توفيق السامعي : اليمنيون "كفار" و"إخوان النصارى" وعملاء اليهود والأمريكان! 

منذ 4 ساعات

توفيق السامعي لم تعدم الإمامة عبر التاريخ، ولا الحوثية اليوم شعارات التعبئة، ولا المبررات التي  تعبئ بها عكفتها ومليشياتها ومرتزقتها وتبرر لها ولمن حولها الدافع لتدمير اليمن والبطش باليمنيين، وخاصة في التاريخ الحديث منذ تأسيس الدولة القاسمية وحتى انقلاب الإمامة الجديدة الحوثية على الدولة

فالحوثية تمضي على نهج آبائها وأجدادها الأوائل خطوة بخطوة، واستيراد الأحداث التاريخية للسيطرة على البلاد والتسلط على المواطنين، شعارهم في ذلك {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}

فمنذ عهد الرسي وصولاً إلى عهد الدولة القاسمية كانت تهمة اليمنيين عموماً كسنة قبل أن يكون هناك شيعة زيدية أو هادوية، وخاصة اليمن الأسفل، أنهم (مُشَبِّهة ومُجَبِّرة، وبغاة، ونواصب، فسقة، وظلمة)، وهم في هذه الحالة في مقام الكفار الذين يجب جهادهم، وهو شعار مختلق كدافع للإمامة القديمة لمحاربة اليمنيين والانقلاب على الدول والسلطات والتسلط على اليمنيين وإقامة دولتهم الإمامية

وكثيراً ما استخدم هذه الذريعة والراية السفاح عبدالله بن حمزة ضد اليمنيين في مختلف البلاد، وكان كل قوم يختلق لهم ذريعة لمحاربتهم واستئصالهم؛ فالسنة باعتبارهم أشاعرة وهم أهل تشبيه وجبر، ومعارضيه من الزيدية الهادوية المعروفة بالمطرفية باعتبارهم مُخْتَرِعة، وكذلك اتهمهم بالكفر والردة والضلال، وأنهم يساوون بين اليهودي والرسول، وأنهم يقولون أن القرآن مخلوق [عقيدة المعتزلة]، وأنهم يسبون الأئمة، وأنهم أدعياء نبوة، كما اتهمهم بسب الصحابة ولعنهم، وأفتى أنه من قتل دعياً فإنه يتقرب إلى الله بدمه!وجاء في كتاب المنتزع المختار من الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار في فقه الأئمة الأطهار للعلامة عبد الله بن مفتاح (قال أبو طالب لا يصح الوقف على مساجد المشبهة والمجبرة

وقال (ص بالله) مساجد المشبهة والمطر فيه والمجبرة لا حكم لها ولا حرمة وأخرب كثيراً منها وسبل بعضها)

وهذا الكتاب هو العمدة في الفقه الهادوي، وهو يحكي إخراب الإمام عبدالله بن حمزة للكثير من مساجد أهل السنة و(ص بالله) إشارة إلى لقب الإمام عبدالله بن حمزة الذي يتلقب به (المنصور بالله)( )

وأما في عهد الدولة القاسمية، وتحديداً في عهد المتوكل إسماعيل، أظهرت الإمامة شعار كفر التأويل وكفر الإلزام ورموا به اليمن الأسفل ومخالفيهم واعتبار أرضهم خراجية تعامل معاملة أرض الكفار المغنومة؛ فقد عمل الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم على نشر وبعث علماء الهادوية إلى القرى لنشر المذهب الهادوي وفقه الهادوية حتى يتحولوا إلى المذهب، فقد كان يتعصب لمذهبه إلى درجة أنه كان يقول بكفر الأتراك ويدخل في حكمهم من والاهم، ولو كان معتقده يخالف معتقدهم، وهذا ما عرف عندهم بالتكفير بالإلزام، حيث إن الأتراك -حسب زعم المتوكل إسماعيل- (كفار) والكفار إذا استولوا على بلاد وملكوها، ولو كانت من أراضي المسلمين تعتبر بلاداً كفرية؛ لأن أهلها أقاموا تحت أوامر وقيادة الكفار

وقد رفع المتوكل إسماعيل شعارات عديدة في هذا الجانب وهي الشعارات الدينية التي تدفع بمرتزقته ومليشياته للبطش باليمنيين وإرهابهم ونشر معتقده ومذهبه بالحديد والنار، وهذه الشعارات هي (كفار تأويل، بغاة، نواصب، منافقون لا يمتثلون لأحكام الشرع إلا كرهاً وخوفاً من صولة الإمام بجنده أو بعضهم)

ورد عليه كثير من العلماء في مسألة التكفير بالإلزام، يراجعونه في ما ذهب إليه من التكفير وعدم استحلال أموال الناس تحت هذه الحجة، ومن هؤلاء مثلاً عبدالقادر بن علي المحيرسي الذي رد برسالة قال فيها: وبعد: فما ذكرتم من منع مشاع الدعاوى لما كان من زمن الدولة وصارت الجوابات مختلفة؛ فإن كان لأجل البغي فالباغي لا يخرج عن أحكام الشرع فيما بين المؤمنين لثبوت إسلامه شرعاً، وفي معاملة علي -كرم الله وجهه- لأهل الجمل وصفين مع استحلالهم لدماء المسلمين ما يهدي إلى هذا المعلوم، وإن كان لكونهم من أولياء المجبرة لموالاتهم لهم، أو لكون الجبر معتقدهم، فالذي علمناه من يضاد الإسلام والكفر يقضي باتخاذ الطريق إلى ثبوتهما وإلى دخول أحدهما حيث يدخل الآخر من ثبوتهما بفعل القلب بلا اختلاف وإلا لافتقر أحد الضدين إلى أكثر مما افتقر إليه الآخر وهو محال أو لزم ثبوت الحكم بمجرد القول فيكفر من نطق بكلمة الكفر بنحو إكراه من دون اعتقاد معناه وهو خلاف الإجماع

إلخ( )

ولم يكن المحيرسي أو غيره فقط ممن احتج على المتوكل وراجعه في ذلك، بل وصل الأمر إلى معارضته وانتقاده من داخل البيت القاسمي نفسه؛ فقد رد عليه وراجعه ابن أخيه العلامة والمؤرخ يحيى بن الحسين بن القاسم في أكثر من رسالة، وكان يصفه بالقول: كانت حالته في ذلك حسنة [لا يأكل من الزكاة] إلا أنه لو كملها بالعدل باليمن الأسفل في مطالبه وجور ولاته الجور المفرط، وأزال عنه الشبهة في تكفيرهم بالجبر والتشبيه الذي لا يقولون به ولا يلتزمونه، لكان كاملاً بأوصاف الخيرات جامعاً للأحوال السنيات، لكنه قصر في النظر وقلد في الأصول والأثر، ولم يعرف بحقائق أقوال أهل الخلاف وتفاصيل محققي علماء السنة ليعرف بذلك أقوالهم البينة كما عرفه غيره من الأئمة( )

وفي رد المتوكل إسماعيل على ابن أخيه يحيى بن الحسين برسالة طويلة عريضة، وهو مصر كل الإصرار على التكفير، ومبرر كل التبرير لجوره وتكفيره اليمنيين، نقتصر ببعض ما جاء فيها بالقول: وبعد

فوصل كتابكم الكريم ويتضمن السؤال عن وجه المقرر ولم يشغل عنه حال وصوله شاغل فتحققناه، وما كان الظن أن يخفى ذلك وجهه فالحق بيّن بحمد الله، وبيان ذلك أن مذهب أهل العدل أن المُجَبِّرة والمُشَبِّهة كفار، وأن الكفار إذا استولوا على أرض ملكوها ولو كانت من أراضي المسلمين وأهل العدل، وإنه يدخل في حكمهم من والاهم واتمنرى إليهم، ولو كان معتقدهم يخالف معتقدهم، وأن البلد التي تظهر فيها كلمة الكفر بغير جوار كفر به ولو سكنها من لا يعتقد الكفر ولا يقول بمقالة أهله، هذه الأصول معلومة عندنا بأدلتها القطعية ومدونة في كتب أئمتنا وسلفنا، ولا ينكر ذلك عنهم أحد من له أدنى بصيرة ومعرفة بمصنفاتهم الأزهار وغيره

إلى أن قال: فإذا استفتح الإمام شيئاً من البلاد التي تحت أيديهم فله أن يضع عليها ما شاء سواء كان أهلها ممن هو باقٍ على ذلك المذهب أم لا؛ فالمقلد من الناس إن أراد أن يكتفي بالتقليد فهذه الأمور معروفة في المختصرات، وأن الواجب الوقوف على الدليل ففي المبسوطات ما يكفي ويشفي( )