتضرر 12 منزلاً، و8 مركبات ومحطة وقود، وعدد من المحلات التجارية، وفقاً لبيان شرطة تعز

من خلال تحليل 9 مقاطع فيديوهات مختلفة وثّقت حادثة الانفجارات، يتبين أن الانفجارات كانت لمخزن أسلحة وذخائر، وليست لحريق محطة وقود فقط، وذلك من خلال التحقق من محتوى الفيديوهات، حيث أثبتت ذلك أصوات الانفجارات المتتالية، إلى جانب ظهور شظايا انفجارات كبيرة على مسافة كبيرة في الجو، فضلاً عن وضوح مكان الحريق في مقاطع الفيديو المنتشرة بأنه في العمارة وليس في المحطة

من خلال تحليل 9 مقاطع فيديوهات مختلفة وثّقت حادثة الانفجارات، يتبين أن الانفجارات كانت لمخزن أسلحة وذخائر، وليست لحريق محطة وقود فقط، وذلك من خلال التحقق من محتوى الفيديوهات، حيث أثبتت ذلك أصوات الانفجارات المتتالية، إلى جانب ظهور شظايا انفجارات كبيرة على مسافة كبيرة في الجو، فضلاً عن وضوح مكان الحريق في مقاطع الفيديو المنتشرة بأنه في العمارة وليس في المحطة

فيديوهات توثق لحظة الانفجارات: (فيديو1، فيديو2، فيديو3، فيديو4، فيديو5، فيديو6، فيديو7، فيديو8، فيديو9 )

عند تحليل محتوى هذه الفيديوهات، نجد أن أصوات انفجارات الذخيرة متطابقة إلى حد كبير في غالبية الفيديوهات، حيث تظهر اللقطات الأولى من الفيديو الذي نشره المصور حسام الشرماني، نقلاً عن أحد الأشخاص الذين اقتربوا من مكان الحادثة، أنه لانفجار عنيف تنبعث منه شرر لامعة بكثافة، كما وثق هذا الانفجار من أكثر من زاوية بنفس الوقت

عند البحث عن نوع الانفجار وطريقة انبعاث الشرر اللامعة منه، يتضح أنه لذخائر ثقيلة، فقد حصلنا على فيديو يوثق انفجار مشابه يعود إلى تشرين الثاني نوفمبر 2021، منشور على قناة باليوتيوب تحت عنوان “لحظة انفجار مصنع سلاح بحي الأعناب صنعاء إثر غارات لطيران التحالف”

يتطابق محتوى الانفجار مثل خروج الصوت ونوعه إضافة لانبعاث شرر لامعة مع انفجارات حوض الأشرف بتعز

كما تم العثور على فيديو انفجارات مخزن أسلحة تابع للقوات الحكومية في مدينة مأرب شرقي اليمن في شباط فبراير 2020، بعد قصفه من قبل الحوثيين، وفق ما نشرته حينها وكالة أسوشيتد برس الأمريكية

يقول الخبير العسكري العقيد محسن ناجي، إن القذائف المتفجرة التي تحدث مثل هذه الانفجارات، هي قذائف شديدة الانفجار فهناك عدّة قذائف وعبوات محشوة بكميات كبيرة من مادة السي فور (C- 4)، أو محشوة بشظايا ومادة TNT، يتم استخدامها في الأغراض العسكرية، حتى تلحق أضراراً كبيرة عند انفجارها

ومادة TNT يتم استخدامها في صناعة عدة قذائف للأسلحة الثقيلة مثل مدافع الهاوزر عيار 105ملم، و122ملم، و155ملم

لكن ناجي رجّح أن الانفجارات تبدو لقذائف أو عبوات محشوة بمادة C- 4 شديدة الانفجار، وذلك لأن تأثيرها – كما تظهره الفيديوهات – أكبر من قذائف الهاوزر وتأثيرها أوسع

وللتأكد عن أسباب الانفجارات وتحليل مكان الواقعة أكثر، وثّق مُعد المادة عدداً من شهادات المواطنين المجاورين لمكان وقوع الانفجارات، تطابقت الشهادات بأنهم سمعوا قبل الانفجارات المتتالية صوت قصف، وأنهم باستطاعتهم أن يفرقوا بين أصوات القصف وقت وقوع القذيفة وبين الأصوات الأخرى التي وقعت، ويقول فضل محمد (اسم مستعار): “في البداية سمعنا صوت انفجار قصف، وبعدها حدث انفجار كبير وتتابعت أصوات انفجارات قوية وكثيفة جدا، أشبه بالاشتباكات المسلحة”

تظهر الصورة التي وثّقت آثار الانفجارات في مكان الحادثة، والمنازل المجاورة لها، بأن الانفجارات كانت شديدة ومدمّرة، حيث سقط الطابق للأرض وتدمير كلّي للمنزل من الجهة الخلفية، فيما تدمير شبه كلّي لبعض المنازل المجاورة

تظهر الصورة التي وثّقت آثار الانفجارات في مكان الحادثة، والمنازل المجاورة لها، بأن الانفجارات كانت شديدة ومدمّرة، حيث سقط الطابق للأرض وتدمير كلّي للمنزل من الجهة الخلفية، فيما تدمير شبه كلّي لبعض المنازل المجاورة

وفي اليوم التالي لحادثة الانفجارات نشر خالد طربوش على صفحته بالفيسبوك، صور تظهر بقايا شظايا وقذائف لم تنفجر، وتضرر بسببها الكثير من الألواح الشمسية، موضحاً أنها لأسطح المنازل المجاورة لمكان الانفجار

من بين ضحايا الانفجارات، إيهاب علوان (37عاماً)، والذي تعرض لإصابات بالرأس إثر الانفجارات وتضرر منزله بشكل كبير، دخل على إثرها العناية المركزة، ووفقاً لتقريره الطبي الصادر عن هيئة مستشفى الثورة العام بتعز بتاريخ 9  تموز يوليو 2025، فإن إيهاب “يعاني من إصابة رضحية عالية الطاقة أدت إلى تهشم شديد في عظام الجمجمة، وجزء من الفك العلوي وحجرة العين اليمنى والأنف”، التقرير وصّى بمعالجة علوان في إحدى المراكز المتخصصة بالخارج، ما دفع أصدقاءه وناشطين لتنظيم حملة مطالبات لإنقاذه ونقله خارج البلاد للعلاج

نشرت منصة قصتنا على فيسبوك، فيديو ادعت أنه لانفجار محطة بترول في تعز، تم نشره بعد وقت قصير من وقوع الانفجارات

حصد الفيديو أكثر من 37 ألف مشاهدة، وتفاعل معها أكثر من 740 شخصاً، وأكثر من 50 مشاركة، وعند البحث في صور مأخوذة من الفيديو نجد أنه يعود إلى آيار مايو 2025، عند قصف الطيران الإسرائيلي لمصنع أسمنت باجل في محافظة الحديدة غرب اليمن

سبق حادثة الانفجارات الأخيرة في منطقة حوض الأشرف بمدينة تعز بأيام قليلة، انفجار مخزن ألعاب نارية في شارع الجمهورية وسط المدينة، كما يظهر بالفيديو، وتعليق الناطق الرسمي لشرطة تعز أسامة الشرعبي حول الحادثة

وفي أواخر آيار مايو 2025، شهدت منطقة مفرق ماوية، الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي شرق محافظة تعز، انفجاراً في مخزن أسلحة للحوثيين، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم أطفال ونساء

ويأتي حادث الانفجار في منطقة مفرق ماوية، بعد أيام من وقوع انفجار مستودع أسلحة في 22 آيار مايو 2025، بمنطقة صرف شرقي صنعاء، نتيجة انفجار مستودع أسلحة تابع لجماعة الحوثي

ووفقاً للمركز الأمريكي للعدالة (ACJ) فإن الانفجار أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 60 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، وتسبب بتدمير ما لا يقل عن عشرة منازل بشكل كامل

تتكرر حوادث انفجارات الأسلحة في اليمن إذ وقع انفجار في أيلول سبتمبر 2024، بمخزن أسلحة تابع للواء 22 ميكا في القوات الحكومية وسط مدينة تعز، تسبب بمقتل شخص وإصابة ستة آخرين

تظهر اللقطات التي وثقت الانفجار حينها تطاير القذائف والصواريخ قصيرة المدى، أن الانفجار وقع في إحدى المنازل بحي ساحة الحرية وهو مشابه لما حدث في انفجار حوض الأشرف وسط المنازل السكنية، أي أنه نتيجة تخزين الأسلحة والذخائر بدون إجراءات السلامة وسط الأحياء السكنية

أنتجت هذه المادة ضمن مشروع “دعم الإعلام في اليمن” الذي ينفذه مرصد الحريات الإعلامية التابع لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، وبتمويل من الخارجية الهولندية

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير