تخفيض سعر الديزل: إنعاش للزراعة بحضرموت

منذ 6 أشهر

حضرموت- أشرف الصوفييعتمد أيوب سالم، 60 عامًا، على سيارته التي تعمل بالديزل لنقل محصولاته الزراعية من مزارعه إلى مدينة سيئون

وخلال عقود من الزمن، يعتمد أيوب على هذه المهنة لتأمين متطلبات المعيشة

في الأشهر الأخيرة، تزايدت الصعوبات المعيشية والاقتصادية التي واجهها أيوب في ظل تصاعد أسعار الديزل، حيث وصل سعر اللتر الواحد إلى 1500 ريال يمني، مما شكّل عبئًا ثقيلًا عليه، وتهديدًا لمصدر رزقه

تراجعت العائدات المالية من الأنشطة الزراعية بحضرموت نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج، وأصبح الحفاظ على استدامة العمل الزراعي تحديًا صعبًا في ظل التصاعد المستمر لأسعار الوقود

لكن قرارًا محليًا صدر في 25 أكتوبر بتخفيض سعر الديزل إلى 800 ريال، أحدث حالة من التفاؤل بين المزارعين، ومنحهم بارقة أمل في تخفيف الضغوط التي تواجههم

وقال القرار إنه وبعد الاطلاع على القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأن السلطة المحلية ولائحته التنفيذية، ولما تقتضيه المصلحة العامة، قُرر في المادة (1) تخصيص كمية ثلاثمائة وخمسون ألف لتر ديزل للمواطنين من إجمالي كميات ديزل، بترومسيلة لتغطية السوق المحلي بشكل يومي وبسعر ثمانمائة ريال يمني للتر الواحد، على أن يتم التوزيع وفق آلية تضبط ذلك

يقول المزارع أيوب لـ “المشاهد”: “لم يعد المحصول الزراعي يكفي لتغطية النفقات بسبب ارتفاع أسعار الديزل، ومع هذا التخفيض، نأمل أن يتحسن دخلنا ونستعيد استقرار حياتنا بعض الشيء

”على الرغم من مشاعر الارتياح التي ظهرت على المواطنين بخاصة المزارعين، تتردد تساؤلات حول مدى استمرارية هذه الإجراءات

خالد عوض، مواطن من حضرموت، يتوجس من أن يكون هذا الحل مؤقتًا، ويعبر عن قلقه قائلًا: “نحن سعداء بالقرار، لكن نخشى أن تعود الأسعار للارتفاع مجددًا لأن الأسباب الأساسية لغلاء الوقود لم تُحل بعد

”يشير خالد إلى أن الاحتجاجات القبلية المتواصلة شكلت ضغطًا على الحكومة، مما أجبرها على اتخاذ هذا القرار، دون معالجة جذرية للأزمة الاقتصادية

يرى الدكتور محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة حضرموت، أن تخفيض سعر الديزل قد يخفف العبء على المواطنين، شرط أن يتم تنفيذه بآلية تضمن وصول فوائده لجميع المواطنين، مما قد يسهم في خفض أسعار النقل الداخلي والمواد الأساسية وإنعاش الأنشطة الزراعية

الحاجة لحلول بعيدة المدىتُعد حضرموت واحدة من أكبر محافظات اليمن النفطية، إذ تنتج نحو 40 ألف برميل يوميًا، وتشكل صادراتها أكثر من 80% من صادرات النفط اليمني

منذ أكتوبر 2022، توقفت معظم الصادرات بعد تعرض مواني حضرموت لهجمات من قبل جماعة الحوثي (أنصار الله)

أثرت تلك الهجمات بشكل مباشر على المورد الاقتصادي الرئيسي للبلاد، والذي يشكل نحو 70% من موازنة الدولة في ظل التحديات الاقتصادية العميقة التي فرضتها الحرب

يرى الدكتور محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة حضرموت، أن تخفيض سعر الديزل قد يخفف العبء على المواطنين، شرط أن يتم تنفيذه بآلية تضمن وصول فوائده لجميع المواطنين، مما قد يسهم في خفض أسعار النقل الداخلي والمواد الأساسية وإنعاش الأنشطة الزراعية

يقول الكسادي لـ “المشاهد”: “مع أن القرار مهم، إلا أنه يحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان تأثيره الإيجابي على المواطنين بشكل فعلي

”يؤكد الكسادي أن مشكلة حضرموت الاقتصادية تتجاوز قضية ارتفاع أسعار الديزل، حيث تواجه المحافظة تحديات تتعلق بالاقتصاد اليمني ككل، مثل تدهور العملة، وتراجع إيرادات الدولة، وغياب الاستقرار الأمني والسياسي

ويوضح الكسادي قائلًا: “حضرموت جزء من أزمة اليمن، ولا يمكن حل مشاكلها بمعزل عن الحلول الشاملة التي تعالج جذور الأزمة الاقتصادية، والتي تتعلق أساسًا بغياب الاستقرار السياسي وضعف البنية التحتية

”إن التخفيف من الأزمة الاقتصادية في حضرموت يتطلب تنويع مصادر الدخل واستغلال الموارد المتاحة في المحافظة، سواء في مجال الزراعة، أو قطاع الصيد، أو الصناعات الغذائية، إلى جانب تنمية السياحة الدينية والثقافية، وهي قطاعات تمتلك المحافظة فيها إمكانات كبيرة، وفقًا للكسادي

ومع أن تخفيض سعر الديزل يعد خطوة للتخفيف من الأزمة المعيشية في حضرموت، إلا أن الطريق نحو الاستقرار لا يزال طويلًا

يتطلب الاقتصاد اليمني إجراءات أكثر شمولًا لضمان موارد إيرادية مستدامة، ومواجهة التهاوي المستمر للعملة الوطنية، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير