جهود لإعادة الكهرباء الحكومية بتعز
منذ سنة
استطاع الحراك الشعبي في تعز أن يحدث تغييرا ملموسا على مستوى الخدمات العامة خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة
والمثال الأبرز هو إعادة تشغيل محطة عصيفرة لتوليد الكهرباء بعد توقف دام طوال التسع سنوات الماضية
في مطلع سبتمبر الماضي تصاعد الحراك الشعبي المطالب بعودة الكهرباء العامة وصيانة شوارع المدينة من خلال حملات إعلامية تحت بعنوان “تعز طافي”، وتفاعلت وسائل إعلام ومنظمات المجتمع المدني وتجار مع الحملة
انتقلت الاحتجاجات من مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشارع، الأمر الذي دفع السلطة المحلية إلى العمل لإيجاد حلول لأزمة الكهرباء في تعز
الصحفي نائف الوفي، أحد الإعلاميين الذين أطلقوا الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول لـ “المشاهد” إن الحراك الشعبي للمطالبة بعودة الكهرباء جاء بعد 9 سنوات من غياب هذه الخدمة الحكومية في ظل تجاهل الجهات الرسمية والمجتمع المدني والمواطنين، حتى أصبح موضوع عودة الكهرباء مستحيلا وخارج دائرة الممكن
كان الاعتقاد السائد لدى معظم الجهات الرسمية أن محطة عصيفرة قديمة ومتهالكة، وغير صالحة للتشغيل، ولكن بعد الجرد، تبين أنها تتكون من قسمين، قسم حديث نسبيا يتكون من 2 مولدات ، وقسم آخر يعود عمره إلى عهد إبراهيم الحمدي، وتمت صيانة مولدين منها، بحسب الوافي
يشير الوافي إلى أن أهم ما حققه الحراك هو خلق تكاتف بين السلطة، ممثلة بوكيل المحافظة خالد عبد الجليل ومحافظ تعز نبيل شمسان من جهة ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين من جهة أخرى، لتحقيق عودة الكهرباء العامة إلى تعز، وعودة موظفي محطة عصيفرة، واستمرار عملية الصيانة بلا توقف
يرى أمين الحاشدي، أستاذ الإعلام في جامعة تعز، أن الحملة الإعلامية المطالبة بعودة الكهرباء العامة نجحت في التأثير على مستوى المجتمع والسلطة لعدة اعتبارات، منها أهمية قضية الكهرباء لدى المجتمع، وتصدر النخبة الصحفية وشخصيات مواقع التواصل للحملة الإعلامية، ووضوح أهداف الحملة واستمرارها في منصات التواصل الاجتماعي
يؤكد الحاشدي في حديثه لـ “المشاهد” على أهمية استمرار الحملة، باعتبارها عاملا مهما لاستمرار العمل والحماس لدى المواطنين والسلطة والجهات المانحة ذات الاهتمام من أجل تحقيق الهدف المتمثل بعودة الكهرباء العامة
المهندس عبد الكريم البركاني، مدير مؤسسة الكهرباء في تعز، يقول ل ـ “المشاهد” إن السلطة المحلية بادرت مؤخرا للعمل في إعادة خدمة الكهرباء، استجابة للضغوط الشعبية، وجرى تسليم محطة عصيفرة لمؤسسة الكهرباء، حيث كانت تحت حماية أحد ألوية الجيش الوطني، وتقوم إدارة المحطة ومهندسيها بعمليات الجرد والصيانة، وفي الوقت ذاته تقوم الفرق الفنية التابعة لمؤسسة الكهرباء تعز بعملية مسح شامل لشبكة الكهرباء لمعرفة المواد المطلوبة، لإعادة صيانة وتأهيل الشبكة ومكوناتها
يشير البركاني إلى أن المؤسسة تعمل وفق خطة عمل متكاملة من أجل إعادة الكهرباء العامة لمدينة تعز كمرحلة أولى، ابتداء من إعادة تأهيل محطة توليد كهرباء عصيفرة كنواة لكهرباء تعز، المحطة الوحيدة في المدينة، مرورا بإصلاح شبكة الضغط العالي والمحولات الموجودة في مدينة تعز، وتأهيل المبنى الرئيسي للكهرباء، وتوفير أجهزة كمبيوتر، والمكاتب ووسائل النقل وتوفير متطلبات عمل المؤسسة، واعتماد موازنة تشغيلية شهرية وإيصال الكهرباء للمشتركين واستئناف عمل المؤسسة
بحسب البركاني، سيكون هناك محطة توليد كهرباء جديدة بقدرة 30 ميجا وات، ويعتزم على تنفيذها الأشقاء في البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن جوار محطة عصيفرة للكهرباء، حيث إن محطة عصيفرة بقدرتها المحتملة لن تغطي المدينة بالكامل
لم تحصل مدينة تعز على حصتها من المشتقات النفطية منذ اليوم الأول للحرب، وكان توفير تلك المشتقات بصورة مستمرة وقطع الغيار اللازمة لعملية صيانة محطة عصيفرة أحد أهم مطالب السلطة المحلية لضمان نجاح أعمال الصيانة، واستمرار المحطة في العمل بعد تشغيلها
يؤكد البركاني أن غياب حصة تعز من المشتقات النفطية وتضرر محطة عصيفرة وشبكة الضغط العالي جراء الحرب، إلى جانب ضعف إمكانات السلطة المحلية أهم الصعوبات التي واجهت وتواجه عودة الكهرباء العامة، وهنا يأتي دور الحكومة اليمنية والسلطة المحلية والمجتمع للتغلب على هذه الصعوبات
يوضح البركاني أن هناك لائحة تنفيذية تنظم العلاقة بين المؤسسة والمحطات التجارية، وقد تم إعدادها في وزارة الكهرباء والطاقة في عدن، ومن الممكن أن تقوم هذه المحطات بالانتقال إلى المديريات خارج مدينة تعز، والعمل حسب اللائحة التنفيذية التي ستصدرها وزارة الكهرباء والطاقة قريبا
ويضيف: “المؤسسة لن تستطيع توفير الكهرباء للمديريات خارج المدينة في الوقت الحالي كون هذه المديريات مرتبطة بالشبكة الكهربائية التي تخرج من محطة التحويل الرئيسية بمنطقة الحوجلة، والتي لا زالت منطقة تماس واشتباكات مع جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء منها”
تميزت الحملة الإعلامية ضمن حراك “تعز طافي” بحضور لافت للفن كالأغاني ورسوم الكاريكاتير والتصاميم والصور التي جسدت معاناة المواطن في مدينة تعز جراء غياب الكهرباء العامة في ظل تردي الوضع الخدمي منذ بداية الحرب
يقول ضرار الخامري، أحد الفنانين المشاركين في الحملة الإعلامية للمطالبة بعودة الكهرباء، إن وسائل تشكل الوعي في مفهومه لا تقتصر على الأبحاث والدراسات والمناهج الدراسية، بل تتعداها إلى الفنون كالأغنية، والرسم والأدب والشعر والرواية والقصة والمسرح، ومن هذا المنطلق جاء استخدام الأغاني في إطار المطالبة بعودة الكهرباء، بهدف تعزيز الوعي المجتمعي بأهميتها، وخلق تفاعل وضغط شعبي من شأنه تحقيق نتائج ملموسة
ويشير الخامري إلى الفن كان له دور كبير في تصوير حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في تعز، في ظل غياب خدمة الكهرباء العامة
ويختم حديثه لـ “المشاهد”: “الأغنية أكثر ارتباطا بالأذهان وقابلية للتداول، وتحاكي العواطف التي تجسد تماما مشاعر المواطن في تعز تجاه قضية كهرباء تعز، فكان يسيرا الوصول إلى الجمهور عن طريق الأغنية، وبكلمات جديدة، وهو ما يستمر عليه الحراك الشعبي حتى تتحقق عودة الكهرباء العامة”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير