تصدّر السعودية عربياً بصناعة الصلب ب7 ملايين طن

منذ 3 ساعات

بحسب تقرير نشرته منصة ريسيرش آند ماركتس (أكبر منصة لأبحاث السوق في العالم) في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، فإن إنجاز السعودية بشأن الصلب يعود إلى عدة عوامل محورية، أولها التوسع الاستثماري الضخم الذي أطلقته المملكة ضمن برنامج رؤية 2030، حيث خصصت استثمارات تتجاوز 12 مليار دولار لتطوير مشاريع الصلب ورفع طاقة الإنتاج المحلية، ما مكنها من تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي

حيث بلغ إنتاج السعودية من الصلب نحو 7 ملايين طن خلال الأشهر الثمانية الأولى في عام 2025، بنمو يقارب 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما جعلها تتصدر إنتاج الصلب على مستوى العالم العربي، وقدّم مؤشراً على نقلة نوعية في هذا القطاع لديها

   وعلى الصعيد التقني، أشار تقرير رابطة الصلب العالمية الصادر في 13 أكتوبر/ تشرين الأول إلى اعتماد مصانع الصلب السعودية بشكل متزايد على تقنيات صهر الصلب منخفضة الكربون، مثل الأفران الكهربائية وتقنيات الاختزال المباشر باستخدام الغاز الطبيعي بدلاً من الفحم الصلب، الأمر الذي خفض تكاليف الإنتاج وحسن جودة المنتج النهائي، فضلاً عن تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع كبرى شركات الصلب العالمية

وأوضح التقرير أن كل هذا ساهم في نقل الخبرات والابتكارات وتوطين مراحل متقدمة من سلسلة القيمة داخل السعودية

 وأدت الوتيرة المتسارعة لمشاريع البنية التحتية والإسكان الحكومية تحت مظلة برنامج سكني إلى ارتفاع الطلب على منتجات الصلب، خاصة حديد التسليح والهيكليات الفولاذية المستخدمة في المباني السكنية

ومع تحسن الإمدادات المحلية وتراجع أسعار الصلب في السوق السعودي، أشار تقرير رابطة الصلب إلى أن مشاريع سكني ستشهد انخفاضاً في التكاليف الإنشائية وتسريعاً في وتيرة تنفيذ مشاريع وحدات الإسكان الجاهزة، ما يعزز قدرة البرنامج على تحقيق أهدافه في توفير ملايين الوحدات السكنية للمواطنين

 السعودية تنتج 50% من صلب الخليج وفي هذا الإطار، أشار الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـالعربي الجديد، إلى أن الإنتاج السعودي من الصلب يشكل نحو 50% من إجمالي إنتاج دول الخليج، وأكثر من ربع إنتاج الدول العربية مجتمعة

ويعزو هذا التفوق إلى الاستثمارات الضخمة التي ضختها المملكة في القطاع، إلى جانب التوسع في إنشاء المصانع واعتماد تقنيات إنتاج متطورة وصديقة للبيئة، مشيراً إلى أن الشركة السعودية للحديد والصلب لعبت دوراً محورياً في تلبية الطلب المتزايد على منتجات الصلب في قطاعات رئيسية، مثل الإنشاءات والطاقة، مضيفاً أن هذا الإنتاج المحلي الوافر يخفض تكاليف مشروعات الإسكان عبر ضمان استمرارية الإمدادات، ما يعزز تنفيذ برامج التطوير العقاري الحكومية ويدعم هدف رفع نسبة تملك المنازل

وأكد عايش أن توفر الصلب محلياً يسهم في خفض أسعار مواد البناء، ما يجعل السكن أكثر تيسيراً للمواطن السعودي، خاصة عند دمجه مع برامج التمويل والقروض الميسرة، لافتاً إلى أن المملكة تسعى لأن يكون قطاع الصلب إحدى الركائز الفاعلة في اقتصادها، ليس فقط لدعم القطاع العقاري، بل أيضاً لتعزيز القدرة التنافسية في جذب الاستثمارات وتنفيذ المشاريع الكبرى، ما ينعكس إيجاباً على كل الاقتصاد الوطني

 الاستراتيجية الصناعية وفي السياق، أكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لـالعربي الجديد، أن السعودية تعد اليوم في طليعة الدول العربية من حيث إنتاج الصلب وتصديره، بفضل مجموعة من العوامل الداعمة التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030، أبرزها وضع استراتيجية صناعية طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتخفيض الاعتماد على النفط، وهي الاستراتيجية التي تضع قطاع الحديد والصلب في قلب الاهتمام باعتباره إحدى الركائز الصناعية الأساسية التي من المفترض أن تساهم بشكل متزايد في الناتج المحلي الإجمالي

 وأضاف عجاقة أن السعودية استثمرت مليارات الدولارات في مشاريع ضخمة ضمن هذا القطاع، بدعم مباشر من الصناديق الاستثمارية السيادية، كما أن الطلب المحلي على الصلب شهد نمواً كبيراً، نظراً إلى حاجة مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني، مثل الطرق والجسور والمدن الجديدة والمشاريع السكنية، إلى كميات هائلة من الحديد، وهذا الطلب الداخلي القوي يشكل حافزاً طبيعياً إلى زيادة الإنتاج وتعزيز الكفاءة

 وذكر الخبير الاقتصادي أن السعودية بدأت بالاستثمار في ما يُعرف بـالصلب الأخضر، أي الصلب المنتج بتقنيات منخفضة الكربون تعتمد على مصادر طاقة نظيفة، ما يقلل البصمة البيئية للصناعة، مشيراً إلى أن تكلفة الغاز المنخفضة في المملكة نسبياً تمنح المنتج السعودي ميزة تنافسية كبيرة، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل حتى العالمي، لافتاً إلى أن دول الخليج تُنتج اليوم أكثر من 50% من إجمالي الصلب العربي، مع تصدر السعودية لهذا المشهد بوضوح، إذ طورت المملكة بنى تحتية متقدمة للتصدير، ما يعزز قدرتها على لعب دور رئيسي في سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية

 الانعكاس على برامج الإسكان وفي ما يتعلق بانعكاس هذا التطور على مشاريع الإسكان الحكومية، يرى عجاقة أن توفر الصلب محلياً وبجودة عالية يُسهّل تنفيذ المشاريع السكنية بكفاءة وسرعة، ويقلل التكاليف، ما يدعم برامج الإسكان الحكومية والخاصة على حد سواء

وأوضح أنه بالنظر إلى كون الإنتاج محلياً، تصبح سلاسل التوريد أقصر، ولا توجد تأخيرات في تسليم المواد، ما يسرّع وتيرة الإنجاز ويضمن جودة أعلى عبر إمكانية ضبط مواصفات الحديد المستخدم في المشاريع

 وعلى المستوى الاقتصادي العام، أشار عجاقة إلى أن هذا التوسع يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات متعددة، من الصناعة إلى النقل والخدمات، ما يسهم في تحفيز الاقتصاد السعودي، وشدّد على أن كل هذه الجهود ليست عشوائية، بل تنسجم تماماً مع رؤية 2030، التي تسعى إلى جعل الصناعة، وخاصة قطاع الصلب، ركناً أساسياً في هيكل الناتج المحلي الإجمالي

وخلص إلى تأكيد أن المشاريع الجارية اليوم، سواء في الإنتاج أو الإسكان أو البنية التحتية، تُظهر بوضوح أن السعودية تسير بخطى مدروسة نحو اقتصاد متنوع ومستدام، لا يعتمد على النفط وحده، بل على صناعات وطنية قادرة على المنافسة عالمياً

المصدر : العربي الجديد