جدوى الودائع السعودية النقدية
منذ شهر
تعيش الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن، وضعا ماليا صعبا، جعلها غير قادرة على دفع رواتب الموظفين بانتظام
يعود هذا جزئيا إلى شحة الموارد المالية إثر توقف صادرات النفط والغاز منذ أكتوبر 2022
أمام هذا الوضع، تظهر السعودية في فترات متلاحقة، بإعلان تقديم ودائع مالية نقدية للبنك المركزي في عدن، كان آخرها في نهاية ديسمبر الماضي، بتقديم دعم اقتصادي بقيمة 500 مليون دولار أمريكي
وحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)، فإن الدعم يتضمن وديعة مالية بقيمة 300 مليون دولار أمريكي في البنك المركزي اليمني (عدن)
ويشمل أيضا 200 مليون دولار دعما لعجز الموازنة
وتقول “واس” أن هذه المساعدة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، دعم النفقات التشغيلية ودعم الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
لكن الوضع الاقتصادي آخذ في التدهور المستمر
انعكس هذا على الوضع المعيشي للمواطنين، ورواتب الموظفين التي اقترن صرفها بالودائع السعودية
وباتت الودائع السعودية، الأساس الذي تعتمد عليه الدولة اليمنية في صرف مرتبات الموظفين، وحل المشكلات الاقتصادية
يستعرض هذا التقرير رأي الاقتصاديين اليمنيين حول جدوى الودائع السعودية النقدية المتكررة
حيث يقولون في أحاديث للمشاهد أن هذه الودائع ما هي إلا مسكنات مرحلية، وليست علاجًا حقيقيًا
ويقول المتحدثون في هذا التقرير أن نتائج هذه الودائع يبقى معلقا بسلوك الحكومة، وكيفية استخدامها
وصل سعر صرف العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة إلى أكثر من ألفيت ريالا أمام الدولار الواحد
تلقى البنك المركزي اليمني أول وديعة سعودية عام 2012، بقيمة مليار دولار لدعم العملة المحلية، طلبها الرئيس هادي عقب تنصيبه
أعقبتها وديعة في مارس/آذار عام 2018، بملياري دولار أعلنت عنها وزارة المالية السعودية، بعد انهيار قياسي للريال اليمني
وفي أبريل 2202، أعلنت السعودية عن دعم عاجل للاقتصاد اليمني بمبلغ 3 مليارات دولار، منها ملياري دولار مناصفة بين الرياض وأبوظبي
وأعلنت السعودية في فبراير/شباط عام 2023، إيداع مليار دولار في حساب البنك المركزي اليمني كثالث منحة سعودية للخزينة اليمنية
وفي نهاية ديسمبر 2024 ، أعلنت السعودية عن وديعة مالية جديدة قيمتها 300 مليون دولار
بالإضافة إلى دفعةٍ أخرى من المنحة الخاصة بدعم الموازنة العامة، وقيمتها مائتي مليون دولار
بشأن الوديعة الأخيرة، قال رئيس الحكومة اليمنية (عدن)، أحمد بن مبارك، أنها ستمكن الحكومة من دفع رواتب موظفي الدولة
وقال بن مبارك، إن هذا الدعم سيعمل أيضًا على إيقاف تدهور سعر العملة المحلية
وأضاف، بحسب وكالة “سبأ” الحكومية، أن دعمًا كهذا سيمكن الحكومة من المضي في برنامج الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد
وهذه المنحة جزء من منحة أعلنتها المملكة في أغسطس 2023، قيمتها 1
2 مليار دولار
الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح، يرى أن الاقتصاد اليمني يشهد تدهورًا بمختلف المستويات، مع توقف الصادرات النفطية، وتجزئة الموارد وغياب الإصلاحات
وقال لـ«المشاهد»: في مثل هذه الحالات تكون البلاد بأمس الحاجة لدعم مالي يعيد إنعاش الاقتصاد، ويعالج الأزمات، وتحقيق الاستقرار المعيشي
مضيفا: ما يتم الإعلان عنه كدعم للحكومة حاليًا لا يرتقي إلى حجم الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني
”الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح: ما يتم الإعلان عنه كدعم للحكومة حاليًا لا يرتقي إلى حجم الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني
”ويرى صالح أن المشكلة الاقتصادية بحاجة لحلول جذرية ودعم أكبر يتزامن مع إصلاحات شاملة في المؤسسات المالية وتفعيل الصادرات المعطلة
من جهته، يشير الباحث الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي، إلى أن الوديعة السعودية الأخيرة لليمن، لن تختلف عن ودائع الرياض المتكررة، والتي فشلت جميعها
ولفت العوبلي إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها، هي من تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الفشل
ويقول” أن الودائع السعودية تسد عجزًا ماليًا وتغطي نفقاتٍ جارية تتحدد أولوياتها بناءً على مصالح النافذين بالحكومة اليمنية وجماعة الحوثي
”وأضاف العوبلي: المواطن هو من يواجه تأثيرات الانهيار الاقتصادي الذي يأتي على شكل زيادة الأسعار وضعف القدرة الشرائية
”الباحث الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي: المواطن هو من يواجه تأثيرات الانهيار الاقتصادي الذي يأتي على شكل زيادة الأسعار وضعف القدرة الشرائية
”ينظر العوبلي إلى الودائع على أنها “ابتزاز”، وتمثل ضغطًا على الحكومة اليمنية؛ بهدف تمرير سياسات معينة تتماشى مع مصالح السعودية
ويستطرد: في مثل هذه الحالة يمكن أن تُعتبر هذه الودائع بمثابة أداة سياسية للضغط على اليمنيين
”وقلل العوبلي من قيمة تأثير الودائع على الاقتصاد بحكم الفساد الحكومي ، فضلًا عن تواطؤ جماعة الحوثي
وطالب العوبلي الحكومة اليمنية بتوضيح آلية توزيع هذه الأموال، والتأكد من استخدامها في مشاريع تنموية حقيقية
بدوره، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، الدكتور محمد قحطان، اعتبر أن الدعم المقدم مجرد “مسكنات إسعافية” لمواجهة عجز الموازنة وبالأخص رواتب موظفي الدولة
وأضاف قحطان لـ«المشاهد» أن هدف المنح منع انهيار الحكومة اليمنية، رغبةً من السعودية بإبقاء الحكومة على ما هي عليه الآن
معتقدًا أنه ليس للودائع السعودية، السابقة والحالية، تأثير إيجابي على الاقتصاد اليمني سوى استمرار دفع رواتب الموظفين
قحطان توقع استمرار الودائع حتى انتهاء الحرب واستعادة مؤسسات الدولة وتصدير النفط
لكنها لن تحل المشكلات، ولا حتى جزءًا منها
ويتفق رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، مع الرأي القائل إن المنح السعودية مجرد “جرع إسعافية لإنقاذ الحكومة”
ويعتقد نصر أن منحة نصف مليار دولار الأخيرة، جاءت في ظل عجز الحكومة عن تسليم المرتبات، خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة
ويقول لـ«المشاهد»: لم تصرف مرتبات الموظفين؛ بسبب شحة السيولة نتيجة لتوقف صادرات النفط والغاز، عقب الاعتداءات الحوثية على موانئ التصدير
ويضيف: كما أن تحول خطوط الملاحة إلى ميناء الحديدة، أفقد الحكومة الكثير من الإيرادات الجمركية والضريبية
وتوقع نصر أن تسعف هذه المبالغ الحكومة لمدة تصل إلى أربعة أشهر تقريبًا في حال رفدها بالإيرادات المحلية
مطالبًا بأن تظل هذه الوديعة بشكل احتياطي في البنك المركزي اليمني في عدن لإدارة السياسة النقدية
من جهته، مدير مكتب المالية في محافظة تعز، جنوب اليمن، الدكتور محمد السامعي، يرى أن الوديعة السعودية ستحل مشكلة الرواتب المتأخرة لموظفي الدولة، لكن بشكل مؤقت
لهذا اقترح السامعي في حديث مع “المشاهد” تفعيل الإيرادات المحلية كعامل مساعد حتى تحقق الوديعة السعودية أهدافها
وتعاني الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، من شحة في الإيرادات العامة بعد توقف تصدير النفط والغاز
يأتي هذا عقب قصف جماعة الحوثي ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت في أكتوبر 2022
وأدى وقف الصادرات النفطية إلى تدهور الاقتصاد المحلي وصعوبة الالتزام بصرف الرواتب بشكل منتظم
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير