بلال الطيب : كيف غدر الزايدي والغادر بالجمهورية؟

منذ 18 ساعات

بلال الطيب المشايخ المُتحولون، انتكاسة كُبرى اعترضت مَسار الثورة السبتمبرية المجيدة؛ ولولاهم ما استمر مخاضها لثمان سنوات، جمهوريون في النهار، ملكيون في الليل، وحين افتضح أمرهم؛ قاتلوا في صف من يدفع أكثر

تحريض بريطانيكَانت عَلاقة الإنجليز بالإمام أحمد - أواخر خمسينيات القرن الفائت - مُتوترة، وقد شَهِدتْ مَنطقة الضالع مُواجهات مُتقطعة بين الجانبين فبراير 1957م

وذكر المُؤرخ سلطان ناجي أنَّ القوات الإمامـية قامت - هناك - بَأكثر من خمسين حَادثة، وأنَّ المُواجهات - بين الجانبين - انتقلت إلى بيحان يونيو 1957م؛ وأنَّ كثيرًا من الثُوار الجَنوبيين فـي المحميات المُجاورة تَشجعوا - بَفعل ذلك - على التمرد والثورة

ولتعزيز موقفهم، استغل الإنجليز خلافات أسـرة بيت حميد الدين على ولاية العهد، وأوعزوا لحاكم بيحان الأمير حسين بن أحمد الهَبيلـي أنْ يتواصل مع مَشايخ دهم وجهم وعبيدة والجدعان، المُوالين - أصلًا - للأمير الحسن بن الإمام يحيى، وقام عدد منهم بزيارته، وحصلوا منه على أسلحة، وقاموا فور عودتهم إلى مَناطقهم بالتمرد على الإمام أحمد

ففـي الجوف قامت مجاميع قبلية من دهم بمحاصـرة مدينة الحزم، وفـي صـرواح قام أفراد من قبيلة جهم تحت قيادة الشيخ أحمد بن علـي الزايدي بالاعتداء على المركز الحكومـي 20 سبتمبر 1957م، وطرد العامل، والحامية العسكرية

وشهدت منطقتا الجدعان وعبيدة حوادث مُشابهة

قَدَّمَ المقدم عبد الله جزيلان خُلاصة ذلك المشهد بقوله: «قام الشيخ ناجي بن علـي الغادر والشيخ الزايدي بحركة تمرد فـي كلٍ من مأرب، والجوف

وأظن أنَّ الإنجليز كانوا هم المُحركون لهذا التمرد، كوسيلة للضغط على الإمام

»

فور سماعه بذلك، عقد الأمير محمد البدر مجلس حرب، حضـره عددٌ من القادة العسكريين، وأشـرف بنفسه على تسيير حملتين عسكريتين، واحدة إلى صـرواح، تحت قيادة القاضـي محـمد عبد الله الشامـي، وأخرى إلى الجوف ومأرب، تحت قيادة عامل عمران إسماعيل بن حسين المدانـي، ورَافق بنفسه الحملة الأخيرة إلى ذيبين، وجعل من مدينة ريدة مَقرًا له

كان المُقدم عبد الله جزيلان مُشاركًا فـي حملة الجوف - مأرب، وقد أفاد أنَّ القبائل المُحاصـرة لمدينة الحزم انسحبت فور وصولهم، وأنَّ الأسلحة الحديثة كان لها الدور الأبرز فـي ذلك، وأضاف: أنَّهم تحركوا فـي اليوم التالـي صوب مأرب، وأنَّهم لم يجدوا من قبيلة عبيدة أي مقاومة، باستثـناء شخصيـن قـــامــا بالتقطـع للحملة، ثـم ما لبثا أنْ سلما نفسيهما

وخلافًا لذلك، أشارت تقارير إنجليزية أنَّ الأمير محمد البدر خَسـر من أفراد هذه الحملة حوالي 50 فردًا، وأنَّه جَرَّد القبائل المُتمردة من أسلحتها، واقتاد معه أسـرى ورهائن

وفـي الجانب الآخر، كان الشيخ سنان أبو لحوم مُشاركًا فـي حَملة صـرواح، وأفاد أنَّ حوالي 1,000 مُقاتل خولانـي انضموا إلى تلك الحملة، وأنَّهم وصلوا جميعًا إلى مشارف صـرواح، مُعززين بالأسلحة الروسية الحديثة، وأنَّ تلك المنطقة شهدت مُواجهات متقطعة، سقط فـيها قتلى وجرحى من الجانبين، وأنَّ موقف قبيلة جهم ضعف بعد وصول حملة المداني إلى مأرب، وأنَّ الشيخ أحمد الزايدي هرب إلى بيحان، وأنَّ مشكلة الجدعان ثم عبيدة تم حلها وديًا

لم يذكر الشيخ سنان أنَّ الشيخ ناجـي الغادر كان من قادة ذلك التمرد، واكتفى بالقول إنَّه بعد عودته من صـرواح إلى صنعاء، راجع على خروج الشيخ المذكور من السجن، وذلك بالتزامن مع وصول الشيخ أحمد الزايدي ومجاميع من قبيلة جهم إلى ذات المدينة مُعتذرين، وأضاف فـي موضع آخر: «وكان الغادر قد خرج من الحبس، وبدأ الخلاف معه حول الحسن

»

فوضى حسنيةلم تعد صُورة الإمام أحمد بعد إخماده لحَركة مارس 1955م كما كانت، تَحول فـي نَظر كثير من المُفتونين به من بَطل أسطوري إلى سَفاح سادي؛ وعَصفت به - تبعًا لذلك - الأمراض النفسية، والجسدية، وقام بعد أنْ حَسَّنَ عَلاقته بالرئيس المصـري جمال عبد الناصـر، وبعد أنْ هادن الإنجليز فـي الجنوب، قام بالتوجه إلى رُوما للعلاج

ما أنْ غَادر مدينة تعز، ومعه حاشيته وحشد كبير من الرهائن 16 أبريل 1959م، حتى شَهدت مدينة البيضاء، ثم صنعاء، ثم تعز، ثم الحديدة، تمردات عسكرية قام بها عددٌ من أفراد الجيش النظامـي، حيث قَاموا بإحراق ومُحاصـرة مَنازل بعض المسؤولين الإماميين، وكان للأمير الحسن بن الإمام يحيى المُبعد حينها فـي نيويورك، والغاضب من حرمانه من ولاية العهد، يد فـي ذلك، وبتوصيف أدق فـي بعض تلك الحوادث

وفي مدينة تعز، أراد جنود غاضبين تحت قيادة الملازم شـرف حسين المرونـي، اقتحام منزل القاضـي أحمد محسن الجبري بالقوة 12 يونيو 1959م، والقبض على أخيه القاضـي علـي الّذي تشاجر صبيحة ذلك اليوم مع أحد الجنود، وذلك بعد أنْ اتهمه الأخير بإجازة زواج زوجته من شخص آخر، قبل أنْ يُطلقها! وقد أسفرت تلك المُواجهات عن قتل ستة جنود، وقتل القاضـي أحمد بعد أنْ أعلن استسلامه، وقتل أخيه علـي المُتسبب بتلك المُشكلة

وبما أنَّ الأخوين القتيلين ينتميان لقبيلة خولان البكيلية، المُوالية للأمير الحسن، فقد تَداعى أبناء تلك القبيلة للثأر، وطالبوا الأمير محمد البدر بتسـريح الجيش، ووعدوا بدعمه بـ 10,000 مُقاتل، إنْ هو فعل

عمل البدر على إرضائهم، وأعطاهم - بعد أنْ توافدوا إلى مقر إقامته فـي مدينة صنعاء - الكثير من الأموال 25 يونيو 1959م

حين بدأ خوف الأمير محمد البدر يَزداد من بعض فصائل الجيش المُتمردة، ومن القبائــل البكيلية الوافدة، المُناصـرة - أصلًا - لعمه الأمير الحسن، وشَعر أنَّ الموقف سيخرج عن سيطرته؛ راسل عددًا من مشايخ قبيلة حاشد المواليين له، وعلى رأسهم الشيخ الشاب حميد بن حسين الأحمر، طالبًا حضورهم ورعاياهم لنصـرته، ولخلق تَوازن قبلـي داخل المدينة المُهددة

وبالفعل تَوافـد أبناء قبـيــلة حـاشـد، تحت قيـادة الشيخ حميد، وقد قدرتهم إحدى الإحصائيات وأقرانهم من أبناء قبيلة بكيل - إجمالًا - بحوالي 20,000 مُقاتل

استغلوا جميعهم ضُعف الأمير محمد البدر الشديد، وطالبوه بالمزيد من الأموال، وأجبروه بعد أنْ استنفدوا خزينته على الاستدانة من التجار؛ الأمر الّذي أضعفه أكثر، وولَّد أحداثًا ثورية

قيل بأنَّ المجاميع القبلية التي توافدت لنصرة الأمير محمد البدر، رددت وهي في ذروة حماسها، وأثناء دخولها مدينة صنعاء، هذا الزامل:ســــلام يـــا حاشد ويا صُبة بكيلمــن بعــد هـــذا تسمعون أخبارهاإمامنا النـاصر ومن بعــــده حميدسبـــحان مــــن رد العوايد لأهلهاوقيل - أيضًا - بأنَّ هذا الزامل من كلمات الشيخ ناجي بن علي الغادر

وقيل إنَّه من إنشاء بعض أنصار الأمير الحسن ليوقعوا بالشيخ حميد بن حسين الأحمر، ويوغروا صدر الإمام أحمد عليه

وما هو مؤكد أنَّ الشيخ حميد تواصل أثناء مكوثه في مدينة صنعاء مع عدد من المشايخ والأعيان، وقام - بالفعل - بإقناعهم بِضرورة التغيير، واستغلال غياب الإمام أحمد لهذا الغرض

ما أنْ سمع الإمام أحمد بذلك، وبصورة مُبالغ فـيها، حتى آثر العودة من روما، وألقى بعد يومين من وصوله ميناء الحديدة خطابًا مُجلجلًا بثته الإذاعة 12 أغسطس 1959م، أسماه (الصـرخة الكبرى)، قال فـيه: «لن يخيفني أخضـر ولا أحمـر، وهذا الفَرس وهذا الميدان، ومن كذَّب جَرَّب»

هَرب أبناء القبائل من صنعاء مَفزوعين مَذعورين، وسلموا مُعظم ما أخذوه من الأمير محمد البدر، وفوقها رهائن جديدة لتأكيد الطاعة، وذلك بعد أنْ مَارس الإمام أحمد فـي حَقهم جَرائم حرب شنيعة

وإلى بيحان ثم عدن، توجه الشيخ سنان أبو لحوم، والشيخ ناجي الغادر، والشيخ أحمد بن علـي الزايدي، والشيخ علـي بن علـي الرويشان، وغيرهم

كما قام الإمام أحمد بتوجيه حملة عسكرية إلى قبيلة خولان تحت قيادة محمد بن حسين الضمين (أمير الجيش الدفاعـي) - بداية أبريل 1960م

وكان أبناء تلك القبيلة - كما أفاد العقيد عبد القادر الخطري - قد استعدوا لمُواجهة تلك الحملة جيدًا؛ استغلوا مُطالبة الإمام لهم بإلقاء القبض على المشايخ المتورطين بالأحداث السابق ذكرها، وقاموا بعد هروب أولئك المشايخ إلى عدن بأخذ احتياطاتهم، ومنعوا تلك الحملة من التوغل فـي مَضارب قبيلتهم، وأجبروها بعد مرور أكثر من شهر على العودة إلى صنعاء

وقد كان لطبيعة منطقتهم الجغرافـية أثره البارز فـي انتصارهــــم ذاك؛ فطريق المُـرور إلى تلك المنطقة يقع فـي مضيـق بين جبليـن، وهو الطريق الّذي أنهك القوات الجمهورية المُشتـركة (اليمنـية - المصـرية) فـيما بعد

كانت رواية الشيخ سنان أبو لحوم لتلك الحادثة أكثر مِصداقية، فقد وصلته أثناء إقامته فـي مدينة عدن رسالة من شخص يُدعى (الحمانـي)، أخبره فـيها بتوقف الحرب فـي خولان، وقبول أبناء تلك القبيلة بالخطاط، وذلك بعد حدوث مُواجهات فـي منطقة السهمان، وسقوط قتلى، وأنَّ القوات الإمامية توجهت إلى بيت الشيخ الغادر، وأخربت منزل الشيخ علـي بن علـي الرويشان، وآخرين

وإكمالًا لتفاصيل ذلك المشهد، قال أحمد منصور أبو أصبع: «أما البيوت الّتـي هدمت فـي خولان بأوامر أمير الجيش وقائد الحملة عبد القادر أبو طالب فهي: بيوت عبدالوهاب دويد، وأحمد صالح دويد، والشيخ أحمد حسن النينـي، ويحيى علي القاضـي، وأخيه أحمد حسين القاضـي، وناجـي علــي الغادر، وبيت صالح حسين الحمانـي»

أدت ردة الفعل الانتقامية الإمامـية تجاه قادة تلك الانتفاضة القبلية المنسية إلى تنامـي الغضب الشعبـي، وفـي ذروة ذلك الغضب قام بعض المشايخ الهاربين فـي عدن - وعلى رأسهم الشيخ سنان أبو لحوم - بإرسال بعض الموالين لهم إلى الداخل اليمنـي، لتفجير عدد من المَراكز الحكومية، ومَنازل بعض المسئولين الإماميين

كمائن إماميةكانت لحظة استشهاد الملازم علي عبدالمغني، بكمين إمامي غادر، كانت انتكاسة كُبرى في مسار الجمهورية الوليدة؛ لما يمثله ذلك القائد الفذ من رمزية فريدة، وللثأر له، ولصد الهجوم الإمامي، أرسلت القيادة - بعد مرور ستة أيام من استشهاده - بمجموعة من كتيبة الصاعقة المصرية (سرية)، تحت قيادة المقدم أحمد عبدالله، مسنودة بقواتٍ جمهورية 14 أكتوبر 1962م، ومُنيت هي الأخرى - وعلى مشارف مأرب - بهزيمة قاسية، ودخلت بعد انسحابها إلى صرواح تحت دائرة الحصار الإمامي؛ الأمر الذي جعل القيادة تُرسل بحملة ثالثة 23 أكتوبر 1962م

سَبق إرسال الحملة الثالثة - بأكثر من عشرة أيام - انضمام شيخ خولان ناجي بن علي الغادر، وشيخ جهم أحمد بن علي الزايدي للصف الجمهوري، وقامت القيادة فور وصولهما صنعاء بإعطائهما أموالًا وأسلحة (قدر النقيب يحيى مصلح تلك الأسلحة بحوالي 300 بندقية)، وكلفتهما ورعاياهما من أبناء خولان بالانضمام لتلك الحملة، وهي الحملة التي تم تعزيزها ببعض الضباط، و150 فردًا من جنود الصاعقة المصرية (كتيبة) بقيادة النقيب نبيل الوقاد، وأربع دبابات، وقيل اثنتان، وخمس عربات مُدرعة، واثنين مدافع 100 مم ذاتي الحركة

وقد كان لخروج وزير المعارف القاضي محمد محمود الزبيري على رأسها، أثره البالغ في كسب ولاء القبائل، وقد حظي بالاستقبال الجيد، والضيافة المُعتبرة، وقام فور وصوله منطقة جحانة بتوزيع 4,000 بندقية على أفراد من قبيلة خولان؛ وهي الجزئية التي عَدَّها النقيب يحيى مصلح مهدي من الأخطاء الكارثية؛ كون ذلك السلاح وجه فيما بعد إلى صُدور القوات الجمهورية

وفي المقابل، هناك من قال إنَّ القاضي الزبيري نَجح في مهمته، إلا أنَّ توجيهات عليا حالت دون إكمالها؛ فما كان منه إلا أنْ عاد من صِرواح إلى صنعاء، في حين تولى الملازم محمد محسن الشامي قيادة ذلك المحور، فيما أكملت الحملة مَسيرها صوب مأرب، مسنودة هذه المرة بـ 100 مُقاتل من بني ظبيان، في حين نقض الشيخان الغادر والزايدي ما وعدا به، وظلا - كما أفاد يحيى مُصلح - على اتصال بالأمير عبدالله بن الحسن الذي كان مُتواجدًا حينها في قبيلة عبيدة، بضيافة الشيخ ابن مُعيلي

واجهت تلك الحملة انتكاستين مُتتاليتين، الأولى في القرب من باب الضيقة، حيث تعرضت لكمين إمامي غادر، قام به أفرادٌ من قبيلة عبيدة، قُتل فيه النقيب نبيل الوقاد، الذي ظل يُقاتل لعدة ساعات، ولولا تدخل الطيران، وتحديدًا أربع من طائرات الباك، ما استعاد أفراد تلك الحملة تموضعهم في التباب المُجاورة، وفي قلعة صرواح على وجه الخصوص، وللقي مُعظم أفرادها مصرعهم

أما الانتكاسة الثانية، فقد حدثت بعد انسحاب أفراد تلك الحملة إلى قلعة صرواح، حيث افتعل الشيخان الغادر والزايدي خلافًا مدفوع الثمن، بدأ بمطالبة الأخير للقوات المشتركة بمغادرة القلعة، وانتهى بتصويبه بندقيته على موظف اللاسلكي، وقيام أحد الضباط المصريين بالثأر لصاحبه، وتعاظمت تلك الانتكاسة بحدوث مُناوشات محدودة أدت إلى قتل وجرح عدد كبير من الجانبين، وتعاظمت أكثر بنجاة الشيخ الغادر، وخروجه إلى قبيلته مُحرضًا ومُعلنًا الحرب على الجمهورية والمصريين الذين وصفهم بالمُحتلين، وظل رغم ذلك يتواصل مع الأخيرين، موهمهم أنه سينضم للجانب الجمهوري، إلا أنَّ أمره افتضح سريعًا، ولكن بعد أن أغدقوا عليه الكثير من الأموال

ومات مَغدورًا بهبانقطاع الدعم السعودي عن الجانب الإمامي؛ تَخلى المُرتزقة الأجانب عن هذا المعسكر، وقام الفريق قاسم مُنصر أحد أبرز القادة الميدانيين بالانضمام للجانب الآخر 5 نوفمبر 1968م؛ بعد أنْ تعهد له الجمهوريون بتحسين وضعه ووضع قواته التي كانت تمثل حينها 35% من إجمالي القوات الإمامية، وقد شبه الرئيس عبد الرحمن الإرياني انضمامه ذاك بإسلام خالد بن الوليد، في حين شبهه جار الله عُمر بإسلام أبي سفيان بن حرب، والطلقاء من بعده، والتوصيف الأخير هو الأقرب للحقيقة

وعلى خِلاف الفريق قاسم منصر، قام الشيخ ناجي بن علي الغادر - وهو في ذروة تذمره - باتهام النظام السعودي - الذي قطع عنه وعن أقرانه الدعم - بالجُبن، وقال - كما جاء في مُذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر - إنَّهم - أي الإماميين - كانوا يُقاتلون دفاعًا عنه، وأنَّ جمال عبدالناصر كان يُريد السعودية لا اليمن؛ الأمر الذي أثار غضب الأمير سلطان بن عبدالعزيز (مسئول الملف اليمني)؛ فقام بِطرده من الاجتماع، ثم من البلد

ورفض بعد المصالحة الوطنية مارس 1970م العودة إلى صنعاء، الاعتراف بالنظام الجمهوري، رغم تعيينه عضوًا في المجلس الوطني، ومضى في غَيه حتى النهاية

وكما كانت نهاية الفريق مُنصر قتيلًا على يد عدد من أبناء قبيلته أواخر عام 1969م، لقي الشيخ الغادر مصرعه في بيحان على يد عساكر جنوبيون بداية عام 1972م، وذلك بعد أنْ استدرجته القيادة الجنوبية ومعه عدد من المشايخ لفخٍ للارتزاق الجديد

وهو - أي الشيخ الغادر - كما عاش خلال السنوات العشر الماضية غادرًا بالجمهورية، مات في تلك اللحظة الفارقة التي أشعلت فتيل الحرب الشطرية الأولى مَغدورًا به

- الصورتان المرفقتان من مجلة (آخر ساعة)، 6 مارس 1963م، أثناء انخداع المصريين بانضمام الشيخ الغادر إلى الصف الجمهوري (غلاف العدد بأول تعليق)

- ملاحظة: الشيخ محمد الزايدي، الذي تم القبض عليه في محافظة المهرة مُؤخرًا، هو ابن الشيخ أحمد بن علي الزايدي المذكور في المقالة