بالخيط والمسامير.. قصة يمني مع فن “الفيلوغرافيا”

منذ 3 سنوات

صنعاء – فاطمة العنسيلطالما ألفنا مشاهدة اللوحات المرسومة بالفرشاة والألوان، أو حتى بالورقة والقلم، لكن أن تقفز الهواية نحو اللامألوف فهنا يكمن الإبداع

بالمسامير والخيط أوجد الشاب اليمني مهيب عبده طريقة أخرى يعبر فيها عن حبه وشغفه بالرسم، ليكون أول يمني يبدع في “فن الفيلوغرافيا”

ويعرف فن الفيلوغرافيا بأنه فن شعاع الخيط أو الرسم بالخيوط والمسامير، يقوم على رسم لوحات اعتمادًا على خيوط ومسامير، يتم تثبيت المسامير على اللوح وفق شكل معين، ثم يتم ملء المساحة المحددة بالمسامير بواسطة شعاع من خيط يربط مسمارًا بالمسمار الذي يقابله فتتجلى اللوحة حينما ينتهي توصيل المساحة كليًا بالخيط

يقول مهيب إن فكرة الرسم بالخيط جاءت بالصدفة عندما أراد إهداء شخص عزيز هدية قيمة مصنوعة باليد، كانت الفكرة أن يكتب الاسم بالخيط والمسمار فقط، لكنه تفاجأ عندما بحث عن الأمر ليجده فنًا موجودًا بالفعل، لكنه غريب في اليمن، وبعد اطلاع على فيديوهات أجنبية، وبعد عده محاولات، استطاع أن يرسم بورتريه بحرفية عالية

يُبدع الشاب اليمني مهيب عبده بخيط واحد مستمر، ملفوف حول مئات المسامير في لوحة تتوجه في رسم صور ورسومات وبورتريهات غاية في الجمال، مما دفع المجتمع للطلب منه، لاسيما في المناسبات الشخصية

أما عن الأدوات المستخدمة في ممارسة فن “الفيلوغرافيا”، فهي ثلاث أدوات: الخيط عامة، يصلح خيط التطريز للأعمال المعقدة، بينما يصلح خيط الغزل والخيط الأكثر سمكًا للأعمال الأكبر في الحجم، ثانيًا: الدبابيس، يفضل استخدام الدبابيس ذات الرؤوس الصغيرة؛ لأنها تسمح بانزلاق الورق بسهولة (إذا كنت تستخدم الورق)، بينما قد تضيف الدبابيس الملونة لمسة لطيفة، بخاصة إذا استخدمت أكثر من واحد، ثالثًا: السطح الخشب واللوحات القماشية هما الاختيارات الأساسية، بالإضافة إلى إمكانية استخدام الخشب العاري أو المغطى بالقماش أو اللباد، كما يفيد مهيب

وأشار لـ”المشاهد” إلى أن تصميم لوحة بالمسامير والخيط يمر بمرحلتين: “بدايةً يتم دقّ المسامير، ذات الرؤوس العريضة، على لوح خشبي، ومن ثمّ تبدأ مرحلة رسم الشكل بشدّ الخيط الملوّن، من مسمار إلى آخر، ويفضّل تغليف اللوح الخشبي بقماش غامق لإبراز الألوان والخطوط”

أما حول مدة الوقت الذي يستغرقه في عمل اللوحة، أفاد أنه في حال أراد استكمال الرسمة في أسبوع، تأخذ منه من خمس إلى ست ساعات في اليوم، أما إذا كانت في أسبوعين فتستغرق من ثلاث إلى أربع ساعات يوميًا

جازف مهيب في كسر مخاوفه وتعلم فن الرسم بالخيط والمسامير، عن طريق فيديوهات عبر اليوتيوب، حتى أبدع وتمكن من رسم العديد من اللوحات الفنية، استهلها بصور للمشاهير، لكنه يرفض بشدة بيعها كونها أول إبداعه، كما يقول

ويلفت مهيب، وهو خريج طب أسنان، في حديثه لـ”المشاهد”، إلى أن أهله، لاسيما والده، هم من دعموا موهبته الفريدة، ويتابع: “برغم الوضع الاقتصادي، إلا أنني حرمت نفسي من كثير من الأشياء من أجل توفير متطلبات دراستي وموهبتي، وأمي من تسعى باستمرار أن نكون الأفضل، تحمل عبئًا إضافيًا في خلق جو أسري مريح يدعم إبداعنا، أيضًا لا أنسى إخوتي وأختي الذين أسهموا بشكل كبير في إبراز موهبتي”

تحدي الصعوباتوأما عن الصعوبات التي واجهته خلال عمله في فن الفيلوغرافيا، أوضح مهيب أنها تمثلت في عدم وجود مواد عينية وإمكانيات مادية يتعلم بها، وكونه كان مازال طالبًا، فكان يخجل أن يطلب من والده، بحكم وجود أسرة فيها أفراد آخرون مازالوا كذلك طلابًا، مؤكدًا أن والده كان يؤثر أولاده على نفسه، فكان يسعى بكل جهد أن يدعمهم معنويًا وماديًا من أجل صقل مواهبهم بشرط “الاهتمام بالعلم”

يقول مهيب: “كنت أجد صعوبة في الموازنة بين مواهبي ودراستي الجامعية، وكوني طالب طب كان وقتي مزدحمًا، وقلما أجد وقت فراغ أمارس فيه هواياتي، ولأني وعدت والدي بالاهتمام بدراستي كنت أنقطع خلال الدراسة وأحيانًا أنتظر للإجازات للغوص في بحر الخيط والمسامير”

تختلف أسعار لوحات مهيب الإبداعية بحسب أحجامها والجهد المبذول فيها من إضاءة وأدوات وغيرها، إلا أنه يلفت إلى أن الناس يرونها غالية، لكنها في نظره صنعت بحب، لذا فقيمتها لا شيء أمام رمزها المعنوي أمام الشخص المتلقي”

التعليم ثم الهوايةينصح الدكتور والفنان مهيب الشباب اليمني بأن يهتموا بالتعليم أولًا، ثم الهواية، ويضيف: “العلم والتعليم أولًا، اجعله شيئًا أساسيًا في حياتك، ثم اتبع شغفك واجعل شغفك يتجه اتجاهًا آخر بعيدًا عما ألفته الأعين، خذ الخطوة مستعينًا بالله، طور من مواهبك ومارسها بشكل منتظم، أما في من يقول لا أملك موهبة، لا يوجد إنسان لا يملك موهبة، حاول الغوص في أكثر من موهبة، وعندما تجد ضالتك اربط الوتد وأبدع”

وختم حديثه قائلًا: لدي فكار جديدة وخلابة في ما يتعلق بالرسم بالمسامير، لن أخبر بها الجمهور، سأترك جمهوري يتفاجأ بإبداع الشباب اليمني عندما يقرر

مضيفًا: “لا يوجد شيء اسمه نجاح دون فشل وممارسة وإخفاق، لا يوجد مستحيل، لكن التميز الذي يأتي عقب التعب له مذاق من نوع آخر”

ليصلك كل جديد