تداعيات الاحتجاجات الإيرانية في اليمن

منذ 2 سنوات

تعيش إيران على صفيح ساخن في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية التي تنتشر في غالبية المدن الإيرانية، وهي الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة الشابة مهسا أميني في مركز احتجاز للشرطة في 16 سبتمبر

تزايد الاحتجاجات الشعبية أمست تؤرق قادة النظام الإيراني الذين باتوا يخشون سقوط النظام، خاصة بعد عجزهم عن احتواء وإيقاف هذه الاحتجاجات على الرغم من استخدامهم للقوة المفرطة في سبيل إخماد الاحتجاجات

تعد هذه الاحتجاجات هي  الأكبر في تاريخ النظام الحالي في إيران  حيث تتواصل الإحتجاجات في أغلب المدن الإيرانية وسط سقوط قتلى 201 شخصا من المحتجين بينهم 23 طفلا حتى منتصف أكتوبر حسب منظمة حقوقية إيرانية غير حكومية

وقدد هدد قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي في 17 أكتوبر الماضي السعودية على خلفية تغطيتها الإعلامية للإحتجات القائمة في بلاده متهما السعودية بتحريض الشباب الإيراني

وقال سلامي أن “سياسة حكومته مع ابلدان المجاورة قائمة على الصداقة وحسن الجوار لكن هذه السياسة ستتغير في حال عرض جيرانها أمن إيران للخطر”

وكما ألقت الاحتجاجات بظلالها على الداخل الإيراني، فقد شمل تأثيرها الجماعات المسلحة الموالية للنظام الإيراني في المنطقة العربية، وأبرزها حزب الله في لبنان، وحزب الدعوة في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن

يرى المحلل السياسي نبيل البكيري في حديثه لـ “المشاهد” أن طهران رأس مشروع مسيطر على أربع عواصم عربية، وأي حدث يؤثر على أداء طهران ويربكها ويهددها بالتأكيد يؤثر على كل المليشيات التابعة لطهران”

ويرى البكيري أن جماعة الحوثي هي أهم أذرع طهران في جنوب الجزيرة العربية وتمثل لإيران ذراع متقدم على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن وشرق افريقيا عموما، وبالتالي هذا يعني أهمية الحوثي لإيران والعكس، ومن ثم أي تراجع وضعف للموقف الايراني الداخلي هو بالتأكيد تراجع وتهديد لأذرعها في المنطقة كلها واليمن تحديدا”

ويشير البكيري إلى أن ايران في وضع لا يسمح لها بدعم الحوثي ماليا، وبالتالي لن يكون هناك تأثير مالي للاحتجاجات الإيرانية على جماعة الحوثي، لكن عسكريا وسياسيا ستنعكس الاحتجاجات الايرانية سلبا على الحوثيين، فمعظم تكنولوجيا المسيرات والصواريخ هي إيرانية والخبراء أيضا، وهؤلاء في حال اشتداد الاحتجاجات واستمرارها سيتوقفون عن أي دور بسبب الانشغال الايراني الداخلي”

بدوره يرى الناشط رامز الشارحي في حديثه لـ “المشاهد” أن استمرار الاحتجاجات في إيران، يعني انشغال النظام الإيراني بمشاكله الداخلية

وهذا سيؤثر بالتأكيد على إدارة ملفاته الخارجية، خصوصاً في اليمن، الجبهة الأكثر اشتعالا وحضورا في المشهد الدولي

”ويقول: استغلال إيران لهذه الورقة في مصالحها الاستراتيجية والاتفاق النووي نتيجة سيطرة جماعة الحوثي على منطقة جغرافية على حدود السعودية المحطة العالمية والمهمة للوقود كما يراها الغرب بعد الحرب الاوكرانية الروسية”

ويضيف “الشارحي” إن خيارات إيران محدودة مع تصاعد الاحتجاجات ولا يستبعد أن تصعد حربها في اليمن لإستهداف مناطق حيوية في السعودية هروباً من حالة المد الشعبي الداخلي واتهام مسؤوليها للنظام السعودي بشكل مباشر في تأجيج الاحتجاجات وتغذيتها عبر الوسائل الإعلامية، مع رغبة أمريكا والأمم المتحدة لتجديد الهدنة واستقرار الوضع في المنطقة

”هذا الخيار ممكن في حال تمكن النظام الإيراني من التماسك وخلط قواعد الصراع”

ويشير “الشارحي” إلى أنه في حال تصاعدت موجة الاحتجاجات وبدأت مؤشرات النظام الإيراني تتهاوى سيعود الأمر سلباً على الحليف الحوثي عبر تنامي أصوات الرفض الموجودة بشكل واسع في مناطق سيطرة الحوثيين، هذه الاصوات تنتظر فرصة مؤاتية للخروج

وفي الحقيقة مناطق الحوثي ليست مستقرة، تكاد تكون أشبه بجبهات حرب غير رسمية، وفي حال فقد النظام الإيراني السيطرة ستخرج صنعاء وكل مدن البلاد دون تردد وتمتلك الحكومة الشرعية أوراق تصعيد مؤثرة بعد تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، والإشارة إلى إمكانية انسحاب الشرعية من اتفاق استكهولم الخاص بالحديدة والميناء الذي يغذي حروبهم عبر العائدات من المشتقات النفطية التي تحصل عليها جماعة الحوثي على شكل هبات مجانية من طهران”

جميع المؤشرات إذن تؤكد أن جماعة الحوثي ستتأثر سلبا من تزايد الاحتجاجات في إيران، باعتبار أن النظام الايراني يعد الداعم الأساس والرئة التي من خلالها تتنفس جماعة الحوثي

في السياق يشير الصحفي عمار علي أحمد في حديثه لـ “المشاهد” إلى أن الاحتجاجات في إيران سيكون لها تأثير على وضع الحوثيين بلا شك ، بل يمكن أن نقول أن ملامح هذا التأثير قد بدأ من خلال الاعتقالات الأخيرة التي طالت بعض النشطاء الشباب في مناطق سيطرتهم، وإعلان آخرين وقف نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ضغوط أسرية شديدة مورست عليهم بناء على تهديدات وصلت لها من قيادات حوثية”

ويضيف “عمار” أن الملاحظ ان الرابط بين هؤلاء كان نشاطهم البارز في إثارة قضية تحريف جماعة الحوثي للمناهج الدراسية ومن قبل قضية “نادي الخريجين” التي كشفت للجماعة مدى تأثير أصواتهم وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي حتى على أنصارها والموالين لها ، ورغم ذلك لم تتخذ حينها أي شيء ضدهم ، لكن الأمر اختلف مع اندلاع الاحتجاجات في إيران لذا شاهدنا الاعتقالات والترهيب

”ويؤكد “عمار” أن جماعة الحوثي تنظر للنظام في إيران كنموذج مثالي تسعى منذ سيطرتها على الحكم أواخر 2014م على تطبيقه في اليمن ، فالدور الذي يلعبه زعيمها عبدالملك يحاكي فيه دور المرشد في إيران ، بل حتى ما تتعرض له حالياً النساء في مناطق سيطرة الجماعة من قمع وتضييق تحت لافتات وذرائع مختلفة أخرها اشتراط وجود “محرم” للسماح لها بالسفر ، يحاكي ما يمارسه النظام في إيران بحق النساء والذي كان السبب في الاحتجاجات”

ويشدد “عمار” على أن نجاح هذه الاحتجاجات في إسقاط أو حتى في هز نظام المرشد في إيران الذي تراه جماعة الحوثي النموذج المثالي لها لا بد وأن تكون له تداعيات على الجماعة في اليمن بشكل من الأشكال، أقلها التأثير على استمرار أشكال الدعم المقدم لها من إيران في حالة سقوط النظام أو دخوله في دوامة من الفوضى”

ليصلك كل جديد