تفاقم ظاهرة الأمية في طبقة «المهمّشين»
منذ 7 أشهر
تعز- عبد الغني عقلانتحتفل العديد من الدول باليوم العالميي لمحو الأمية في الثامن من 8 سبتمبر من كل عام، وتستعرض الحكومات برامجها في في مكافحة الأمية وأهدافها التي تحققت في هذا المجال
في اليمن، لا تزال الأمية تتفشى في ظل الحرب والصراع السياسي، ولا تزال أعداد الأفراد الذين لا يقرأون ولا يكتبون في تزايد
على الرغم من أن الحرب حرمت الكثير من اليمنيين من الحصول على التعليم طوال العشر السنوات الماضية، إلا أن مجتمع المهمشين لا يزال الأكثر تضررًا وحرمانًا من التعليم
سامي القوزعي، 38 عامًا، من المدينة السكنية في مديرية في مدينة تعز، يقول لـ “المشاهد”: “فُرضت علينا الأمية منذ مئات السنين لكي يسهل استعبادنا ونبقي فقراء حتي لا نستطيع النهوض اقتصاديا
ينظر لنا المجتمع بدونية، ما يجعلنا غير قادرين علي مواصلة التعليم
”يضيف: “لدي ولدان تركوا تعليمهم بسبب التمييز ضدهم من قبل مسؤول في المدرسة
حاولت أقدم شكوي، لكن لم يتم إنصافي، وتعرضت للسجن لأني رفضت التمييز ضد أولادي في المدرسة
يحب أولادي التعليم، وحلمي أن أراهم متعلمين مثل غيرهم، لكن التحديات أكبر من الأحلام
”تشير تقارير إلى أن حجم فئة المهمَّشين في اليمن يصل إلى نحو 3 ملايين شخص، ويقيم معظمهم في أحياء فقيرة محيطة بالمدن الرئيسية، وهم موجودون في جميع المحافظات، وأكثريتهم في الحديدة (35%)، وحجة (13%)، وذمار (10%)، وعدن (8%)، وتعز (5%)، وصعدة (5%)، وصنعاء (4%)
أسباب الأمية في فئة المهمشينالناشط المجتمعي مروان دحان يقول لـ “المشاهد” إن عدم وجود استقرار في البلاد، مع تفاقم المشاكل الاجتماعية والصراعات، أدى إلي إهمال مشكلة الأمية، في ظل عجز المواطنين الفقراء على توفير مستلزمات التعليم، بخاصة طبقة المهمشين الذين يعملون في النظافة
يضيف: “رواتب هؤلاء العمال لا تكفي لتوفير المواد الغذائية الأساسية، وبالتالي يجدون صعوبة في توفير رسوم الدراسة والمواصلات لأولادهم
” يعتقد دحان أن هناك أسباب تتعلق بالمهمشين أنفسهم، وتتمثل بعدم إدراكهم أهمية التعليم وإهمال أطفالهم وعدم متابعتهم في المدارس وتربيتهم بشكل لائق
غدير العدني، ناشطة إعلامية، ترى أن تفشي الأمية في مجتمع إلى النظرة التمييزية لهم من قبل معظم أبناء المجتمع، وهذه الدونية التي تتعرض لها هذه الفئة ناجمة عن الموروث الاجتماعي الذي مورس ومازال يُمارس ضدها
تضيف: “إن عدم وجود خطة تعليمية تضمن دمج الطلاب والطالبات السود في المدارس بشكل كلي وحمايتهم من الانتهاكات من قبل المدرسين أو زملائهم الطلاب يعمق أزمة الأمية في هذه الفئة
”تشير العدني إلى أن الكثير من أفراد المجتمع يعتقدون بأن تعليم هذه الفئة ليس مهما، لأنهم يعملون في مجالات لا تحتاج إلى تعليم أو مؤهلات علمية، وهذه المجالات تتضمن النظافة، الصرف الصحى، حياكة الأحذية الجلدية وغيرها من الأعمال التي ينظر لها المجتمع بدونية
رئيسة جمعية كفاية النسوية، مسك المقرمي، تقول إن التنمر في المدارس ضد الطلاب والطالبات المهمشين والنظر لهم بإزدرا ولد لديهم عزوف عن التعليم ودفعهم للذهاب إلى الأسواق والشوارع لجمع العلب البلاستيكية وبيعها بدلا عن التعليم، لأنهم لا يجدون الحماية والإنصاف
تضيف المقرمي: “الفقر المحيط بعائلات الطلاب والطالبات السمر جعلهم غير قادرين علي توفير مستلزمات التعليم بشكل كامل، بخاصة في العقد الأخير في ظل غياب الرعاية والاهتمام بهم من قبل الجهات المعنية
”أحمد نعمان، مدرس في ريف تعز، يؤكد أن العزلة الاجتماعية وغياب فرص العمل لمخرجات التعليم، خصوصا الفئات المهمشة، خلق لديهم حالة من الإحباط واللامبالاة بالتعليم
يرى نعمان أن العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي تجاه ذوي البشرة السوداء تعد من معوقات التعليم، بالإضافة إلى وعدم وجود الكتاب المدرسي وازدحام الصفوف والفقر
الأمية والفقرفي عام 2022، أظهرت دراسة أجرتها وكالة التعاون التقني والتنمية بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، للأسر المعيشية للمهمشين في 14 منطقة مختلفة تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية أن 37% منهم يفتقرون إلى المال لتوفير الغذاء للأسرة، و49% من الأطفال لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس، و80% من الأسر لا تستطيع تغطية تكاليف الحصول على الرعاية الصحية
ثمة ارتباط وثيق بين الأمية والفقر؛ فكلما انتشرت الأمية، اتسعت رقعة الفقر
رئيس الدائرة التعليمية بالاتحاد الوطني للتنمية الفئات الأشد فقرًا في اليمن، عادل فرج، يقول لـ “المشاهد” إن تهميش المهمشين ناتج عن قصور التعليم في أوساط هذه الفئة، مؤكدًا أن التعليم من أهم الطرق التي تمكن الفرد من الوصول إلى مواقع اتخاذ القرار والمشاركة الفاعلة في إدارة شؤون المجتمع
يضيف: “التخلص من الأمية هو حق من حقوق الإنسان، ولكن هذا الحق لا يحصل عليه الفرد إلا إذا توفرت له الحقوق الأخرى
فئة المهمشين تعاني من ضعف القدرات المادية، وبالتالي لا يمكنها تلبية تكاليف التعليم، ناهيك عن الفقر المعنوي حيث ترى هذه الأسر أن التعليم أمرًا ليس مهمًا
”فتحية القدسي، رئيسة مؤسسة سوا للسلام والتنمية، تقول لـ “المشاهد” إن تفشي الأمية في الطبقات الفقيرة، مثل طبقة المهمشين، دفعها وطاقمها في المؤسسة إلى تنفيذ أنشطة توعوية للآباء والأمهات في ثلاثة تجمعات في مديرية القاهرة، وفتح مركز محو أمية في مدرسة زيد الموشكي في مدينة لعدد 120 طالب وطالبة
توضح القدسي: “إن محو أمية الفقراء مسألة في غاية الأهمية، ليتمكنوا من الحصول على فرص عمل مناسبة لتحسين مستواهم الاقتصادي
يجب على المنظمات المحلية أن تضع هذه المشكلة من ضمن أولوياتها، والعمل على خلق وعي مجتمعي بضرورة محو أمية الفئات الأكثر فقرًا، لكي يكون هناك مجتمع يتساوي فيه الجميع
”جهود حكوميةصباح راحج، مدير عام محو الأمية بمحافظة تعز، تقول إن هناك خطة حكومية لمواجهة تفشي الأمية في أوساط المواطنين دون تمييز، وتؤكد أن توعية فئة المهمشين بأهمية التعليم من الخطوات الضرورية لمكافحة هذه مشكلة الأمية
توضح راجح: “قمنا بفتح مركز محو أمية في تجمع زيد الموشكي، وكان هناك إقبال كبير، وهذا جعلنا نشعر بالسرور
الوضع المعيشي لدي الفئات المهمشة صعب، إذ يعانون عدم الاستقرار في السكن، ويعدون من ذوي الدخل المحدود، وهذه الأسباب جعلتهم غير قادرين علي إرسال أطفالهم إلى المدارس
” وتؤكد راحج أن هناك تحسن مستمر للاندماج والتعايش بين فئة المهمشين والطبقات المجتمعية الأخرى، لكنها تشير إلى أن لا تزال الأمية منتشرة في أوساط هذه الفئة بسبب الوضع الاقتصادي
إن الأمية في أوساط تجمعات المهمشين من المشكلات المزمنة في اليمن، ويتطلب إنهاء هذه الأزمة أو التخفيف منها إستراتيحيات وبرامج طويلة المدى من قبل الدولة والمنظمات المعنية، لضمان مجانية التعليم لكافة الأطفال ذوي البشرة السوداء وإنشاء مراكز محو الأمية في كل التجمعات ورفع الوعي المجتمعي بأهمية التعليم
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير