تداعيات توقف صادرات النفط على الحكومة اليمنية

منذ 2 سنوات

يهدد استمرار توقف صادرات النفط بعجز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا عن الوفاء بتعهداتها والقيام بالتزاماتها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وسط تساؤلات عن الحلول والإجراءات لتفادي هذه المشكلة

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توقف إنتاج النفط عقب هجمات لجماعة الحوثي (أنصار الله) بطائرات مسيّرة على موانئ نفطية خاضعة لسيطرة الحكومة جنوب شرقي البلاد

وجاءت تلك الهجمات عقب انتهاء الهدنة المبرمة بين الحكومة والحوثيين برعاية أممية، دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل/ نيسان الماضي، واستمرت ستة أشهر كأطول هدنة منذ بدء النزاع في مارس/ آذار 2015

وباتت الحكومة، اليوم، أمام تحدٍّ حقيقي جراء توقف تصدير النفط الذي تشكل نسبة كبيرة من عائداته لدفع رواتب الموظفين في ظل أسوأ أزمة إنسانية تعيشها البلاد جراء الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، إن حكومته ستواجه مشاكل في صرف رواتب الموظفين اعتبارًا من شهر ديسمبر الجاري

وأضاف في مقابلة مع قناة “العربية” الاثنين الماضي، أن تلك الهجمات “استهدفت البنى التحيتة، وأغرقت المضخة التي ستكلف الدولة أكثر من خمسين مليون دولار لإصلاحها في مدة لا تقل عن ستة أشهر”

وأثارت تصريحات العليمي مخاوف لدى شريحة كبيرة من الموظفين الذين يعتمدون في معيشتهم على الرواتب الحكومية والمعاشات التقاعدية، كما هو الحال مع محمد علي، تربوي يعمل في مدرسة حكومية بتعز، الذي اعتبر الأمر بأنه “مثير للقلق في ظل تدهور الوضع الاقتصادي”

وفي حين لا توجد إحصاءات حديثة بعدد الموظفين المدنيين والعسكريين العاملين في البلاد، وصل عدد الموظفين الحكوميين إلى 1

25 مليون موظف في 2014، وفق ورقة سياسات صادرة عن مبادرة إعادة تصور الاقتصاد اليمني

يقول علي لـ”المشاهد” إنه في حال انقطعت الرواتب سيزداد وضعه سوءًا، خصوصًا مع عدم توفر مصادر بديلة يمكن الاعتماد عليها في توفير احتياجاته الأساسية

وقبل اندلاع النزاع كانت رواتب القطاع العام تُشكّل أحد أكبر بنود الإنفاق في إطار الموازنة العامة للدولة، وبنسبة وصلت إلى 32% من الإنفاق الحكومي بين عامي 2001 و2014

وانعكست تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن صادرات النفط سلبًا على أسعار صرف العملة المحلية التي فقدت جزءًا من قيمتها في مناطق سيطرة الحكومة؛ إذ تجاوز سعر الدولار الواحد 1200 ريال، بعد أن شهد خلال الأشهر الماضية استقرارًا نسبيًا متأثرًا بعدد من الإجراءات التي اتخذها البنك اليمني المركزي في عدن

ودفع تراجع صرف العملة المحلية المجلس الرئاسي إلى إعلان التزامه باستمرار دفع رواتب الموظفين، والعمل بأدوات السياسة النقدية والمالية لكبح التضخم

وأنفقت الحكومة اليمنية خلال العام 2020 نحو 878 مليار ريال يمني على الرواتب والأجور في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بحسب بيانات البنك المركزي في عدن

ويعاني اليمن منذ عقود من بنية مالية ضعيفة في ظل الاعتماد على صادرات الطاقة، وخلال السنوات الماضية، كانت عائدات قطاع النفط تشكل نحو 70% من الموازنة العامة و30% من الناتج المحلي الإجمالي

سيؤدي استمرار توقف تصدير النفط الخام، إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية على الحكومة والمجلس الرئاسي، حسبما يفيد الصحافي الاقتصادي وفيق صالح، مشيرًا في حديث لـ”المشاهد”، إلى أن “الحكومة لم تنجح في تحقيق الاستقرار الاقتصادي حتى الآن، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لمعالجة كثير من الظواهر والاختلالات التي تشهدها قطاعات اقتصادية عدة في البلاد”

ويرى صالح أن الحكومة عقب توقف التصدير “بشكل مؤقت”، باتت “أمام مرحلة صعبة جدًا، تتطلب تكثيف الجهود والعمل بشكل دؤوب من أجل مواجهتها وتحقيق الأهداف المنشودة التي تلبي احتياجات ومطالب الشعب”

ويقول: “حتى قبل الهدنة المعلن عنها، كان هناك تحديات عدة تواجه الحكومة، مثل تشتت الموارد واستمرار تعطيل منشآت حيوية، إلى جانب الانقسام النقدي والمصرفي، ووجود طبعتين مختلفتين للعملة اليمنية”

وكانت هذه التحديات، وفق صالح، تستلزم من الحكومة “خطوات جبارة من أجل تجاوزها، والعمل على تلافي أضرارها على الوضع المعيشي لليمنيين، ومجمل الأوضاع في البلاد”

ومنذ 2016، يشهد البلد أزمة انقسام نقدي، تصاعدت حدتها عندما أصدر الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي قرارًا بنقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن

وأدت هذه الخطوة إلى وجود مركزين ماليين يعملان بشكل مستقل عن بعضهما؛ الأول في العاصمة المؤقتة عدن، والثاني في صنعاء، الأمر الذي تسبب في تضارب السياسات المالية والنقدية بالبلاد

ليصلك كل جديد