تأجيل حرية صحفي في عدن

منذ سنة

تحقيق- سارة عبدالسلام“عريس مشرد في مدينة تعز”، كانت هذه العبارة هي الأكثر ظهورًا عند كتابة أحمد ماهر في خانة البحث على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أو حتى من خلال البحث في جوجل بشكل فيديو أو صور أو نص

هذه الجملة هي الاستهلال المناسب لتلخيص بداية قصة صحافي يمني، من أبناء مدينة عدن، اسمه أحمد ماهر، 26 عامً،ا هذه العبارة كانت جزءًا من منشور كتبه ماهر بتاريخ 24 يوليو 2021، في صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، ملخصه أنه سوف يقيم حفل زفافه في مدينة تعز بعيدًا عن أهله وجيرانه ومعارفه في مدينة عدن

تجاوب العشرات من النشطاء في تعز مع ماهر، وأقاموا له حفلة عرس كبيرة حضرها المئات وغطتها مختلف وسائل الإعلام المحلية، لم تستعرض التغطية ما حدث فقط كمبادرة شباب من تعز قاموا بالاحتفال بشاب من عدن ليس له أهل في المدينة، و(إنما تناولت سبب اضطرار أحمد)  للاحتفال بزواجه بعيدًا عن مسقط رأسه وأهله

كان هذا قبل صدور حكم المحكمة الجزائية المتخصصة ضد الصحفي أحمد ماهر في يوم الثلاثاء 28 مايو 2024، بالسجن أربع سنوات عقب احتجازه منذ 6 أغسطس 2022

يتناول هذا التحقيق تفاصيل معاناة الصحفي أحمد ماهر في عدن التي لم تبدأ باعتقاله في 2022 وتنتهي بالحكم عليه في 2024

بل هناك انتهاكات قانونية تجاوزت العدالة على أيدي سلطات الأمر الوقع هناك ويوثق هذا التحقيق جزءا منها

مغادرة الصحفي ماهر مدينة عدن والانتقال إلى مدينة تعز والاحتفال بزواجه فيها مضطرًا لأسباب تتعلق بسلامته حسب مصدر من أقاربه، كانت هي المرة الثانية عام 2021م

فقد سبق أن غادرها إلى السعودية بتاريخ 14 أغسطس 2019م، لنفس السبب

يبرز سؤال مهم: لماذا اضطر ماهر لمغادرة عدن، وهو صحفي كان وضعه مستقرًا، فهو حاصل على ماجستير صحافة من جامعة عدن، وله حضور إعلامي في مختلف القنوات، و عمل مستشارًا إعلاميًا لوزير النقل السابق صالح الجبواني حينها

والإجابة تستدعي العودة إلى تتبع عمل الصحفي ماهر من عام 2018، وهو العام الذي بدأ فيه انتقاد ممارسات المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن، وهو كيان سياسي وعسكري تم الإعلان عن تأسيسه في 11 مايو 2017

تمكن مسلحو المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد مواجهات عسكرية مع القوات الحكومية، من السيطرة على عدن، في أغسطس 2019

من خلال التتبع الذي قام به معد التحقيق في شبكة الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي واليوتيوب، فقد سخر الصحفي ماهر كل كتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي ومداخلاته التلفزيونية لانتقاد سياسة وأعمال المجلس الانتقالي

لاقت تلك الانتقادات انزعاجًا من المجلس الانتقالي الذي يعتبر فعليًا المسيطر على المدينة أمنيًا وعسكريًا وسياسيًا

يقول مصدر من أقارب الصحفي ماهر تواصل معه معد التحقيق، إن الانتقادات التي كان يقوم بها أحمد في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كانت تقابل بمزيد من ممارسات التهديد والملاحقة من قبل المجلس الانتقالي، خلال عامي 2018 و2019

ويضيف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بالخوف على حياته، في حديثه لمعد التحقيق، أن ممارسات المجلس الانتقالي ضد انتقادات الصحفي ماهر تمثلت في محاولة إسكاته، وكان ذلك من خلال محاولة اعتقاله ثلاث مرات منذ بداية عام 2018 وحتى أواخر 2019، حسب المصدر

أما عن المحاولتين الأولى والثانية فكانت تصل لأحمد اتصالات من أشخاص يعرفونه يبلغونه أن هناك أوامر من الجهات الأمنية في الانتقالي لاعتقاله، فيغادر المنزل ويظل لفترة متخفيًا عن الظهور في مدينة عدن

وعبر أحمد عن ذلك في منشور له في منصة “إكس”

ويتابع حديثه أن وضع الصحفي ماهر في عدن أصبح صعبًا وخطرًا على حياته في ظل تهديدات من المجلس الانتقالي، بخاصة بعد أن تلقى اتصالًا الساعة الثانية بعد منتصف الليل، في 14 أغسطس 2019م، من أحد أصدقائه يبلغه بأن هناك طقمًا متحركًا إلى منزله لاعتقاله بمذكرة اعتقال رسمية من المجلس الانتقالي، بخلاف محاولات الاعتقالات السابقة، والتي كانت مجرد أوامر شفوية بالاعتقال، ليفر أحمد بعد ذلك مباشرة إلى الرياض، مودعًا عدن عبر منشور على حسابه في “فيسبوك”، تحدث فيه عن محاولتي الاعتقال اللتين استهدفت الأولى منزل والده، والأخرى بعدها بيومين استهدفت منزله

حصل معد التحقيق على سكرين شوت لمنشور من صفحة “فيسبوك” لأحمد، من أحد أقاربه، لم تعد متاحة الآن في صفحته، حسب تأكيد المصدر، إذ إنه تم حذفها بعد الاعتقال

غادر أحمد مدينة تعز بعد الاستقرار فيها لعدة أشهر إلى العاصمة السعودية الرياض، أواخر عام 2021، وكانت مغادرته مدينة تعز إلى الرياض عبر مدينة عدن بشكل متخفٍّ من الأجهزة الأمنية، حسب المصدر

استقر أحمد في السعودية من أواخر عام 2021 إلى منتصف عام 2022، وظل يواصل انتقاده للمجلس الانتقالي

وحسب المصدر فإن الصحفي كان ينوي البقاء خارج اليمن خوفًا على حياته من ملاحقة المجلس الانتقالي، لكن ما جعل أحمد يغير رأيه -كما يصف المصدر- هو الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي في 7 أبريل 2022، وهو مجلس سياسي لإدارة اليمن بترتيب سعودي أصدر حينها الرئيس هادي إعلانًا بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد محمد العليمي، وعضوية سبعة أعضاء

كان يعتقد الصحفي ماهر، حسب مصدر من أقاربه، أن الوضع السياسي في عدن بعد تشكيل المجلس الرئاسي، سوف يتغير، وأن الأوضاع لن تكون تحت سيطرة المجلس الانتقالي، وأن عودته سوف تكون آمنة له كصحفي، ولم يعد هناك مخاوف على حياته

وهذا الاطمئنان تلخص في اتخاذ قرار العودة إلى مدينة عدن بعد عودة أعضاء المجلس الرئاسي من العاصمة السعودية إلى مدينة عدن وأدى اليمين الدستورية في 20 أبريل 2022

فقرر العودة إلى مدينة عدن، وظهر في صورة ضمن جموع من المهنئين لقيادة المجلس الرئاسي بعد عودتهم من السعودية، وهو الظهور العلني للصحفي ماهر في مدينة عدن كما في الصورة في الأسفل، والتي نشرها ماهر في أثناء استقبال أعضاء المجلس الرئاسي لمجموعة من السياسيين والصحفيين والوجاهات الاجتماعية

لكن ماهر -حسب المصدر من أقاربه- لم يكن يشعر بالأمان، وظل الحذر مسيطرًا عليه، حسب وصفه، وسرعان ما اصطدم بأن نفوذ المجلس الانتقالي الأمني والعسكري وسياسة قمع المنتقدين قائمة، ليتم اعتقاله في السادس من أغسطس 2022، من قبل أفراد قسم شرطة مديرية دار سعد، التي بإمرة المجلس الانتقالي، وكان حينها يديرها رجل أمني تابع للمجلس اسمه مصلح الذرحاني

وكان اعتقال ماهر محل تناول إعلامي بسبب كتاباته وآرائه السياسية الناقدة للانتقالي، ولاقت حادثة الاعتقال استنكار وإدانة مرصد الحريات الإعلامية في اليمن ونقابة الصحفيين اليمنيين

تم اعتقال الصحافي أحمد ماهر وشقيقه مياس من منزلهما في مديرية دار سعد، يوم السبت 6 أغسطس 2022، بطقم من شرطة مديرية دار سعد، بتهمة موجهة من النيابة “بنشر بيانات تهدد السلم العام بمواقع التواصل الاجتماعي”، بدون ثبوت أية تهم أو جرائم ضده، وبدون وجود توجيه رسمي من النيابة حسب شهادة شقيقه مياس في مداخلة له نظمها مرصد الحريات الإعلامية، بعنوان “الاختفاء القسري ضد الصحفيين جريمة مستمرة“، في 30 أغسطس 2023

استمر اعتقاله في سجن شرطة مديرية دار سعد ما يقارب الشهر والنصف قبل تحويله إلى سجن بئر أحمد أواخر أكتوبر 2022

وهذا يعد مخالفة للقانون، إذ لا يجوز اعتقال حرية أي شخص في مراكز الشرطة أكثر من 24 ساعة بدون تهمة من النيابة، وفقًا للمادة 76 من قانون الإجراءات الجزائية، والتي تنص على أن: “كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه على الأكثر، وعلى القاضي أو عضو النيابة العامة أن يبلغه بأسباب القبض وأن يستجوبه ويمكنه من إبداء دفاعه واعتراضاته، وعليه أن يصدر على الفور أمرًا مسببًا بحبسه احتياطيًا أو الإفراج عنه”

وتعليقًا على ذلك، يقول المحامي عبدالمجيد صبرة إنه وفي كل الأحوال لا يجوز الاستمرار في الحبس الاحتياطي أكثر من 7 أيام إلا بأمر قضائي

بعد أيام من اعتقاله من منزله مع شقيقه مياس، منع والده من زيارته في شرطة مديرية دار سعد بعد مداهمة منزله، حسب تصريحات حصرية سابقة لوالده لموقع “المشاهد”، مؤكدًا أنه تعرض للاعتداء وأخذ هاتفه من قبل أفراد من شرطة مديرية دار سعد

تعرض أحمد وشقيقه في سجن شرطة مديرية دار سعد، لأساليب تعذيب جسدية ونفسية قاسية، ومنها حسب شهادات مياس، في مشاركته في ندوة “الاختفاء القسري ضد الصحفيين جريمة مستمرة“، في 30 أغسطس 2023: تعرض أحمد ومياس خلال شهر ونصف في قسم شرطة دار سعد لكل أنواع التعذيب، والتي تعمد القائمون في قسم الشرطة لتحطيم الحالة النفسية بحسب مياس من محاولة إعدام وهمية والضغط بالاعترافات لكل من أحمد ومياس

ووصف مياس أنهم تعرضوا لثلاث محاولات إعدام وهمية، إحداها محاولة قتل أحمد أمام مياس، ومحاولتا إعدام مياس أمام أحمد، حتى انهارت قوى أحمد ولم يستطع التحمل

وأضاف مياس أنه تم إطلاق الرصاص تحت قدميه، وكذلك إطلاق رصاصتين فوق رأسه، حينها لم يستطع أحمد المقاومة لينهار، لم يكتفوا بذلك فقد تم تعليق أحمد لمدة يومين حتى تعرض للنزيف نتيجة جرح في منطقة السرة، بحسب مياس

نائب رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في عدن، حسين المشدلي، في حديث مع “المشاهد”، قال إن اللجنة قامت برصد وتوثيق قضية الصحفي أحمد ماهر، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها الصحفي، بما في ذلك ادعاءاته بتعرضه للتعذيب وتأخير إحالته إلى القضاء

كل أساليب التعذيب -حسب المصدر- كانت لإجباره على اعترافات بصلته بأعمال إرهابية

ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا باختطاف والد الصحفي أحمد بعد أسبوعين من اعتقاله، ووضعه في مركز شرطة دار سعد لمدة 4 ساعات في قبوٍ خالٍ من أي مصدر تهوية، باستثناء فتحةٍ ضيقة تبلغ خمسة سنتيمترات في غرفة القبو 3*3، والتي احتجز فيها 30 متهمًا، ليتعرض إثر ذلك لحالة دوار شديدة ودوخة لأنه يعاني من مرض السكري والضغط، بحسب مصدر من أقارب الصحفي ماهر

وأكد المصدر أنه تمت المساومة في خروج والد ماهر والإفراج عنه بعد فرض دفع مبلغ مالي، وأخذ سيارته

ما تعرض له أحمد في سجن شرطة مديرية دار سعد، حسب مصدر من أقاربه، كان تحت إشراف مصلح صالح عبدالقوي الذرحاني الذي تم تعيينه من قبل مدير شرطة أمن عدن مطهر الشعيبي، في شهر فبراير 2021م

بعد ممارسات تعذيب قاسية -حسب المصدر- نشر المركز الإعلامي الجنوبي بتاريخ 4 سبتمبر 2022، مقطع فيديو مسجلًا بعنوان “اعترافات الصحفي أحمد ماهر بتعاونه مع إرهابيين بإشراف أمجد خالد لتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية في عدن”، وهذه الاعترافات حسب تناولات إعلامية كانت تحت التعذيب

وبعد يوم من نشر فيديو الاعتراف وجه رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي بإجراء تحقيق في واقعة استجواب الصحفي أحمد ماهر، وكلف مكتبه بمتابعة التحقيق، لكن التوجيهات الرئاسية لم تلقَ أي تجاوب من قبل المجلس الانتقالي

تواصل معد التحقيق مع مكتب القيادة الرئاسية لمعرفة سبب عدم تنفيذ الإجراءات الموجهة من قبل الرئاسة بشأن فيديو الاعترافات الخاص بأحمد، لكنه لم يتلقَّ أي تجاوب

بعد مرور شهر من تداول مقطع الفيديو الخاص باعترافات أحمد، سُمح لأهله بزيارته وأمرهم بمغادرة عدن خشية أن يتم استخدامهم ورقة ضغط مستمرة، لتضطر العائلة بعد ذلك لمغادرة عدن وترك منزلهم ومشاغلهم ودراستهم

لم تكن قضية الصحفي ماهر وشقيقه مياس وما تعرضا له من اعتقال واحتجاز غير قانوني لحريتهما وتعذيبهما، الواحدة المتهم بها مدير شرطة مديرية دار سعد، إذ توصل معد التحقيق إلى ضحايا آخرين، من بين هذه القضايا قضية خمسة معتقلين من باعة القات من محافظة ذمار، اعتقلوا في عدن

تواصل معد التحقيق مع شقيق أحمد الجشمي، فايز الجشمي، لمعرفة تفاصيل القضية ليوضح قائلًا: انتقل الجشمي وصديقه عبدالله الحيي مع عائلتيهما إلى عدن لكسب لقمة العيش في بيع القات، وفي 13 أكتوبر 2020 تم اختطاف أحد العاملين مع الجشمي من قبل أفراد مصلح الذرحاني إلى قسم شرطة البساتين والذي كان يرأسه الذرحاني سابقًا، وذلك بعد أن رأوه أثناء تواجده بجانب فندق قلب الخليج الذي كان يسكن فيه، وبحوزته مبلغ مالي هو حصيلة ما قام ببيعه من القات والمقدر بمليون وثلاثمائة ألف ريال

لم يعلم الجشمي بأمر هذه الحادثة إلا في اليوم التالي عندما لم يحضر العامل لتسليم المبلغ المالي كالعادة، ليذهب أحمد الجشمي بعد ذلك إلى مقر سكن العامل في الفندق، ويتفاجأ بخبر الخطف الذي نقله له العاملون هناك، وعندما ذهب الجشمي إلى قسم الشرطة لمعرفة سبب اختطاف العامل قام أفراد شرطة القسم باحتجازه، وبعد مرور ثلاثة أيام على الحجز طلبوا منه ضمينًا للإفراج عنه، وكان الضمين عبدالله علي الحيي، بائع قات آخر، الذي كان مصيره الحجز أيضًا، يروي شقيق الجشمي في تصريح مصور لـ”المشاهد” ما حدث لأحمد وصديقه عبدالله بعد ذلك

لايزال الجشمي محتجزًا حتى تاريخ نشر هذا التحقيق، بينما فارق عبدالله الحياة من شدة التعذيب الذي لقيه

في تسجيل صوتي حصل عليه معد التحقيق من منتدى أبناء عدن والجنوب المهجرين قسريًا،  يروي والد عبدالله تفاصيل أكثر حول القضية

زوجة عبدالله تروي ما حدث في التسجيل التالي:وبجانب منتدى أبناء عدن، قالت منظمة سام للحقوق والحريات في بيان عن قضية اعتقال باعة القات (الجشمي والحيي)، تتحدث فيه عن قضية الجشمي وصديقه عبدالله الحيي، والانتهاكات التي تعرضا لها من قبل مصلح الذرحاني، ودعت في بيانها المجلس الانتقالي إلى ضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين، والعمل على تقديم المخالفين من قواتها للمساءلة والتحقيق معهم في الانتهاكات التي يرتكبونها، والتي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

وقدم رئيس منتدى أبناء عدن والجنوب المهجرين قسريًا (منظمة غير حكومية)، علاء أحمد، وثائق وصور وتسجيلات للانتهاكات التي قام بها مدير شرطة دار سعد مصلح الذرحاني

وقال علاء للمشاهد أن سجل الذرحاني في الانتهاكات كثيرة، ومنها ما وثقها منتدى أبناء عدن والجنوب المهجرين، إذ حصل معد التحقيق على وثيقة بأسماء من تم سجنهم وإخفاؤهم من قبل الذرحاني

مصلح صالح عبدالقوي الذرحاني، أحد القيادات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي، تمت إقالته من منصبه كمدير لقسم شرطة دار سعد بقرار من مدير أمن عدن، اللواء مطهر الشعيبي، بتاريخ 10 ديسمبر 2023

وجاءت هذه الخطوة بعد مطالبات متكررة بإقالة الذرحاني نتيجة تورطه بقضايا انتهاكات، بحسب ما ذكرته مواقع إخبارية

وكان الذرحاني شغل منصب مدير قسم شرطة البساتين قبل أن يتم نقله إلى قسم شرطة مديرية دار سعد بقرار من مدير أمن عدن، اللواء مطهر الشعيبي، في فبراير 2021

وقد حاول معد التحقيق التواصل مع مدير قسم دار سعد السابق، مصلح صالح عبدالقوي الذرحاني لإعطائه أحقية الرد، لكنه لم يستطع الوصول إليه لأساب أمنية

يحتفظ المشاهد بحق مصلح الذرحاني في الرد على جميع ماورد في التقرير ونعد بنشرها انطلاقا من التزامنا بالمهنية والحيادية واحترامنا للحقوق والحريات وفق القوانين الدولية والوطنية

في أحد أيام شهر سبتمبر 2022، حضر عضو النيابة، عبدالله لصور، إلى شرطة دار سعد للتحقيق مع أحمد ماهر وشقيقه مياس، في غرفة مغلقة، بحضور مدير قسم الشرطة مصلح الذرحاني وأفراده الذين قاموا بتعذيبهما

تواصل معد التحقيق مع عضو النيابة، عبدالله لصور، لسؤاله عن التهمة الموجهه لأحمد، وعمَّا إذا كان هناك أدلة حول هذه التهمة، وعن التعذيب الذي تعرض له ماهر، لكن جواب لصور كان مختصرًا، قائلًا: روح المحكمة، القضية في المحكمة”

وبعد التحقيق، وحين لم يستطيعوا إثبات أية تهمة ضد مياس، تقدمت المحامية ليزا بطلب الإفراج عنه كونه أن لا تهمة عليه، وتم بالفعل الإفراج عن مياس بعد نقله رفقة شقيقه أحمد إلى سجن بير أحمد بشهر ونصف، أي أواخر شهر أكتوبر 2022م

ولم يكن الإفراج عن مياس من باب تطبيق العدل، حسب مصدر من أقارب الصحفي ماهر، بل كان الإفراج بهدف إثبات تهمة أحمد

في 23 ديسمبر 2023، بدأت محاكمة أحمد ماهر أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن، بتهم نشر أخبار كاذبة ومضللة وتزوير وثائق هوية

رفض  وكيل النيابة الابتدائية الجزائية المتخصصة في عدن، القاضي عبدالله لصور في حديث مع معد المادة على تطبيق المراسلات الفورية الواتس آب، الإفصاح عن التهم الموجهة ضد الصحفي أحمد ماهر وأدلة الاثبات التي استندت عليها النيابة

تواصل معد التحقيق مع المحامية ليزا لمعرفة بقية تفاصيل قضية أحمد ماهر، لتجيب أنه بعد الإفراج عن مياس، لم تكمل متابعة القضية، وذلك بسبب انشغالها بدراسة بحث درجة الدكتوراه التي أخذت جُلّ وقتها، ما دفعها للاعتذار عن عدد من القضايا، ومنها قضية أحمد ماهر، على حد قولها

لم تكن ليزا هي المحامية الوحيدة للصحفي أحمد ماهر وشقيقه، فقد تم توكيل أكثر من ستة محامين آخرين، ولكن جميعهم لم يكملوا القضية لأسباب مختلفة، باستثناء المحامي سامي ياسين الذي كان آخرهم

وعند محاولة معد التحقيق التواصل معه لمعرفة بقية تفاصيل القضية، تبين أن المحامي قد تم إخفاؤه قسرًيا بتاريخ 16/11/2023، والسبب على حد أحد أقرباء الصحفي ماهر، كان لكونه محاميًا للصحفي أحمد ماهر، مُدللًا على ذلك أن المحامي لطالما كان يعمل في النيابة قبل قضية أحمد، ولم يتعرض للإخفاء”

تواصل معد التحقيق مع فضل ياسين، شقيق المحامي سامي ياسين، للتأكد من صحة ما قاله أحد أقرباء الصحفي، وأفاد فضل بأن قضية الصحفي أحمد ماهر هي من الأسباب الرئيسية لاعتقال شقيقه المحامي سامي وإخفائه قسرًا

وأضاف فضل أن هناك أيضًا قضايا أخرى تسببت باعتقال شقيقه سامي، مشيرًا إلى أن جميع المتضررين من ترافع ومتابعة المحامي سامي لهذه القضايا، هم جهات أمنية

وكان تم اعتقال وإخفاء المحامي سامي، قسرًا، بعد قرابة أربعة أشهر من متابعته لقضية أحمد ماهر، تحديدًا بتاريخ 2023/11/16م، بعد خروجهِ من مبنى مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي بخور مكسر، في تمام الساعة الحادية عشرة ظهرًا، ليتم الاعتداء عليه واعتراضه من قبل طقم عسكري وأفراد مسلحين آخرين، وإشهار السلاح عليه واقتياده مع سيارته بالقوة بعد إنزال موكلي المحامي من على متنها إلى سجن خاص بمعسكر النصر دون وجود أي مسوغ قانوني

وبعد شهر من اعتقال المحامي سامي، وتحديدًا بتاريخ 2023/12/15م، قامت قوة مسلحة بلباس عسكري قوامها ثلاثة أطقم بمداهمة واقتحام منزل سامي ياسين، وذلك في منتصف ليل الخميس الساعة الحادية عشرة ليلًا، دون حضور أي شخص أو أحد من الأقارب، ولم تغادره إلا حوالي الثانية فجر الجمعة، بعد أخذ كافة متعلقات المحامي من أوراق ووثائق وأغراض، وكل ما يخص أعماله الحقوقية وملفات قضايا الموكلين التي يعمل عليها، ومن ضمنها ملفات قضية أحمد ماهر دون وجود مسوغ قانوني

وليس هذا فحسب، بل قامت أيضًا بتحطيم مداخل وأبواب المنزل والعبث بكل محتوياته وأخذ كل ما يتعلق بأسرار العائلة، لتترك بعد ذلك المنزل مفتوحًا

أما عن الإفصاح عن مصير أحمد فقد أوضح شقيقه أنه لم يتم الإفصاح عن مصيره، إذ إن هناك مماطلة في الجلسات، فالمجلس الانتقالي، الذي يقف وراء سجن أحمد -بحسب مياس- يحاول إخفاء أكاذيبه في حق أحمد، إذ لم يكن قادرًا حتى الآن على تقديم أي دليل يثبت إدانته، وبالتالي سينتج عن خروج أحمد، بعد تعرضه لحملة تشويه مدبرة بدون وجود أي أدلة، معرفة الناس حقيقتهم وتلفيق التهم الكاذبة

وبالرغم من وجود قرار من وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي بعمل جلسات مستعجلة ومتتالية بقضية أحمد ماهر، لكنهم كانوا يرفضون التنفيذ حسب مياس

، ويضيف : حتى إنهم في فترة من الفترات تحججوا بالبترول، وقدموا بذلك ورقة رسمية إلى المحكمة، وعندما قمنا بإعطائهم قيمة البترول، رفضوا أيضًا

تواصل معد التحقيق مع وكيل النيابة الابتدائية الجزائية المتحصصة في عدن، عبدالله لصور، لمعرفة سبب تأجيل جلسات محاكمة أحمد ماهر، فأجاب أنه بتاريخ 30 يناير 2024م، كانت هناك جلسة لبعض المتهمين، ليرد عليه معد التحقيق بأن أحمد لم يكن حاضرًا في جلسة المحاكمة يومها، ليجيب هو الآخر أن حضور المتهمين يأتي بحسب طلب القاضي، وعند سؤالنا لصور عن سبب استبعاد أحمد من القاضي، أجاب أن القاضي يطلب بكل جلسة المراد سماع أقواله بسبب كثرة المتهمين، وأنه في الجلسة القادمة سيطلبهم جميعًا، ولكن ما إن قال له معد التحقيق بأن عدد الجلسات التي تأجلت من تاريخ 23 ديسمبر 2022 (وهو الموافق لأول جلسة لأحمد) إلى يوم كتابة التحقيق، وصل إلى 16 جلسة، وأن آخر جلسة حضرها أحمد كانت في ٣ يناير 2024، لم يلقَ معد التحقيق أي جواب أو توضيح سوى قول لصور: “تأكدوا من المحكمة”!في السادس والعشرين من شهر يناير 2024، أصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا عبر حسابها الرسمي، طالبت فيه سلطات المجلس الانتقالي، بالإفراج العاجل عن الصحفي أحمد ماهر المعتقل تعسفًا

وأضافت المنظمة، في بيانها، أن محاكمة الصحفي أحمد ماهر أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن، بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 2022، لكنها شهدت سلسلة من التأجيلات المتكررة دون إصدار حكم نهائي

وأشارت في البيان إلى أن الصحفي أحمد ماهر مضرب عن الطعام في سجن بئر أحمد في عدن التابع للانتقالي، “للمطالبة بمحاكمة سريعة وعادلة”

نائب رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في عدن، حسين المشدلي، في حديث مع “المشاهد”، قال إن اللجنة قامت برصد وتوثيق قضية الصحفي أحمد ماهر، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها الصحفي، بما في ذلك ادعاءاته بتعرضه للتعذيب وتأخير إحالته إلى القضاء

وعند سؤاله عن نتائج تحقيق اللجنة في الانتهاكات التي تعرض لها أحمد ماهر، أجاب بالقول: “القضية لدى القضاء، ونحن نتابع الموضوع، ولا نستطيع التصريح حاليًّا حتى البت فيها من قبل المحكمة، ولنا جهود في الموضوع ستعلن في حينه”

وبحسب تقرير نقابة الصحفيين اليمنيين السنوي الخاص بوضع الحريات الصحافية في اليمن للعام 2023م، والانتهاكات تجاه الصحافة والصحفيين في اليمن، فإن هناك 82 حالة انتهاك خلال الماضي، طالت صحفيين ومصورين ووسائل إعلام ومقار إعلامية وممتلكات صحفيين، وقد ارتكبت قوات تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي 20 حالة منها

وقد تنوعت هذه الانتهاكات، وكان على رأسها حجز الحرية بـ17 حالة بنسبة 20

7% من إجمالي الانتهاكات

ويشير التقرير إلى أنه لايزال هناك خمسة صحفيين معتقلين منهم صحفيان اثنان لدى المجلس الانتقالي الشريك في الحكومة الشرعية، هما أحمد ماهر المعتقل منذ أغسطس 2022م، وناصح شاكر المخفي منذ نوفمبر 2023وأثناء نشر التحقيق صدر حكم المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن، الثلاثاء 28 مايو 2024، ضد الصحفي أحمد ماهر بالسجن أربع سنوات

يقول المحامي عبدالمجيد صبرة، إن من حق الصحفي المعتقل المطالبة بالتواصل مع أسرته أو من يهمه أمره، كالنقابة التابع لها مثلًا، ولعائلته أو محاميه أو نقابته التقدم بطلب للإفراج عنه إلى النيابة العامة أو التقدم بشكوى ضد من قاموا باختطافه وطلب محاسبتهم وإحالتهم إلى القضاء

وقال صبرة في تسجيل صوتي للمشاهد “لقد تعرض الصحفي أحمد ماهر لانتهاكات جسمية منذ اعتقاله وحتى هذا اللحظة، ابتداء بانتهاك حقه في الحرية والتنقل وحقه في أصل البراءة، وحقه في الحصول على محاكمة عادلة ومنصفة

”مشيرا “أن القضاء صار مشاركا لما يتعرض له الصحفي من انتهاكات فقد شكل عجزه والخضوع للأجهزة الأمنية انتهاكا لحق الضحية في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة تقول كلمتها في كل الانتهاكات التي تعرض لها الصحفي أحمد ماهر

”مضيفا “أن القضاء في هذه القضية فقد مبدأ الاستقلالية والحياد

”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير