جمال أنعم : "وأظل أزحف في الصراع"
منذ 2 سنوات
أكره أوقات الراحة والدّعة
حين تمر بي سرعان ما تكون النتيجة الشعور بالسّأم، وسرعان ما يفضي بي ذلك إلى شعور بالتفاهة
في تكويني شيء يضيق بالركود، والركود عندي هو الافتقار إلى الشعور بالخطر، إلى محفز التحدّي
الركود، الاسترخاء، الدّعة، كل هذه تمنعني من أن أمضي في تشكيل ذاتي على نحو ما يجب، تجعلني أمضي في نموي الفكري والنفسي برتم باهت يفقدني كل المباهج ويقوض ليس فقط ثقتي بنفسي بل وجودي من أساسه
لا يمكنني استشعار وجودي إلا من خلال عملية تشكُّل صعبة مستمرة مطّردة محسوسة
لو أردت أن أختار معدناً يعبّر عن شخصي، لن يكون الذهب أو الفضة وإنما الحديد
ذلك أن بقائي بمعزل عن النار وعن ضربات المطارق يهدد بتآكلي
إنني أصير قاطعاً أكثر، خطراً أكثر، موجوداً أكثر، كلما صبّت النار غضبها على أركاني
هذا يجعلني لا أضيق بالصراع بل أفرح به وأمنح نفسي له بحبور
الصراع يمنح كينونتي معناها
كل صراع يسعدني عدا الصراع مع السأم
وحده يدمرني، الصراع مع اللا شيء
الصراع مع الأحداث والكائنات هو السلّم الذي من خلاله أترقى
في هذه الأنماط الحية من الصراع أظل دائماً منتصراً، حتى في المعارك التي أخرج منها مجندلاً
ذلك أن نيران كل معركة أخوضها تمنحني صلابة إضافية سرعان ما أستشعرها قوّة تملأ كياني وتؤهلني لمعارك أكبر وأشد
هذا الإمعان في الصراع، والمسارعة لإلقاء الذات في أتونه، يضفي على الروح جمالاً خاصاً، جمالاً لا يراه الأنثويون وذوي الرغبة بالمهادنة
لا أقول هذا على سبيل السخرية من هؤلاء، فلكلٍّ طبيعته الخاصة التي عليّ أن أقبلها ولو لم أكن من داخلي أحترمها
أقول هذا فقط كإقرار حالة
الجمال الذي تكتنزه الأرواح المحاربة يدركه فقط ذوي الأرواح المشابهة، أولئك الذين نذروا حيواتهم للحروب الكبيرة والصراعات الخطرة
وحدهم الثائرون بالفطرة منّا هم اللائقون بالآباء من جيل سبتمبرنا العظيم، وبكل الثوّار الإنسانيين منذ مهد الخليقة
تحيّة أوجهها هنا لكل المحاربين بمختلف الأصعدة، عدا محاربي السأم
عبد الله شروح
#العنوان من نص لبلند الحيدري _