حرب اقتصادية تشل نشاط الحكومة في عدن
منذ 7 ساعات
عدن- سعد عبداللهتصوير-رأفت المعمريبدأت آثار الحرب الاقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة من اليمن تتوسع يومًا بعد آخر
إذ وصل سعر صرف الدولار في عدن في منتصف 2025 إلى 2,800 ريالٍ مقابل 600 ريالٍ في نهاية 2019
وقالت ثلاث منظمات أممية في بيان مشترك نشر في 22 يونيو 2025 أن 4
95 مليون شخص، في مناطق سيطرة حكومة عدن، يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي نتيجة استمرار تدهور الاقتصاد وانخفاض سعر العملة
وبدلا من مواجهة هذه الحرب باستراتيجية موازية، تجد الحكومة ومجلسها الرئاسي في هذه الحرب تبريرا للواقع المعيشي المتردي وإلقاء اللوم على الطرف الذي يشرف على الحرب الاقتصادية
وقد بدأت الحرب الاقتصادية في 19 ديسمبر 2019 حين أصدر البنك المركزي في صنعاء، الذي تديره جماعة الحوثي، قرارًا بمنع تداول وحيازة الأوراق النقدية للعملة اليمنية المطبوعة من قبل حكومة عدن
تبعات القرار تمثلت في خلق عملتين بقيمتين مختلفتين واقتصادين متمايزين
وبرر البنك المركزي في صنعاء حينها القرار بعدم التشاور مع صنعاء بشأن طباعة العملة، وأنّ الخطوة جاءت لحماية قيمة العملة المحلية
لكنّ ما تبع هذا القرار من خططٍ “مدروسة” حد وصف تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي، الصادر في نوفمبر 2023، يشير إلى أنّ الحوثيين قد “طبقوا مجموعةً من التدابير الاقتصادية القسرية المتعلقة بالقطاعات البحرية، البرية والجوية لشلّ نشاط الحكومة ومنعها من أداء وظائفها”
تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجس الأمن الدولي، نوفمبر 2023: الحوثيين طبقوا مجموعةً من التدابير الاقتصادية القسرية المتعلقة بالقطاعات البحرية، البرية والجوية لشلّ نشاط الحكومة ومنعها من أداء وظائفها”
لا تقف تبعات الحرب عند تدهور معيشة المواطن في مناطق الحكومة فحسب
بل تحدث تداعيات الحرب الاقتصادية اضطراباتٍ سياسيةً منتظمة على شكل مظاهراتٍ يومية وأسبوعية في مناطق الحكومة؛ تندد بالتدهور الاقتصادي وانهيار العملة
كما أنها تمتد إلى إشعال فتيل الحرب داخل مكونات حكومة عدن خصوصًا المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة مجلس القيادة الرئاسي
في ديسمبر 2019 كان سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن لا يتجاوز 602 مقابل 594 في صنعاء
ووصل سعر الصرف في عدن في يونيو 2025 إلى 2,800 ريالٍ للدولار الواحد مقابل 533 ريالًا في صنعاء
هذا التدهور في قيمة العملة المحلية في عدن كان نتيجةً مباشرةً لاستراتيجية الحرب الاقتصادية التي تبنتها جماعة الحوثي ضد الحكومة في عدن
إذ لم تتوقف قرارات صنعاء في منع تداول العملة الصادرة من عدن
وقامت في أكتوبر 2022 بضرب موانئ تصدير النفط الخاضعة للحكومة في حضرموت وشبوة، وتم حظر تصدير النفط منذ ذلك الحين حتى اليوم
يخسر اليمن سنويًا نتيجة وقف صادرات النفط الخام حوالي 1
2 مليار دولار أمريكي
هذا يعني أنّ الخسارة التراكمية قد وصلت حتى اليوم إلى 3
6 مليار دولار تقريبًا
وتصل إجمالي الخسائر السنوية للحكومة نتيجة توقف صادرات النفط، حظر توزيع غاز الطهي المحلي، تحويل الواردات من ميناء عدن إلى الحديدة، وتجميد أموال طيران “اليمنية” في صنعاء إلى أكثر من 1
8 مليار دولار
ويشكل هذا المبلغ المهدر نحو 14 في المائة من موازنة الدولة للعام 2014
هذه الخسائر لبلدٍ يعيش في ظل الحرب دفع أطرافًا محلية إلى اتخاذ قراراتٍ جريئة غير مسبوقة
فقد أعلن حلف قبائل حضرموت في أبريل هذا العام مطالبته بالحكم الذاتي لحضرموت
ويهدد المجلس الانتقالي الجنوبي، المنادي بانفصال جنوب اليمن، بالمضي قدمًا في الانفصال، محملًا الحكومة فشل استمرار التدهور الاقتصادي وتدهور الخدمات
في مايو 2023 توسعت دائرة الحرب الاقتصادية لتشمل حظر التجارة المحلية
فقد أوقفت جماعة الحوثي حينها شراء غاز الطهي من شركة الغاز الحكومية في مأرب وبدأت باستيراد غاز الطهي من الخارج
وكان 60 في المائة من غاز الطهي المنتج محليا في مأرب يذهب إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بحسب تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي في نوفمبر 2023
وأدى حظر توزيع غاز الطهي المحلي لخسارة كبيرة للحكومة في عدن
تقدر خسارة الحكومة السنوية نتيجة حظر توزيع غاز الطهي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي بحوالي 64 مليار ريال (50 مليون دولار أمريكي)
وخلال السنوات الثلاث الماضية كان مجموع الخسائر نتيجة حظر بيع غاز الطهي المحلي قد وصل إلى 150 مليون دولار أمريكي
كان سعر الصرف في عدن 1,277 ريالًا مقابل الدولار حين حظرت جماعة صنعاء توزيع غاز الطهي المحلي في مايو 2023
تفرض حكومة صنعاء التابعة لجماعة الحوثي على التجار استيراد بضاعتهم عبر ميناء الحديدة والتوقف عن استخدام ميناء عدن
وحتى عندما تعرض ميناء الحديدة للتدمير في مايو 2025 نتيجة القصف الإسرائيلي، أخذت جماعة الحوثي تعهدات من المستوردين باستمرار الاستيراد عبر ميناء الحديدة رغم انتظار السفن لفترات طويلة بعد خروج أغلب أرصفة الميناء عن الخدمة
ووصلت خسائر ميناء عدن نتيجة تحويل الواردات إلى ميناء الحديدة خلال أبريل 2022- يونيو 2023 إلى حوالي 637
36 مليار ريال (500 مليار دولار)
وهذا ببساطة يعني أنّ مجموع خسائر ثلاث سنوات من تحويل وجهة الواردات من عدن إلى الحديدة تصل إلى 1
5 مليار دولار
وتتعامل جماعة الحوثي مع الجغرافية الواقعة ضمن سيطرة الحكومة كأرضٍ أجنبية خاضعة لرسوم الجمارك، وتنصب بالفعل منافذ جمركية برية على مداخل المدن المحاذية لمناطق الحكومة لتحصيل الرسوم الجمركية على البضائع الواصلة، رغم أنها تكون قد تم دفع رسوم عنها في المنافذ البحرية التي تديرها الحكومة
تقرير لجنة الخبراء، نوفمبر 2023: تتعامل جماعة الحوثي مع الجغرافية الواقعة ضمن سيطرة الحكومة كأرضٍ أجنبية خاضعة لرسوم الجمارك، وتنصب بالفعل منافذ جمركية برية على مداخل المدن المحاذية لمناطق الحكومة لتحصيل الرسوم الجمركية على البضائع الواصلة
”وحددت سلطة جماعة الحوثي في أغسطس 2023، معدل الرسوم الجمركية بـ 50 في المائة من اجمالي “القيمة الجمركية” لجميع السلع الواصلة إلى مراكز الجمارك التي تديرها حكومة عدن
ومفهوم القيمة الجمركية يعني ببساطة قيمة السلعة مضافًا إليها تكاليف الشحن والتأمين
في مارس 2023، قامت جماعة الحوثي بتجميد 80 مليون دولار من أموال شركة الخطوط الجوية اليمنية في ثلاثة بنوك بصنعاء
ووَفق تقرير سابق نشره “المشاهد” في يونيو 2025، فإنّ “اليمنية” في صنعاء تدير عملية مبيعات تذاكر مستقلة عن الشركة في عدن وتذهب قيمة التذاكر إلى حساب اليمنية في صنعاء ولا تستطيع إدارة اليمنية في عدن الوصول إليها أو التصرف فيها
وعلاوةً على هذا فإنّ جماعة الحوثي استنكرت في نهاية مايو 2025، عدم تجاوب إدارة اليمنية في عدن في التعامل مع التذاكر الصادرة لرحلاتٍ من صنعاء عقب خروج مطار صنعاء عن الخدمة بعد قصف إسرائيل جميع طائرات اليمنية في المطار، رغم أنّ قيمة التذاكر لهذه الرحلات لا تصل حساب اليمنية في عدن
تصر جماعة الحوثي على الهروب من أي محادثاتٍ مباشرة مع الحكومة اليمنية في عدن، وفي نفس الوقت تطالب بدفع رواتب جميع الموظفين في مناطق سيطرتها، بما في ذلك رواتب أفراد جيشها وقواتها الأمنية التي تقاتل ضد القوات الحكومية
كما تطالب الجماعة بزيادة عدد الرحلات من وإلى مطار صنعاء، والحصول على حصةٍ كبيرة من إيرادات النفط
وفشلت عدة مفاوضات بين الجانبين في إعادة توحيد العملة أو الاتفاق على تدابير اقتصادية تسهم في الحد من التدهور الاقتصادي
قامت حكومة عدن ممثلةً بالبنك المركزي في عدن، في يوليو 2024 بإلغاء تراخيص ستة بنوك في صنعاء، وهدد بفصل هذه البنوك عن نظام جمعية الاتصالات المالية بين المصارف على مستوى العالم (سويفت)
وفي المقابل أفشلت جماعة الحوثي هذه التحركات بعد تهديدها العودة إلى الحرب وشنّ هجمات على البنية التحتية الاقتصادية للسعودية
وأرغمت هذه التهديدات السعودية الضغط على الحكومة اليمنية لتتراجع عن قرارها ضد البنوك في صنعاء، حسب مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية
في لقاء له مع قيادة التكتل الوطني للأحزاب، الثلاثاء 1 يوليو 2025، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، أن الهجمات على منشآت تصدير النفط، تسببت بأزمة تمويلية خانقة
وكتب رئيس تحرير أخبار اليوم، سيف الحاضري، على حسابه على منصة اكس أن تبرير استمرار الأزمة الاقتصادية باستهداف منشآت تصدير النفط يعد “فشلا وخيانة للمسئولية”
مضيفا أن واجب مجلس القيادة الرئاسي حماية هذه المنشآت وإعادة تشغيلها لإنقاذ الشعب من الجوع
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير