تأثير الحرب على الواقع الثقافي في اليمن

منذ 2 سنوات

تعز – فخر العزب:تضاءلت الأنشطة الثقافية في اليمن منذ أن بدأت الحرب عام 2015، ولم يعد هناك اهتمام رسمي بالإنتاج الثقافي مثل الشعر والرواية وغيرها من الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية

الأدباء الذين لا يتبعون أطراف الحرب يجدون صعوبة في نشر أعمالهم في اليمن، الأمر الذي يدفعهم إلى دور نشر خارج البلد إن سمحت لهم الظروف

الكاتب الصحفي فكري قاسم يقول لـ”المشاهد” إنه يوجد عدد قليل جدًا من المكتبات ودور النشر في اليمن، ما اضطره لطباعة كتابه الثالث “حنبات” في دار نشر بالقاهرة، مصر

في حديث له مع “المشاهد”، يقول قاسم: “أفرزت الحرب واقعًا ثقافيًا بائسًا من كل النواحي

خلال هذه المرحلة الصعبة انهارت كل القيم الثقافية، وظهرت على السطح مفاهيم ثقافية عدمية لا تخاطب المجموع، بل تخاطب سلوكيات واحتياجات تجار الحرب؛ فكان الإنتاج الثقافي خلال هذه الفترة بلا كيف وبلا كم وبلا هوية يمنية واضحة”

ويضيف: “هناك محاولات شحيحة لتحريك المياه الراكدة من خلال بعض الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية التي عادة ما تواجه الكثير من العراقيل، كما حدث في بعض مهرجانات تعز العيدية على سبيل المثال”

الأكاديمي صادق القاضي يرى أن الثقافة اليمنية لم تكن بخير قبل الثورة وقبل الحرب، لكن بعد اندلاع الثورة والحرب، سُلمت الثقافة لشريحة أخرى: رجال الدين، والساسة، ورجال الحروب، ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح هؤلاء يشكلون الوعي ويقودون التغيير

ويضيف القاضي لـ”المشاهد”: “ثورة الربيع العربي جعلت المثقف الذي ربما كان على درجة عالية من الاطلاع والحداثة والعلمنة، يخسر نفسه غالبًا من أجل أن يكسب الجمهور، ويتخلى عن قناعاته الناضجة، ويتبنى قناعات الرأي العام، ويتحول إلى بوق للشارع”

ويشير إلى أن السياسة سرقت المثقفين والمبدعين من أرصفة الإبداع، وزجت بهم بلا تعويض في خنادق الحروب، لينخرط المثقف في التحريض على العنف والاحتراب السياسي والعسكري، ويؤجج العنصرية العرقية والطائفية والمناطقية، كأي شخص بسيط في الشارع

أين دور وزارة الثقافة؟رئيس الهيئة العامة للكتاب يحيى الثلايا، يقول لـ”المشاهد” إن الواقع الثقافي الذي تشهده البلاد اليوم سيئ بكل المعايير، فما شهدته بلادنا من أزمة سياسية وأمنية واقتصاديه منذ 10 سنوات، ترك تأثيره المؤلم على كل مناحي الحياة

يعتقد الثلايا أن مشكلة الواقع الثقافي ليست وليدة الأزمة التي تشهدها البلاد، أو مجرد جزء من تداعياتها، فالانكسار والركود الثقافي اليمني حصيلة أكثر من عقدين مضيا من عمر دولة الوحدة، إذ إن التقصير والقصور العفوي أو المتعمد تجاه المؤسسات الثقافية كان قاتلًا ومدمرًا

وفي ظل الواقع الثقافي المزري، يتساءل المثقفون اليمنيون عن دور وزارة الثقافة، والهيئة العامة للكتاب، في النهوض بالثقافة داخل البلد، من خلال إقامة الفعاليات الثقافية، وتبني طباعة الكتب، والاهتمام بالمثقفين، وتحريك المياه الراكدة في الوسط الثقافي المصاب بالجمود

يقول قاسم إن وزارة الثقافة صارت خلال سنوات الحرب مجرد ذكرى لحانوت قديم، كان يحتوي على بعض الأنشطة الموسمية في الأساس، وجاءت الحرب وتوقفت بسببها تلك الأنشطة الموسمية

يشير الثلايا إلى أن الهيئة العامة للكتاب هي الجهاز الحكومي المعني بتنفيذ السياسات الثقافية للدولة في مجالات الكتاب والمكتبات والنشر والتوزيع ومعارض الكتب والترجمة، لكنها ليست استثناء من مؤسسات الدولة التي أصابها الشلل في اللحظة الراهنة، ولا تزال الهيئة حتى اليوم تبحث عن موازنتها في وزارة المالية

بحسب الثلايا، تمكنت الهيئة العامة لكتاب من لملمة فروع المحافظات المحررة والتنسيق بينها، وصنع آلية للحفاظ على أرشيف المتكبات العامة من التلف والفقدان، وتم تنفيذ معرضين محليين للكتاب في شبوة، ومعرضين في مأرب لأول مرة

ويختم حديثه، ويقول: “استعدنا الجناح اليمني في معرض الكويت بعد غياب منذ عام 1990، وفي معرض الدوحة بعد غياب منذ عام 2003، وقريبًا نعود لمعارض الشارقة وأبوظبي ومسقط، فضلًا عن تطوير مشاركتنا في أهم معرضين عربيين، وهما القاهرة والرياض”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير