بين الرد والدرس .. كيف حول العمدة أمير غالب الهجوم إلى منصة لعرض الإنجاز

منذ 9 ساعات

كتب : محمد الصباريبينما كنت أقرأ رسالة الدكتور أمير غالب حيدرة - عمدة مدينة هامترامك ومرشح واشنطن لسفير الولايات المتحدة لدى الكويت - والتي نشرها على صفحته بفيسبوك، أدركت للوهلة الأولى أنها ليست  رد على اتهامات، بل نص يعكس وعيًا سياسيًّا وإنسانيًّا متكاملًا

  ما لفت انتباهي منذ السطور الأولى هو كيف تجاوز دائرة الانفعال، محوّلاً حملات التشويه ضده إلى منصةٍ يعرض من خلالها إنجازاته ويسرد مسيرته، وكأنني به يردّد في هدوء: لن أسمح للضوضاء أن تسرق مني حقي

عندما قرأت عبارته: الثروة الحقيقية في العمل السياسي تكمن في محبة الناس ودعمهم المتواصل، توقفت بإعجاب

شعرت أنها ليست مجرد كلمات، بل فلسفة قيادة متجذرة في الإنسان، قائمة على رضا الناس لا على المال أو النفوذ

رؤية تعكس توازنًا نادرًا بين الطموح الشخصي والخدمة العامة

أثار إعجابي أيضًا سرده لإنجازاته، من تحقيق فائض في الميزانية إلى إصلاح البنية التحتية وتعزيز الأمن المجتمعي

لم يكن سردًا متباهيًا، بل تأكيدًا هادئًا وموضوعيًّا لشرعية أدائه

وعندما أشار إلى أن أدواته السلمية والحاسمة تُوظَّف داخل أروقة المحاكم لا على المنصات الإعلامية، أحسستُ بتلك القوة الهادئة لقائدٍ يعرف متى يتحرّك ومتى ينتظر، وكيف يحوّل الأزمات إلى فرص للتأكيد على سيادة القانون

ولم يفتني ما أضافه النص من بعدٍ نقدي حين أشار  -ضمناً- إلى ما آلت إليه منصات التواصل الاجتماعي، حيث كثر فيها المتنطّعون على مهنة الإعلام من أبناء الجالية، والذين يساء استخدام هذه المنصات عبر صفحات تتسمى باسم الجالية، ثم توجه لإثارة المناكفات والخلافات

يبدو أن هؤلاء يفتقرون إلى الوعي الكافي، ولا يستحقون الالتفات من الدكتور، وهو ما يعكس حنكة قيادية في التركيز على الجوهر بعيدًا عن الجلبة الإعلامية والسياسية

ثم شدني أكثر حديثه عن جذوره الريفية في اليمن، ورحلته من رعي الأغنام إلى منصب العمدة في هامترامك

كل كلمة كانت تجسيدًا لرحلة كفاح شخصي، وتمثيلاً لتجربة جيلٍ كامل من المهاجرين الذين يبنون حضورهم بالعمل والمثابرة، دون أن ينسلخوا عن هويتهم

وعندما حذر من -مراكز نفوذ كبرى- وافتراءات باطلة، ووجه خطابه للجالية قائلاً: -تجنّبوا الصراعات الجانبية العبثية-، لم يكن يقدم مجرد نصيحة، بل كان يمنح درسًا عمليًا في إدارة الخلافات المجتمعية والسياسية - درسًا نعتز به في مجتمعنا الذي يتشتت أحيانًا في متاهات الانقسامات الداخلية

وفي الختام، جاءت عبارات مثل: الحكاية لم تنتهِ بعد، وأنا ما زلت في ربيع الشباب لتبعث في النفس ابتسامة التفاؤل

رأيتها رسالة تجددٍ وتحدٍّ، تؤكد أن القيادة الحقيقية تعني الاستمرار في الخدمة، وأن المسيرة لا تنتهي مهما بلغت التحديات

في النهاية، رسالته ليست دفاع أو تبرير، بل كانت تجربة قراءة عميقة جعلتني أدرك كيف يمكن للقائد أن يحوّل الضغوط إلى طاقة إيجابية، وكيف يمكن للمهاجر أن يخدم مجتمعه الجديد دون أن ينسى جذوره

أعادت إليّ الرسالة الثقة بأن العقل والإنسانية يمكن أن يوجها السياسة، وأن الرواية الحقيقية هي التي نكتبها بأيدينا

الإعلامي محمد الصباري