تعز: ري “القات” يفاقم أزمة المياه

منذ 19 أيام

تعز – فهمي عبد القابض تعيش مدينة تعز، الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، جنوب غرب اليمن، أزمةَ مياهٍ غير مسبوقة، حسب أحاديث بعض السكان

فمنذ حوالي أكثر من شهر تقريبًا، ارتفع سعر “وايت الماء” (الصهريج) سعة ستة آلاف لتر، من 25 ألف ريال إلى 45 ألف ريال

وهي مياهٌ غير صالحةٍ للشرب، ويتم استخدامها للغسيل والأغراض الأخرى

فيما ارتفع صهريج المياه الصالحة للشرب (3 آلاف لتر) من 20 ألف ريالٍ إلى 40 ألف ريال

وتتفاوت أسعار صهاريج الماء حسب بُعد الأحياء السكنية عن مصادر المياه

وقال سكان محليون في تعز لـ”المشاهد”: إن أسعار المياه شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الأحياء القريبة من وادي الضباب، مثل الظهرة والكرامة

وتبدأ الأسعار من 30 ألف ريال، وترتفع تدريجيًا لتصل إلى 50 ألف ريال في أحياء وسط المدينة، مثل الدحي وصينة

بينما سعر تعبئة الصهريج من محطة المياه لا يتجاوز 6 آلاف ريال؛ ما يكشف عن هوامش ربح مرتفعة، وربما عمليات استغلالٍ للأزمة من قبل بعض الموردين

حيث أصبح الحصول على “وايت” ماء بحاجة للانتظار يومين في ظل استمرار استنزاف مياه الآبار الجوفية لري مزارع القات

ويستحوذ القطاع الزراعي في اليمن على حوالي 90 % من استخدامات المياه، يذهب معظمها لري زراعة القات، حسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)

معاناة سكان مدينة تعز تتجدد كل عام؛ مع تأخر هطول الأمطار في فصل الصيف، حيث يجد الأهالي هناك صعوبةً في الحصول على المياه

يقول المواطن محمد القاضي: إن الحصول على “وايت” ماء أصبح تحديًا حقيقيًا لسكان مدينة تعز هذه الأيام

مضيفًا لـ”المشاهد”: “سعر الوايت سعة 6 آلاف لتر من الماء غير الصالح للشرب ارتفع من 25 ألفًا إلى 45 ألف ريال

من جهته يقول حلمي الفقيه، مالك أحد الصهاريج،  إنه يظل أكثر من أربع ساعات في  انتظار دوره؛ نتيجة الطابور الطويل لأصحاب صهاريج المياه أمام بعض الآبار التي تحوي مياهًا قليلة، خاصةً بعد أن جفت المياه في آبار أخرى، بحسب حديثه لـ”المشاهد”

ووفقًا لمدير الإنتاج بالمؤسسة المحلية للمياه في تعز، وثيق الأغبري، فإن سبب ارتفاع أسعار صهاريج المياه يرجع لعودة النازحين إلى منازلهم في مدينة تعز؛ ما شكّل كثافةً سكانيةً ضاعفت الطلب على المياه؛ كما يرجع لتأخر هطول الأمطار الموسمية التي تغذي الآبار السطحية في منطقة الضباب، والتي يُعتمد عليها اعتمادًا كليًا في تعبئة صهاريج المياه لتزويد المدينة بالمياه

ومن الأسباب أيضًا نقل مياه الضباب إلى خارج مدينة تعز، وتحديدًا إلى منطقة البيرين والمعافر لسقي القات

مسؤولون محليون  يقولون إن الأزمة الحالية للمياه في تعز سببها مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها استنزاف المياه الجوفية بشكل عشوائي وكبير لري مزارع القات

 ويشير، مدير مكتب الزراعة في مديرية جبل حبشي، المهندس فهد الواسعي، لـ”المشاهد”، إلى أن تعز تعتمد بشكل كبير على الآبار الجوفية التي تعاني من الاستنزاف في ظل تأخر الأمطار

وفي حال تأخر هطول الأمطار تقل المياه في هذه الآبار

 من جانبه يوضح، مدير الإنتاج في المؤسسة المحلية للمياه،  المهندس وثيق الأغبري، أن الحرب فاقمت مشكلة المياه في مدينة تعز

ويقول لـ”المشاهد”: هناك آبار كانت مصدر تغذية للمياه بتعز، وحقول مياه رئيسية  توقف العمل بها، وأصبحت مناطق تماس أو تحت سيطرة الحوثيين؛ مما أدى إلى توقف أكثر من 80 بئرًا عن العمل، وانخفاض الإنتاج من 17 مليون لتر يوميًا إلى نحو ثلاثة ملايين لتر فقط

ويضيف الأغبري أن تزايد زراعة القات أدى بشكل مباشر إلى استنزاف المياه، حيث يتم تهريب صهاريج المياه لري  القات، خصوصًا في المديريات الريفية غرب مدينة تعز، مثل المعافر وجبل حبشي والمواسط؛ ما يزيد من حدة الأزمة

كما يعزو الواسعي نضوب الآبار التي تعتبر مصادر تغذية لمدينة تعز بالمياه، إلى غياب البنية التحتية المائية، مثل  وجود سدود وحواجز مائية لتغذية المياه الجوفية، حسب تعبيره

في أبريل الفائت، أصدرت السلطات الأمنية بمحافظة تعز تعميمًا يمنع تهريب صهاريج المياه من وادي الضباب إلى مزارع القات في المديريات البعيدة بالمحافظة

لكن هذه التوجيهات، حسب وثيق الأغبري، لا يزال تنفيذها محدودًا

 التعميم، الذي حصل عليه “المشاهد”، قضى بمراقبة ومنع توجه أي صهريج مياه إلى منطقة الحجرية وما يتبعها او يليها من مناطق، مهما كانت الأسباب

ويرى المهندس الأغبري أن الحل المستدام الوحيد هو تحلية مياه البحر، موضحًا أن المشروع كان قيد الدراسة قبل اندلاع الحرب عام 2015، لكنه توقف بسبب الظروف الأمنية

ويقترح الأغبري عمل حواجز وسدود مائية قريبة من الأودية، مثل وادي الضباب لتغذية المياه الجوفية

وفي ذات السياق، كانت منظمة شباب سبأ للتنمية قد بادرت بحل مشكلة المياه في تعز منذ اندلاع الحرب

وتحاول المبادرة المحلية عبر الوساطة المحلية حل مشكلة المياه في تعز التي فاقمتها الحرب، بحسب منسق المشروع محمد الحروي

ونجحت المبادرة حتى الآن في معالجة بعض الإشكاليات مثل خروج المسلحين قبل أكثر من خمس سنوات من المرافق الخاصة بمؤسسة المياه وإعادة العمل فيها

وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، في أبريل 2024، فإن اليمن يصنف أفقر بلد في العالم مائيًا، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد 83 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنةً بالحد الأدنى 500 متر مكعب

كما ذكر التقرير أن 70 إلى 80 % من النزاعات في اليمن مرتبطة بالمياه، في حين أن 14

5 مليون شخص لا يحصلون على مياهٍ صالحة للشرب أو صرفٍ صحي موثوق

قبل اندلاع الحرب، كانت تعز تعتمد على تغذية المياه بالمدينة من 88 بئرًا،  هذه الآبار تقع في خمسة حقول رئيسية، هي حقل الحوجلة والعامرة والذي يحتوي على 18 بئرّا، وكانت قدرته الإنتاجية تبلغ 7 ملايين لتر يوميًا

والحقل الثاني بآبار الضباب يحتوي على 9 آبار تصل إنتاجيتها إلى 4 ملايين لتر يوميًا

والحقلان يقعان في نطاق خطوط التماس؛ مما يجعل الوصول إلى المياه مهددًا في أي وقت

أما الحقل الثالث فهو حقل آبار الحيمة وحبير المكوّن من 23 بئرًا، وينتج بحدود أربعة إلى خمسة ملايين لترٍ يوميًا، لكنه يقع ايضًا ضمن نطاق سيطرة قوات جماعة الحوثي ولا تسمح بوصول السكان في تعز إلى الآبار هناك

والرابع حقل الحوبان الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، والخامس هو حقل آبار المدينة الإسعافية وعددها 38 بئرًا، منها 17 في خطوط التماس

ويقول الأغبري إن أزمة المياه في تعز ليست وليدة اليوم بل تعود للتسعينيات، لكنها اشتدت خلال فترة الحرب

ويضيف لـ”المشاهد” أن مدينة تعز كانت تُغذى بالمياه من الحقول الخمسة الرئيسية بإجمالي ما يقارب 17 إلى 20 مليون لتر يوميًا

وذلك من إجمالي أكثر من 80 بئرًا، لكن الإنتاج تراجع حاليًا إلى ثلاثة ملايين لتر يوميًا من إجمالي 28 بئرًا

” وثيق الأغبري، مدير الإنتاج في المؤسسة المحلية للمياه: مدينة تعز كانت تُغذى بالمياه من الحقول الخمسة الرئيسية بإجمالي ما يقارب 17 إلى 20 مليون لتر يوميًا

وذلك من إجمالي أكثر من 80 بئرًا، لكن الإنتاج تراجع حاليًا إلى ثلاثة ملايين لتر يوميًا من إجمالي 28 بئرًا

”ويشير الأغبري إلى أن جميع هذه الحقول توقفت عن الإنتاج بفعل الحرب؛ كونها تقع خارج مدينة تعز وعلى خطوط التماس، فيما يظل حقل مدينة تعز حقلًا إسعافيًا إغاثيًا، ولا يغطي احتياجات المواطنين في ظل الكثافة السكانية التي تعاني منها مدينة تعز

يقول الأغبري: إن بعض الحلول الجزئية التي كانت المؤسسة تسعى إليها تتمثل بحفر مجموعة آبار ارتوازية في منطقة طالوق، وذلك للتخفيف من المشكلة وليس حلها بشكل كامل، وبتمويل من خلية الأعمال الإنسانية

وتعثر هذا المشروع بسبب الممانعة المستمرة من مشائخ وأعيان أهالي الضباب

بالإضافة إلى أن المؤسسة لجأت منذ عام 2021  للاستعانة ببعض الجمعيات الكويتية لحفر آبار استبدالية وأخرى ارتوزاية في بعض الحارات داخل المدينة للتخفيف من الأزمة

ويضيف أن الحل الوحيد لإنقاذ المدينة وبشكل مستدام من الأزمة هو تحلية مياه البحر

ويشير إلى أنه ك”ان هناك دراسات للبدء بالتنفيذ في مشروع التحلية قبل 2015؛ لكن الحرب أوقفت المشروع بشكل نهائي، ولا بد من إعادة متابعة المشروع كونه السبيل الوحيد لإنقاذ مدينة تعز وضواحيها من أزمة المياه

”مدير الإنتاج في المؤسسة المحلية للمياه،  المهندس وثيق الأغبري”كان هناك دراسات للبدء بالتنفيذ في مشروع التحلية قبل 2015؛ لكن الحرب أوقفت المشروع بشكل نهائي، ولا بد من إعادة متابعة المشروع كونه السبيل الوحيد لإنقاذ مدينة تعز وضواحيها من أزمة المياه

”وختامًا، يرى الواسعي أنه يجب منع توسع زراعة القات، ومنع بيع المياه لمزارعي القات مع بناء حواجز وسدود لتغذية المياه الجوفية خصوصًا في وادي الضباب

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير