تحويلات المغتربين اليمنيين: شريان اقتصادي في زمن الحرب
منذ 4 أشهر
تعز- ملاك الشرجبياضطر فهد الشرعبي، 50 عامًا، عامل بناء بالأجر اليومي في تعز، إلى دفع الابن الأكبر للهجرة، في ظل تضاؤل فرص العمل وتفاقم الأزمة المعيشية واستمرار الصراع العسكري في اليمن منذ عام 2015
منذ ست سنوات، يعتمد فهد على المبالغ المالية التي يرسلها شهريًا ابنه المغترب في المملكة العربية، وتساعده تلك المبالغ في توفير المتطلبات المعيشية للأسرة المكونة من سبعة أفراد
أسرة فهد واحدة من قرابة مليون أسرة يمنية تعتمد بشكل أساسي على حوالات أفرادها المغتربين في الخارج، إذ أسهمت تلك الحوالات في التخفيف من ظروف المعيشة البائسة وتلبية الحد الأدنى من مقومات المعيشة
يقول “فهد الشرعبي” في حديثه لـ”المشاهد”:”بعد تدهور الأوضاع بسبب الحرب وعدم قدرتي على إعالة أسرتي، استلفت قيمة تأشيرة لابني من أجل توفير مصدر دخل بعد أن انقطعت عن عملي كمعلم بناء
خلال السنوات، نعتمد بشكل أساسي على المبلغ الشهري، بخاصة بعد إصابتي بانزلاق في العمود الفقري”
وتعد السعودية الوجهة الأولى للمغتربين اليمنيين، حيث تصدر عدد المغتربين اليمنيين قائمة المقيمين في السعودية، حسب إحصائية نشرتها المملكة العربية السعودية
وأكدت الإحصائية أن عدد اليمنيين المغتربين في السعودية بلغ حتى نهاية 2022، 1,803,469 شخصًا، بينهم 1,334,481 ذكرا، و468,988 أنثى
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول شوقي: “لو قررت مواصلة الدراسة في اليمن، كنت سأواجه صعوبات مالية كبيرة
اليوم، استطيع الإنفاق على أسرتي وزوجتي بسبب عملي في الغربة
التخلي عن التعليم الجامعي دفعت الحرب في اليمن الكثير من الشباب إلى الاغتراب، والتخلي عن مواصلة التعليم الجامعي، إذ تعجز ملايين الأسر في توفير متطلبات المعيشة، وأصبح الحصول على التعليم الجامعية مستحيلًا في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها اليمن
شوقي المخلافي، 24 عامًا، تخرج من الثانوية قبل أربعة أعوام، وكان يحلم بدراسة الإعلام، لكن ظروف البلاد آنذاك حالت دون تحقيق حلم الطفولة في أن يكون مذيعًا على شاشة التلفاز
قرر شوقي السفر إلى السعودية، بحثًا عن عمل يضمن له توفير متطلبات المعيشة
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول شوقي: “لو قررت مواصلة الدراسة في اليمن، كنت سأواجه صعوبات مالية كبيرة
اليوم، استطيع الإنفاق على أسرتي وزوجتي بسبب عملي في الغربة
أصدقائي الذين واصلوا الدراسة تخرجوا ولم يجدوا عملًا، والبعض منهم قرر الهجرة إلى دول أخرى
”يضيف شوقي: “صحيح أني تركت أحلامي بأن أصبح إعلاميًا، لكن وضع البلاد لا يسمح لي أن أواصل الدراسة
تتعب وتدرس، وفي النهاية لا تجد وظيفة أو عمل
حتى إن توظفت، ستحصل على راتب لا يغطي المتطلبات الأساسية للمعيشة
”وكانت دراسة ممولة من منظمة «يونيسف» الأممية أشارت إلى أن معدل البطالة في اليمن ارتفع إلى مستويات كبيرة خلال الفترة من 2014 إلى 2020، ووصل إلى 32%من إجمالي القوى العاملة، متجاوزاً ضعف ما كان عليه في 2014، البالغ 13
5%
الصحفي الاقتصادي وفيق صالح يقول لـ “المشاهد”: “تحويلات المغتربين في الوقت الراهن تمثل المصدر الوحيد للنقد الأجنبي الذي يتدفق إلى البلاد ويحقق التوازن النسبي بين العرض والطلب على العملات الأجنبية
“وتد الاقتصاد الوطني”شهد الوضع الاقتصادي تدهورًا كبيرًا خلال سنوات الحرب، إذ وصل سعر صرف الريال خلال العام 2024 إلى مستويات متدنية غير مسبوقة منذ بداية الصراع بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي(أنصار الله)، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 2086 ريال يمني، في حين بلغ صرف الريال السعودي 540 ريال يمني، في المحافظات التابعة للحكومة اليمنية
وفقاً للإحصائيات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في عام 2024، بلغ حجم التحويلات المالية من السعودية إلى اليمن ما يقارب 3
2 مليار دولار أمريكي خلال العام الماضي ويعكس هذا الرقم الأهمية الكبيرة لهذه التحويلات في دعم الاقتصاد اليمني، وتحسين مستوى معيشة مئات الآلاف من الأسر
الصحفي الاقتصادي وفيق صالح يقول لـ “المشاهد”: “تحويلات المغتربين في الوقت الراهن تمثل المصدر الوحيد للنقد الأجنبي الذي يتدفق إلى البلاد ويحقق التوازن النسبي بين العرض والطلب على العملات الأجنبية، بخاصة في ظل تعطل كافة الصادرات الأخرى التي تدر على خزينة الدولة عملة أجنبية
نستطيع القول إن تحويلات المغتربين ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني في اليمن
”يضيف: “بعد توقف صادرات النفط الخام من اليمن وبعد توقف المنح المالية الدولية، أصبحت تحويلات المغتربين هي المصدر الأكبر للعملة الصعب
مئات الآلاف من الأسر اليمنية تعمد على تحويلات المغتربين كمصدر وحيد للعيش، وبالتالي لا يمكن في أي حال من الأحول الاستغناء عن تحويلات المغتربين، لأنها وتد الاقتصاد اليمني”
يقترح وفيق على الحكومة أن تعمل على توقيع اتفاقيات مع الدول التي يتواجد فيها اليمنيين، بما يمكنهم من الانخراط في سوق العمل وتأهيلهم بشكل جيد لرفع أجورهم ورواتبهم، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على الداخل اليمني ويرفع من منسوب التحويلات المالية
ومع استمرار الحرب والتدهور الاقتصادي، تظل الحوالات المالية للمغتربين اليمنيين مصدر دخل لمئات الآلاف من الأسر، وتسهم أيضًا في توفير مبالغ كبيرة من العملة الصعبة التي يحتاج إليها التجار والمستوردين، في ظل توقف تصدير النفط جراء الصراع المتواصل بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي (أنصار الله)
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير