تدهور معيشي بحضرموت وسط أحداث متوترة

منذ 5 ساعات

 حضرموت – سهى محمدوسط معمعة التوتر السياسي والعسكري الذي تعيشه محافظة حضرموت، شرق اليمن، ثمة وضعٌ مسكوتٌ عنه يرزح تحته مواطنو المحافظة دون أن يلتفت إليه أحد

ذلك الوضع يتمثل في التدهور المعيشي؛ نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي تشهده جميع محافظات اليمن

لكن الأحداث الأخيرة في حضرموت سلطت الأنظار نحو الوضع المعيشي

وقالت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي أن الاضطرابات الاقتصادية المستمرة والصراع الاقتصادي بين حكومة جماعة الحوثي في صنعاء والحكومة في عدن يحد من قدرة وصول الأسر إلى الغذاء بالرغم من الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة لاستعادة قيمة العملة الوطنية

فاستقرار أسعار صرف العملات الأجنبية منذ أغسطس الماضي، لم ينعكس على أسواق محافظة حضرموت، التي تعيش موجة غلاء غير مبررة

وكأن الأسعار ما زالت وفق سعر الصرف القديم حين وصل الريال السعودي إلى حوالي 750 ريال يمني، في حين أن سعر الصرف اليوم مستقر عند حدود 425 ريالًا يمنيًا

ورغم هذا الفارق الكبير لا تزال الأسعار في المحال التجارية ومحال المواد الغذائية كما هي، دون أي انخفاض يُذكر

يثير هذا استياء المواطنين الذين يواجهون ضغوطًا معيشيةً متزايدةً وسط غياب الرقابة الحكومية على الأسواق بعد أن كانت مشددةً في الأيام الأولى من انخفاض أسعار الصرف

في جولة ميدانية بعدد من أسواق المكلا والشحر، عبّر مواطنون عن غضبهم

مشيرين إلى أن غياب الرقابة دفع بعض التجار لاستغلال الأوضاع الاقتصادية

يقول المواطن صالح بامطرف، وهو ربّ أسرة من مدينة الشحر: “كنا نأمل أن تنخفض الأسعار بعد استقرار الصرف، لكن الأسعار كما هي وقت انهيار الريال، والرواتب كما هي، والوضع لا يحتمل”

صالح بامطرف، وهو ربّ أسرة من مدينة الشحر: “كنا نأمل أن تنخفض الأسعار بعد استقرار الصرف، لكن الأسعار كما هي وقت انهيار الريال، والرواتب كما هي، والوضع لا يحتمل”

ويضيف أحد الباعة في سوق المكلا، طلب عدم نشر اسمه، أن التجار يبررون ارتفاع الأسعار بغلاء تكاليف النقل والمخزون القديم، رغم أن الكثير من البضائع الجديدة دخلت الأسواق بعد تحسن قيمة الريال

فيما تعكس تصريحات السكان معاناتهم اليومية

تحكي أم فؤاد من المكلا أن أسعار الأرز والزيت والحليب تضاعفت، دون أي زيادة في الراتب

تقول: “لا نرى أي فرقٍ في السوق، كل شيء غالي، وبعض الأسر بدأت تلجأ لبيع ممتلكاتها أو تستدين لتغطية احتياجاتها اليومية”

يوضح المختص بالشؤون الاقتصادية، مراد باكثير، أن استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية رغم استقرار سعر الصرف يعود إلى عوامل متعددة

ويأتي هذا في ظل ضعف الدولة عن السيطرة على السياسات المالية والنقدية، بحسب المختص الاقتصادي باكثير

ويرى أن التجار يواصلون تحمل تكاليف مرتفعة بالعملة المحلية، تشمل أجور العمال والنقل والجمارك، وهي تكاليف لم تنخفض مع تحسن سعر الصرف؛ ويحملونها على المستهلك

أما أسعار المحاصيل المحلية كالفواكه والخضروات؛ فإن تراجع أسعارها يحتاج وقتًا أطول يتجاوز ستة أشهر، نظرًا لتأثرها بعوامل العرض والطلب وتكاليف الإنتاج السابقة

 باكثير يعتقد أن الحكومة يمكنها التدخل بشكل جزئي عبر ضبط القيود التصديرية، أو تعديل الاستيراد لتخفيف الضغط على السوق دون الإضرار بالمزارعين والمنتجين

ويضيف: “ضعف المنافسة واحتكار بعض التجار لسلع أساسية كالأدوية والأغذية؛ يسهم في إبقاء الأسعار مرتفعةً على المدى المتوسط؛ مما يستدعي تعزيز الرقابة وتشجيع المنافسة لضمان توازن الأسعار”

ما يحدث في الأسواق ناتج عن غياب آليات الرقابة الفاعلة من الجهات الحكومية

فاستقرار سعر الصرف لا يعني بالضرورة استقرار الأسعار ما لم تكن هناك رقابة صارمة، وفقًا لباكثير

وفي ظل غياب الرقابة عما كانت عليه سابقًا يستمر البعض في البيع بأسعارٍ مرتفعةٍ؛ لتحقيق مكاسب إضافيةٍ غير مشروعة، على حساب المواطن

ويؤكد باكثير أن الرقابة مهمه جدًا في السوق، ورغم أن فعاليتها ليست كافية بالحد الذي يمكن جعل الأسعار مثل السابق

لكنها يجب أن تكون مستمرة ولا يجب أن تتوقف

يأتي هذا وسط مطالب المواطنين بضرورة وضع آلية رقابة دائمة وإجبار المحال على الالتزام بالتسعيرة الرسمية، إلى جانب نشر تقارير دورية عن الأسعار

وعن الحلول الاقتصادية العاجلة التي ينبغي على الحكومة اتخاذها يقدم المختص الاقتصادي مراد باكثير، بعضًا منها

ويقترح: تخفيض أسعار الخدمات والسلع التي تقدمها، وعلى رأسها الكهرباء والمشتقات النفطية؛ كونها تشكل العصب الأساسي لتحريك عجلة الاقتصاد

معتبرًا أن ارتفاع هذه التكاليف ينعكس على جميع أسعار السلع والخدمات في السوق

كما أن ضعف الإنفاق الحكومي أدّى إلى تراجع القوة الشرائية

ودعا باكثير إلى تحفيز الأسواق من خلال إعادة تنشيط المشاريع الحكومية، وتشجيع المنافسة بين الشركات والتجار لضمان توازن الأسعار

وفيما يتعلق بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا محدودي الدخل، فيشير باكثير إلى أنه يجب على الدولة دعم وتشجيع المصانع والمنتجين المحليين

بالإضافة إلى توفير تسهيلات تمكنهم من الاستمرار في الإنتاج وتخفيف أعباء التكاليف، كما يتعين على الحكومة تنظيم الأسواق ومراقبتها بفعالية؛ للحد من التلاعب بالأسعار وحماية المستهلكين من جشع بعض التجار

ووجّه باكثير رسالةً للسلطات بضرورة أن تكون الإصلاحات الاقتصادية شاملة ومتكاملة، تشمل السياسات المالية والنقدية معاً، وليس الاكتفاء بتثبيت سعر الصرف فقط

مشيرًا إلى أن استمرار الفساد الإداري والمالي، وعدم توريد الإيرادات العامة إلى البنك المركزي يعيق الدولة عن إدارة مواردها بكفاءة، ويضعف قدرتها على تحسين الخدمات أو دعم الإنتاج المحلي

مراد باكثير، مختص اقتصادي: استمرار الفساد الإداري والمالي، وعدم توريد الإيرادات العامة إلى البنك المركزي يعيق الدولة عن إدارة مواردها بكفاءة، ويضعف قدرتها على تحسين الخدمات أو دعم الإنتاج المحلي

وأضاف: “ارتفاع تكاليف الطاقة والمشتقات النفطية يجعل المنتجات المحلية أقل قدرةٍ على المنافسة مقارنة بالبضائع المستوردة”

ويرى باكثير أن هذا يؤدي إلى تراجع الإنتاج الوطني وخروج رؤوس الأموال إلى الخارج، في ظل التسهيلات الاستثمارية التي تقدمها دول الجوار

وكانت الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد أحالت في فبراير الماضي 204 جهة إيرادية إلى القضاء بتهم عدم توريد عائداتها إلى الخزينة العامة من بينها شركات نفطية ومكاتب تحصيل الواجبات الضريبية والزكوية والجامعات الحكومية

ويوصي باكثير بضرورة إعادة تفعيل الرقابة الميدانية على الأسواق، وتشديد الحملات التفتيشية؛ لضمان التزام التجار بالتسعيرات الرسمية للسلع الأساسية

بالإضافة إلى تحديث الأسعار بشكل دوري بما يتناسب مع استقرار سعر الصرف الحالي، منعًا لاستغلال المواطنين أو التلاعب بالأسعار

كما يقترح إنشاء آلياتٍ واضحة لتلقي شكاوى المستهلكين ومتابعتها، إلى جانب نشر بياناتٍ رسميةٍ حول الأسعار لتعزيز الشفافية والمراقبة المجتمعية

ودعا إلى تنفيذ برامج لدعم القدرة الشرائية للفئات محدودة الدخل عبر سلال غذائية أو دعم نقدي مباشر

إضافة إلى التنسيق بين الجهات الاقتصادية والأمنية لضبط الأسواق، ومنع الاحتكار والمضاربة، بما يحمي المستهلك ويحقق توازن اقتصادي في السوق المحلية

وختامًا، بين استقرار سعر الصرف واستمرار ارتفاع الأسعار، يعيش المواطن الحضرمي أزمةً مزدوجة بين ثبات العملة من جهةٍ وتدهور معيشته اليومية من جهة أخرى

وبين صمت الجهات المسؤولة وغياب الضوابط يبقى الشارع في انتظار تحركٍ عاجل وواقعي يعيد توازن الأسواق، ويخفف عن الأسر أعباء الغلاء غير المبرر

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن