تعز: أطفال يتعلمون تحت الاشجار في الصلو
منذ 2 ساعات
تعز- صلاح بن غالبكانت مدرسة النجاح بمديرية الصلو، شرق محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، منارةٍ تعليميةٍ تستقبل مئات الطلاب
لكنها تحولت إلى مثالٍ صارخٍ لتداعيات الحرب على التعليم، بعد أن دمّرت المواجهات العسكرية المدرسة، واضطر طلابها إلى الدراسة في العراء
وعلى مستوى اليمن ككل، تضررت أكثر من 3,400 مدرسة كليًا أو جزئيًا أو يتم استخدامها لأغراضٍ غير تعليمية، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا)
ويشير المكتب في تقريرٍ آخر إلى أن 4
5 ملايين طفلًا باليمن في سن المدرسة (5-17 عامًا) لا يذهبون إلى المدارس
يقول الطالب يحيى محمد عثمان، في مديرية الصلو، لـ«المشاهد»: “أنا وزملائي نتلقى التعليم منذ التحاقي بالمدرسة قبل أربع سنوات في حجرات بعض المنازل أو تحت الأشجار”
ويواصل: “لم نعرف الفصول الدراسية الحقيقية ولا الكتابة على السبورة ولا الجلوس على مقاعد مريحة”
وأضاف: “في الشتاء تُضايقنا برودة الطقس وتُسبب لنا الأمراض، وفي الصيف تُحرقنا حرارة الشمس، وهناك من زملائي من يعاني أمراضًا مزمنة”
الطالب يحي عثمان، مديرية الصلو: في الشتاء تُضايقنا برودة الطقس وتُسبب لنا الأمراض، وفي الصيف تُحرقنا حرارة الشمس، وهناك من زملائي من يعاني أمراضًا مزمنة”
ووصف يحيى أماكن الدراسة قائلًا: “نجلس على الأرض مباشرة، أو على الحجارة، أو على قطع الكرتون البالية، نحاول الكتابة على ركبنا لأن الطاولات غير موجودة”
متابعًا: “تتسخ ملابسنا من التراب، وتتطاير أوراقنا بفعل الرياح، فنركض خلفها في كل اتجاه
“والأصوات التي نسمعها ليست أصوات معلمينا فقط، بل أصوات الرصاص والقصف أيضًة، ونعاني من خوفين في آنٍ واحد: الخوف من الرسوب، والخوف من القصف”
يقول يحيى
ويختتم: “أحلم أن تتوقف الحرب حتى نحصل على مدرسةٍ تتوفر فيها كل الاحتياجات، ونتلعم بأمان وسلام”
في السياق، يقول مدير مدرسة النجاح، عبده الصلوي: “نواجه معاناةً حقيقيةً في توفير أبسط متطلبات العملية التعليمية، فنحن نعمل في ظروف استثنائية”
حيث نقسم الطلاب على مواقع متفرقة غير مهيأة، ونبحث عن أشجارٍ وارفة الظلال؛ ما يشكل عبئًا كبيرًا على الكادر التعليمي والطلاب معًا، بحسب الصلوي
وأضاف: “طلاب كثر انقطعوا عن الدراسة بسبب النزوح أو صعوبة الوصول لمواقع التعليم البديلة، وما نقدر عليه هو الحفاظ على شعلة التعليم بالمنطقة، لكن الإمكانيات شبه معدومة والاهتمام الرسمي غائب تمامًا”
واستطرد: كانت المدرسة تضم في سنواتها الذهبية أكثر من 800 طالبٍ وطالبة، للمرحلتين الأساسية والثانوية، أما اليوم، فقد تراجع العدد إلى النصف، وللصف الثامن فقط”
يقول الصلوي: “الطلاب موزعون على فرعين، الأول بمنطقة “الأقيوس” والدراسة فيه إلى الصف الثامن أساسي، والقسم الثاني بمنطقة “حَبَك” والدراسة فيه للصف السادس أساسي فقط”
منوهًا بأن عدد هيئة التدريس 35 معلمًا ومعلمة، الثابتون 25 معلمًا ومعلمة، وعشرة متطوعًا ومتطوعة
وكشف الصلوي أن المدرسة دُمّرت كليًا بفعل القصف، وتحولت إلى ثكنةٍ عسكريةٍ تابعة للقوات الحكومية
لافتًا إلى أنه حتى وإن تم نقل الثكنة العسكرية، فالمدرسة ليست في مكانٍ آمن للعمل
وتذكّر الصلوي بمرارةٍ وحزن، مقتل أحد الأطفال بقصفٍ على المدرسة مطلع عام 2019، والذي نشر “المشاهد” خبرًا عنها في حينه
كشف مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية الصلو، أنور محمد، لـ«المشاهد» أن الحرب تركت آثارًا عميقةً على البنية التعليمية في المديرية
فحجم الأضرار كبير، سواءً في المباني المدرسية أو الأثاث أو الوسائل التعليمية بلا استثناء
وقال محمد: “تضررت سبع مدارس بين دمارٍ كلي وجزئي؛ ما أدّى إلى تعطّل العملية التعليمية في بعض المناطق وانخفاض الطاقة الاستيعابية في أخرى”
الأقسى من هذا أن مديرية الصلو منقسمةٌ إلى جزئين، جزء واقع ضمن سيطرة القوات الحكومية والآخر ضمن سيطرة قوات جماعة الحوثي؛ ما يعني أن المنطقة على خط النار
يشير محمد أن مدرستين تعرضتا للتدمير الكامل، وهما: مدرسة النجاح ومدرسة عثمان بن عفان، فيما لحقت أضرار جزئية بخمس مدارس أخرى هي” علي بن أبي طالب، الشرف، 22 مايو، عمر بن الخطاب، وسبأ عكيشة”؛ ما فاقم معاناة الطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء
وأضاف: “عدد الطلاب والطالبات في مدارس الصلو الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية يبلغ 12,700 طالب وطالبة خلال العام الدراسي الحالي 2025–2026”
ولفت إلى أن التعليم الثانوي توقف في معظم مدارس المديرية؛ بسبب النزوح ونقص المعلمين والمعلمات؛ مما أدى إلى حصر الدراسة في أغلب المدارس من الصف الأول حتى الصف الثامن أو التاسع، واقتصر التعليم الثانوي على عددٍ محدودٍ فقط من المدارس
وأوضح محمد أن عدد المعلمين الثابتين بمدارس المديرية يبلغ 620 معلمًا ومعلمة، فيما يصل عدد المعلمين المتطوعين والمتعاقدين إلى 223 معلمًا، منهم 60 متطوعًا يعملون دون رواتب
وتابع: “كانت منظمة “اليونيسف” تدفع رواتب للمتعاقدين خلال العامين الماضيين، أما حاليًا فما يزالون يعملون دون أي رواتب حتى الآن”
موضحًا أن مبادرات المجتمع لدعم التعليم محدودة جدًا، وتتركز في مناطق معينة فقط، إما بدعمٍ من رجال الأعمال أو تبرعات المغتربين، بينما تعجز المناطق الفقيرة عن جمع التبرعات اللازمة لدعم العملية التعليمية
محمد انتقد الوعود الحكومية بإنشاء صناديق لدعم التعليم؛ بسبب أنها ظلت حبيسة الأدراج ولم ترَ النور بعد، بحسب قوله
لافتًا إلى أنهم رفعوا مطالب بتوفير خيامٍ كبديل مؤقت عن الفصول الدراسية المدمرة؛ لضمان استمرار تعليم الأطفال، لكن دون أي جدوى، سواءً من الدولة أو الجهات المانحة حتى اليوم
من جانبه، أوضح الناشط المجتمعي بمديرية الصلو، فؤاد أحمد سيف، في حديث مع «المشاهد» أن مدرسة النجاح تعرّضت لأضرارٍ جسيمة؛ بسبب القصف والمواجهات العسكرية المتكررة في المنطقة، حيث دُمّرت أجزاء كبيرة من مبانيها؛ مما جعلها غير آمنة
وأضاف: “الحرب لم تُدمّر فقط جدران المدرسة، بل دمرت مستقبل جيلٍ كامل، فهذه المدرسة كانت تخدم عشر قرى مجاورة، واليوم باتت أطلالًا وخرابًا”
فؤاد سيف، ناشط مجتمعي، مديرية الصلو: “الحرب لم تُدمّر فقط جدران المدرسة، بل دمرت مستقبل جيلٍ كامل، فهذه المدرسة كانت تخدم عشر قرى مجاورة، واليوم باتت أطلالًا وخرابًا”
وأشار سيف إلى القرى التي كانت تخدمها المدرسة مثل قرى: “الأقيوس، المقربة، الكربة، المشراح، شخاصة، الواقع، مدحى عزام، حبك القرافة، الدوملة، الحصابر، الرفصة، واليهجة مطحنان”
موضحًا أن هناك قرى مثل الأقيوس وحبك والحصابر والرفصة خالية تماماً من السكان، كونها على خط النار
وتابع: “نناشد المنظمات المحلية والدولية الإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من العملية التعليمية في المنطقة”
كما نحتاج إلى بناء فصولٍ دراسيةٍ مؤقتة في موقعٍ آمن، وتوفير المستلزمات الدراسية الأساسية، وبرامج الدعم النفسي للأطفال الذين عاشوا ويلات الحرب
وقال: “مدرسة النجاح بمديرية الصلو ستبقى شاهدة على مأساة التعليم في ظل النزاعات المسلحة”
وواصل: “يحدث هذا، حين تتحطم أحلام الطلاب بين أزيز الرصاص وأصوات المعلمين، وتأوي الطفولة تحت أشجارٍ أصبحت فصولاً مؤقتة لحماية ما تبقى من حقهم في التعليم”
واختتم: “قصة المدرسة ليست مجرد أرقامٍ وإحصائيات، بل هي صرخة إنسانية تنتظر الإستجابة”
لا يعلم يحيى حتى الآن هل سيكمل تعليمه في السنوات القادمة في فصولٍ دراسيةٍ مجهزةٍ، أم أنه سيستمر بالتنقل في العراء بحثًا عن التعليم؟
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن