تأشيرات العمل الوهمية.. قرصنة عابرة للحدود

منذ 3 أشهر

صنعاء – يحيى العكوريباع نزار القادري -ثلاثيني من محافظة صنعاء (وسط اليمن)- ذهب والدته، وبقرةً كانت أسرته تعتمد عليها في وجباتها؛ من أجل العمل في السعودية؛ بهدف تحسين أوضاعهم

غير أن نزار وأسرته المتواجدة في قريته باليمن باتوا لا يملكون شيئًا الآن، وأصبح مصنفًا بأنه أحد ضحايا تأشيرات العمل الوهمية

تجربة نزار مع مكاتب التوظيف الخارجي بصنعاء كانت قاسية، بحسب وصفه، حيث اتفق مع أحد المكاتب على دفع 8 آلاف ريال سعودي مقابل الحصول على تأشيرة عمل براتب 3000 ريال سعودي

يقول نزار لـ«المشاهد»: دفعت قيمة التأشيرة من دمي، على أمل الظفر براتب سعودي يتماشى مع أوضاع البلاد المعيشية الصعبة

ويستدرك: لكن سرعان ما تبخرت آمالي، وزادت معاناتي عندما خذلني سماسرة مكاتب التوظيف، وأوهموني بفرصة عمل جيدة تُغيّر مجرى حياتي أما وأسرتي

ويتابع: دخلت السعودية على اتفاق مع المكتب بالتواصل مع مؤسسةٍ سعودية لتدلنا على عمل، لكني تفاجأت بعدم وجود مؤسسة من الأساس، وأن كل ذلك لم يكن سوى وهم

قرصنة عابرة للحدود لم يكن نزار هو الضحية الوحيد، فقد شكا عدد ممن استقدمتهم مكاتب توظيف الأيادي العاملة من عدم وفاء الأخيرة معهم بتوفير فرص عمل

أحد هؤلاء الضحايا، خليل عبدالرزاق، الذي دفع 7500 ريال سعودي لإحدى المكاتب مقابل تأشيرة عمل، على أن يتواصل مع إحدى الشركات التي يتعامل معها المكتب بمجرد وصوله للسعودية، وبدورها ستوفر له العمل

يشير عبدالرزاق لـ«المشاهد» إلى أنه لم يجد عنوان الشركة السعودية، وبتواصله مع مكتب التوظيف لم يحصل سوى على وعود لم ينتج عنها أي نتيجة، وظل بلا عمل لأشهر طويلة غير قادر على التصرف

شكاوى عديدة تلقاها «المشاهد» ضد ذات المكتب المتخصص في بيع تأشيرات العمل، وحاول كاتب التقرير أخذ تعليق من القائمين على المكتب، لكنه اكتشف إغلاق المكتب بعد خلافات بين الشركاء وصلت للمحاكم

استمر المراسل «المشاهد» بمحاولة التواصل مع أحد الشركاء في مكتب التوظيف هذا، وهو عبدالجبار الوعل، الذي تحدث مع كاتب التقرير عن خلافٍ نشب مع شريكه في المكتب

يقول الوعل لـ«المشاهد» إن شريكة كان يمارس نوعًا من الخداع دون علمه، وأثبت الوعل كثير من أقوال الضحايا الذين وقعوا فريسةً للتأشيرات الوهمية

وكشف الوعل أن أكثر من سبع مكاتب غير معتمدة أغلقت في غضون سنه بسبب خلافات إما بين أصحابها أو شكاوى وتهديدات من أُسر الضحايا

كما لفت إلى أن أغلب تلك المكاتب تعمل بلا تصاريح، وتتعامل مع وكلاء غير معتمدين ولا تصمد كثيرًا، وفق تعبيره

إجراءات رسمية لضبط المخالفينفي المقابل، كشف مصدر مسئول في سلطة صنعاء ضبط أكثر من خمس مكاتب سفريات وسياحة واستقدام أيادي عاملة مخالفة للوائح التنظيمية، التي أقرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سلطة صنعاء، وذلك خلال النصف الثاني من العام الجاري

وأضاف المصدر لـ«المشاهد»، طلب عدم الكشف عن هويته، ان بعض تلك المكاتب المخالفة تعهدت باستكمال تطبيق الشروط التي حددتها الوزارة لمزاولة المهنة وفق لائحة تنظم حركة عمل مكاتب السفريات والسياحة

وأشار الى أن عملية الاغلاق جاءت بناءً على مخالفات عديدة، منها شكاوى من مواطنين تتعلق بالاحتيال عليهم عبر بيع فيز عمل وهمية، مبينًا تمكنهم من ملاحقة عدد من السماسرة وضبطهم

كما أوضح أنهم فرضوا شروطًا على مزاولي المهنة لضمان حقوق الأخرين، وألزموهم باستخراج تراخيص عمل، وإحضار ضمانات بنكية، والالتزام بتطبيق كل بنود اللائحة الخاصة بفتح مكاتب سفريات

حملة تفتيشمن جهتها، نفذت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في عدن، خلال منتصف فبراير/شباط 2024 حملة تفتيش على مكاتب التشغيل الخاصة والمؤسسات غير المرخصة من قبل الوزارة

وجاءت الحملة بعد تكرار الشكاوى من وجود عمليات احتيال من بعض المكاتب العاملة في بيع تأشيرات عمل إلى السعودية، بحسب ما أفاد به مدير عام العلاقات والإعلام بديوان عام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن، عدنان سعيد

وقال سعيد لـ«المشاهد» إن الحملة كشفت وجود أعداد كبيرة من تلك المكاتب تمارس أنشطتها دون تصاريح رسمية من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن

كما لم تتقدم إلى الوزارة بطلب منحها ترخيص مزاولة النشاط، ومازالت تزاول عملها إما بالوكالة لمكاتب أخرى أو بتراخيص مزورة صادرة من سلطات صنعاء، وفق تعبيره

وأضاف: كثير من المكاتب توجهت بعد تلك الاجراءات الصارمة إلى ديوان الوزارة في عدن لاستكمال الاجراءات الرسمية لممارسة عملها بشكل قانوني

وأوضح سعيد أن الوزارة شددت إجراءاتها بهذا الشأن وطالبت جميع المكاتب برفع تقارير عن العمالة التي تم تسفيرها، إضافةً إلى تنفيذ حملات تفتيش من حين لأخر بصورة مفاجأة؛ لضبط المكاتب المخالفة وإحالتها للجهات القانونية وإغلاقها

ودعا المواطنين إلى ضرورة التأكد من الجهات ومكاتب العمل التي تقوم ببيع وإصدار تأشيرات العمل

وحذر سعيد في ختام تصريحه من التعاطي مع الإعلانات الترويجية التي يتم نشرها عبر مواقع التشغيل الالكترونية المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلان المختلفة

العقوبة القانونية نظرة القانون لهذه القضية تحدث عنها الحقوقي والقانوني معاذ فارع، الذي قال لـ«المشاهد»: إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق بين الطرفين بخصوص تأشيرات عمل، فإن الحالة من الناحية القانونية تعد جريمة احتيال عن طريق الايهام

وأضاف: على من يقع ضحية لهذا الاحتيال رفع شكوى للنيابة، وهي بدورها تبدأ بالتحقيق، لاستكمال الاجراءات القانونية وإحاله المتهم إلى القضاء

وأشار فارع إلى أن قانون العقوبات اليمني النافذ عرّف الاحتيال بأنه عبارة عن كذب يعززه خداع قولي أو فعلي؛ بغية إظهار أمر على غير حقيقته؛ بقصد الاستيلاء على مال أو فائدة مملوكين للغير

كما أن القانون اليمني نص على معاقبة من يمارس تلك الحيل بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، ودفع غرامة مالية تصل إلى المبلغ المحتال به، ونص على أحقية المجني عليه بطلب التعويض عن الضرر الذي لحق به، بحسب فارع

واختتم: القانون يشدد العقوبة على الجاني عندما يستخدم وثائق مزورة في الاحتيال، بعقاب يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات، ويمكن تشديد هذه العقوبات في حالات معينة مثل إذا كان الفاعل يؤدي بالجريمة إلى خسائر مادية كبيرة

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير