بعد ثلاث سنوات من تشكيله.. ماذا حقق المجلس الرئاسي؟

منذ 2 أشهر

تعز – رهيب هائل مرّت ثلاث سنوات على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني في الـ7 أبريل عام 2022

واجه خلالها تساؤلات حول أدائه وقدرته على تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، وفي مقدمتها إنهاء الحرب وتوحيد القوى الوطنية

وجاء تشكيل المجلس كمحاولة لكسر الجمود السياسي وإعادة ضبط المشهد العسكري والأمني، بعد سنوات من الصراع والانقسام

وضم المجلس ثمانية أعضاء يمثلون مكونات سياسية وعسكرية من مختلف مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا

وتسلّم المجلس كامل الصلاحيات التنفيذية خلفًا للرئيس عبدربه منصور هادي، الذي انتخب في فبراير عام 2021

وتمثلت أهداف المجلس في استعادة الدولة، وإنهاء السيطرة الحوثية على مؤسسات الدولة، وتحقيق إصلاحات اقتصادية

لكن الواقع بعد ثلاث سنوات يكشف عن حصيلة مثيرة للجدل

فهناك من يرى فشل المجلس في مختلف الملفات، وآخرون يعتقدون بوجود جهود ونجاحات لم تكتمل بعد

يقول المحلل السياسي أحمد هزاع، “إن المجلس الرئاسي فشل فشلًا ذريعًا في الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية

وأضاف لـ”المشاهد”: “في الجانب العسكري، لم تتقدم القوات الحكومية شبرًا واحدًا منذ إسقاط الرئيس هادي، حد وصفه

بل حدثت تنازلات لصالح الحوثيين في مناطق الساحل الغربي بمحافظة الحديدة، وفي محافظة مأرب

كما أن القوات الحكومية تكتفي الآن بصدّ الهجمات دون أي تقدم في الجبهات”

وأوضح هزاع أن “القيادات العسكرية المحسوبة على المجلس الرئاسي، مثل طارق صالح وعيدروس الزبيدي، لم تنخرط تحت مظلة وزارة الدفاع”

مشيرًا إلى أن “القوات التي تديرها الإمارات أو السعودية يتقاضى أفرادها رواتب تقارب 1000 ريال سعودي شهريًا

بينما يتقاضى الجندي التابع للحكومة اليمنية راتبًا بالريال اليمني يعادل 100 ريال سعودي

ما يعكس مفارقات عجيبة حوّلت المجلس إلى ما يشبه حصان طروادة”

هزاع: المجلس الرئاسي فشل فشلًا ذريعًا في الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، ففي الجانب العسكري، لم تتقدم القوات الحكومية شبرًا واحدًا منذ إسقاط الرئيس هادي، بل حدثت تنازلات لصالح الحوثيين في مناطق الساحل الغربي بمحافظة الحديدة، وفي محافظة مأرب، كما أن القوات الحكومية تكتفي الآن بصدّ الهجمات دون أي تقدم في الجبهاتفي المقابل، يرى أستاذ التحليل السياسي بجامعة تعز، الدكتور عبدالقادر الخلي، أن “المجلس حقق بعض النجاحات

وسعى إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، ودمج المكونات المتنوعة (القوات الحكومية، قوات العمالقة، المقاومة الجنوبية، وغيرها) في منظومة واحدة

لكن التقدم ظل محدودًا نتيجة غياب الثقة بين الفصائل، وارتباط بعضها بأجندات إقليمية متباينة”

ويضيف لـ”المشاهد”: “مع استمرار الهدنة غير الرسمية، شهدت الجبهات نوعًا من الجمود، خاصة في مأرب وتعز والضالع

ما قلّص من قدرة المجلس على المبادرة ميدانيًا؛ ومع ذلك، تُحسب له بعض النجاحات الأخرى

مثل إعادة تفعيل بعض الألوية وتطوير قوات مكافحة الإرهاب، خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية”

على الصعيد السياسي، يقول الخلي: “تحرك المجلس على مسارين: التفاوض مع الحوثيين، ومحاولة توحيد القوى المناهضة لهم تحت مظلة واحدة

ويتابع: في الملف التفاوضي، دعم المجلس جهود المبعوث الأممي والمبادرات الإقليمية

وشارك في مفاوضات غير مباشرة في سلطنة عُمان، أسفرت عن تبادل أسرى واتفاقات تهدئة مؤقتة

لكن غياب استراتيجية واضحة وصعوبة فرض النفوذ على الأرض حدّا من تأثيره الحقيقي”

الخلي: المجلس حقق بعض النجاحات، وسعى لهيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، ودمج المكونات المتنوعة (القوات الحكومية، قوات العمالقة، المقاومة الجنوبية، وغيرها) في منظومة واحدة، والتفاوض مع الحوثيين، وحاول توحيد القوى المناهضة للحوثيين تحت مظلة واحدة، ودعم المجلس جهود المبعوث الأممي والمبادرات الإقليمية، وشارك في مفاوضات غير مباشرة في سلطنة عُمان، أسفرت عن تبادل أسرى واتفاقات تهدئة مؤقتةوأردف: “داخليًا، حاول المجلس جمع المكونات السياسية، من أحزاب تقليدية ومجالس محلية، مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ضمن رؤية وطنية موحدة

لكن الصراعات بين الشركاء، خصوصًا بين الانتقالي والحكومة، أعاقت التقدم وأثرت سلبًا على مؤسسات الدولة”

بدوره، يرى هزاع أن “قرار الحكومة اليمنية غائب تمامًا، ولم تقدم أي مبادرة سواءً على الصعيد السياسي أو العسكري

رغم التدخلات الأمريكية الأخيرة والتجاذبات المستمرة والعقوبات على الحوثيين”

ويضيف: “الفرقة والتشتت في المجلس الرئاسي، وعدم عقد اجتماعات مباشرة بين أعضائه، يؤكد وجود خلافات عميقة، وغياب الانسجام بين القيادات”

يواصل: الانتقالي مازال يفرض سيطرته على بعض المحافظات الجنوبية، ويحاول اقتحام محافظة حضرموت، وسط استمرار الخلافات مع حلف قبائل حضرموت

كما أن هناك تصعيدًا يطالب بحكم ذاتي لحضرموت، ما يوضح فشل المجلس في إدارة الوضع السياسي”

يقول هزاع: “في مارس 2022، كان سعر صرف الريال اليمني أمام الريال السعودي 320 ريالًا

أما الآن فقد تجاوز 600 ريال، وسط غياب تام لأي حلول اقتصادية

مشيرًا إلى أن “المحافظات الجنوبية لا تزال تعاني من انقطاع الكهرباء، وتعليق التعليم، وعدم صرف رواتب الموظفين

في ظل غياب الدولة ومؤسساتها الخدمية”

وتابع هزاع: “كان الحديث عن تغيير الرئيس عبدربه منصور هادي مرتبطًا بإيجاد حلول سياسية وعسكرية واقتصادية

لكن حتى الآن لا توجد أي بوادر حقيقية على الأرض

ويستطرد: كل هذه المعطيات تعكس فشلًا واضحًا في أداء القيادات، وتأثيرها على المؤسسات

ما يجعل المجلس الرئاسي عاجزًا عن تقديم أي رؤية أو إنجازات تُشعر اليمنيين بالتفاؤل”

هزاع: اقتصاديًا

كان سعر صرف الريال اليمني أمام الريال السعودي في مارس 2055، نحو 320 ريالًا

أما الآن فقد تجاوز 600 ريال، وسط غياب تام لأي حلول اقتصادية، كما أن “المحافظات الجنوبية لا تزال تعاني من انقطاع الكهرباء، وتعليق التعليم، وعدم صرف رواتب الموظفينفي المقابل، يرى الخلي أن “الملف الاقتصادي هو الأكثر حساسية

وواجه المجلس أزمة اقتصادية خانقة تمثلت في انهيار العملة

وتوقف تصدير النفط بسبب هجمات الحوثيين، وتراجع الدعم الخارجي”

ويضيف: “رغم بعض الجهود لتحسين الإيرادات وتعزيز دور البنك المركزي، إلا أن النتائج بقيت محدودة

في ظل غياب سياسات اقتصادية موحدة، وتعدد مراكز القرار المالي

موضحًا: “المجلس نجح نسبيًا في تأمين بعض الدعم السعودي والإماراتي، لكن ذلك لم يكن كافيًا لإنعاش الاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين”

يتوقع الدكتور الخلي “أن مستقبل المجلس الرئاسي مرهون بعدة عوامل رئيسية

أولها تحقيق توافق داخلي حقيقي بين مكوناته، خصوصًا مع اقتراب استحقاقات التسوية السياسية

وثانيها استعادة زمام المبادرة التفاوضية، ودعم مسار سلام شامل يضمن شراكة عادلة في السلطة والثروة”

وثالث تلك العوانل بحسب الخلي، تنفيذ إصلاحات اقتصادية واقعية تعتمد على مؤسسات الدولة لا على الهبات

ورابعها تفعيل أداء المؤسسات الرقابية والقضائية للحد من الفساد وتعزيز ثقة الشارع

وقال الخلي: “إذا تمكن المجلس من تجاوز أزماته الداخلية واستثمار التوازنات الإقليمية، فقد يكون له دور محوري بالمرحلة الانتقالية القادمة

أما إذا استمر في حالة الضعف والتجاذب، فقد يتجاوزه الزمن وتتشكل بدائل أخرى على الأرض”

وواصل: “ثلاث سنوات من عمر مجلس القيادة الرئاسي كشفت عن عمق التحديات التي تواجه الدولة اليمنية

وتعقيد المشهد المحلي والإقليمي، ولا يمكن إنكار بعض الإنجازات، لكن الواقع يتطلب تحركًا أكثر فاعلية وحزمًا

إن أراد المجلس أن يبقى فاعلًا في رسم مستقبل اليمن”

بينما يختتم هزاع حديثه باقتناعه بعدم وجود أي تصور مستقبلي واضح للمجلس الرئاسي

وذلك بسبب انعدام الثقة فيه، والفشل الذريع الذي رافق عمله خلال السنوات الثلاث الماضية”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير