تعز: خطر “دودة الحشد الخريفية” يتزايد
منذ 2 ساعات
تعز- عزالدين الصوفييواجه مزارعو وادي نخلة، الواقع في الريف الشمالي لمحافظة تعز، هذا الموسم تهديدًا متزايدًا؛ نتيجة تفشي آفة “ادودة الحشدي الخريفي”
وتفتك هذه الحشرة بمزارع الذرة الشامية وغيرها من المحاصيل الأساسية
وهي من أخطر الآفات الزراعية؛ نظرًا لسرعة تكاثرها وقدرتها على تدمير الأراضي المزروعة؛ ما يعرّض الأمن الغذائي للأسر الريفية للخطر
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو)؛ فإن “دودة الحشد الخريفية” آفة عابرة للحدود، تقتات على أوراق النبات وسيقانها
ويعود موطنها الأصلي إلى المناطق الاستوائية في الأمريكيتين، ودخلت غرب إفريقيا لأول مرة عام 2016، وتسببت بخسائر كبيرة في محاصيل الذرة الشامية “المكون الرئيسي للغذاء في القارة الإفريقية”
في عام 2017، توسع انتشارها ليشمل أكثر من 44 دولةً في إفريقيا، ووصلت الحشرة إلى الهند والصين ومعظم دول آسيا خلال الأعوام 2018-2019، وظهرت عام 2020 في قارة أستراليا
يُعزى انتشار “دودة الحشد الخريفية” إلى قدرتها العالية على الطيران، ووضع العديد من البيض؛ مما يمكّنها من الاستقرار في المنطقة التي تغزوها، وإحداث أضرارٍ جسيمة بالذرة والمحاصيل الأخرى
اليمن هو البلد الثاني بالمنطقة العربية الذي تأثر بـ”دودة الحشد الخريفية”، بحسب (الفاو)
وسجلت البلاد أضرارًا ودمارًا للمحاصيل منتصف 2019 في محافظات ذمار، ريمة، وإب
وشكا عديد مزارعين هذا العام من انتشار هذه الدودة في محافظة أبين
وقال ممثل الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة بالمحافظة، المهندس الزراعي عبدالقادر السميطي، في حديث مع “المشاهد“، أن “دودة الحشد الخريفية” دخلت اليمن منتصف 2018 بسبب إعصار “ساجار” الذي ساعد على نقلها من القرن الأفريقي إلى الأراضي اليمنية
في تعز، شهد وادي نخلة خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في انتشار آفة الدود الحشدي؛ ما جعل المزارعين يعيشون حالةً قلقٍ متزايدٍ مع كل موسمٍ جديد، خاصةً مع ظهور الإصابات في وقتٍ مبكر من عمر النبات
في هذا السياق يقول، محمد عبدالله العسالي، مزارع في وادي نخلة، لـ”المشاهد”: “تبدأ الإصابة في مراحل مبكرة جدًا، عندما لا يتجاوز ارتفاع نبات الذرة الشامية عشرة سنتيمترات، ثم تتوسع”
وبحسب العسالي، فإن امتداد الضرر إلى محاصيل في مناطق أخرى يكشف حجم التهديد الاقتصادي، إذ لم تعد الخسارة مقتصرة على محصولٍ في منطقةٍ معينة
“بل باتت هذه الآفة تصيب الأشجار المثمرة في كل مدرجٍ زراعي يعتمد عليه سكان الريف في دخلهم السنوي”
يضيف العسالي
المزارع محمد عبدالله العسالي: لم يتوقف الأمر عند الذرة الشامية فحسب، بل امتدت الأضرار لتشمل المانجو، الجوافة، والعنب الشامي؛ مما أدى إلى خسائر كبيرة دفعت بعض المزارعين إلى ترك مزارعهم”
ويزيد: “لم يتوقف الأمر عند الذرة الشامية فحسب، بل امتدت الأضرار لتشمل المانجو، الجوافة، والعنب الشامي؛ مما أدى إلى خسائر كبيرة دفعت بعض المزارعين إلى ترك مزارعهم”
العسالي أشار إلى أن اعتماد أسرٍ كثيرةٍ على الزراعة والعمالة اليومية يجعل أي تراجعٍ في الإنتاج الزراعي أزمةً اجتماعية تتجاوز حدود الخسارة الزراعية، وتؤثر على حياة مئات الأسر الريفية
ويتابع: “رغم لجوء المزارعين إلى طرقٍ تقليديةٍ مثل ذرّ الرماد، إلا أن فعاليتها ضعيفة، ومع تراجع نشاط المزارعين، قلّت فرص العمّال بالأجر اليومي، وتأثر الوضع المعيشي للكثير من الأسر”
ورغم تسجيل تحسنٍ نسبي في تدخل الجهات المختصة خلال الموسم الأخير، لكن حجم الانتشار واتساع رقعة الإصابة يستدعي تحركًا أوسع وأكثر انتظامًا لضمان عدم فقدان المحاصيل مستقبلًا
يقول العسالي: “شهدنا مؤخرًا توفير مبيداتٍ مجانيةً وبذور محسنة وإرشادات زراعية، لكنها لا تزال غير كافية
وإذا استمر الإهمال، قد نخسر المحصول بالكامل، فالآفة منتشرة في مناطق عدة، وليس في وادي نخلة وحده”
يُشير خبراء الزراعة إلى أن “دودة الحشد الخريفية” تتسبب في أضرارٍ كبيرة للمحاصيل الزراعية، خاصةً الذرة الشامية؛ نتيجة تغذية اليرقات على الأوراق والسيقان
وهذا يؤدي إلى ضعف النمو وانخفاض الإنتاج، وقد يصل الأمر إلى موت النباتات إذا لم يتم السيطرة عليها بسرعة
بهذا الشأن يقول الأكاديمي بقسم علوم النبات، في جامعة تعز، الدكتور سامي عبدالله الوجيه، لـ”المشاهد: “تبدأ الأضرار بتقشير يرقات الأطوار الأول والثاني والثالث للسطح السفلي للورقة”
ويضيف: “هذا يؤدي إلى خسارة طفيفة في النمو الخضري تصل إلى أقل من 2%، وظهور ما يُسمى “بالنوافذ” أو فتحاتٍ غير منتظمة الشكل في الأوراق”
بينما تسبب يرقات الطور الخامس ضررًا بنسبة 16
3% على الأوراق، ويعد الطور اليرقي السادس المسؤول عن الخسارة الأكبر في المحصول، بمعدل 77
2%”، بحسب الوجيه
ويكمل: “تتغذى اليرقات أيضًا على بلعوم النبات؛ ما يسهم في إصابة الجروح بالفطريات التي تنتج سمومًا فطرية مثل الأفلاتوكسينات”
الدكتور الوجيه يشير إلى أن الطور السادس يستهلك خلال أربعة أيام كميةً أكبر مما تستهلكه بقية الأعمار اليرقية خلال عشرة أيام
“كما تؤثر تغذيتها على عملية التمثيل الضوئي للنبات؛ ما يؤدي إلى ضعف النمو وانخفاض الإنتاج، وقد ينتهي الأمر بموت النبات بالكامل إذا لم تتم السيطرة على الدودة بسرعة”
وأشار الوجيه إلى صعوبة مكافحة الدودة الخريفية بسبب عوامل طبيعية وبيولوجية، كتعدد عوائلها، وقدرتها العالية على الانتشار، وتضع بيضًا بكمياتٍ كبيرة محاطًا بالحراشف تعيق وصول الأعداء البيولوجيين والمبيدات
“وتفرز البيوض خيوطًا حريريةً تساعدها على التعلق والانتقال، كما تختبئ اليرقات داخل بلعوم النبات أو الكوز”، وفقًا للمختص بعلم النبات
كل هذه العوامل، بحسب الوجيه، تقلل من فاعلية المبيدات الكيميائية والحيوية، بالإضافة إلى اكتسابها مقاومةً لبعض المبيدات والبكتيريا وبعض أصناف الذرة المعدلة وراثيًا؛ ما يستدعي البحث عن أكثر من وسيلةٍ ومبيدٍ للحد من خطورتها
لا يقتصر تأثير الدود الحشدي على الإنتاج الزراعي فقط، بل يمتد إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسر الريفية
فالخسائر في المحاصيل تقلل من الدخل اليومي للمزارعين، وتزيد من معاناتهم مع ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية
يقول المزارع عبدالله الشرعبي، من وادي نخلة بتعز: “نحن الآن مضطرون لشراء الغذاء، وهذا عبء كبير على العائلات التي اعتادت الاعتماد على مزروعاتها، خصوصًا مع استمرار الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي”
المزارع عبدالله الشرعبي: حن الآن مضطرون لشراء الغذاء، وهذا عبء كبير على العائلات التي اعتادت الاعتماد على مزروعاتها، خصوصًا مع استمرار الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي”
وأضاف أن فقدان المحاصيل يعرّض الأطفال للحرمان من الغذاء الكافي، بينما يزداد الضغط على النساء اللواتي يتحملنّ مسؤولية تأمين المعيشة اليومية
يطالب عبدالجبار البحيري، أحد مواطني وادي نخلة، بالتحرك السريع، موضحًا أن استمرار انتشار الدود الحشدي دون تدخلٍ فعّال يهدد الزراعة الريفية بأكملها، ويقود إلى خسائر كبيرة تمتد لسنوات
ويضيف لـ”المشاهد”: “نرى المَزارع تتضرر موسمًا بعد آخر، وإذا لم تتوفر مبيدات مناسبة ودعم فني للمزارعين، ستزداد الأمور سوءًا، وقد نفقد جزءًا كبيرًا من محاصيلنا وأراضينا”
ويناشد البحيري الجهات الحكومية والمنظمات الزراعية بتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمعات الريفية، مشددًا على أن الحاجة أصبحت ملحّة لتوفير مبيدات فعّالة، وتكثيف جهود الإرشاد، وتدريب المزارعين على طرق المكافحة الحديثة
ويعتبر أن غياب البرامج الوقائية المستمرة، مثل مراقبة انتشار الآفة وتوعية المزارعين بأساليب المكافحة الحيوية، يضاعف حجم الخسائر، ويزيد مخاطر اتساع رقعة الضرر في وادي نخلة والمناطق المجاورة
يقول المهندس الزراعي محمد الشرعبي، من مكتب الزراعة بمديرية شرعب السلام، في تعز، لـ”المشاهد” إن هناك إجراءات فعّالة يمكن للمزارعين اتباعها للحد من انتشار الدود الحشدي
ويقترح الشرعبي أولًا استخدام المبيدات المصرح بها وفق التعليمات الفنية، والتركيز على الأماكن المصابة بشكل مباشر
كما يقترح ثانيًا، إزالة المخلفات الزراعية من الأرض المصابة وحرقها أو التخلص منها بعيدًا لتقليل فرص انتقال الدود إلى الأراضي المجاورة
أما ثالثًا، فيرى الشرعبي إمكانية زراعة أصناف مقاوِمة، وتأخير مواعيد الزراعة لتقليل تأثير الدود على المحصول، وتنسيق المزارعين مع الجهات الزراعية لرصد أماكن الانتشار والسيطرة عليها بشكل جماعي؛ للتقليل من الخسائر
وأضاف: “التدخل المبكر والتعاون بين المزارعين والجهات المختصة هو السبيل الوحيد لحماية المحاصيل وضمان الأمن الغذائي، وإلا فإن الخسائر ستكون كبيرة لا يمكن تعويضها”
تقول منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، في نشرتها الدورية عن الغذاء، إن اليمن واجهت محصولًا ضعيفًا من الذرة الرفيعة؛ بسبب الجفاف في بداية الموسم، تلاه حدوث فيضانات
مشيرةً إلى أن المحاصيل المقاوِمة للإجهاد المائي يُرجَّح أن تؤدي إلى انخفاض غلتها في المواسم المقبلة؛ نتيجة ارتفاع حدة الآفات والأمراض التي تهدّد إنتاج الخضروات
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن