تحديات مستمرة تواجه الوحدة اليمنية
منذ 8 أشهر
تحققت الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو/أيار 1990، وكان المواطن اليمني حينها يحلم بدولة تتحقق فيها المواطنة المتساوية والرفاهية والخلاص من معاناة الحروب والأزمات
كانت تلك آمال الشعب، وما زالت الآمال لم تتحقق حتى اليوم
بعد الوحدة، بدأت الصراعات من أجل الاستحواذ على السلطة والثروة، ودخلت البلاد في حروب متعددة ومآس مستمرة، وأصبح الكثير من المواطنين، بخاصة في الجنوب، يرون أن الوحدة كانت سببًا للمعاناة التي يعيشونها اليوم
لا زال الجدل عن الوحدة قائما في اليمن، فالبعض يرى أن البلاد دون وحدة ستكون ضعيفة وممزقة، والبعض يعتقد أن بقاء الوحدة في مثل هذه الظروف سببًا للمزيد من الصراعات والمعاناة
في الذكرى الرابعة والثلاثين من تحقيق الوحدة اليمنية، يضع بعض السياسيين والأكاديميين العديد من الأسباب التي أدت إلى تحول الوحدة من نعمة إلى نقمة، ومن النجاح إلى الفشل طوال الثلاثة العقود الماضية
عوني قنديل، أستاذ بالجامعة العربية وزميل أكاديمية ناصر العسكرية، يرى أن سبب فشل مشروع الوحدة اليمنية هي المؤامرات التي أحيكت ضدها منذ أول يوم من الإعلان عنها
يضيف: “تلك المؤامرات كانت كفيلة بإسقاط الوحدة اليمنية في مهدها، ولكن اليمنيين في الشمال والجنوب كانوا يتصدون لتلك المؤامرات، دون شعور منهم وبدافع وطني”
يتابع قنديل: “المتتبع للمشهد اليمني منذ إعلان الوحدة يدرك جيداً كيف أن جماعات ودول لم يروق لها أن يكون اليمن بلداً موحدًا وقويًا تجتمع فيه الأطراف اليمنية التي تستفيد من خيرات وثروات هذه الأرض اليمنية”
توفيق علي، الصحفي بصحيفة الإندبندنت عربية البريطانية، يُرجع سبب الصراعات عقب الوحدة اليمنية إلى القيادات السياسية التي حكمت دولة الوحدة، ويقول توفيق لـ “المشاهد”: “تحولت الوحدة من مشروع وطني جامع للنهوض باليمن في دولة وطنية قوية، تحول هذا الحلم للأسف من الحنين الى الأنين، ونظر الساسة في اليمن إلى الوحدة بمثابة المشروع السياسي الذاتي، وتحولت من الإنجاز إلى التهمة باعتبار أن صناعها حولوها من استحقاق وطني لبناء دولة كبيرة بجغرافيتها وطموحاتها ومشروعها السياسي، تحولت إلى مشروع ذاتي وظلم “
يقول علي أن حرب 1994 حولت الوحدة من مشروع وطني إلى مشروع فيه غالب ومغلوب، ما تسبب بجرح غائر لدى أهالي الجنوب الذين اعتادوا على أن دولتهم كانت تتميز بأنها دولة وطنية تقوم على قدر لا بأس به من قيم العدالة الاجتماعية والتطور في الخدمات
دول وتكتلات أعلنت اتحادها قبل الوحدة اليمنية كالإمارات العربية التي اتحدت سنة 1971، لكنها شهدت طفرات اقتصادية وسياسية
في عام 1990، تم الإعلان عن ألمانيا كدولة اتحادية في 3 أكتوبر/تشرين الأول، حيث ضمت جمهورية ألمانيا الديمقراطية، أو ما كان يعرف بألمانيا الشرقية، إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية
الصحفي سمير زقوت، مدير تحرير جريدة الأمة المصرية، يقول لـ “المشاهد”: “لو تمت المقارنة بين حال جمهورية ألمانيا الديمقراطية التي تخلت عن سيادتها مقابل الانضمام إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية وحال اليمن اليوم لوجدنا بونًا شاسعًا”
يضيف زقوت: “ألمانيا شهدت نهضة في كافة المجالات بينما تراجع وتخلف وضع اليمنيين لأكثر من ستين عاماً
نجحت الوحدة في ألمانيا لأن قادتها السياسيين منعوا التدخلات الخارجية في بلادهم، ولأنهم احتكموا للقوانين التي نظمت العلاقة بين الشعب وقيادته”
يتابع: “لكن الوحدة في اليمن لم تنجح لارتباطات قيادات وزعامات ومؤسسات معينة بالخارج، فمنهم من يرتبط بالسعودية وينفذ أجندتها، وآخرون مرتبطون بإيران والإمارات، وتلك الدول لن تقبل بيمن موحد قوي
لذا، يمكن القول إن العقبة التي تعرقل استمرار الوحدة في اليمن هو تعدد الأجندات الخارجية، لا الداخلية”
الدكتور أشرف عقل، دبلوماسي شغل منصب السفير المصري لدى اليمن لسنوات طويلة، ثم مساعدا لوزير الخارجية المصري، يبدو متفائلاً حيال مستقبل الوحدة اليمنية
ويرى في حديثه لـ “المشاهد” أن الوحدة اليمنية ما تزال باقية ولم تفشل، مشيرًا إلى أن الوحدة في اليمن تحققت بصعوبات بالغة رغم أن الشعب اليمني شعب واحد سواء في الشمال أو الجنوب، فجميعهم تربطهم وشائج الأنساب والمصاهرة والأصل الواحد
ويرى عقل أيضاً أنه أصبح من المهم الحفاظ على وحدة اليمن لأننا اليوم في عالم الكيانات الكبيرة، فالدول التي تتشظى ستذهب إلى النسيان
يشير عقل أن السبب الرئيس في إفشال الوحدة هو ما قامت به جماعة الحوثي في 21سبتمبر/أيلول 2014
يضيف: ” ما حدث في اليمن من استيلاء جماعة الحوثي على الحكم بالقوة هي مدة مؤقتة، فحتما سيعود اليمن وحدويًا جمهوريًا كما كان، ولن يتحقق ذلك إلا بسواعد أبناءه”
الكاتب السوري إبراهيم حمدي يرى أن الوحدة اليمنية نجحت، ولكن تم العمل على إفشالها، ويرى أن الفساد الذي ضرب الدولة كان سببا رئيسيا في إعادة الانقسام بين الشمال والجنوب
يقول حمدي لـ”المشاهد”: “الوحدة نجحت في اليمن لأن عواملها موجودة وهي التاريخ واللغة والثقافة والقبائل الواحدة، ولكن الفساد هو من أضر بها
الوحدة موجودة وستبقى لأن اليمن امتداد للعرب، وليس لشماله و جنوبه فقط”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير