حرب جديدة يدفع ثمنها اليمنيون

منذ 4 أشهر

قالت صحيفة واشنطن بوست، أواخر ديسمبر الماضي، “أن إسرائيل تستعد لحرب جديدة ضد الحوثيين في اليمن، ما يعني فصلا آخر في الصراع، يدفع ثمنه اليمنيون”

تستند الصحيفة الامريكية إلى تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قال: إن القتال ضد الحوثيين المدعومين من إيران “لم يبدأ بعد”

كما هدد بنيامين نتنياهو: “سنضربهم حتى النهاية، كي يتعلموا“، في إشارة إلى جماعة الحوثي

وقال المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي: “يريد الحوثيون حرب استنزاف على إسرائيل؛ ليقولوا: “نحن المقاومة الحقيقية”

لكن حساب التكلفة معقد بالنسبة لإسرائيل، بحسب الصحيفة الأمريكية، فطائرات الحوثي دون طيار والصواريخ المسيرة تكلف عدة آلاف من الدولارات

بينما تكلف كل عملية اعتراض إسرائيلي عشرات الآلاف من الدولارات على الأقل

إذن، تحت عبارة “نحن المقاومة الحقيقية” يقدم الحوثيون أنفسهم باعتبارهم المدافع القومي عن المقدسات الإسلامية والفلسطينيون

لكن السؤال يبقى: هل يحتمل المواطن اليمني تبعات حرب جديدة على رأسه؟ وعلى ما تبقى في الوطن المتهالك من بنية تحتية؟يقول أستاذ الإتصال في جامعة تعز، منصور القدسي، أن التصعيد الذي تقوم به جماعة الحوثي، لا يخدم سوى الأجندة الخارجية كإيران، فهو يريد إيصال رسالة أنها حاضرة بالمشهد الإقليمي

فإيران حسب القدسي، تسعى لتعوض خسارتها الكبيرة في سوريا ولبنان

”منصور القدسي، أستاذ الاتصال، جامعة تعز: التصعيد الذي تقوم به جماعة الحوثي، لا يخدم سوى الأجندة الخارجية كإيران، فهو يريد إيصال رسالة أنها حاضرة بالمشهد الإقليمي

فإيران حسب القدسي، تسعى لتعوض خسارتها الكبيرة في سوريا ولبنان

”ويقول لـ«المشاهد»: تصعيد الحوثيين ضد إسرائيل له أجندة داخلية، فالحوثي كان يواجه احتقانًا داخليًا جراء تنصله عن مسؤولياته الخدمية

” بالإضافة إلى “مراوغته داخليًا بتشكيل حكومة جديدة وتدشين ما أطلق عليه مرحلة التغيرات الجذرية

”ويوضح: هذا الاحتقان تعمّق بسقوط دمشق ورحيل نظام الأسد، وحاول افتعال أزمة بتصعيده غير المسبوق ضد إسرائيل هربًا من الاستحقاقات

كما أن خشية الحوثي من الحسم العسكري المتصدر للمشهد بعد أحداث سوريا، تدفعه نحو الهروب للأمام، يضيف القدسي

مشيرًا إلى أن الحوثي يسعى لإرباك الداخل وإيقاف أي حسم عسكري تقوده القوات الحكومية، ورفع معنويات أنصاره بذريعة محاربة إسرائيل

اقتصاديًا، يعتبرالباحث الاقتصادي وحيد الفودعي، إن الضربات الإسرائيلية، حتى لو كانت محدودة، فإنها تُفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية باليمن

ويقول لـ«المشاهد»: يتفاقم الوضع إذا استهدفت الضربات منشآت حيوية أو طرق إمداد، فالمواطن الفقير هو من سيتحمل العبء الأكبر

”وذلك يحدث من خلال ارتفاع الأسعار، تعطل التجارة، وانخفاض المساعدات الإنسانية التي تعتمد عليها شريحة واسعة من السكان

لافتًا إلى أن الحوثيين يستغلون وضعًا كهذا؛ لتعزيز نفوذهم وفرض مزيد من الضرائب والإتاوات على التجار والمواطنين بذريعة “مواجهة العدوان”

وهو ما يثقل كاهل الاقتصاد الهش ويؤدي إلى مزيد من الانكماش، بحسب الباحث الاقتصادي الفودعي

ويتابع: الحوثيون يستخدمون الضربات الإسرائيلية كذريعة لتعزيز خطابهم السياسي والاقتصادي بما يسهم ببسط هيمنتهم أكثر

بالإضافة إلى تنصلهم من مسؤوليتهم تجاه المواطن، حيث ستتراجع أولويات التنمية والخدمات لصالح تسليح الجبهات، ومواجهة العدوان، حد وصفه

ونفذت إسرائيل ثلاث هجمات على اليمن خلال العام الجاري، ففي يوليو الماضي شنت سلسلة غارات جوية على ميناء الحديدة

ما أسفر عن ستة قتلى وعشرات الجرحى، فضلا عن خسائر مادية كبيرة قدرتها جماعة الحوثي بنحو عشرين مليون دولار

وفي أواخر سبتمبر الماضي شنت إسرائيل غارات جوية واسعة النطاق على مواقع غربي اليمن، بما في ذلك ميناء الحديدة وميناء رأس عيسى

ويوم 22 ديسمبر الماضي، شنت سلسلة غارات استهدفت محطات توليد الكهرباء بصنعاء ومينائي الحديدة والصليف، ومنشأة رأس عيسى النفطية

نتج عنها تسعة قتلى، وثلاثة مصابين، بالإضافة إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية وحرمان مئات آلاف الأسر من الكهرباء

تتبنى إسرائيل سياسة الضغط المزدوج، بالضغط على السلطات باستهداف البنية التحتية المدنية، والضغط على المواطنين لتأليبهم ضد سلطات جماعة الحوثي بصنعاء

وتعتمد هذه السياسة على استهداف المنشآت الحيوية التي شُيدت خلال عقود طويلة، مثل محطات الكهرباء، الموانئ، المطارات، وأبراج الاتصالات

والهدف الأساسي هو خلق فجوة عميقة بين المواطنين وجماعة الحوثي من خلال الاضرار بالأوضاع المعيشية

إلا أن هذه السياسة تُلحق الضرر باليمنيين الذين يخسرون بنيتهم التحتية وشريان حياتهم

حسب حديث الكاتب اليمني محمد جٌميح

ويزيد جميح لـ«المشاهد»: يمتلك الحوثيون ثروات كافية تمكنهم من الصمود، وأماكن تحصنهم في الكهوف والسراديب بعيدًا عن أي استهداف مباشر

بينما يتحمل المواطنون وحدهم العبء الأكبر من الخسائر، في ظل غياب أي جهود حوثية لإعادة الإعمار أو تحسين الخدمات الأساسية

في سبتمبر الماضي، شهدت اليمن مظاهرات رافضة لسلطة الحوثي في عدة محافظات

حيث رفع المواطنون العلم الجمهوري في تحدٍ واضح للحوثيين، قابل الحوثيون هذه التحركات بالقمع، كما يفيد جُميح

لافتًا إلى “وجود بوادر غضب شعبي قد يؤدي إلى انتفاضة لولا طغيان أحداث غزة، وسعي الحوثيون استغلالها لتعزيز شعبيتهم الخارجية

لكن داخليًا ظل المواطنون يدركون طبيعة سلطة الحوثيين القمعية، التي ارتكبت بحق اليمنيين ما يشابه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة

”يستطرد جميح: في الداخل، فشل الحوثيون في كسب تعاطف اليمنيين بسبب سياساتهم القمعية وإدارتهم الفاشلة في المجالات التنموية والخدمية

”أما خارجيًا، فقد حاولوا تصدير أنفسهم كقوة قومية تدافع عن فلسطين، وهي استراتيجية أكسبتهم بعض الدعم المؤقت خارج اليمن

لكنها لم تنطلِ على معظم اليمنيين الذين يعرفون حقيقة الحوثيين وسلوكهم الجبائي المستمر، وفقًا لجميح

ويختتم: لا يحتاج اليمنيون لهجمات تؤكد عدائهم لإسرائيل؛ فالموقف الشعبي تجاه هذا الكيان ثابت ومعروف منذ قيامه

”محمد جميح: لا يحتاج اليمنيون لهجمات تؤكد عدائهم لإسرائيل؛ فالموقف الشعبي تجاه هذا الكيان ثابت ومعروف منذ قيامه

”في النهاية يبقى المواطن اليمني الضحية الأولى لسياسات كافة الأطراف الدولية والداخلية، بينما تستمر المعاناة دون أفق واضح للحل

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير