بين الأمن والمعيشة.. تداعيات حظر الدراجات النارية في مأرب

منذ 5 ساعات

مأرب- عدي الدخينيوجد محمد القفش، (33 عامًا) سائق دراجة نارية في مدينة مأرب، نفسه دون أي فرصة عمل بعد صدور قرار حظر الدراجات النارية في المحافظة الواقعة شمال اليمن، نوفمبر الماضي

يقول القفش في حديث مع “المشاهد”: كان عملي في الدراجة النارية مصدر دخل أسرتي الوحيد المكونة من خمسة أطفال، فجاء علينا قرار منع التجوال بالدراجات النارية بالمدينة بمثابة الموت البطيء، خاصةً في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها بسبب استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار العملة المحلية

 تشهد محافظة مأرب منذ سنواتٍ معارك متواصلة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، حيث تسعى الأخيرة للسيطرة على المحافظة الغنية بالثروات النفطية والغازية

وهذا ما دفع الأجهزة الأمنية في مأرب للتوجس من أي محاولاتٍ لإقلاق الوضع الأمني باستخدام الدراجات النارية في عمليات التفجير والاغتيالات؛ ما أدى إلى حظر عمل الدراجات النارية في المدينة

القفش وغيره الكثيرون من سائقي الدراجات النارية فقدوا مصادر رزقهم اليومي الذي كانوا يعتمدون عليه بشكلٍ أساسي كمصدر دخل لتوفير متطلبات الحياة المعيشية لأسرهم في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد

 ويعيش في مأرب نحو 2

1 مليون نازحٍ من إجمالي عدد السكان البالغ 3

2 مليون، بحسب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب

ويضيف القفش: “فقدنا مصدر رزقنا الوحيد الذي كان يوفر قوت أطفالنا وأسرنا، لكننا الآن أصبحنا دون مصدر دخل بعد القرار الذي أصدرته شرطة محافظة مأرب”

بعد أسبوع من صدور قرار حظر الدراجات النارية في مدينة مأرب، عاد القفش خائب الأمل أمام أطفاله وهم ينظرون إليه بكل فرح وسرور آملين منه إحضار بعض الحلويات والفواكه، كما اعتادوا عليه سابقًا

يقول القفش: “عدت إلى المنزل، لم استوعب المشهد والموقف الذي حصل مع أطفالي وهم في غاية الفرح والسرور من عودتي، آملين مني إحضار بعض الحلو والفواكه لهم، كما عودتهم سابقًا عندما كنت أعمل في الدراجة النارية”

ويضيف: “نعيش معاناةً يوميةً لا يمكن وصفها، بعد أن فقدنا مصدر دخلنا، مع استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية؛ نتيجة الانهيار الحاد للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية؛ مما جعل أبسط المتطلبات اليومية عبئًا ثقيلًا على كاهلنا”

محمد القفش، سائق دراجة نارية: “نعيش معاناةً يوميةً لا يمكن وصفها، بعد أن فقدنا مصدر دخلنا، مع استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية؛ نتيجة الانهيار الحاد للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية؛ مما جعل أبسط المتطلبات اليومية عبئًا ثقيلًا على كاهلنا”

وفَقَد الريال اليمني خلال عام واحد (يونيو 2024- يونيو 2025) نحو 50% من قيمته أمام الدولار الأمريكي، بحسب تقرير سابق لـ”المشاهد” نشر مطلع يونيو الجاري

وارتفع سعر صرف الدولار أمام الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة من نحو 1,700 ريالٍ في يونيو 2024 إلى أكثر من 2,700 ريال نهاية يونيو 2025

وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة اليونيسيف في بيان مشترك نشر في 21 يونيو الجاري من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة حكومة مجلس القيادة الرئاسي التي تشمل مأرب، تعز والمحافظات الجنوبية

وبحسب البيان فإن حوالي 4

95 مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي

يقول القفش: أصبحت القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية، مثل الزيت، الأرز، الحليب، والخضروات حلمًا بعيد المنال علينا”

من جانبه، يقول بدر فؤاد، سائق دراجة نارية في محافظة مأرب لـ “المشاهد” إن “قرار حظر الدراجات النارية في مدينة مأرب ظالم بالنسبة لنا نحن كسائقي دراجات نعمل بأجور يومية نتقاضى منها مبلغ مالي بسيط من أجل توفير القوت اليومي”

ويضيف: “كانت الدراجة هي مصدر رزقي ورزق أطفالي الوحيد، أما الآن فقد أصبحتُ بلا عمل، كنتُ في السابق أستطيع توفير القليل من الدقيق والمتطلبات الأساسية الأخرى، لكن الآن من أين سأوفر ذلك وأنا بلا عمل”

وفي رسالةٍ جماعيةٍ إلى موقع “المشاهد”، طالب العشرات من سائقي الدراجات النارية الجهات المعنية باتخاذ إجراءاتٍ عاجلة لإعادة السماح لهم بالعمل، من أجل استعادة مصدر دخلهم وتلبية احتياجات أسرهم

هكذا عبّر سائقو الدراجات النارية في مدينة مأرب عن استيائهم من قرار حظر استخدام الدراجات النارية، الذي أثّر سلبًا على حياتهم اليومية وأفقدهم مصدر دخلهم الوحيد لأسرهم

أمام شكوى سائقي الدراجات النارية ضد قرار حظر استخدامها، يقول عبدالرحمن حمزة، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في شرطة مأرب لـ”المشاهد” إن قرار حظر الدراجات النارية جاء استنادًا إلى سوابق أمنية خطيرة شهدتها المحافظة، وأن الأجهزة الأمنية تمكنت في عدة وقائع من ضبط قنابل وعبوات ناسفة، وإحباط محاولات اغتيال مخططة، بالإضافة إلى الكشف عن مخططاتٍ تخريبية واختطافات؛ مما استدعى اتخاذ هذا القرار للحفاظ على أمن واستقرار المحافظة”

وأضاف حمزة أن “السبب الرئيسي وراء حظر استخدام الدراجات النارية، هو استغلالها في تنفيذ أعمالٍ تخريبيةٍ داخل المدينة من قبل العدو؛ مما يهدد الأمن العام في المحافظة”

عبدالرحمن حمزة، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في شرطة مأرب “السبب الرئيسي وراء حظر استخدام الدراجات النارية، هو استغلالها في تنفيذ أعمالٍ تخريبيةٍ داخل المدينة من قبل العدو؛ مما يهدد الأمن العام في المحافظة”

وأشار إلى أن عدم التزام سائقي الدراجات النارية باللوائح والضوابط والمسارات المحددة، وعدم وضع نقابة تمنع دخول أي دراجة نارية حيز العمل إلا بتصريحٍ يخضع لمعايير الأمان والسلامة؛ كل ذلك قاد إلى قرار حظر الدراجات النارية

واستطرد قائلًا: “ندرك تمامًا أن قرار حظر الدراجات النارية يشكل عبئًا ثقيلًا على المواطنين، حيث أن القرار اضطرار ثقيل اتخذته القيادة، خاصةً وأن الدراجات النارية تُعتبر مصدر رزق للمئات من الأسر، وأنّ تنفيذ القرار يُمثل عبئًا ثقيلًا على الأجهزة الأمنية التي يعاني أفرادها كحال غيرهم من شرائح المجتمع، من ضغوطات الوضع المعيشي الراهن، موضحًا أن الإجراءات الأمنية الاحترازية تظل أولويةً قصوى لضمان أمن المواطن واستقرار المحافظة وأن الوضع الأمني غلب على إصدار القرار”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير