جدوى الضربات الأمريكية
منذ 2 أشهر
تعز – صهيب المياحيفي ظل استمرار الضربات الأمريكية على جماعة الحوثي في اليمن تحت ذريعة “حماية الملاحة الدولية”
يتجدد الجدل حول سبب عدم تقديم واشنطن دعمًا حقيقيًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، لتمكينها من إنهاء سيطرة الحوثيين لليمن
وعقب تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كثّفت واشنطن هجماتها وغاراتها على مواقع الحوثيين في اليمن
وتختلف الهجمات الأخيرة عن مثيلتها في عهد الرئيس جو بايدن، باستهدافها أهدافًا في عدة محافظات، منها معقل جماعة الحوثي بصعدة
وفي الوقت الذي تزعُم الولايات المتحدة أن هجماتها تسعى لحماية الملاحة في البحر الأحمر
يستغرب محللون يمنيون من امتناع واشنطن عن دعم الحكومة اليمنية عسكريًا للتخلص من الحوثيين وتهديداتهم المستمرة لأمن واستقرار المنطقة والعالم
يرى الصحفي والكاتب اليمني فهد سلطان، أن “لواشنطن أجندة خاصة، لذلك فهي لا تقدم دعمًا كاملًا للحكومة الشريكة لاستعادة اليمن
ويعزو سلطان أسباب ذلك إلى تعقيدات المشهد السياسي الإقليمي والدولي”
في ظل استمرار الضربات الأمريكية على جماعة الحوثي في اليمن تحت ذريعة “حماية الملاحة الدولية”
يتجدد الجدل حول سبب عدم تقديم واشنطن دعمًا حقيقيًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، لتمكينها من إنهاء سيطرة الحوثيين لليمنويوضح سلطان لـ”المشاهد” أن “الولايات المتحدة تركّز على مصالحها الاستراتيجية، مثل تأمين خطوط الملاحة في البحر الأحمر ومواجهة النفوذ الإيراني
لافتًا إلى أن واشنطن تتجنب الانغماس في حرب أهلية يمنية قد تتحول إلى مستنقع يستنزف مواردها”
كما يشير إلى أن “واشنطن تنظر إلى الحكومة اليمنية الشرعية على أنها ضعيفة ومنقسمة
معتبرًا أن الولايات المتحدة تعتبر الحكومة اليمنية شريكًا غير موثوق به لتحقيق نصر حاسم ضد الحوثيين”
هذا التوجه الأمريكي يطرح تساؤلات حول جدوى الضربات العسكرية في تحقيق استقرار اليمن
في ظل غياب استراتيجية شاملة تعزز الحل السياسي وتدعم مؤسسات الدولة الشرعية
يعتقد سلطان أن “الضربات الأمريكية قد لا تحقق الهدف المرجو من إضعاف الحوثيين، بل يمكن أن تعزز صمودهم وشعبيتهم المحلية
حيث يروجون لأنفسهم كـ”مقاومين” أمام قوة عظمى، بينما تتفاقم الأوضاع الإنسانية وتزداد الحكومة اليمنية ضعفًا بسبب غياب التنسيق معها”
فهد سلطان: الولايات المتحدة تركّز على مصالحها الاستراتيجية، مثل تأمين خطوط الملاحة في البحر الأحمر ومواجهة النفوذ الإيراني، كما أن لواشنطن أجنداتها الخاصة وتتجنب الانغماس في حرب أهلية يمنية قد تتحول إلى مستنقع يستنزف مواردها، بالإضافة إلى أن الوضع السياسي الهش في اليمن، مع انقساماته الداخلية وتدخلات القوى الإقليمية، يجعل الضربات الجوية أداة محدودة التأثيرويلفت سلطان إلى أن “الوضع السياسي الهش في اليمن، مع انقساماته الداخلية وتدخلات القوى الإقليمية، يجعل الضربات الجوية أداة محدودة التأثير
كما أنها قد تحمي مصالح خارجية مؤقتًا، لكنها عاجزة عن حل الصراع الداخلي، بل قد تزيده تشابكًا وتعقيدًا”
ويختتم سلطان بالقول: “الحكومة اليمنية غير جاهزة ولا تملك قرارها المستقل، وبالتالي لن تكون المستفيد الأكبر من هذه الضربات
موضحًا أن الأخطر من ذلك دخول الحوثيين في اتفاقيات أو تنازلات تتيح لهم إعادة ترتيب أوضاع البلاد لصالحهم
مما يغير قواعد اللعبة السياسية برمتها”
منذ أحداث سبتمبر 2014، تحول اليمن إلى ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية
فبينما يقود التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات دعمًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا؛ تتهم إيران بدعم جماعة الحوثي عسكريًا وسياسيًا
وتواصل الولايات المتحدة -وسط هذا المشهد المعقد- شن ضربات جوية؛ بحجة “حماية الملاحة البحرية”، لكن دوافعها الحقيقية تبدو أكثر تعقيدًا
ويرى الباحث اليمني عصام القيسي أن “سيطرة الحوثيين على السلطة كان البوابة التي فتحت اليمن على مصراعيها للتدخلات الإقليمية
وتصاعدت مؤخرًا بالتدخل الأمريكي المتمثل في الضربات الجوية المستمرة”
ويضيف القيسي لـ”المشاهد”: “ما تقوم به واشنطن من ضربات جوية داخل اليمن هو شكل من أشكال البلطجة الدولية غير المقبولة
وتضر المدنيين اليمنيين أكثر مما تؤذي جماعة الحوثي أو منظومتها العسكرية”
عصام القيسي: ما تقوم به واشنطن من ضربات جوية داخل اليمن هو شكل من أشكال البلطجة الدولية غير المقبولة، وتضر المدنيين اليمنيين أكثر مما تؤذي جماعة الحوثي أو منظومتها العسكرية، بل تتحول هذه الضربات إلى مادة دعائية تروجها الجماعة لتعزيز صورتها كـ”مقاومة” أمام القوى العظمىويكمل: “الحوثيون لا يتأثرون -نوعيًا- بمقتل بعض قياداتهم، حتى لو كانوا من الصف الأول أو الثاني
بل على العكس، تتحول هذه الضربات إلى مادة دعائية تروجها الجماعة لتعزيز صورتها كـ”مقاومة” أمام القوى العظمى”
ويكشف القيسي عن بعدٍ آخر للأزمة، يتمثل في أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تملك رغبة حقيقية في التخلص من الحوثيين
مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تنظر للحوثيين بأنهم يشكلون ورقة ضغط مهمة لدول الخليج، وأداة تفاوض مع إيران
كما أنهم -من وجهة النظر الأمريكية- بديل أفضل من قوى الإسلام السياسي أو تيارات الربيع العربي”
وفي السياق، كشفت وزارة الصحة في صنعاء -التابعة لجماعة الحوثي- عن حصيلة ضحايا الغارات الأمريكية الأخيرة
معلنةً أن الضربات الجوية الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين أسفرت عن مقتل 55 شخصًا، وإصابة 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال
واعتبرت الوزارة أن هذا يمثل مؤشرًا خطيرًا على تجاوز الغارات ما زعمت أنه “أهداف عسكرية”
وبحسب المحللين والخبراء السياسيين، فإن غياب استراتيجية سياسية شاملة، يجعل الضربات الأمريكية مجرد حلقة جديدة في سلسلة الصراع اليمني
ما يزيد من معاناة المدنيين ويجعل الأمل في إيجاد حل دائم أمرًا مستبعدًا
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير