تعز.. انتعاش المدارس الخاصة مقابل إهمال التعليم الحكومي
منذ 2 سنوات
“أبي لا يستطيع دفع الرسوم، ليسجلني بالمدرسة الأهلية، فأنا أدرس بمدرسة حكومية”
هكذا ردت الطالبة “عائشة” ذات العشرة أعوامٍ، في الصف “الرابع” أساسي، في مدينة تعز، على سبب دراستها بالمدرسة الحكومية، رغم أن المدرسة الأهلية جوار منزلها
وأضافت عائشة أن الكثير من صديقاتها ملتحقات بمدارس أهلية، لكنها الأفضل، حسب قولها
من جهته، قال ولي الطالبة خديجة حمود، إن السبب الذي أجبره على إلحاق ابنته ذات السبعة أعوامٍ، في المدرسة الأهلية، هو انعدام خدمة النقل للطلبة من البيت إلى المدرسة الحكومية
توفر المدارس الأهلية خدمة مدفوعة للنقل من أمام المنزل صباحًا، وإعادة الطالب أو الطالبة في الظهيرة إلى المنزل، مما يعزز اطمئنان الأسر على الأطفال
يقول حمود: “لا آمن أن تذهب ابنتي بهذا العمر إلى المدرسة الحكومية بمفردها، لبعدها عن المنزل، وهذا السبب الرئيسي في ذلك”
يدفع حمود 120 ألف ريال رسوم دراسة سنوية، إضافة إلى رسوم المواصلات التي تبلغ 80 ألف ريال يمني
من الخدمات التي تقدمها المدارس الأهلية، المتابعة المستمرة من قبل الإدارة من خلال إرسالها تقارير تقييمية بين فترة وأخرى عن المستوى التعليمي للطالب أو الطالبة، إضافة إلى توفر وسائل تعليمية وترفيهية أفضل من الحكومية
بالمقابل، يجد حمود عيوبًا في المدارس الأهلية، لا تخدم التحصيل العلمي للطالب، بل العكس منها منح الطلبة نهاية العام أو نصفه شهادة تميز توضع فيها درجات عالية لا تتطابق مع المستوى الحقيقي للطالب أو الطالبة
من جهة أخرى، يوضح عمر الشرعي، مواطن في تعز، لـ”المشاهد”، جملة من الأسباب المقنعة لإلحاق ابنه بالمدرسة الأهلية، منها ازدحام الفصول في المدارس الحكومية، بخاصة الصفوف الأولى للمرحلة الأساسية، والتي لا تتلاءم مع البيئة التعليمية للطالب للفهم والاستيعاب لما يقدمه المعلم
تؤمن المدارس الأهلية توفير الكتب المدرسية للطلاب، لكن بشكل مدفوع حسب الصف، بينما يغيب الكتاب المدرسي في المدارس الحكومية، والذي أصبح معضلة كبرى يواجهها الطلاب
بحسب المدير التنفيذي لمطابع الكتاب المدرسي في عدن، محمد باسليم، فإن المطبعة لم تطبع كتابًا مدرسيًا واحدًا منذ 2017
لا يقتصر غياب الكتاب المدرسي على المدارس الحكومية في مناطق سيطرة الحكومة، فمناطق سيطرة جماعة الحوثي تشهد المشكلة نفسها
بالنسبة للشرعي، هناك إهمال للتعليم الحكومي، دون معرفة السبب أهو متعمد أم نتاج للحرب
يرى التربوي يوسف محمد أن هناك مفهومًا وفكرة راسخة لدى البعض من الآباء وأولياء الأمور، بأن “المدارس الأهلية” فيها تعليم ذو جودة مقارنة بالمدارس الحكومية، مشيرًا إلى أن هذا المفهوم الذي تكرس لدى الكثيرين، خاطئ، ويتساءل: من يدير هذه المدارس؟ وتتبع من؟ وهل جميعها افتتحت وفق المعايير والضوابط المنصوص عليها وفق المادة 72 من قانون التعليم، والتي تقول بأنه يحق لجميع المؤسسات المختلفة والأفراد إنشاء مدارس للتعليم الأهلي (الخاص) بمصروفات وفقًا لنظام يقره مجلس الوزراء، ينظم المدارس الأهلية والخاصة، على أن تكون تحت إشراف الوزارات المختصة، بما في ذلك استقدام المدرسين العرب أو الأجانب
وتمنح اللجنة الخاصة بالتصاريح للمدارس الأهلية لاعتمادها معايير خاصة، منها تخصيص متر ونصف لكل طالب في المساحة المخصصة، إضافة إلى أن يكون حجم الفصل 4×6م، ووجود تهوية وإضاءة مناسبة، إضافة إلى توفر كافة الوسائل التعليمية من سبورات وغيرها، وتوفر معلمين متخصصين حسب معيار معلم لكل 25 طالبًا، مع توفر الحمامات والبوفيه وبقية الملحقات التعليمية
مدير التعليم الأهلي بمكتب التربية بتعز، عبدالجليل هزاع، قال في حديث لـ”المشاهد” إن هناك معايير محددة لفتح مدرسة أهلية، كوجود مبنى ملائم للطلاب من حيث المساحة للفصول والتهوية المناسبة، إضافة إلى توفر الساحة والحمامات وغيرها
مضيفًا أن توفر الكادر التعليمي المتخصص والمؤهل أحد المعايير
ونوه هزاع إلى أن هناك لجنة مشكلة تقوم بزيارة المباني للمدارس الأهلية، وتقييمها من حيث توفر المعايير والإمكانات المحددة وفق اللائحة، بعدها تتم الموافقة أو الرفض
وأشار إلى أن إدارة التعليم الأهلي كانت منحت تصاريح لـ189 مدرسة أهلية في العام 2023م
وحاليًا يتم تجديد تراخيص المدارس الأهلية من قبل إدارة التعليم الأهلي
ويرى الخبير التربوي عبدالرحمن سعيد، أن زيادة عدد المدارس الأهلية في تعز تعود لعدة أسباب، منها تردي الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية بمخرجاتها التعليمية على مستوى الطلاب، مشيرًا إلى قرب بعض المدارس الحكومية من مواقع عسكرية أو مناطق مستهدفة، وتحويل البعض الآخر إلى مقرات عسكرية أو خدمية، وكذا القصور في تطبيق اللوائح التنظيمية، وغياب الرقابة الرسمية على تنظيم التعليم في المدارس الأهلية، وكذلك الشراكة المجتمعية مع الدولة للتخفيف عليها في الموازنات المعتمدة للتعليم، وهو ما تبحث عنه الدولة، وتشجيع الحكومة لذلك في غياب المعيارية الواضحة والملزمة
ويرجح سعيد أن السبب الرئيسي يعود إلى الربح من خلال التجارة بالتعليم -حسب قوله- والذي هو في الأصل مجاني للجميع
وحسب حديث للمسؤول الإعلامي بمكتب التربية بمحافظة تعز، محمود طاهر، لـ”المشاهد”، فإن عدد المدارس في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية في محافظة تعز، بلغ 1,032 مدرسة، منها 843 مدرسة حكومية و189 مدرسة أهلية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير