حصاد اليمن الاقتصادي في 2022
منذ 2 سنوات
شهد الاقتصاد اليمني، خلال العام 2022، اضطرابًا كبيرًا في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، إذ استمر تدهور قيمة العملة الوطنية نتيجة شح الإيرادات بالعملة الصعبة والانقسام النقدي الذي تشهده البلاد منذ 2016
ومع ذلك، نجح البنك المركزي اليمني في عدن، الذي تديره الحكومة المعترف بها دوليًا، في إيقاف اعتماده على طبع العملة المحلية خلال العام 2022
يقول الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح، لـ”المشاهد” إن الريال اليمني سجل خلال عام 2022، انهيارًا في شهوره الأولى
ولم تشهد العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية تعافيًا، باستثناء تحسن قصير في أبريل مقارنة بالثلاثة الأشهر الأولى من نفس العام
جاء ذلك التعافي النسبي بعد إعلان السعودية والإمارات تقديم كل منهما مليار دولار أمريكي كدعم مالي جديد للبنك المركزي اليمني في عدن
لكن سرعان ما عاود سعر العملة المحلية الانهيار، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 1200 ريال يمني
في نوفمبر أعلنت الحكومة رسميًا تلقيها 300 مليون دولار من دولة الإمارات ضمن المنحة الإماراتية السعودية المعلن عنها
كما أعلنت المملكة العربية السعودية، في نفس الشهر، عن تقديم مبلغ مليار دولار من المنحة، لدعم برنامج إصلاح اقتصادي ومالي ونقدي شامل لليمن، يقوده صندوق النقد العربي كجهة فنية
وعلى الرغم من هذا الدعم المعلن عنه، لم ينعكس ذلك بشكل عملي على سعر الريال اليمني والسوق المحلي
إذ تواجه الحكومة اليمنية تحديًا كبيرًا في تسديد رواتب الموظفين، بعد توقف إنتاج وتصدير النفط عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتها، عقب قصف جماعة الحوثي (أنصار الله) موانئ الضبة والنشيمة وقنا، بطائرات مسيرة، واستمرار تهديداتها لشركات النفط الدولية الناقلة لشحنات النفط الرئيسية، التي تمثل مصدر الإيرادات الرئيس للحكومة اليمنية
وفي يناير من بداية العام 2022، سجّلت أسعار صرف العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي 1105 ريالات، في السوق المحلية بالعاصمة المؤقتة عدن وباقي المحافظات في جنوب اليمن، يليه لقاء عقده محافظ البنك برؤساء مجالس إدارات البنوك التجارية والإسلامية، لمناقشة الإشكالات والسليبات المؤثرة على الاقتصاد الوطني
في 30 يناير، خرج اجتماع للبنك المركزي اليمني مع الممثل المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن، بقرار تنفيذ مصفوفة الإصلاحات في البنك وتطوير أداء البنك المركزي وأدوات السياسة النقدية
وفي 31 يناير، كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي حجم خسارة الاقتصاد البالغ حوالي 126 مليار دولار من ناتجه المحلي، وتصاعد معدلات التضخم، وتدهور سعر صرف العملة بأكثر من 300%، وانخفاض الإيرادات وتدهور مستوى المعيشة، الأمر الذي أدى إلى أزمة إنسانية مستفحلة أضرت بحياة ومعيشة 80% من السكان، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 35% والفقر إلى حوالي 78%
في 1 فبراير، سجل الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي 1063 ريالًا في السوق المحلية بالعاصمة عدن وباقي المحافظات في جنوب اليمن، بالتزامن مع اجتماع عُقد في العاصمة الأردنية عمان، للجنة تسيير مشروع تعزيز الصمود الاقتصادي، من المنح المقدمة لليمن لمساعدته في استعادة مؤسسات الدولة والتعافي الاقتصادي
وفي 3 فبراير، وصلت إلى العاصمة عدن، الدفعة السابعة من منحة المشتقات النفطية المقدمة من المملكة العربية السعودية عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، لتشغيل محطات الكهرباء في المحافظات المحررة
وأعلنت السعودية، في 5 فبراير، عن قيمة منح المشتقات النفطية لتشغيل محطات الكهرباء في المحافظات المحررة، التي بلغت نحو 312 مليون دولار، ما نسبته 72% من المنح، ومن الحكومة 28%
وفي منتصف فبراير، أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي، انكماش الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 50% خلال الفترة من 2014 إلى 2019
فيما قدرت تكلفة الفرص الضائعة للناتج المحلي بحوالي 93 مليار دولار، وارتفعت إلى 126 مليار دولار عام 2020 نتيجة للحرب
في 8 مارس، سجّلت أسعار صرف العملة المحلية، وتحديدًا أمام الدولار الأمريكي، 1220 ريالًا في السوق المحلية بالعاصمة عدن وباقي المحافظات في جنوب اليمن، وفي 10 مارس، أقرت مباحثات رسمية بين شركة النفط اليمنية والبنك المركزي اليمني من جهة، والبرنامج السعودي لتنمية وإعادة إعمار اليمن، آلية التسهيل لإنشاء صندوق مخصص لتسهيل تمويل استيراد المشتقات النفطية
في 23 مارس، أصدر البنك المركزي في عدن التعميم رقم 8، الذي يرفع متطلبات رأس المال للبنوك التجارية والإسلامية من 6 مليارات ريال إلى 45 مليار ريال
وقال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح إن “حصاد عام 2022 بدأ مترعًا بالأمل والتفاؤل نحو تحسين الوضع الاقتصادي، ثم تلته فترة استقرار حذر، لا تخلو من التذبذبات بين الحين والآخر، ليختم ربعه الأخير بالتراجع وتضاعف التحديات وبروز صعوبات جديدة أمام الاقتصاد الوطني”
في 7 أبريل، تحسن سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، لفترة قصيرة، مقارنة بالثلاثة الأشهر الأولى من نفس العام، حيث سجل سعر الصرف 960 ريالًا مقابل الدولار الأمريكي، وذلك عقب الإعلان عن منحة سعودية إماراتية للبنك المركزي اليمني في عدن، تزامنت مع تشكيل المجلس الرئاسي الجديد
لكنّ هذا التعافي لم يدم طويلًا
وفي 9 أبريل طلبت اليمن تأجيل سداد ديونها للبنك الإسلامي والصندوق العربي للإنماء، بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد، حسب وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”
بالإضافة إلى استمرار البنك المركزي بتنفيذ خطوة المزادات الإلكترونية، وتدخله في السوق المصرفية لتوفير العملة الصعبة للبنوك اليمنية عبر المزادات، ظلت أسعار الصرف مستقرة بشكل نسبي، مع أمل يسود الشارع برفد البنك المركزي بدعم مالي واسع، لكن تباطؤ هذا الدعم أو ما تم الإعلان عنه لاحقًا لم يلبِّ التطلعات والاحتياجات الحقيقية للسوق المحلية
قال صالح إن استهداف الحوثيين لمنشآت تصدير النفط، تسبب في تزايد الأعباء الاقتصادية،، إذ أثر هذا على حصة الحكومة من إنتاج وتصدير النفط الخام، الأمر الذي ألقى بتداعيات على مستوى النشاط الاقتصادي للدولة، وتسبب بصعوبات جديدة أمام الوضع الاقتصادي في البلاد، وهذا الأمر تسبب بمعاودة تراجع قيمة الريال اليمني، مع وجود أسباب أخرى بالطبع، مثل بقاء كثير من الاختلالات النقدية والمالية، وجمود الإصلاحات الحكومية في الملف الاقتصادي، والانقسام النقدي والمصرفي، الذي يؤثر بشكل بالغ على مستوى استقرار سعر الصرف
في 1 مايو، سجّلت أسعار صرف العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي 1000 ريال، بالإضافة إلى حدوث أزمة في المشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عقب مرور شهر من بدء الهدنة الأممية، التي تم بموجبها السماح بدخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم
وفي 11 مايو، عقد مؤتمر دولي عبر تقنية الزوم، لحشد الدعم والتمويل اللازم لتنفيذ الخطة الطارئة للأمم المتحدة بشأن خزان النفط العائم صافر، وجرى خلاله الإعلان عن 41
5 مليون دولار مقدمة من عدد الجهات المانحة للبدء بالمرحلة الأولى من الخطة الأممية الشاملة لحل أزمة خزان صافر المقدرة تكلفتها 144 مليون دولار
وشهد الريال اليمني تراجعًا حتى وصل في بداية يونيو إلى 1091 ريالًا للدولار الواحد، وفي منتصف يونيو أقر البنك المركزي استمرار عمليات المزاد بمبلغ أسبوعي “ثلاثين مليون دولار أمريكي”، على أن يرفع سقف المشاركة للبنوك إلى 30% بدلًا من 25% لكل بنك
خلال يوليو شهدت العملة المحلية مزيدًا من الانهيار، إذ وصل سعر الدولار الواحد إلى 1118 ريالًا في الـ3 من نفس الشهر، ثم في 30 يوليو، ناقش الوكيل المساعد لوزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع التعاون الدولي، بالعاصمة الأردنية عمّان، مع ممثلي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تنفيذ مشروع تعزيز الصمود الاقتصادي
لم يتخذ البنك المركزي أي حلول للحد من تدهور قيمة الريال، إذ وصل سعر الدولار الأمريكي إلى 1160 ريالًا يمنيًا في بداية الشهر، وفي 5 أغسطس، أصدر البنك المركزي بعدن قرارًا يقضي بتنظيم أعمال الصرافة من خلال تحديد الحد الأدنى لمبلغ رأس المال المدفوع لمزاولة الصرافة عند مليار ريال لشركات الصرافة، ومنح الصرافين المرخصين مدة سنتين بدءً من 2023
وفي 1 أكتوبر سجل الريال 1110 مقابل الدولار الأمريكي، وفي الـ11 من نفس الشهر أعلن البنك المركزي بعدن عن فتح مزاد لبيع مبلغ ثلاثين مليون دولار أمريكي وفقًا للشروط التي أقرها
وفي 25 أكتوبر، وصلت الدفعة الأولى من منحة الوقود السعودية إلى ميناء عدن، حيث بلغ إجمالي كميات المنحة 1
260
895 طنًا متريًا من الوقود، منها 909
591 طنًا من مادة الديزل، و351
304 أطنان من المازوت، بقيمة 422 مليون دولار أمريكي، وستسهم في تشغيل 80 محطة كهرباء في عدد من المحافظات
وفي نهاية أكتوبر، أعلنت شركة كالفالي النفطية الكندية، العاملة بوادي حضرموت، وضع “القوة القاهرة” وإيقاف العمل في القطاع (9) بحقل الخشعة النفطي، بسبب ما وصفته بـ”الأوضاع السياسية وعدم توفر سعة لتخزين النفط”
في بداية نوفمبر سجل الريال اليمني 1148 مقابل الدولار الأمريكي في السوق المحلية بالمحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة اليمنية
في 6 نوفمبر، أصدر رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بتشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة للدولة للسنة المالية 2023، تلاه توجيه حكومي صادر في 10 نوفمبر من رئيس الوزراء لوزارة المالية بالإسراع في تفعيل عمل اللجنة الفنية للموازنات للعام القادم 2023
أعلنت الحكومة اليمنية، في 23 نوفمبر، عن تحويل الإمارات 1
1 مليار درهم إماراتي (حوالي 300 مليون دولار) إلى حساب البنك المركزي، كدفعة أولى من الوديعة البالغة ملياري دولار، وفي 27 نوفمبر، أعلنت السعودية عن تقديم مليار دولار من المنحة التي كانت أعلنت عنها في أبريل، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في اليمن
الذي يقوده صندوق النقد العربي كجهة فنية
في بداية ديسمبر سجل الريال اليمني 1165 للدولار الأمريكي
وفي 17 ديسمبر حذر المجلس الرئاسي من عجز الحكومة اليمنية عن دفع رواتب الموظفين نتيجة توقف الإنتاج النفطي بسبب هجمات الحوثيين، خلال لقاء تلفزيوني على قناة العربية
وفي 21 ديسمبر، تعهد المجلس الرئاسي اليمني، خلال اجتماع افتراضي، بمواصلة دفع مرتبات الموظفين، والإصلاحات الاقتصادية، والنقدية، والمالية
لكن العملة الوطنية مازالت في انهيار مستمر ينذر بكارثة اقتصادية ومجاعة محتمة ما لم يتم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة من قبل الحكومة اليمنية للحد من الانهيار
ليصلك كل جديد