تعز: وادي “سقة” متنفس طبيعي للزوار
منذ 2 ساعات
تعز – هائل الفقيهكدُرّةٍ خضراء تخفف من ضجيج الحرب، ويفوح منه رائحة الحياة، يتوسط وادي سُقّة جبال عزلة مسفر في أقصى الجنوب الغربي من مديرية المسراخ بمحافظة تعز، وعلى مقربة من طريق نجد قسيم
وادي سقة من أجمل وديان تعز وأكثرها تنوّعًا في الغطاء النباتي، ففيه تتعانق ظلال الأشجار مع أصوات المياه، وتتنفس الأرض عبير البن والكاذي والمانجو، وتربى فيه الماشية، ويعتمد عليه المزارعون كمصدرٍ أساسي للعيش
على ضفاف الوادي تنتشر أشجار السدر، الطلح، السمر، والبرقوق البري، وتنتظم المزارع الصغيرة في بطن الوادي حيث تُزرع الذرة والخضروات والبقوليات، فمياه السيول الموسمية تمنحه خصوبةً متجددة تجعله حيًّا على مدار العام
يمثل وادي سُقة واحدًا من المتنزهات الطبيعية للمواطنين، حيث يوفر بيئةً مناسبةً للاسترخاء والترويح عن النفس
وفي ظل الأوضاع التي تعيشها اليمن عمومًا وتعز خصوصًا، وتقييد حركة السفر بين المحافظات؛ فإن وادي سُقة يمثل متنفسًا طبيعيًا سهلًا للسكان القريبين منه
يقول الزائر محمد عبدالكريم، القادم من مدينة تعز، لـ”المشاهد”: “إنه شعر وهو يمشي في وادي سُقّة أنه في عالمٍ آخر
فرائحة الأرض بعد المطر وصوت الماء بين الصخور وتغاريد العصافير كلها تذكره بالسكينة التي يفتقدها في المدن، ويذكره بها وادي سقة”
إيمان الحساني، مواطنة من تعز، جاءت مع عائلتها لقضاء يوم في أحضان الوادي، تقول لـ”المشاهد”: “إنها لم تكن تتوقع أن هناك مكان بهذا الجمال في المسراخ
فالنظر إلى الطبيعة يخيل إليك أن الأشجار تحرس الماء والناس معًا
فالوادي يجعل الزائر ينسى همومه وينغمس في سكينةٍ وهدوء تعيد للزائر طعم الحياة”
في أطراف الوادي يروي المزارع صفوان غانم، الذي وَرِث الأرض عن أجداده
ويصف جغرافية الوادي وسبب خصوبته قائلًا: تتدفق مياه الأمطار إلى الوادي من ثلاث جهات رئيسية
من برداد في مديرية صبر الموادم، ومن حصن الرامة في مديرية المسراخ، ومن أعالي رأس نجد قسيم في مديرية جبل حبشي؛ لتتجمع كلها في مجرى طبيعي واحد
وتشكل منطقة الوادي أرض خصبة للزراعة
ويضيف لـ”المشاهد”: “الزراعة هنا تعتمد على المطر، والوادي هو شريان حياتهم، ففي مواسم الزراعة يزرعون الذرة والخضار والبقول، والماء من السيول يخزّن في باطن الأرض، وكل بيت في القرية له قطعة صغيرة يعتمد عليها، ويأكلون ويعيشون من خيرات هذا الوادي، ولو وجدوا دعمًا لتمكنوا من الإنتاج بشكل أكبر”
في الواقع شكّلت الزراعة المطرية (التي تعتمد على مياه الأمطار) 42 % من المساحة المحصولية للعام 2021، بحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2021، الصادر عن وزارة الزراعة في صنعاء
المدرس التربوي عبد الجليل حمود، أحد أبناء المنطقة، يقول: “الوادي ليس مجرد مجرى للماء، بل سجلٌّ مفتوح لذاكرة القرية
حيث كان الحصن المطل عليه في الماضي نقطة مراقبة للطرق التجارية
وكان الوادي طريقًا للمسافرين والتجار، وحوله نشأت قرى وتكونت علاقات وتشكلت هوية اجتماعية متماسكة”
المدرس التربوي عبد الجليل حمود، أحد أبناء المنطقة: “الوادي ليس مجرد مجرى للماء، بل سجلٌّ مفتوح لذاكرة القرية
حيث كان الحصن المطل عليه في الماضي نقطة مراقبة للطرق التجارية
وكان الوادي طريقًا للمسافرين والتجار، وحوله نشأت قرى وتكونت علاقات وتشكلت هوية اجتماعية متماسكة”
ويضيف لـ”المشاهد” أن الناس يجتمعون حتى اليوم في الوادي لتنظيف مجرى السيل قبل موسم الأمطار
وهي عادة قديمة تمثل جزءًا من تراث التعاون الذي يميز أهل المسراخ
ويواصل: هناك دراسات سابقة اقترحت إقامة حواجز مائية صغيرة لحفظ السيول والاستفادة منها في الري
مضيفًا أن الأهالي بصدد رفع مقترحٍ لمكتب الزراعة في المحافظة لإدراج الوادي ضمن خطة تطوير الموارد المائية الريفية
مع ضرورة وجود دعمٍ مجتمعي ووعي بيئي لحماية هذا المكان من التدهور
الناشط المجتمعي أسامة الفقيه، يقول: “إن وادي سُقّة ليس فقط واديًا يجري فيه الماء، بل رمز لوحدة الناس
فرغم اختلاف القرى والمديريات المحيطة به إلا أن الجميع يعتبرونه ملكًا مشتركًا
وهنا تختفي الخلافات ويجتمع الكل في أعمال الري والزراعة والتعاون
فهو وادي يصنع التعايش قبل أن يصنع الزرع”
ويضيف الفقيه: “يشكل وادي سُقّة جزءًا من السياحة البيئية والتنمية الريفية في محافظةٍ أنهكتها الحرب
فالجمال الطبيعي والتنوع الزراعي والتراث الثقافي كلها مقومات يمكن أن تبنى عليها مشاريع اقتصادية صغيرة ومستدامة تعيد الحياة إلى الريف
ويأمل الأهالي في تنفيذ مبادراتٍ تنموية حقيقية –لا وعود موسمية– للحفاظ على الوادي كمصدر حياة وذاكرة
الناشط المجتمعي، أسامة الفقيه: يشكل وادي سُقّة جزءًا من السياحة البيئية والتنمية الريفية في محافظةٍ أنهكتها الحرب
فالجمال الطبيعي والتنوع الزراعي والتراث الثقافي كلها مقومات يمكن أن تبنى عليها مشاريع اقتصادية صغيرة ومستدامة تعيد الحياة إلى الريف
” ويواصل الفقيه: تطوير الوادي كمحميةٍ طبيعيةٍ أو وجهةٍ سياحيةٍ بيئية يعمل على خلق فرص عمل جديدة لشباب المنطقة
وإحياء الزراعة التقليدية بمفاهيم حديثة، وتعزيز هوية تعز كمدينة للحياة لا للحرب
يبقى وادي سُقّة متنفسًا مهمًا في الريف التعزي؛ فهو يشكل مرآة روح اليمن التي تصر على البقاء خضراء رغم الجراح
وذكرى تعيد للأرض معناها في الجمال، العطاء، والسلام
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن