جهود مجتمعية لتعويض “التعليم المفقود”
منذ شهر
تعز – لميس الصوفي“أفكار ميثاق” واحدةٌ من الأطفال الذين حرموا من التعليم في اليمن، نتيجة الصراع المسلح الدائر بالبلاد وتدهور الوضع الاقتصادي
تقول أفكار (12 عامًا) في حديثها لـ”المشاهد”: “أحب المدرسة والدراسة، لكن ما قدرت أتعلم وأنا طفلة
وتضيف: كنت أرى أطفال قريتي وهم يذهبون إلى المدرسة، ولا أستطيع الذهاب معهم”
من جانبها، تكشف والدة أفكار أن ابنتها لم تكن الوحيدة المحرومة من التعليم، فأخواتها الأربع، لم ينالوا حقهم من التعليم أيضًا
معتبرةً خلال حديثها لـ”المشاهد” أن سبب هذا الحرمان يعود إلى الحرب، في المقام الأول
وأشارت إلى أن “الحرب زادت من مشقة الحياة، وجعلت منهم مشردين ونازحين، غير قادرين على تعليم أطفالهم
وتواصل: تكاليف التعليم ومتطلباته، منعتنا من تعليم بناتنا، فوالد أفكار يعمل في بيع القات، وبعائد زهيد، بالكاد يفي باحتياجاتنا الأساسية
أدى النزوح وتدمير المدارس بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ عشر سنوات، إلى حرمان مئات الآلاف، بل الملايين، من الأطفال اليمنيين من حقهم في التعليم، بعد أن نزحوا من مناطقهم ولم يجدوا مدارس في الأماكن والمدن التي انتقلوا إليها، في ظل ظروف معيشية صعبة للأسر والعائلاتوتضيف: “بعد نزوحنا من الريف إلى المدينة سمعنا عن إحدى المنظمات، تدعم الأطفال المتسربين من المدارس وتعيدهم للتعليم مرة أخرى
واستطاعت ابنتي حينها الالتحاق بالتعليم بعد أن توقفت عنه 6 سنوات، وحالياً هي طالبة في الصف الثاني”
حسب صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) فإن الحرب تسببت بتسرب ما يقرب 4
5 مليون طفل يمني من المدارس
ويمثل ذلك تحديًا كبيرًا للنظام التعليمي في البلاد
ويرجع هذا العدد المقلق إلى الصراع المستمر منذ عشر سنوات، والذي أدى إلى تداعيات إنسانية واقتصادية شديدة
وتقوم منظمات دولية بمهمة الوصول إلى الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة الصحية والتعليمية في الأماكن المشردة والتي يصعب الوصول إليها
وشارك في الجهود مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة اليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وجهات أخرى
وفي هذا السياق، تقول مديرة مكتب منظمة سول بمحافظة تعز، أماني الأصبحي، لـ”المشاهد”: “إن المنظمة سعت لإطلاق مشروع تعليمي خاص
ويأتي هذا بعد دراسة أجرتها المنظمة عام 2022، في إحدى أرياف محافظة تعز
وتبين من الدراسة أن عدد الأطفال المتسربين من التعليم مهول للغاية
وأوضحت الأصبحي”أن المشروع الذي شمل عددًا من مديريات المحافظة هو برنامج تعويضي امتد على ثلاث مراحل مستهدفاً 4500 طفل
وهدف البرنامج إلى تزويد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، بفرص تعليمية، خاصةً المعرضين لخطر التسرب والنازحين، من سن 7- 14 عامًا
ويتم إلحاقهم ببرامج (استلحاق دراسي) ومسارات بديلة للتعليم؛ تمهيدًا لنقلهم إلى التعليم النظامي”
الأصبحي: قامت منظمات دولية، بالشراكة مع مؤسسات محلية بتنفيذ مشروع تعليمي تعويضي، استهدف 4500 طالب وطالبة في تعز، خاصة المعرضين منهم للنزوح وخطر التسرب، وتم إلحاقهم ببرامج “استلحاق دراسي” ومسارات بديلة للتعليم؛ تمهيدًا لنقلهم إلى التعليم النظاميمن جانبه، يتحدث مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية المظفر بمحافظة تعز، عادل العليمي، عن تدخلات المنظمات في مجال التعليم
ويقول لـ”المشاهد”: “إن الدور الذي تلعبه المنظمات يأتي ضمن استجابتها للأزمة التعليمية بمحافظة تعز؛ كونها الأكثر تضررًا في بنيتها التعليمية
ويعود ذلك إلى بداية الحرب، التي دمرت كل شيء، في ظل غياب دور حقيقي وواقعي من الجهات المعنية”
ويشير العليمي إلى أن هذه الجهود التي تقوم بها المنظمات لها أثر فعال في انتشال العملية التعليمية
وتم ذلك من خلال استهداف أكبر شريحة من الطلبة من ذوي المستويات الضعيفة، إلى جانب شريحة المهمشين، والمتسربين من التعليم
بالإضافة لدورها في إعداد المعلمين والمدربين وقيادات مكتب التربية في المحافظة، وتوفير الاحتياجات اللازمة للعملية التعليمية في المدارس”
شهد قطاع التعليم في اليمن انهيارًا كبيرًا نتيجة الصراع الدائر في البلاد؛ مما أثر بشكل مباشر على البنية التحتية التعليمية والمخرجات التعليمية
ودمرت أو تضررت حوالي 2,900 مدرسة؛ الأمر الذي أدى إلى توقف العملية التعليمية في العديد من المناطق
حسب ورقة بحثية لمركز صنعاء نشرت في مارس الماضي
كما أن هناك تفاوتًا كبيرًا في فرص التعليم بين الجنسين وبين المناطق الحضرية والريفية
حيث يعاني طلاب الأرياف بشكل خاص من هذه الأزمة، بحسب المحامية والناشطة الحقوقية غزة يحيى السامعي
وأوضحت السامعي لـ”المشاهد” أن الدستور اليمني ينص في المادة 54 على حق جميع المواطنين في التعليم
وتضيف المادة: “وعلى الدولة التكفل بهذا الحق، وفقًا للقانون، وأن تقوم بإنشاء المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية
وتعمل على محو الأمية وتهتم بالتوسع في التعليم الفني والمهني”
العليمي: الدور الذي تلعبه المنظمات يأتي ضمن استجابتها للأزمة التعليمية بمحافظة تعز؛ كونها الأكثر تضررًا في بنيتها التعليمية، ويعود ذلك إلى بداية الحرب، التي دمرت كل شيء، في ظل غياب دور حقيقي وواقعي من الجهات المعنية، وبالفعل كان لهذا الدور من المنظمات أثر واضح في انتشال العملية التعليميةكما تهتم بصورة خاصة برعاية النشء وحمايته من الانحراف وتوفر له التربية الدينية والعقلية والبدنية
وتهيئ له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في جميع المجالات”
وتشير السامعي إلى أن “التعليم في اليمن من أكبر القطاعات التي تعرضت للخسائر التي خلفتها الحرب الدائرة منذ عشر سنوات
وتسبب انهياره في تسرب الأطفال من المدارس، وتجنيدهم من قبل أطراف الصراع؛ مما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من الأطفال، وتدمير المدارس والمؤسسات التعليمية
في ظل تأكيد التقارير الدولية أن هناك ملايين الأطفال اليمنيين خارج المدرسة، لا يزال التعليم الأساسي غير متاح للفتيات
كما أن اليمن تحتل المرتبة السابعة بين 45 بلدًا حول العالم من حيث عدد الأطفال المتأثرين بالصراع، ويحتاجون للدعم التعليمي
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير