تطلعات وهموم العام الجامعي الجديد بتعز
منذ 2 سنوات
في منتصف سبتمبر/ أيلول القادم، تفتح جامعة تعز أبوابها لعام جامعي جديد، ويتدفق الآلاف من الطلاب إلى الأقسام الدراسية المختلفة
محمد عبدالرحمن، 19 عامًا، واحد منهم، ويعتزم التسجيل في كلية التربية
يبدو متحمسًا، وفخورًا بنفسه لأنه سيصبح طالبًا جامعيًا
لكنه لا يستطع إخفاء همومه بشأن هذه التجربة التعليمية الجديدة، إذ يدرك أن الدراسة الجامعية ليست مجانًا، وليس ممكنًا الانضباط في الجامعة دون دعم مالي
هذا هو التحدي الأبرز الذي يواجهه الآلاف من الطلاب أمثال عبدالرحمن، نظرًا للظروف الاقتصادية البائسة التي تشهدها البلاد
في ظل غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، يقول عبدالرحمن لـ”المشاهد”: “قد أضطر للتوقف ذات يوم عن الدراسة في الجامعة، أو التغيب عنها، وأعمل على عربة صغيرة وأبيع البطاطا والبيض كما كنت أفعل حينما كنت طالبًا في المدرسة”
منذ اندلاع حرب اليمن عام ٢٠١٥، تزايدت التحديات التي يواجهها طلاب الجامعات، وتراجعت جودة التعليم، وتناقص إقبال الطلاب على العديد من التخصصات الجامعية
في جامعة تعز مثلًا، وصل عدد الملتحقين في الجامعة إلى 7500 طالب عام 2021، وانخفض العدد إلى 4850 طالبًا عام 2022، لا سيما في أقسام التربية والآداب والحقوق والعلوم، بحسب رياض العقاب، نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب بجامعة تعز، الذي لا يتمنى حدوث تراجع في نسبة إقبال الطلاب على الجامعة، موضحًا أن التسجيل هذا العام لم يكتمل بعد
يقول العقاب لـ”المشاهد”: “إن حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها اليمن انعكست سلبًا على التعليم على المدى القريب والبعيد، وكان للتدهور الاقتصادي أثر كبير في وضع التعليم، إذ تضاءلت فرص التوظيف الحكومي بالتخصصات الإنسانية والعلوم، ودفع هذا الأمر الكثير من الطلاب إلى عدم اختيار تخصصات معينة مثل الجغرافيا والإسلامية، والعلوم والتربية”
خلال السنوات الأخيرة، زاد عدد الطلاب المتقدمين للدراسة في الكليات الطبية والهندسية والإدارية، لأن هذه التخصصات تساعد الخريجين على فتح مشاريع خاصة بهم، أو تسهل لهم الحصول على فرص عمل خارج البلاد
يقول أحمد فارع، مسجل عام جامعة تعز، لـ”المشاهد”: “ارتفعت نسبة الإقبال في كلية الطب والهندسة هذا العام بواقع 5% إلى 10% مقارنة بالعام الفائت”
ويشير العقاب إلى أن الجامعة لا تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب الذين يتقدمون لكلية الطب
يجد طلاب الجامعة صعوبة في توفير تكاليف النقل كل يوم، وبسبب هذا الأمر قد يتغيبون عن المحاضرات عدة أيام
قد يذهب العديد منهم في أيام محددة أسبوعيًا للحصول على ملخصات الدروس أو معرفة الموضوعات التي تمت دراستها
ريما خالد، طالبة في كلية الطب والعلوم الصحية، تقول لـ”المشاهد” إن عددًا كبيرًا من الطلاب بتعز يضطرون إلى التغيب عن الجامعة، بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف المواصلات
وتضيف: “بعض الطلاب أيضًا ليس لديهم المال لشراء الكتب والمراجع المطلوبة لارتفاع ثمنها، ويكتفون بمذاكرة ما يكتبونه في المحاضرات، وما يتم نشره في بعض المجموعات التي يتواصلون عبرها في بعض مواقع التواصل الاجتماعي”
يعترف الطالب عبدالرحمن بأن المواصلات هي أكثر شيء يقلقه، لأنه سيحتاج 1200 ريال في اليوم ذهابًا وإيابًا
بالنسبة له، هذا مبلغ كبير
ويضيف: “والدي يعمل في دكان صغير لبيع المواد الغذائية، والأرباح التي يحصل عليها ضئيلة بسبب ضعف القوة الشرائية”
تعرضت الجامعات اليمنية لأضرار فادحة منذ نشوب الحرب عام 2015؛ فبعضها وقعت تحت القصف، والبعض لم تحصل على الميزانيات المخصصة لها، وفقدت خدمات الماء والكهرباء
تدنت رواتب الكادر الأكاديمي والإداري في الجامعات، وذهب العديد منهم إلى البحث عن فرص عمل خارج البلاد بعد تدهور أوضاعهم المادية
يقول فارع: “أصبحت الرواتب حاليًا لا تساوي حتى 30% مما كان الموظف يتقاضاه في السابق، بمتوسط راتب الأكاديمي كان 1500 دولار، والآن لا يتجاوز 200 دولار”
كان للتدهور الاقتصادي تأثير كبير على الكادر الأكاديمي والطلاب على حد سواء
يشير فارع إلى أن تدهور العملة وغياب الاستقرار الاقتصادي في البلاد تسببا بحرمان العديد من الطلاب من مواصلة تعليمهم، ليتجهوا إلى الجبهات أو البحث عن أعمال أخرى
اليوم، يبتهج عبد الرحمن بقرب انضمامه إلى كلية التربية بتعز وبدء الدراسة فيها، لكنه يحزن عندما يجد أن الظروف المادية قد تجبره على التوقف عن الدراسة
يدرك أن هناك الآلاف من الطلاب الذين تفرض عليهم الحرب مغادرة الحرم الجامعي والارتباط بعمل يضمن لهم القليل من المال، وبه يستطيعون توفير متطلبات المعيشة
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير