تفاصيل تصفية “معلم قرآن” في ريمة
منذ 3 ساعات
ريمة- فهمي عبد القابضتتواصل ردود الأفعال الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد مقتل معلم القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس في الأول من يوليو 2025، على يد مسلحي جماعة الحوثي
وتحوّل مقتل الشيخ حنتوس إلى ضجةٍ من الغضب والتعبير عن فظاعة ما حدث له ولأسرته في كل مكان من اليمن
وكان الحدث غايةً في التنكيل والانتهاك بأساليب قمعية تابعها جميع اليمنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي
منذ بداية وصول الحملة العسكرية الحوثية إلى منطقة الشيخ حنتوس حتى تمت تصفيته بطريقةٍ بشعة في ظل وجود أسرته
بدأت جماعة الحوثي التضييق على “حنتوس” في 2015 حين تمددت الجماعة خارج صنعاء
ثم أغلقت مركز تحفيظ القرآن الذي يديره حنتوس في 2020
وحين لم يتوقف عن تعليم القرآن في المسجد المجاور للمركز انتهى الأمر بمقتله في يوليو 2025
رغم أن “حنتوس” معلم للقرآن في منطقة نائية من شمال اليمن إلا أن جماعة الحوثي اتهمته بالتمرد وتهديد الأمن والاستقرار بسبب رفضه تعليم المنهج الديني للجماعة
وفي بيان لشرطة محافظة ريمة التي تتبع سلطات جماعة الحوثي، نشرته وكالة “سبأ” التي تديرها الجماعة في صنعاء، بعد يومٍ من الحادثة، “أن “حنتوس” قتل في مواجهة مسلحة مع رجال الأمن في مديرية السلفية”
واتهم بيان شرطة جماعة الحوثي “حنتوس” بقتل ثلاثة من عناصر الحملة الأمنية المكلفة بالقبض عليه؛ إثر منعه خطيبًا مواليًا للجماعة من إلقاء خطبة الجمعة في المسجد
ويتهم البيان نفسه “حنتوس” بـ”ممارسة أنشطةٍ تحريضية تستهدف أمن واستقرار المحافظة وإحباط الأنشطة الشعبية والرسمية المؤيدة للمقاومة الفلسطينية”
السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تم التعامل مع شخصٍ كبيرٍ في السن بكل هذه القوة العسكرية
حيث وصل فيها عدد الأطقم العسكرية في الحملة ضد حنتوس إلى أكثر من 20 طقمًا عسكريًا مدججةً بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة؟
وما هي الأهمية الكبيرة للشيخ حنتوس بالنسبة لجماعة الحوثي؟
الإجابة تكمن في أن حنتوس كان يدير مركزًا لتحفيظ القرآن في قريته بمديرية السلفية بمحافظة ريمة الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي
وتمنع الجماعة تعليم القرآن إلا لمن تسميهم “قرناء القرآن”، وهم أشخاص من الموالين لفكر الجماعة
ويقومون بتعليم القرآن وَفقًا لتوجهات الجماعة السياسية
ولم يكن الشيخ حنتوس منهم، كما أنه رفض أن يتم تعليم الطلاب في المركز الذي أسسه في المسجد “ملازم” جماعة الحوثي
واعتبرته الجماعة حينها شخصًا خطيرًا عليها ويجب إيقافه لأنه رفض الانصياع لأوامرها
ولذلك حشدت جماعة الحوثي كل هذه القوة العسكرية ضده
انتهت الحملة العسكرية بمقتل الشيخ صالح حنتوس وإصابة زوجته بعد حصارٍ فرضته الجماعة على منزله
وأحكمت جماعة الحوثي سيطرتها على التعليم في اليمن عام 2021 عقب تغيير المنهج الدراسي للناشئة وفق فكرها الطائفي
وتشبه الخطوة ما قامت به إيران عام 1979 حين غيّرت المناهج التعليمية في البلاد كوسيلة لتشكيل الجيل القادم
بحسب تقرير لمنتدى سلام اليمن نشر في نوفمبر 2021
حادثة مقتل الشيخ حنتوس وإصابة زوجته واعتقال اثنين من أولاده هزت الرأي العام اليمني والحقوقي
يقول الصحفي هشام المسوري، وهو أحد أقارب الشيخ صالح حنتوس، إن الأسباب التي دفعت جماعة الحوثي للإقدام على تصفية الشيخ حنتوس؛ هي أسباب متراكمة منذ بداية الحرب عام 2015، وهي مشكلة مرتبطة بالمشكلة اليمنية عمومًا
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن جماعة الحوثي أرادت فرض طابعها الخاص على كل شيء
ومن ضمن ذلك مراكز تحفيظ القرآن الكريم، التي كان الشيخ حنتوس مديرًا لمركز تحفيظ القرآن الكريم في المنطقة
هشام المسوري : ظل الشيخ حنتوس يعلّم القرآن الكريم واللغة العربية في الجامع المجاور لمركز تحفيظ القرآن
وحاولت الجماعة منعه أكثر من مرة وفرضت عليه إلحاق المركز بوزارة التربية والتعليم وتدريس المنهج المعتمد من قبلها، فرفض الشيخ ذلك
ويتابع هشام المسوري أن جماعة الحوثي قامت باستهداف مركز تحفيظ القرآن أكثر من مرة
وحاولت توقيفه حتى سيطرت عليه عام 2020 وأحرقت محتوياته
ويقول: “ظل الشيخ حنتوس يعلّم القرآن الكريم واللغة العربية في الجامع المجاور لمركز تحفيظ القرآن
وحاولت الجماعة منعه أكثر من مرة وفرضت عليه إلحاق المركز بوزارة التربية والتعليم وتدريس المنهج المعتمد من قبلها، فرفض الشيخ ذلك”
يوضح المسوري أنه وبعد محاولات اعتقالٍ كثيرة، لجأت جماعة الحوثي إلى تسيير حملةٍ عسكريةٍ كبيرة لحصار الشيخ وقتله
حيث تم مداهمته في الجامع بعد صلاة الفجر
قاومهم الشيخ هو وزوجته ونجح في صدهم ومنعهم من اختطافه
استمرت المقاومة من بعد صلاة الفجر إلى الساعة السادسة والنصف مساءً من سطح منزله حتى تم قتله وإصابة زوجته وعمته باستخدام مختلف أنواع الأسلحة
وبتعزيزاتٍ عسكرية من خمسة إلى ستة معسكرات مدعومة بأكثر من 100 آلية عسكرية
سعد القاعدي : تعمل جماعة الحوثي بكل قوةٍ على منع وجود أي جهةٍ تقوم بتحفيظ وتعليم القرآن لا يخدم أفكارهم
ويقومون بمضايقة هذه الجهة أو الأشخاص وإجبارهم على التوقف حتى لو وصل الأمر إلى تصفيتهمويواصل المسوري: “احتلوا منزل الشيخ حنتوس ومنازل إخوانه، وقتلوا كل ماشيتهم ونهبوا جميع محتويات المنازل، ومنعوا تشييع الشيخ”
وأضاف أنهم منعوا أي وساطة قبلية محلية، كون المسألة ذات قرارات عليا
وفي ذات السياق، يقول الصحفي سعد القاعدي إن لدى جماعة الحوثي ثأر كبير مع دور القرآن الكريم ومدرسي القرآن
وذلك لأنهم يعرفون التأثير الديني في النشء، والذي لا يريدون أحدًا القيام بهذا التأثير غيرهم
ويضيف: “تعمل جماعة الحوثي بكل قوةٍ على منع وجود أي جهةٍ تقوم بتحفيظ وتعليم القرآن لا يخدم أفكارهم
ويقومون بمضايقة هذه الجهة أو الأشخاص وإجبارهم على التوقف حتى لو وصل الأمر إلى تصفيتهم
كما حدث مع الشيخ حنتوس”
ويضيف: “استهداف الشيخ صالح حنتوس بعد حصار منزله بعشرات الأطقم وباستخدام مختلف أنواع الأسلحة؛ يأتي في سياق الحرب الشعواء التي لا هوادة فيها على دور وأهل القرآن”
من جهته، يقول المحامي عبدالمجيد صبره “إن جماعة الحوثي قتلت حنتوس لأنه فقط يعلم الناس القرآن”
وأضاف في حديثه لـ”المشاهد” أن نظرية الجماعة ومذهبها لا يجيز تعلم العلوم الدينية وفهم القرآن إلا عن طريقهم وبواسطتهم فقط، فهم “قرناء القرآن” و”أعلام الهدى”
واستشهد صبره بأقوالٍ لزعيم جماعة الحوثي، حسين الحوثي، تدعو الناس لتلقي تعاليم القرآن من قرناء القرآن وليس من مفسري السنة
ويقول رئيس منظمة عين لحقوق الإنسان، الحقوقي ناصر الصانع، إن تصفيةُ شخصيةٍ دينية ومجتمعية بارزة مثل الشيخ حنتوس تمثل جريمة قتل خارج نطاق القانون
وانتهاكًا صارخًا لأبسط المبادئ الإنسانية والقانون الدولي لحقوق الإنسان
وأضاف في حديثه لـ”المشاهد“: “لا يمكن فصل جريمة قتل الشيخ صالح حنتوس عن السياق الأوسع لانتهاكات حقوق الإنسان
دأبت جماعة الحوثي على ارتكابها بشكل منهجي ضد كل من يخالفها فكريًا أو دينيًا أو سياسيًا
لا سيما الشخصيات المؤثرة في المجتمع من علماء الدين، ومشايخ القبائل، والناشطين والمدنيين المعارضين لسياسات الجماعة أو ممن يحتفظون باستقلالهم عنها”
وأشار الصانع إلى أن مواصلة هذه الانتهاكات دون رادع تمثل انهيارًا لمبدأ سيادة القانون
وتكريسًا لثقافة الإفلات من العقاب، وهو ما يتطلب تحركًا حقوقيًا وقانونيًا جادًا لمساءلة المرتكبين وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم
وجريمة قتل الشيخ صالح حنتوس في مديرية السلفية بمحافظة ريمة تأتي ضمن سلسلة طويلة من الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق المعارضين والمخالفين لها في مختلف مناطق الجمهورية
مستخدمةً في ذلك آلة قمعٍ ممنهجة تمزج بين العنف العسكري والاضطهاد السياسي والديني
ومن أبرز الأمثلة الدامية على هذا النمط ما ارتكبته جماعة الحوثي بحق أهالي منطقة “حنكة آل مسعود” في مديرية القريشية – قيفة بمحافظة البيضاء، في يناير الماضي
حين شنت الجماعة هجومًا عسكريًا واسع النطاق على القرية، تخلله فرض حصارٍ خانق استمر أيامًا
ومنع دخول الغذاء والدواء للمدنيين، وقصف عشوائي لمنازل المدنيين بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك استخدام الطيران المسيّر
واعتقالات جماعية تعسفية طالت المئات من الرجال والشباب وحتى القُصّر
وتفجير المنازل وإحراقها بالكامل بعد نهب محتوياتها، وعمليات تصفية ميدانية وقتل جماعي خارج نطاق القانون، كما يسرد الصانع
من جهتها، أدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات هذه الجريمة بحق الشيخ صالح حنتوس
وفي بيان صادر عنها، أوضحت الشبكة أن جماعة الحوثي أقدمت على تنفيذ حملةٍ مسلحة وحاصرت منزل الشيخ حنتوس
وشرعت في إطلاق نارٍ كثيفٍ وعشوائي باستخدام قذائف (آر بي جي)؛ ما تسبب في حالةٍ من الذعر والهلع بين النساء والأطفال، متسببةً في مقتله وإصابة زوجته
وأكدت الشبكة أن هذه الجريمة تأتي في سياق تصعيدٍ متواصل من جماعة الحوثي، التي تواصل ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، من قتلٍ وتهجيرٍ وتفجيرٍ للمنازل
واستهداف القرى والعزل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ضمن ممارساتٍ ممنهجة تهدف إلى إخضاع اليمنيين لمشروعها
من جهته، اعتبر وكيل محافظة ريمة المعين من الحكومة الشرعية، محمد العسل، أن جريمة حصار منزل الشيخ صالح حنتوس هو وزوجته وعمته، إحدى حلقات جرائم جماعة الحوثي التي تأتي في سلسلةٍ طويلةٍ من الجرائم التي ترتكبها الجماعة بحق أبناء ريمة
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن ما تعرّض له منزل الشيخ صالح حنتوس بمديرية السلفية بمحافظة ريمة يمثل جريمةً مروعةً تضاف إلى سجل جماعة الحوثي
وأوضح أن الشيخ حنتوس يعد رمزًا من رموز العلم والدين، عرف بين أبناء ريمة واليمن كافة بإخلاصه في تعليم القرآن الكريم
حيث أسس دارًا لتحفيظ القرآن في المديرية، وكان من أوائل من وقفوا في وجه محاولات جماعة الحوثي تفجير هذا الدار
حين سلمها لمكتب التربية حفاظًا على حرمتها وقدسيتها
وبحسب العسل، فإن تهمة الشيخ صالح حنتوس في ريمة كانت تعليم القرآن في المسجد، وبسببها حاصرت الجماعة منزله وقتلته في صورةٍ بشعةٍ
وتنكيلٍ مقصود بحق رجلٍ أعزل، لم يرتكب جرمًا سوى تمسكه برسالة العلم والدين
من جهته قال فهمي الزبيري، مدير مكتب حقوق الإنسان في صنعاء، التابع لحكومة مجلس القيادة الرئاسي أن الهدف الاستراتيجي للجماعة من هذه الأعمال هو تفكيك البنية المجتمعية والدينية والقبلية التي كانت تاريخيًا أحد خطوط الدفاع عن المجتمع اليمني في وجه الطغيان
وطالب الزبيري بفتح تحقيقٍ دولي نزيه في مقتل الشيخ حنتوس وسلسلة القتل والجرائم المشابهة
وتوثيق الجريمة ضمن ملفات الجرائم ضد الإنسانية، كونها تأتي في سياق هجمةٍ ممنهجة ضد المكونات المجتمعية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير