توفيق السامعي : الجهاد عند الإمامة الهاشمية.. وسيلة الإرهاب والتمدد (2-2)
منذ 4 ساعات
توفيق السامعي إن الفكر الإمامي عموماً (اثنا عشري وهادوي وجارودي وغيره) يستجيزون الاستعانة بالفسقة إذا لم يخونوهم، كما صرح بذلك الإمام عبدالله بن حمزة وقال: وقد تقرر من علم الأئمة –عليهم السلام- أن الاستعانة بالفاسق إذا غلب في الظن أنه لا يخون في ما استعين به فيه جائزة، فأما إذا علم أنه يخون فلا خلاف أن ذلك لا يجوز قولاً واحداً، وقد استعان علي -عليه السلام- بقوم ظهرت خيانتهم له
وحتى في الفتوحات الإسلامية انكفأوا منها في الداخل بحجة عدم وجود إمام، لكن هذه الحجة عريت وسقطت بوجود أئمتهم بينهم، وبتعاونهم مع العدو الخارجي ضد المسلمين في كل المراحل التاريخية
فابن العلقمي (الشيعي) ساعد التتار على غزو بغداد، وتدمير الخلافة الإسلامية، وقتل الخليفة العباسي، وساعد بعض شيعة الشام والفاطميين في مصر الصليبيين على الدخول إلى القدس وبلاد المسلمين وارتكاب أبشع المجازر والإبادة بحق المسلمين هناك، وأعاقوا تحريرها، وتعاونوا مع الاحتلال الصليبي لقمع كل ثورة وانتفاضة ومقاومة إسلامية ضد الاحتلال الصليبي
وفي اليمن تعاون الإمام شرف الدين وابنه المطهر (الشيعي الهادوي) مع المماليك الشركس لغزو اليمن والقضاء على الدولة الطاهرية؛ آخر دولة سنية في اليمن عام 923هـ، وتعاونت حركة أمل الشيعية اللبنانية مع الصهاينة بمجزرة صبرا وشاتيلا ضد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عام 1982، وساعدت إيران (الإسلامية) التحالف الصليبي الحديث في غزو العراق وأفغانستان في عامي 2001 و2003، وقاد الشيعة العراقيون مع الأمريكيين مجازر مروعة بحق العراقيين السنة، وصل عدد القتلى وضحاياها حدود مليون عراقي، وأكثر من مائة ألف أفغاني وباكستاني، وتحالفت إيران الصفوية مع القيصرية الروسية والإمبراطورية البريطانية ضد الخلافة الإسلامية العثمانية
كما تحالف بشار الأسد العلوي مع روسيا الصليبية لإبادة وتشريد ملايين السوريين وصولاً إلى استعمال أسلحة الدمار الشامل بحق الأطفال والنساء والشيوخ بالكيماوي وغاز الميثان
وتعاون الإمامان يحيى وأحمد حميد الدين مع البريطانيين ضد الأتراك المسلمين أولاً ثم ضد اليمنيين ثانياً، وتنازل الإمام يحيى حميد الدين عن لحج والضالع للاحتلال البريطاني مقابل دعمه ضد الإدريسي في تهامة
وتعاون الحوثيون مع الأمريكان والغرب عموماً للانقلاب على الدولة وتدمير مظاهر التدين في اليمن، والقضاء على الحركات الإسلامية السنية، وتدمير مساجدهم وتفجير مدارسهم وبيوتهم، كنوع من التعاون في القضاء على الدين الإسلامي والصحوة الإسلامية في اليمن، وباتوا اليد الأمريكية البريطانية لزعزعة الإسلام والمسلمين في اليمن والجزيرة العربية عموماً
عند التحشيد الإمامي عبر التاريخ، كانوا يرفعون شعار وعلم الجهاد، لكنه جهاد ضد الشعب اليمني المقهور، وقد صور الأستاذ النعمان هذا الأمر بالقول: لم يكن هؤلاء الزيود يشتغلون كثيراً بفلاحة الأرض ولا بالتجارة؛ بل كانوا تحت السلاح يلبون نداء الإمام للجهاد في سبيل الله، ويطلق عليهم المجاهدين في سبيل الله، حتى إنهم ينصبون أعلاماً كبيرة يكتب عليها اسم الإمام (أمير المؤمنين نصره الله)، والجهاد تحت ظل السيوف، وكان شعارهم (جعل رزقي تحت ظل رمحي) باعتبار أنهم يغزون البلاد الكافرة، فتصبح بلاد الكفار غنيمة لهم، وكل من كان غير موالٍ للإمام لا يعتبر في نظرهم مسلماً كاملاً إذا لم يكن مرتبطاً بعقيدة الإمام وولائه ومذهبه، حتى إنهم وضعوا قاعدة يقولون فيها: من أنكر على الإمام بقلبه فهو فاسق، ومن أنكر عليه بلسانه فهو كافر، ومن أنكر عليه بيده فهو محارب، وفي كل الأحوال فهو عاصٍ يستحق العقوبة! لقد حرّم الإماميون على اليمنيين حتى الإنكار بالقلب، مع أن الله -سبحانه وتعالى- لا يحاسب عليه
يقول النبي: إن الله لا يحاسب أمة عما حدثت به نفسها، حتى إن الناس يساقون أحياناً إلى السجون ولا تعرف الأسباب التي أدت إلى إدخالهم السجون
ولا يمكن أن يسأل الإمام؛ لأنه فوق الشبهات، وخليفة الله في الأرض
كان الإمام يحيى حميد الدين وابنه أحمد يحشدون المرتزقة لقتال الزرانيق في تهامة تحت مسمى الجهاد أيضاً، وكان مما ذكر عنهم أنه بعدما عاد أحمد إلى صنعاء من بلاد حاشد، بعدما قضى على ثورتها صلحاً وسلماً، اغتنم جلالة الإمام وجود ولي عهده في العاصمة، وتجمع الجيش في تهامة اليمن، وما لسموه من الشدة والبأس، فأرسله للإشراف على قبيلة الزرانيق وتولي شؤونها بنفسه، للقضاء على تمردها، فسافر سموه إلى تهامة، وقبل وصوله إليها بمدة كان المجاهدون قد احتلوا الدريهمي وقرى كثيرة بالقرب من مركز بيتٌ الفقيهٌ والحسينية المجاورة لأراضي تلك القبيلة
لذلك فإن من يسمع خطابات الحوثيين اليوم، ومن يجد رفع هذه الشعارات واللافتات والمصطلحات الجهادية فإنها لا تعني جهاد الكفار، ولا الدفاع عن الأوطان، بل هو جهاد ضد الشعب اليمني الذي هو في نظرهم كافر بالإمامة والولاية، ويستحق التنكيل والسلب والنهب والتضييق في المعيشة، والتهجير والتدمير، كما يفعلون في كل موطن يصلون إليه
ولما كان الإماميون عبر التاريخ يكفرون اليمنيين بالإلزام والتأويل، وخاصة اليمن الأسفل تعز وإب وريمة وتهامة وعدن ولحج وغيرهم، ويعتبرونهم إخوان اليهود والنصارى رفعوا راية (الجهاد) ضدهم إبادة وتدميراً ونهياً وتشريداً لهم في كل الأوطان الخارجية
يقول النعمان الإبن: كان القبيلي المجند الذي قدم من شمال صنعاء إلى سهول تهامة وإب وتعز والبيضاء لا يسمى جندياً بل مجاهداً في سبيل الله، وعلى هذا الأساس أبيح له أن يسكن في مساكن الأهالي بالقوة حتى لو أدى الأمر - وكثيراً ما كان يؤدي - إلى خروج رب المسكن ليسكنه المجاهد في سبيل الله ويفرض على الزوجة أن تتولى خدمته وإطعامه ما يختار من طعام، وكم أكواخ وبيوت هدمت وأحرقت لأن فلاحاً أو فلاحة اعتذرت بالفقر عن تلبية الرغبات المسعورة للجنود
والكلام مازال للأستاذ النعمان الذي يؤكد بقوله: لقد وجه الإمام يحيى قبائل الشمال التي حاربت تحت قيادته الأتراك نحو الجنوب (تعز وإب) وتهامة بدعوى المحافظة على الراية المحمدية في بلاد كفار التأويل وإخوان النصارى
وقد ذكر الزبيري في كتابه الإمامة وخطرها على وحدة اليمن( )، بالقول: تكاد تنحصر الأعباء الإمامية في استصفاء ثروة الشعب باسم الزكاة، وقمع الانتفاضات الشعبية باسم الجهاد وقتال البغاة ثم بناء مسجد باسم الإمام تضاف إلى جواره غالباً قبة الضريح لهذا الإمام تمد نفوذه الروح حتى وهو في القبر، ثم يخلف تركة ضخمة من الأرض لأولاده وأحفاده بعد أن يبتزها من الشعب
الجهاد عند الحوثي الإمامة الجديدة:أما الإماميون الجدد (الحوثيين) فشعاراتهم وخطاباتهم وتسمياتهم ناضحة بهذه المصطلحات الجهادية، ويسمون أنفسهم مجاهدين وأكثرهم فاسقون!إذ لا تخلو أدبياتهم وخطاباتهم من الجهاد ويعبرونها عندهم فرضاً من الفروض لا فرعاً من الفروع، والجهاد المعروف عندهم هو جهاد اليمنيين الذين وجهوا مليشياتهم إلى الداخل اليمني قتلاً وتدميراً وتشريداً ونهباً للأموال وحرثاً للأرض بالألغام
فخطاب زعيمهم عبدالملك الحوثي في كل مناسبة وبشكل يومي لا يغفل التحريض بالجهاد ضد اليمنيين، ويتقمص هذا المصطلح المقدس بالنسبة للمسلمين لإضفاء دافع مقدس لمسلحيه ومقاتليه لقتال اليمنيين وعدم التردد في ذلك بما يغرر عليهم في ذلك ويعدهم بالجنة، وأنهم عنده شهداء يثابون بما يرتكبون من جرائم بحق الشعب اليمني، وليبقي مسألة التحشيد مستمرة ويلتف حوله أنصاره بما يخدعهم وما يمنيهم من غايات، ولذلك يبيح لهم الأرض والعرض والمال أينما حلوا ووصلوا، ولذلك نجد هؤلاء المرتزقة يلتفون حوله لأنهم يحصلون عن طريقه بالفيد والغنائم دون حساب أو عقاب أو تأنيب؛ فأطلق أيديهم للعبث في كل مقدسات اليمنيين من نفس ومال وعرض
ولتأكيد هذه الغاية فقد أنشأ الحوثيون في هيكل تنظيمهم مجلساً يسمى مجلس الجهاد الحوثي، بحسب باحثين، استنسخ عن حزب الله ويعتبر أعلى سلطة في الهيكل القيادي لميليشيا الحوثي ويقوده عبدالملك الحوثي بنفسه، وهو قائم بالشراكة مع حزب الله وإيران الذين يمثلون في هذا المجلس بممثلين عنهما، بما في ذلك مركزية وظائف الاستخبارات ومكافحة التجسس
وتسمى العناصر القتالية الحوثية بالمجاهدين، إلى جانب تسميات أخرى كثيرة تدل على تخبطهم والبحث عن مبرر شرعي لهم؛ إلا أن الصفة العامة التي يصفون بها أنفسهم هي بالمجاهدين، ولعمري أي عدو خارجي يجاهدون، وأي غزو يصدون، وهم المدعومون من الخارج سياسياً وتسلحياً ومنظماتياً ومالياً واستخباراتياً على حساب بقية اليمنيين، وهم الذين سهل لهم غزو اليمن بغطاء أممي للانقلاب على الدولة واحتلال المحافظات اليمنية وثرواتها المختلفة، ولولا هذا الدعم الخارجي الأممي الذي كبل الشرعية اليمنية ما استطاعت مليشيا الحوثي تجاوز دماج