بعد إعادة فتحه.. “نقيل الشيم” يهدد الأرواح 

منذ 9 ساعات

الضالع- عبدالرقيب اليعيسي منذ إعادة افتتاح طريق الضالع – صنعاء نهاية مايو الماضي، عادت الحركة التجارية والمسافرين عبر هذا الشريان الحيوي الذي يربط جنوب البلاد بشمالها

 غير أن هذا الافتتاح رافقه سلسلة من الحوادث المرورية، خاصةً في منطقة “نقيل الشيم”؛ نتيجة الازدحام الكبير، والمنحدرات الحادة، والمنعطفات الخطرة

 ويبلغ طول النقيل سبعة كيلومترات، بحسب مدير مكتب الأشغال العامة والطرق بمديرية قعطبة، هاشم السيد

وتداول ناشطون خلال الأسابيع الماضية صورًا مروعةً لحوادث مرورية للشاحنات الثقيلة؛ ما أثار موجةً من القلق لدى المسافرين، وألقى بظلاله على السلامة العامة في الطريق

 يأتي ذلك في ظل غياب الصيانة الفعلية للخط، وافتقار المنطقة إلى التجهيزات اللازمة لمعالجة المخاطر والحد من تكرار الحوادث

في حديثه لـ”المشاهد”، أوضح علي محمد، قائد نقطة “الوسطى الامنية” التابعة للحزام الأمني في “نقيل الشيم” أن الحوادث المرورية في النقيل باتت غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن عدد حوادث القواطر (الشاحنات الثقيلة) قد يتجاوز ثلاث حوادث في بعض الأيام

وبيّن أن النقيل يشهد مرور ما يقارب مئة قاطرة يوميًا، لافتًا إلى أن بعض هذه الشاحنات تحمل حمولاتٍ زائدة يتم احتجازها بعض الوقت في النقطة، والتواصل مع أصحابها من التجار لعدم تحميلها بشكل كبير مرةً أخرى

 وأضاف أن أفراد النقطة يضطرون يوميًا إلى تفريغ برميل ماء لتبريد القواطر خلال صعودها في النقيل؛ نتيجة للضغط الكبير الذي تتعرض له أثناء الصعود

وأكد أن الجنود يبذلون كل جهودهم في تأمين الطريق، والتدخل السريع لإنقاذ المصابين وضمان سلامة البضائع، إلا أنهم يواجهون صعوباتٍ كبيرة بسبب ضعف الإمكانيات، حيث لا يملكون سوى طقمٍ واحد في النقطة، بينما تتطلب الحوادث وجود “ونش” إنقاذ وسيارة إسعاف

 وأشار إلى أنهم سبق وأن طالبوا القيادة بتوفير هذه المعدات، لكنهم حتى الآن لم يتلقوا أي دعم

وأوضح أن عمليات الإنقاذ في حالات السقوط تعتمد على “ونش” خاص يعود لصاحبه ويتنقل بين مناطق المحافظة، ولا يصل إلى النقطة إلا بعد اتصالاتٍ مطولة وساعاتٍ من الانتظار؛ ما يعقّد عملية الإنقاذ ويهدد حياة المصابين

 مؤكدًا أن توفر المعدات اللازمة كان سيسهم في تقليل حجم الكارثة وتدارك الحوادث قبل فوات الأوان

 وأضاف أن بعض الحوادث تتسبب أحيانًا في إغلاق الطريق كليًا؛ ما يدفع الجنود إلى الانتشار على امتداد النقيل لتنظيم حركة المرور، وتنبيه السائقين إلى ضرورة تخفيف السرعة لتفادي وقوع المزيد من الحوادث

كما أن” المنازل المجاورة للنقيل مهددة من انقلاب القواطر، وقد انقلبت قاطرة مؤخرًا وكادت أن تطيح بالمنزل لولا حفظ الله،” بحسب قوله

واختتم بالإشارة إلى أن بعض القواطر، عند مرورها بجانب الجنود، تطلق موجات حرارة شديدة يشعر معها الجنود وكأنهم يتعرضون للاحتراق، في ظل ضعف وسائل الحماية وغياب الدعم الفني

يقع “نقيل الشيم” في مديرية قعطبة، محافظة الضالع، يربط بين مدينة قعطبة ومنطقة مريس، ويعد من أخطر المقاطع الجبلية على الطريق الرابط بين عدن وصنعاء، ويمثل شريانًا حيويًا للمسافرين والبضائع بين المدينتين الرئيسيتين

 يتميز النقيل بارتفاعه الكبير ومنعطفاته الحادة؛ ما جعله يشهد خلال الأسابيع الماضية سلسلةً من الحوادث الخطيرة، خاصةً بعد إعادة فتح طريق الضالع – صنعاء

وبحسب خبراء، فإن الحوادث المتكررة تعود إلى الحمولة الزائدة للقواطر، والمنعطفات الخطرة، واقتصار فتح الطريق في النهار وإغلاقها في الليل؛ ما جعل النهار يشهد إزدحامًا كبيرًا للقواطر، إضافةً إلى غياب وسائل الإنقاذ والصيانة الأساسية

 ويقول الناشط المجتمعي يحيى المريسي، أحد أبناء المنطقة، إن نقيل الشيم بات يشهد حوادث متكررة ومقلقة، بعد إعادة فتحه، بعضها مأساوي مخلفًا ضحايا

وأوضح لـ”المشاهد” أن الطريق يفتقر لأبسط وسائل السلامة، كالحواجز الخرسانية والإشارات التحذيرية، إلى جانب الانحدارات الحادة والمنعطفات الخطرة؛ مما يجعل النقيل غير آمن، خاصةً مع تهور بعض السائقين

وأشار إلى أن الأهالي يعيشون في قلقٍ دائم، مطالبًا الجهات المختصة بإجراء دراسة عاجلة للطريق، وتركيب حواجز، ونشر لافتاتٍ تحذيرية، وتكثيف الرقابة على الشاحنات، إلى جانب حملات توعية للسائقين

واختتم المريسي بأمله في أن يكون هناك تحرك جاد قبل أن نخسر أرواحًا في حوادث النقيل، ونحن مستعدون للتعاون في كل ما يسهم بتأمين الطريق، لافتًا إلى إنه يسعى حاليًا على نشر لافتاتٍ في المنعطفات على نفقة بعض التجار”

ويعبر عدد من سائقي النقل الجماعي والمتنقلين بشكل يومي بين مدينة قعطبة ومنطقة مريس عن مخاوفهم المتزايدة منذ افتتاح الطريق الجديد، الذي يمر عبر نقيل الشيم؛ بسبب ما وصفوه بـ”الخطر الدائم” الذي يهدد حياتهم

هيثم الشعباني، سائق حافلة خاصة، يعمل بنقل الركاب بين قعطبة ومنطقة الجبارة بمريس، تحدث لـ”المشاهد” قائلًا: “الخط يشهد ازدحامًا شديدًا في منطقة النقيل؛ مما يشكّل خطرًا كبيرًا على حياة السائقين والركاب بشكل يومي”

وأوضح أن الطريق ضيّق للغاية، ولا يتسع لمرور المركبات في حال انقلاب شاحنة محمّلة؛ وهو ما يؤدي غالبًا إلى إغلاق الطريق بالكامل

وأضاف: “المنعطفات ضيّقة، وتجاوز الشاحنات في النقيل صعب جدًا، والأسوأ أن البقاء خلف الشاحنات أثناء الصعود يشكل خطرًا بالغًا، لأن بعضها قد يتعطل أو يعجز عن الاستمرار، فتتراجع فجأة للخلف؛ مما يعرض من خلفها للخطر”

وأشار الشعباني إلى أن الخطر لا يقتصر على الشاحنات فقط، بل يشمل المركبات والدراجات النارية التي تسير بسرعات عالية، وخاصةً تلك التي يقودها “مقاوتة” (باعة القات) من أبناء مريس المتجهين إلى سناح لبيع القات، مؤكدًا أن حوادثهم غالبًا ما تكون مروعة بسبب تهورهم وسرعتهم

المهندس المدني علي عبده الشوكي وهو من أهالي قعطبة، دعا في تصريحٍ خاص لـ”المشاهد”، إلى ضرورة النزول الميداني العاجل إلى طريق نقيل الشيم، وتحديدًا إلى المواقع التي تتكرر فيها الحوادث، من أجل دراسة أسبابها الفنية بدقةٍ ووضع المعالجات المناسبة بالتنسيق مع الجهات المختصة، وعلى رأسها مكتب الأشغال العامة

وأوضح الشوكي أن “الطريق يعاني من مشكلاتٍ هندسية متعددة، أبرزها ضيق نصف قطر الانحناء في بعض المنحنيات، وغياب الميول الداخلية في بعضها الآخر، وهو ما يؤدي إلى توليد قوة طاردة مركزية أثناء مرور المركبات، خاصةً في حالات السرعة، تدفعها خارج المسار”

وأضاف: “في مثل هذه الحالات، من المفترض أن يتم رفع الطرف الخارجي للطريق عن الطرف الداخلي بميول مدروسة –قد تصل إلى 40 سم– لتقليل تأثير القوة الطاردة، ومنع انزلاق المركبات عند الدوران في المنحنى، خصوصًا في الطرق الجبلية مثل نقيل الشيم”

وأكد الشوكي أن “مجرد الكتابة أو النقد لا يكفي”، مشددًا على أهمية التحري الميداني والاحتكاك بالواقع ووضع الحلول السريعة للمشكلة

وأشار كذلك إلى أن من بين الأسباب الجوهرية للحوادث تهاون بعض سائقي القاطرات في الالتزام بالحمولة المحددة

وتابع: “الكثير من القاطرات مصممة لحمل 20 طنًا، لكن البعض يتجاوز هذا الحد ليصل إلى أكثر من 40 طنًا؛ ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على المركبة، خاصةً في المنحدرات أو عند الانعطاف”

واختتم المهندس الشوكي تصريحه بالتأكيد على أن “المعالجة لا يجب أن تكون جزئية أو سطحية، بل يجب أن تشمل تحسين البنية الهندسية للطريق، وتكثيف الرقابة على الحمولات، وتوعية السائقين بمخاطر التهور والسرعة الزائدة، حتى لا تبقى أرواح الناس مهددة على هذا الطريق الحيوي”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير